الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد روى أحمد من حديث أم سليم في هذه القصة، أن أم سلمة قالت: يا رسول الله، وهل للمرأة ماء؟ فقال: هن شقائق الرجال. وروى عبد الرزاق في هذه القصة: "إذا رأت إحداكن الماء كما يراه الرجل". وروى أحمد عن خَولة بنت حكِيم في نحو هذه القصة "ليس عليها غُسل حتى تنزل كما ينزل الرجل"، وفيه رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز، وإنما يعرف إنزالها بشهوتها. وحمل قوله "إذا رأت" أي علمت به؛ لأن وجود العلم هنا متعذر؛ لأنه إذا أراد به علمها بذلك، وهي نائمة، فلا يثبت به حكم؛ لأن الرجل لو رأى أنه جامع، وعلم أنه أنزل في النوم، ثم استيقظ، فلم ير بللا، لم يجب عليه الغسل اتفاقًا. فكذلك المرأة. وإن أراد به علمها بذلك بعد أن استيقظت، فلا يصح؛ لأنه لا يستمر في اليقظة ما كان في النوم، إلا إن كان مشاهدًا، فحَمْل الرؤية على ظاهرها هو الصواب.
وفيه استفتاء المرأة بنفسها، وسياق صور الأحوال في الوقائع الشرعية لما يستفاد من ذلك، وفيه جواز التبسم في التعجب.
رجاله ستة:
وفيه ذكر أم سليم.
الأول: محمد بن سلام البيْكَنْديّ، مر تعريفه في الحديث الثالث عشر من كتاب الإيمان. الثاني أبو معاوية محمد بن خَازِم، مر في الحديث الثالث منه أيضًا، ومر تعريف هشام وأبوه عُروة في الحديث الثاني من بدء الوحي، ومر تعريف أُم سَلَمة في الحديث الخامس والخمسين من كتاب العلم.
وزينب بنت أم سَلَمة هي زينب بنت أبي سلمة، واسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأَسَد بن عمرو بن مخزوم المخزومية، ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمها أم سلمة بنت أبي أميّة، يقال: ولدت بأرض الحبشة، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أمها وهي ترضعها. وفي مسند البزّار ما
يدل على أن أم سلمة وضعتها بعد موت أبي سلمة، فحلت، فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فتزوجها، وكانت ترضع زينب، وكان اسمها بُرَّة، فغير النبي صلى الله عليه وسلم اسمها، كما فعل بزينت بنت جحش. حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروت عنه وعن أزواجه: أُمِّها وعائشة وأُم حبيبة وغيرهن.
لها في البخاري حديثان، وفي مسلم حديث واحد. روى عنها ابنها أبو عُبيدة بن عبد الله بن زَمَعَة ومحمد بن عطاء، وعراك بن مالك، وعُروة بن الزبير، وزين العابدين، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، كانت أسماء بنت أبي بكر أرضعتها، فكانت أخت أبناء الزبير.
قال أبو رافع الصائغ: كنت إذا ذكرتُ امرأة فقيهة بالمدينة ذكرتُ زينب بنت أبي سلمة. وقال سُليمان التَّيمّي عن أبي رافع: غضبت على امرأتي فقالت زينب بنت أبي سلمة، وهي يومئذ أفقه امرأة بالمدينة، فذكر قصته، وروى عطّاف بن خالد عن أمه عن زينب بنت أبي سلمة قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل يغتسل، تقول أمي: أُدخلي عليه، فإذا دخلت، نضح في وجهي من الماء ويقول: ارجعي، قالت: فرأيت زينب، وهي عجوز كبيرة، ما نقص من وجهها شيء" وفي رواية "فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت وعُمِّرَت".
وروى ابن المبارك عن خرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: لما كان يوم الحرة قُتل أهل المدينة، فكان فيمن قتل ابنا زينب، ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحملا ووضعا بين يديها مقتولين، فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقالت: والله إن المصيبة عليّ فيهما لكبيرة، وهي علي في هذا أكبر منها في هذا، أما هذا فجلس في بيته، فكف يده، فدخل عليه وقتل مظلوما، وأنا أرجو له الجنة، وأما هذا فبسط يده، فقاتل حتى قتل، فلا أدري على ما هو من ذلك، فالمصيبة به علي
أعظم منها في هذا وهما ابنا عبد الله بن زَمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصَيّ.
وأم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حَرام بن جُنْدب بن عامر بن غَنم بن عدي بن النجار. اختلف في اسمها، قيل: اسمها سَهلة، وقيل: رمُيَثه وقيل: مُلَيكة، وقيل: الغُميصاء أو الرُّميصاء. كانت تحت مالك بن النَّضْر أبي أنس بن مالك في الجاهلية، فولدت له أنس بن مالك، فلما جاء الله بالإسلام أسلمت مع قومها في السابقين، وعرضت على زوجها الإِسلام فغضب عليها، وخرج إلى الشام، ومات به كافرًا فخطبها أبو طلحة قبل أن يسلم، فقالت له: يا أبا طلحة ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض؟ قال: بلى، قالت: ألا تستحيي تعبد شجرة؟ إن أسلمت فإني لا أريد منك صداقًا غيره. قال لها: حتى انظر في أمري. فذهب ثم جاء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. فقالت: يا أنس زوج أبا طلحة، فزوجها وكان صداقها الإِسلام.
وكانت أم سليم تقول: لا أتزوج حتى يبلغ أنس، ويجلس في المجالس، فيقول: جزى الله أُمي عني خيرًا، لقد أحسنت ولايتي. فقال لها أبو طلحة: فقد جلس أنس وتكلم، فتزوجها. وروي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يزور أم سليم فتتحفه بالشيء تصنعه له. وروي عنه أيضًا أنه قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيتًا غير بيت أم سلمة، إلا على أزواجه، فقيل له، فقال: إني أرحمها، قتل أبوها وأخوها معي. والجواب عن دخوله بيت أم حرام أُختها، أنهما كانتا في "دار واحدة.
وكانت تغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولها قصص مشهورة، منها ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح، أن أم سليم اتخذت خِنجرًا يوم حُنين، فقال أبو طلحة: يا رسول الله هذه أُم سليم معها خِنجر، فقالت: اتخذته إنْ دنا مني مشركٌ بقَرَتُ به بطنه. ومنها قصتها المخرجة في