الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحفوظ، وقال ابن خزيمة: هذا خبر لا أعلم أحداً أسنده غيره حسين بن علىّ عن زائدة، وقد اختلف الرواة في إسناد هذا الخبر.
7 -
وعن أبي ذَرٍّ، أوْ أَبى الدرداء (شك شُعبةُ رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبدٍ يُحَدِّثُ (1) نفسه بقيام ساعةٍ من الليل فينام عنها إلا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه، وكتب له أجر ما نوى. رواه ابن حبان في صحيحه مرفوعاً، ورواه ابن خزيمة في صحيحه موقوفا لم يرفعه.
الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوى إلى فراشه
وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى
1 -
عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك (2) فتوضأ وُضوءكَ للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إنى أسلمت (3) نفسى إليك، ووجهت (4) وجهى إليك، وفوضت (5) أمرئ إليك وألجأتُ (6) ظهرى إليك رغبةً ورهبة إليك، لا منجاً ولا ملجأ منك إلا إليك. آمنت بكتابك (7) الذى أنزلت، ونبيك (8) الذى أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة (9)، واجعلهن آخر ما تتكلم به، قال: فرددتها على النبى صلى الله عليه وسلم فلما بلغت، آمنتُ بكتابك الذى أنزلت، قلت ورسولك، قال: لا ونبيك الذى أرسلت. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وفى رواية للخبارى والترمذي: فإنك إن مت من ليلتك مت على الفطرة، وإن أصبحت أصبت خيراً (أوى): غير ممدود:
(1) في نسخة كذاع ص 195 ون د: تحدثه.
(2)
ذهبت إلى فراش النوم واضطجعت، فكن متوضئاً: أي تنام على وضوء وطهارة.
(3)
أي استسلمت في جميع ما قضيت وقدرت، واعترفت نفسى أنك الله جل جلاله، فاجعلنى ممن استسلم لرضاك، ومنه قوله تعالى يحكى عن سيدنا إبراهيم عليه السلام وفى قوله:(إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) أي اجعلنى سالما عن أسر الشيطان حيث قال: (لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين).
(4)
أي قصدتك واعتقدت وجودك.
(5)
وكلت.
(6)
أسندت، وقوتى منك.
(7)
القرآن.
(8)
اعترف صلى الله عليه وسلم بنفسه أنه رسول رب العالمين.
(9)
الإسلام.
2 -
وعن رافع بن خديجٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا اضطجع أحدكم على جنبه الأيمن، ثم قال: اللهم أسلمت نفسى إليك، ووجهت وجهى إليك، وألجأت ظهرى إليك، وفوضت أمرى إليك، لا منجا منك ولا ملجأ إلا إليك، أُومنُ بكتابك وبرسولك، فإن مات من ليلته دخل الجنة. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب.
3 -
وعن علي رضي الله عنه أنه قال لابن أعبدُ: ألا أُحدِّثُكَ عنى وعن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه سلم، وكانت من أحب أهله إليه، وكانت عندى؟ قلت: بلى. قال إنها جَرِّتْ بالرحا (1) حتى أثرَتْ (2) في يدها، واستقت بالقربة (3) حتى أثرَتْ في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها (4)، فأتى النبى صلى الله عليه سلم خدمٌ (5)، فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت عنده حُدَثَاءَ (6) فرجعت فأتاها من الغد (7) فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت: أنا أُحدُثُك يا رسول الله، جَرَّتْ بالرحا حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها (8) حَرَّ ماهى فيه، قال: اتقى (9)
الله يافاطمة، وأدى فريضة ربك، واعملى عمل أهلك، وإذا أخذت مضجعك: فسبحى ثلاثاً وثلاثين، واحمدى ثلاثاً وثلاثين، وكبرى أربعاً وثلاثين، فتلك مائةٌ، فهو خير لك (10)
من خادم، قالت: رضيت عن الله وعن رسوله. زاد في الرواية
(1) آلة تطحن الحبوب باليد فتدار فتدفها دقا.
(2)
في نسخة: أثر.
(3)
إناء إحاضر الماء حتى دمى عنقها.
(4)
نظفت البيت وأزالت قمامته فقذرت ثيابها.
(5)
سبئ.
(6)
صغار الأسنان.
(7)
ذهبت رضي الله عنها، فلم تجده صلى الله عليه وسلم، فشكت إلى زوجه رضي الله عنها، ولما شرف صلى الله عليه وسلم أخبرته زوجه فذهب ثانى يوم.
(8)
يبعدعنها آلام العمل وشقاء الأشغال، وكدر الأثقال، ويريحها من عناء التعب في خدمة المنزل. وفي رواية تم المائة: لاإله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير.
(9)
خافي الله واخشيه، وصلى الصلوات الخمس، وقومى بأعمال المنزل جليلها وجقيرها صغيرها وكبيرها وعند إرادة النوم اذكري الله ثلاثا وثلاثين: سبحان الله، وثلاثا وثلاثين: الحمد لله، وأربعاً وثلاثين: الله أكبر. وفي رواية تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ..
(10)
هذا الورد أسلم لك من عاقبة الخادم، وأحسن لك، وأجزل ثوابا، فأظهرت البشاشة ورضيت وقنعت وعملت بنصيحة والدها صلى الله عليه وسلم لأنه أرسل للعبادة، وبيته بيت طاعة وتواضع، وعمل لله. =
ولم يُخدمها. رواه البخاري ومسلم وأبو داود واللفظ له، والترمذي مختصراً. وقال: وفي الحديث قصة ولم يذكرها.
4 -
وعن فروة بن نوفلٍ عن أبيه رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لنوفلٍ: اقرأ: قُل ياأيها الكافرون (1)، ثم نم على خاتمتها فإنها براءة (2) من
= فكر في هذا الحديث أيها المسلم. إن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والراعى المسيطر في هذا العصر والوقت وقته، وهو السلطان نافذ الكلمة، ويرجع بسبى وغنائم فتطلب بنته، وفلذة كبده ووحيدته خادما يخفف مئونة عملها، ويزيل شيئاً من تعبها ويشاركها في مهام المنزل فيأمرها بتقوى الله والقيام بحقوق الله تعالى وواجبات المنزل، والإكثار من ذكر الله حتى عند الذهاب إلى النوم، فتجيب طائعة مختارة (رضيت عن الله ورسوله) لماذا؟ لأنها تعلم أن الدنيا فانية، والصالحات باقية، ولذكر الله أكبر، وهذا السبى ادخره رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يبيعه وينفق من ثمنه على أهل الصفة: الفقراء الذين يعبدون الله ليل نهار كما في شرح القسطلاني. فهل للأمة الإسلامية أن تتأسى بالسيدة فاطمة، وتقوم ربة المنزل بواجبها أمام الله وزوجها وتتقى الله في عملها، وتترك تبرج الجاهلية، وتعكف على ما يصلح أودها وأولادها ونفسها. قال تعالى:(من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً 124 ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً 125 ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً واتخذ الله إبراهيم خليلا) 126 من سورة النساء. أي أخلص نفسه لله لايعرف لها ربا سواه، وقيل: بذل وجهه له في السجود، ومحسن أتى الحسنات، وترك السيئات، وهذا شأن السيدة فاطمة رضي الله عنها.
الليلة تجلت كرامة العناية بضبط حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ليلة الجمعة المبارك الثانية عشرة من شهر رمضان المكرم سنة 1352 من هجرة سيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثرت على نسخة مضبوطة ومخطوطة، وقد اشتريتها وضممتها إلى مكتبتى العمارية لأراجع الأحاديث المطبوعة عليها، وأعتنى بضبط المحدثين رضوان الله عليهم، وأقول ذلك مفتخراً، ومقراً بهذه النعمة التى ساقها إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإنها لقلادة في عنقى لا يغسلها غاسل) فشكراً لله، وحمداً لله، وصلاة وسلاما على سيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أقدمت على العمل، وأنا في غاية الخوف والوجل، وكنت أعد نفسى أنى زججتها في عمل ليست له أهلا، وإنها نفس جاهلة بضبط الأسماء ومقصرة، وإنى لست من فرسان هذا الميدان، واليوم أزيد على حالتى هذه الالتجاء إلى الله بالعجز والضعف وأستلهم منه الهداية سبحانه، وأرجو منه جل جلاله التوفيق، وأستمطر منه الرحمة، وآمل الصواب، فنيتى إبراز الأحاديث مضبوطة، وهأنذا أراجع على هذه النسخة معتمداً على مولاى، وانظر رعاك الله إلى المقدمة تجد تعريفاً عن هذه النسخة، والله الهادى إلى سواء السبيل، ولقد شممت أريج العناية الصمدية بحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاح شذاها، وعم نداها، وعلمت أن السنة بعد القرآن في كنف الله ورعايته. من تقرب إليهما فاز، ومن اشتغل بهما وفق، ومن سار على ضربهما وصل.
(1)
يريد صلى الله عليه وسلم أن يقرأ المسلم عند نومه سورة (الكافرون) ثم يضطجع، ففائدتها تبعد عنه الشرك، وتحفظ الإيمان.
(2)
شهادة نقاء، وجائزة سلامة من الكفر والعصيان.
الشرك. رواه أبو داود، واللفظ له والترمذي والنسائي متصلا ومرسلا، وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
5 -
وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: خصلتان (1)، أو خلَّتَانِ لا يُحافظ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنة، هما يسيرٌ (2)، ومن يعمل بهما قليلٌ (3) يُسَبِّحُ في دُبر كل صلاةٍ عشراً، ويحمدُ عشراً، ويكبرُ عشراً (4)
فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، ويكبر أربعاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويُسبح ثلاثاً وثلاثين فذلك (5) مائة باللسان، وألفٌ في الميزان. فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها. قالوا: يا رسول الله: كيف هما يسيرٌ، ومن يعمل بهما قليل؟ قال: يأتى أحدكم، يعنى الشيطان في منامه فينومه قبل أن يقوله (6) ويأتيه في صلاته فيذكره حاجةً قبل أن
(1) صفتان، والمراد بهما المداومة على ذكر الله.
(2)
تكاليف العمل بهما سهل مجتنى غير عسير وقليل الصعبوبة.
(3)
الذين يحافظن على هذا الورد قليل عددهم.
(4)
سبحان الله عدد عشر مرات، والحمد لله كذلك، والله أكبر كذلك، والجملة ثلاثون والصلوات خمس في اليوم والليلة، فالمجموع مائة وخمسون، قوله يذكر بها الله تعالى، ولكل قوله عشر حسنات لقوله تعالى:(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) فيحفظ الله لذلك الذاكر ألفاً وخمسمائة حسنة تدخر في كفه ميزانه عند الحساب، وكذا عند نومه يكبر 34، ويسبح 33 ويحمد 33، والجملة مائة، ويضاعف الله ثوابها إلى ألف لنرجح كفة ميزانه عند تقديم حسابه:
أ - (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب).
ب - (وكل إنسان ألزمناه طائره فيعنقه، ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً 14 اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا 15 من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) 16 من سورة الإسرا.
(طائره) أي عمله وما قدر له كأنه طير إليه من عش الغيب ووكر القدر لما كانوا يتيمنون ويتشاءمون بسنوحالطائر وبروحه، استعير لما هو سبب الخير والشر من قدر الله تعالى، وعمل العبد (في عنقه) لزوم الطاق في عنقه (كتاباً) هي صحيفة عمله أو نفسه المتنقشة بآثار أعماله، فإن الأعمال الاختيارية تحدث في النفس أحوالا، ولذلك يفيد تكريرها لها ملكات (يهتدى لنفسه) لا ينجى اهتداؤه غيره ولا يردى ضلاله سواه. أهـ بيضاوى 399.
(5)
في المطبوعة: فتلك.
(6)
بين صلى الله عليه وسلم أن العامل بهذا الورد قليل لتسلط الشيطان على الإنسان، وأنه يفلح في إغواء كثير من الناس بالترك والغفلة، ولا ينجو من سلطانه إلا الصالحون، وقليل ما هم، ويذهب فريسته أولئك الذين شغلتهم الدنيا بهمومها، وخدمتهم في إدارة شئونها، فألقى عليهم الغفلة، وباتوا يفكرون في المال وزهرته، وذل الدين وكربته، وهكذا.
يقولها (1). رواه أبو داود واللفظ له والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن حبان في صحيحه، وزاد بعد قوله:
وألفٌ وخمسمائة في الميزان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأيُّكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ (2).
6 -
وعن العرْباضِ بن سارية رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأُ المُسبحاتِ (3) قبل أن يرقد، ويقول: إن فيهن آيةً خيرٌ من ألف آيةٍ. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، والنسائي، وقال: قال معاوية يعنى ابن صالح:
إن بعض أهل العلم كانوا يجعلون المُسبحات سِتاٍّ: سورة الحديد، والحشر، والحواريين، وسورة الجمعة، والتغابن، وسبح اسم ربك الأعلى.
7 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يأوى إلى فراشه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شئ قدير، لا حولا ولا قوة إلا بالله العلى (4) العظيم، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر غُفرت له ذنوبه، أو خطاياه (شكَّ مِسْعَرٌ) وإن كانت مثل زبد (5) البحر. رواه النسائي وابن حبان في صحيحه واللفظ له، وعند النسائي:
سبحان الله وبحمده، وقال في آخره: غُفرت له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر.
(1) قبل أن يذكر الله ويسره، فالعاقل تغلب على وساوسه وقهره.
(2)
يشير صلى الله عليه وسلم إلى أن ورد ختم الصلاة، وعند النوم يجلب لصاحبه ألفين وخمسمائة حسنة فإن عمل سيئات جمة، وأكثر في الإجرام يكفر الله عنه خطاياه، ولو وازت ذنوبه هذه الحسنات يسامح الله ويعفو عنه.
(3)
التسبيح: التنزيه والتقديس والتبرئة من النقائص، وهذه الصور الست داعيات إلى ذلك ووفيات بتسبيحه جل جلاله، وقيل: معنى التسبيح التسرع إلى إرضاء الخالق جل وعلا لعظمته، وبديع قدرته.
(4)
في النسخ المخطوطة حذف العلى العظيم.
(5)
في نسخة: كزبد ص 135 د، والزبد: الرفد والعطاء، وزبد البحر وغيره: الرغوة، وأزبد إزباداً: قذف بزبده، المعنى أن الذى يقول هذه الصيغة عند ذهابه إلى النوم يمحو الله صغائره، وإن كثر عددها تفضلا منه جل وعلا، وفيه الترغيب بقراءتها مع الثقة بالله، وعظيم الإيمان به، وتجديد التوبة، وحسن الإنابة إلى الله.
الترغيب فيما يقرأ ويقال عند النوم
8 -
وعن شداد بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مامن مسلمٍ يأخذ مضجعه (1) فيقرأ سورةً من كتاب الله إلا وكل الله له به ملكاً فلا يقربه شئ يُؤذيه حتى يهب من نومه متى هبَّ. رواه الترمذي، ورواه أحمد. إلا أنه قال:
بعث الله له ملكا يحفظه من كل شئٌ يؤذيه حتى يهب (2) متى هبَّ. ورواة أحمد رواة الصحيح. (هب): انتبه من نومه.
9 -
وعن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى (3) الرجل إلى فراشه ابتدره (4) ملك وشيطان، فيقول الملك: اختم (5) بخيرٍ، ويقول الشيطان: اختم بشرٍّ، فإذا ذكر الله ثم نام بات الملك يكلؤُهُ. وإذا استيقظ قال الملك: افتح بخيرٍ، وقال الشيطان: افتح بشرٍّ، فإن قال: الحمد لله الذى رد على نفسي ولم يُمتها (6)
في منامها، الحمد لله الذى يُمسك السموات والأرض
(1) يريد النوم، فيتفضل الله جل جلاله، ويجعل له حرساً حافظاً مانعاص له من كل سوء، ويقيه كل أذى، سبحانه.
(2)
في نسخة: د: يهب من نومه ص 136 بمعنى يستمر حفظ الله له ببركة تلاوة هذه السورة حتى يستيقظ.
(3)
انضم والتجأ.
(4)
أسرع إليه وبدر، ومنه البادرة من الكلام الذى يسبق من الإنسان فى الغضب. قال الشاعر النابغة:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له
…
بوادر تحمى صفوه أن يكدرا
(5)
أيها المسلم نم مستريحاً، واجعل خاتمة أعمالك ذكر الله وتسبيحه، فهذا خير لك وأبر وأبقى ثواباً وأمامه عدوه الألد يدعوه إلى الغفلة، ويحدث له أحاديث السوء، ويزين له الباطل واقتفاء السرور وارتكاب الفجور، وينادى بالويل والثبور.
(6)
لم يقبض روحها، ولم يتوفها. قال تعالى:(الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت في منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) 43 من سورة الزمر: أي يقبضها عن الأبدان بأن يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها إما ظاهراً أو باطناً، وذلك عند الموت أو ظاهرا لا باطنا، وهو في النوم.
روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن في ابن آدم نفسا وروحاً بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس التى بها العقل والتمييز والروح التى بها النفس والحياة فيتوفيان عند الموت، وتتوفى النفس وحدها عند النوم (إن في ذلك لآيات) أي من التوفى والإمساك والإرسال لعلامات دالة على كمال قدرته وحكمته، وشمول رحمته (لقوم يتفكرون) في كيفية تعلقها بالأبدان وتوفيها عنها بالكلية حين الموت، وإمساكها باقية لا تفنى بفنائها وما يعتريها من السعادة والشقاوة والحكمة في توفيها عن ظواهر، وإرسالها حيناً بعد حين إلى توفى آجالها. أهـ بيضاوى ص 642.
أنتزولا (1) إلى آخر الآية، الحمد لله الذى يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه فإن وقع عن سريرة فمات دخل الجنة. رواه أبو يعلى بإسناد صحيح، والحاكم، وزاد في آخره: الحمد لله الذى يُحيى الموتى وهو على كل شئ قدير. وقال: صحيح على شرط مسلم.
(يكلؤه): أي يحرسه ويحفظه.
الترغيب في شئ يقرأ عند النوم
10 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وضعت جنبك على الفراش، وقرأت فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، فقد آمنت من كل شئٍ (2) إلا الموت. رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح إلا غسان بنعبيد.
11 -
وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينام على فراشه، فنام على يمينه ثم قرأ: قل هو الله أحد (3) مائة مرةٍ، فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب: ياعبدى ادخل على يمينك الجنة. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب.
12 -
وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يأوى إلى فراشه: أستغفر الله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى القيوم، وأتوب إليه غُفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر (4)، وإن كانت عدد ورق الشجر، وإن كانت عدد رمل عالجٍ (5)، وإن كانت عدد أيام الدنيا. رواه الترمذي من طريق
(1) كراهة أن تزولا وتذهبا وتعدما؛ فإن الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ أن يمنعهما أن تزولا لأن الإمساك منع، والآية قال تعالى:(إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفور) 42 من سورة فاطر. أي ما أمسكهما أحد من بعد الله أو من بعد الزوال، وهذا جواب تحد للكفار والعصاة. السموات والأرض آمامهما يحفظهما القهار أن تعدما. فلماذا لم يعبدوا الله حق عبادته؟ ولكن تفضله جل وعلاعم، وحلمه شمل، وغفرانه أحاط بالناس حيث أمسكهما، وكانتا جديرتين بأن تهد هدا كما قال تعالى:(تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأض وتخر الجبال هدا).
(2)
يحفظ الله تعالى من الهوام ومن اللصوص ومن كل مؤذ.
(3)
فإنها ثلث القرآن كما قال صلى الله عليه وسلم وفيها اعتراف بوحدته، وأنه المقصود المرجو الذى لا مثيل له المتصف بكل كمال المنزه عن كل نقص.
(4)
عدد رغواته.
(5)
جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء، والدهناء يقرب اليمامة وأسفلها بنجد ويتسع اتساعا كثيراً حتى قال البكرى؛ رمل عالج يحيط بأكثر أرض العرب أهـ مصباح ص 507. والمعنى من حافظ على هذا الورد عند نومه محا الله ذنوبه وإن كثر عددها.
الوصافى عن عطية بن أبى سعيد، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافى.
(قال المملى) عبيدالله: هذا واهٍ لكن تابعه عليه عصام بن قدامة، وهو ثقة خرّجه البخاري في تاريخه من طريقه بنحوه، وعطية هذا: هو العوفى يأتي الكلام عليه.
13 -
وعن أبي عبد الرحمن الحُبَلِيِّ رضي الله عنه قال: أخرج إلينا عبد الله ابن عمروٍ رضي الله عنهما قرطاساً (1) وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا يقول: اللهم فاطر (2) السموات والأرض عالم (3) الغيب والشهادة. أنت ربُّ كل شئٍ، وإله كل شيءٍ، أشهد أن لا إله إلا أنت، اعوذ بك من الشيطان وشركه (4) وأعوذ بك أن أقترف (5) على نفسي سُوءاً، أو أجُرَّهُ (6) إلى مسلمٍ. قال أبو عبد الرحمن: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمه عبد الله بن عمروٍ ويقول ذلك حين يريد أن ينام. رواه أحمد بإسناد حسن.
14 -
وروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أوى (7) إلى فراشه: الحمد لله الذى علا فقهر (8)
وبطن (9) فخبر (10) وملك (11) فقدر (12) الحمد لله الذى يُحي ويميت وهو على كل شئٍ قدير خرج
(1) ما يكتب فيه.
(2)
خالق.
(3)
محيطا بمعرفة الأخبار الظاهرة والباطنة والمشاهدة والغائبة، لا تخفى عليه خافية.
(4)
وسوسته ودعوته إلى الكفر بك وعصيانك.
(5)
اكتسب. يقال: قرف الذنب على نفسه: كسبه، وقرفه واقترفه: إذا عمله، وقارفه: داناه.
(6)
أسحبه وأوصله إليه، والمعنى أنه يطلب منه التعوذ والوقاية من شر نفسه أن تنقاد إلى المعاصى وتسترسل في الشهوات فتودى به وتوقعه في الهاوية، كما أنه يطلب منع أي أذى يلحق أخاه المسلم.
(7)
التجأ وذهب إلى مضجعه.
(8)
سمافغلب واذل. قال تعالى:
أ - (وهو القاهر فوق عباده).
ب - (وهو الواحد القهار).
جـ - (وإنا فوقهم قاهرون).
(9)
عرف الخافى ومنه الباطن: أي الله المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم، وقيل: هو العالم بما بطن.
(10)
علم بما كان وبما يكون، وعرف على حقيقته، ومنه اسمه تعالى الخبير العليم بأحوال الأشياء ظاهرها وباطنها.
(11)
تولى السلطان وقوى وعظم.
(12)
فأوجد ونفذ وخلق وأعطى ومنع. وفيه التسليم لله جل وعلا، والإعتراف بجبروته وكماله المطلق، وسمو صفاته سبحانه، وشديد بطشه وانتقامه وجبروته، وأنه يعلم السر وأخفى (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون 82 فسبحان الذى بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون 83) من سورة يس: =
من ذنوبه كيوم ولدته أُمه (1). رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، ومن طريقه البيهقي في الشُّعب وغيره.
15 -
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أوى إلى فراشه: الحمد لله الذى كفانى (2) وأوانى، والحمد لله الذى أطعمنى (3) وسقانى، والحمد لله الذى منَّ (4) على فأفضل (5) فقد حمد الله بجميع محامد الخلق كلهم. رواه البيهقيى ولا يحضرنى إسناده الآن.
16 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلنى (6) رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتانى آتٍ يحثو (7) من الطعام فأخذته، فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنى مُحتاجٌ، وعلىَّ دينٌ وعيال، ولى (8) حاجة شديدة فخليت (9) عنه فأصبحت، فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة: ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت يا رسول الله شكا حاجةً شديدةً، وعيالاً فرحمته فخليت سبيله. قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيعود فرصدته (10) فجاء يحثو (11) الطعام، وذكر الحديث إلى أن قال
= أي شأنه عز يقول: تكون يكون: أي يحدث، وهو تمثيل لتأثير قدرته في مراده بأمر المطاع للمطيع في حصول المأمور من غير امتناع وافتقار إلى مزاولة عمل، واستعمال آلة قطعاً لمادة الشبهة، وهو قياس قدرة الله تعالى على قدرة الخلق (فسبحان) تنزيه له عما ضربوا له، وتعجيب عما قالوا فيه معللا بكونه مالكا للأمر كله قادر على كل شئ.
(1)
بفضل المحافظة على هذا الورد عند النوم يطهر الله صحائفه بتنقى وتبيض وتنصع كما كانت بيضاء عند ولادته. وفيه أن الطفل يولد وله صحائف تنتظر التقييد بها إذا بلغ وكبر وكلف، وفيه ذكر الله يكفر الخطايا ويبيض الوجوه ويقر العيون ويفرح القلوب فيأمن صاحبه الزلل يوم القيامة.
(2)
أعطانى كفايةالرزق، ووفر على مؤنه السؤال، ومتعنى بالصحة، وزادنى من كرمه وحفظنى من الحر والقر، وجعل لى مسكناً يقينى الأذى، وأبعد عنى السوء.
(3)
أمدنى بصنوف الطعام والشراب تفضلا منه جل وعلا.
(4)
أغدق على من نعمه، وأكرمنى ببره، وغمرنى بإحسانه، وحفظ على نعمة الإسلام، ومنه اسمه تعالى المنان: أي المنعم المعطى، من المن: العطاء لامن المنة بكسر الميم، وكثيراً ما يرد المن في كلامهم بمعنى الإحسان إلى من لا يستثيبه، ولا يطلب الجزاء عليه.
(5)
أكرم وزاد.
(6)
جعلنى وكيلا متوليا.
(7)
يأخذ حفنة ملء اليدين.
(8)
في نسخة د (وبى).
(9)
فتركته.
(10)
قعدت له أنتظره يأتى.
(11)
يهوله بيده، وبعضهم يقول: يقبضه بيده ثم يريمه، ومنه فاحثوا التراب في وجهه ولا يكون إلا بالقبض والرمى، وقولهم في الماء: يكفيه ثلاث حثوات المراد: ثلاث غرفات على التشبيه.
فأخذته، يعنى في الثالثة، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مراتٍ، تزعم أنك لاتعود. قال: دعنى أُعلمك كلماتٍ ينفعك الله بها. قلت ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك (1) البارحة؟ قلت يا رسول الله: زعم أنه يُعلمنى كلماتٍ ينفعنى الله بها فخليت سبيله. قال ما هى؟ قلت: قال لى إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى من أولها حتى تختم الآية (الله لا إله إلا هو الحى القيوم) وقال (2)
لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص (3) شئٍ على الخير، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب (4)
تعلم من تخاطب منذ
(1) الذى قبضت عليه وحبسته.
(2)
في المطبوعة: لى، وفي ع: بحذفها 199 ..
(3)
الصحابة رضي الله عنهم يعتنون جداً بكسب العظة وجنى ثمرات الخير من الرسول صلى الله عليه وسلم ولذا استفادوا منه.
(4)
كثير الإفك والبهتان والإثم.
آية الكرسى
قال تعالى: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذانه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم). أي الله المستحق للعبادة سبحانه لا غير (الحى) الذي يصح أن يعلم ويقدر، وكل ما يصح له فهو واجب لا يزول لامتناعه عن القوة والإمكان (القيوم) الدائم القيام بتدبير خلقه وحفظه ولا تعتريه سنة: أي فتور يتقدم النوم. قال ابن الرقاع:
والنوم حال تعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة على الإحساس رأساً. ولا أحد يساويه أو يدانيه ولا أحد يتقدم للشفاعة إلا بإرادته سبحانه مما يدل على تفرده بالعلم الذاتى التام الدال على وحدانيته سبحانه وتعالى، وفيه بيان لكبرياء شأه وعظمته (ولا يؤوده حفظهما) أي ولا يثقله حفظهما، وهو المتعالى عن الأنداد والأشباه (العظيم) الكبير المستحقر بالإضافة إليه كل ما سواه. قال البيضاوى: وهذه الآية مشتملة على أمهات المسائل الإلهية فإنها دالة على أنه تعالى موجود واحد في الألوهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته موجد لغيره إذا القيوم هو القائم بنفسه القيم لغيره منزه عن التحيز والحلول، مبرأ عن التغير والفتور، لا يناسب الأشباح، ولا يعتريه ما يعترى الأرواح مالك الملك والملكوت، ومبدع الأصول والفروع، ذو البطش الشديد الذى لا يشفع عنده إلا من أذن له عالم الأشياء جليها وخفيها كليها وجزيئها واسع الملك والقدرة على ما يصح أن يملك ويقدر عليه لا يؤوده شاق ولا يشغله شأن، متعالى عما يدركه وهم، عظيم لا يحيط به فهم، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (إن أعظم آية =