الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى أفاض الإمام فأفضنا معه حتى انتهى إلى المضيق دون المأزمين (1)، فأناخ، وأنخنا، ونحن نحسب أنه يريد أن يصلى، فقال غلامه الذي يُمسك راحلته إنه ليس يريد الصلاة ولكنه ذكر أن النبى (2) صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته فهو يُحبُّ أن يقضى حاجته. رواه أحمد، ورواته محتج بهم في الصحيح.
(قال الحافظ) رحمه الله: والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في اتباعهم له واقتفائهم سنته كثيرة جدا، والله الموفق لاربّ غيره.
الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث (3) في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ (4). رواه البخاري ومسلم وأبو داود ولفظه: من صنع أمراً على أمرنا فهو ردٌّ. وابن ماجه.
وفي رواية لمسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
2 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أحمرت عيناه وعلا صوته، واشتد غضبه (5) كأنه منذر جيش (6)، يقول صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، ويقول بُعثتُ أنا والساعة (7) كهاتين، ويقرن (8) بين أُصْبُعَيه السبابة والوسطى ويقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور
(1) مكان في نسخة المازم.
(2)
في نسخة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3)
ابتدع في أمر دين الإسلام.
(4)
مرفوض أي الأحكام تقررت، فكل شئ يظهر جديدا عما دون وثبت فمردود على صاحبه، ولا يقبله الله جل وعلا بدليل قوله تعالى:(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً).
(5)
كتب ابن علان على هذا، أي لما يتجلى عليه من بوارق الجلال ولوامع أضواء الإنذار، وشهود أحوال أمته وتقصير أكثرهم في امتثال ما يصدر عنه ومن ثم مثل جابر حاله صلى الله عليه وسلم في إنذاره بمجئ القيامة وقرب وقوعها، وتهالك الناس فيما يؤذيهم بحال من ينذر قومه عند غفلتهم بجيش قريب منه يقصد الإحاطة بغتة في كل جانب بحيث لا يقرب منهم أحد أهـ.
(6)
أي مخبر بجيش العدو الذي يخاف، والنبى صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على أمته وعظيم الرأفة بهم ويخاف عليهم من الساعة وأهوالها، أي دخل جيش الأعداء صباحاً ومساء.
(7)
أي وجود النبى صلى الله عليه وسلم قريب من قيام الساعة يعقبه يوم القيامة، ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن كلام الله جل وعلا خير ما قيل، وخير الإرشاد إرشاد محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك الشرور والضلال في المخالفة لأحكامهما، وليست على قواعد الشرع ولا فيها مايؤيدها - وفي أحكام القرآن للسيوطى: سئل مالك عن شهادة اللاعب بالشطرنج والنرد أتجوز؟ قال أما من أدمنها فلا. لقوله تعالى: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) فهذا كله من الضلال أهـ ص 230 دليل الفالحين
(8)
قرن الشيء بالشئ: وصله به، وبابه ضرب ونصر.
محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم يقول: أنا أولى (1)
بكل مؤمن من نفسه من ترك مالاً فلأهله (2)، ومن ترك ديناً أو ضياعاً (3) فإلىَّ وعلىَّ (4). رواه مسلم وابن ماجه وغيرهما.
الفرقة الناجية، ستة لعنهم الله ورسوله
3 -
وعن معاوية رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفرق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهى الجماعة (5) رواه أحمد وأبو داود، وزاد في رواية: وإنه سيخرج في أمتى أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق، ولا مفصل إلا دخله.
(قوله) الكلب بفتح الكاف واللام.
(قال الخطابي) هو داء يعرض للإنسان من عضة الكلب. قال وعلامة ذلك في الكلب أن تحمرّ عيناه، ولا يزال يدخل ذنبه بين رجليه، فإذا رأى إنسانا ساوره.
4 -
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ستة لعنتهم ولعنهم الله، وكل نبىٍّ مجاب: الزائد في كتاب الله عز وجل، والمكذب بقدر الله (6) والمُتسلط على أمتى بالجبروت (7) ليذلَّ من أعز الله، ويعز من أذل الله، والمستحل حرمه الله (8)، والمستحل من عترتي (9)
ما حرم الله، والتارك السنة. رواه الطبراني.
(1) أولى: أحق. قال ابن علان. قال أصحابنا: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا احتاج إلى طعام أو غيره وجب على صاحبه بذله له صلى الله عليه وسلم، وجاز له أخذه من مالكه المضطر له؛ وهذا وإن جاز له إلا أنه لم يقع .. قال الله تعالى:(النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم) أهـ، وأرى أن المعنى أن المؤمنين يفدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنفسهم وأموالهم وهو جدير بكل إجلال ويدافعون عنه ويبذلون النفس والنفيس في نصره وإعزاز دينه، ويجاهدون في طاعته، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم:(لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين) حتى قال عمر رضي الله عنه: أنت أعز علي يا رسول الله من نفسي التي بين جنبي.
(2)
الوارثين له إن استغرقوا فما بقى منهم من فرضهم إليه صلى الله عليه وسلم.
(3)
قال الحافظ هذا تفسير لقوله صلى الله عليه وسلم (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه) قال أهل اللغة: والضياع. بفتح الضاد مصدر ضاع العيال، أي المراد من ترك أطفالا وعيالا ذوي ضياع، فأوقع المصدر موقع الاسم كما تقول: من مات وترك فقراءأهـ، أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على الأسرة الفقيرة. وقيل إن كسرت ضاد ضياع كان جمع ضائع كجائع وجياع. أي ينشئ صلى الله عليه وسلم ملاجئ للعجزة الجائعين.
(4)
أي يقضيه تكرما ويعد ذلك واجبا عليه صلى الله عليه وسلم.
(5)
الملازمة للكتاب والسنة والمتبعة أعمال المهتدين.
(6)
في نسخة. بقدر.
(7)
الإرهاب.
(8)
محارمه.
(9)
أهل بيتى ومن اتبع سنتى وعمل بشريعتى إلى يوم الدين. قال الله تعالى في بيان إكرامهم: =
في الكبير وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال صحيح الإسناد، ولا أعرف له عقلة.
خوف النبى صلى الله عليه وسلم على أمته من تغلب الشهوات عليها
5 -
وعن أبي برزة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنما أخشى عليكم شهوات الغى (1) في بطونكم، وفروجكم، ومُضلات الهوى. رواه أحمد والبزار الطبراني في معاجيمه الثلاثة، وبعض أسانيدهم رواته ثقات.
6 -
وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
= (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أي يبعد الله عنكم الذنب المدنس لعرضكم ويطهركم عن المعاصى، واستعارة الرجس للمعصية، والترشيح بالتطهير للتنفير عنها، وقد استدل النووي رحمه الله في باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى (ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب).وفسر البيضاوى رحمه الله (شعائر الله) بدين الله أو فرائض الحج ومواضع نسكها أو الهدايا لأنها من معالم الحج، وهوأوفق لظاهر ما بعده، وتعظيمها أن يختارها حسانا سمانا غالبة الأثمان. روى أنه صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبى جهل في أنفه برة من ذهب، وأن عمر رضى الله عنه أهدى نجيبة طلبت منه بثلثمائة دينار أهـ ص 472، ولكن دليل النووي رضي الله عنه في تعظيم آل البيت ومحبتهم وزيارتهم والاقتداء بأعمالهم فان تعظيمها منه من أفعال ذوى تقوى القلوب. المحبة عقيدة وذوق، قال الشاعر:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
…
ولا الصبابة إلا من يدانها
…
أهـ
إن بعض المسلمين قد ضلوا فهجروا زيارة قبور الصالحين بالسفسطة والتمشدق، وعكفوا على شهواتهم الدنيئة وتركوا حقوق الله اغترارا بزهرة الدنيا فبعدوا عن الله وهم لا يعلمون، والله تعالى وعد بالخير لمن والي الصاحلين وأوعد بالشر لمن والي العاصين والفاسقين. قال الله تعالى:(ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا أباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون. 24 قل إن كان أباءكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين). 25 من سورة التوبة. قال البيضاوى نزلت في المهاجرين الذين قالوا إن هاجرنا فأطعنا آباءنا وأبناءنا وعشائرنا ذهبت تجارتنا وبقينا ضائعين، وقيل نزلت نهياً عن موالاة التسعة الذين ارتدوا ولحقوا بمكة، والمعنى لا تتخذوهم أولياء يمنعونكم عن الإيمان ويصدونكم عن الطاعة، وقوله تعالى (فتربصوا) جواب ووعيد والأمر عقوبة عاجلة أو آجلة، وفي الآية تشديد عظيم وقل من يتخلص منه أهـ بيضاوى ص 278. لعل قائلا يقول هذا للكفار، نعم ونكن أريد أن استدل على محبة الصالحين أنها غنم وخير وعاقبة محمودة: وأطلب ترك محبة الملحدين والزنادقة الفاسقين ونتضافر على محبة الله ورسله وأوليائه الصالحين رجاء أن نحشر معهم ونتبع منهجهم، وفي حديث مسلم قوله صلى الله عليه وسلم (وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتى أذكركم الله في أهل بيتى) فقال له حصين: ومن أهل بيته هم؟ قال هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس) ص 76 رياض الصالحين للنووي. الله تعالى يقول: فتربصوا.
ماذا ينتظر المسلمون بعد هذه المحن: أزمة ضاقت حلقاتها. محن اشتدت ريحها وهكذا من المصائب الآتية: من ضياع آداب الدين، وإهمال العاملين، وعدم محبة سيد المرسلين، وهجر مجالس المهتدين.
(1)
الأهواء، واتباع النفس فيما يغضب الله من أكل الحرام والزنا وارتكاب الموبقات.
وسلم يقول: إنى أخاف على أمتى من ثلاث: من زلة (1) عالم، ومن هوى (2) متبع، ومن حكم جائر (3). رواه البزار والطبراني من طريق كثير بن عبد الله، وهو واه، وقد حسنها الترمذي في مواضع، وصححها في موضع فأنكر عليه واحتج بها ابن خزيمة في صحيحه.
يخاف من ثلاثة. ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة المهلكات
7 -
وروى عن غُضيف بن الحارث الثُّمالي قال: بعث إلىَّ عبد الملك بن مروا فقال: يا أبا سليمان إنا قد جمعنا الناس على أمرين، فقال: وما هُما؟ قال رفع الأيدى على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر، فقال أما إنهما أمثل بدعتكم عندى ولست بمجيبكم إلى شيء منهما، قال لم؟ قال لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعةٍ. رواه أحمد والبزارُ.
8 -
وروى عنه الطبراني أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من أمة ابتدعت بعد نبيها في دينها إلا أضاعت مثلها من السنة.
9 -
وروى عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تحت ظل السماء من إله يعبد أعظم عند الله من هوى مُتَّبَعٍ. رواه الطبراني في الكبير. وابن أبى عاصم في كتاب السنة.
10 -
وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأما المهلكات: فشحٌ (4) مطاع، وهوى مُتبعٌ، وإعجاب (5) المرء بنفسه. رواه البزار والبيهقى وغيرهما ويأتى بتمامه في انتظار الصلاة إن شاء الله تعالى.
11 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حجب (6) التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته. رواه الطبراني وإسناده حسن، ورواه ابن ماجه وابن أبى عاصم في كتاب السنة من حديث ابن عباس. ولفظهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع (7) بدعته ورواه ابن ماجه أيضا من حديث حذيفة، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل
(1) سقطة.
(2)
شهوات المعاصى والاسترسال فيها.
(3)
ظالم.
(4)
تقتير، ومنع، وبخل.
(5)
يظن كما لها بخيلاء.
(6)
منع.
(7)
يترك.
الله لصاحب بدعة صوما، ولا صلاة، ولا حجا، ولا عمرةً، ولا جهاداً، ولا صرفاً، ولا عدلاً (1) يخرج من الإسلام (2) كما يخرج الشَّعَرُ من العجين.
كل محدثة ضلالة: تارك السنة
12 -
وعن العِرْبَاضِ بن سارية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم (3) والمحدثات، فان كل محدثة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي حديث حسن صحيح، وتقدم بتمامه بنحوه.
13 -
وروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن إبليس قال: أهلكتهم بالذنوب فأهلكوني بالاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء (4) فهم يحسبون أنهم مهتدون فلا يستغفرون. رواه ابن أبى عاصم وغيره.
14 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل عمل شِرَّةٌ (5)، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتى فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك. رواه ابن أبى عاصم وابن حبان في صحيحه ايضا من حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لكل عملٍ شرةٌ، ولكل شرةٌ فترةٌ، فإن كان صاحبها ساد أو قارب فارجوه، وإن أُشير إليه بالأصابع فلا تُعدُّوهُ (الشرّة) بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء وبعدها تاء تأنيث هي النشاط والهمة، وشرّة الشباب أوّله وحدّته.
15 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رغِب (6) عن سُنتى فليس منى. رواه مسلم.
16 -
وعن عمرو بن عوفٍ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لبلال بن الحارث يوماً: اعلم يا بلال. قال ما أعلمُ يا رسول الله؛ قال اعلم أن من أحيا سُنَّةً من سُنَّتى أُمِيتَتْ بعدى كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام (7) من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئاً. رواه الترمذي وابن ماجه
(1) فرضاً أو نفلاء
(2)
يبعد بسهولة.
(3)
احذروا.
(4)
البدع وشهوات النفس.
(5)
شرة الشباب: حرصه ونشاطه.
(6)
أعرض.
(7)
ذنوب.
كلاهما من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، وقال الترمذي؛ حديث حسن.
(قال الحافظ) بل كثير بن عبد الله متروك، رواه كما تقدم، ولكن للحديث شواهد.
لا يزيغ عن السنة إلا هالك
17 -
وعن العرباض بن سارية رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لقد تركتم على مثل البيضاء (1) ليلها كنهارها لا يزيع (2)
عنها إلا هالك. رواه أبى عاصم في كتاب بإسناد حسن.
(1) الملة السمحاء الحنيفة النقية من الضلال.
(2)
لا يميل عن الدين إلا كل من وقع في هاوية الضلال، ومأواه جهنم.
فقه الباب بين صلى الله عليه وسلم أن أصول الدين أشرقت كالشمس فلا تخفى إلا على كل جاحد ظالم نفسه لا عمل له مقبول عند الله جل وعلا، وأن بعثته صلى الله عليه وسلم رحمة وكمال، وأنه بشير المؤمنين رءوف رحيم يحبونه ويعزرونه، ويخلصون في معاونته ونصر دينه، وهو قائدهم صلى الله عليه وسلم وولي أمرهم وملاذهم، وأشار صلى الله عليه وسلم أنَّ وجود خلاف بين الطوائف الضالة، وزيغ الملحدين في كل عصر، ولا ينجو إلا المتبع سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، والسلف الصالح.
وقد ازداد غضب الله ولعنته على ستة: المتفيقه الضال الجاهل، وغير المؤمن بالقضاء والقدر، والظالم الطاغية، والعاصى الفاجر، والمستهتر بحقون آل البيت والأولياء، والملحد الزائغ ويخاف صلى الله عليه وسلم على أمته من ارتكاب الشهوات، وإرخاء العنان إلى وساوس الشيطان والوقوع في شررك غوايته كما أنه يخاف على أمته من العلماء غير العالمين المتصدرين للعلم وتعليمه ولا يفقهون حديثاً.
ويحذر من البخل وعدم فعل الخير، ويحث على الجود وترك البدع رجاء قبول الله التوبة والإنابة إليه.
وبين صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال الموافقة للسنة وإن قلت، وأن من حاد عن سنته فهو كافر وفاسق وليس على دين محمد صلى الله عليه وسلم، والقائد إلى السنة ومحييها يعطيه الله ثوابه وثواب من عمل بها، كذا يعاقب المبتدع وعليه إثم من عمل ببدعته.
وأنه صلى الله عليه وسلم ترك لنا هذا الدين القيوم الأبيض الناصع المصفى وذلك دين القيمة.
ثم بين خطأ المبتدعين وظنهم الفاسد وكفرهم بالله كما قال الإمام مالك رضى الله من أتى بدعة ظن أن محمداً أخطا الرسالة، من أن الله تعالى مدحه، وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده ولأذكر الآيات. قال الله تعالى:(ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)، وقال تعالى:(إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما آراك الله (1) قال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتى هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعلمون الصالحات أن لهم أجرا كبيراً. وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذاباً أليما (2) وقال تعالى لحبيبه: (وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم (3)) وقال =