المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من البصاق في المسجد، وإلى القبلة، ومن إنشاد الضالةفيه، وغير ذلك - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ١

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌نبذة في مصطلح الحديث وفن أصوله

- ‌بيان أقسام طرق تحمل الحديث ومجامعها

- ‌الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه

- ‌الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌الإمام الشافعي رضي الله عنه

- ‌الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه

- ‌الإمام البخاري رضي الله عنه

- ‌الإمام مسلم رضي الله عنه

- ‌الإمام أبو داود

- ‌الإمام الترمذي

- ‌الإمام النسائي

- ‌الإمام ابن ماجه

- ‌الإمام الطبراني

- ‌الإمام أبو يعلى

- ‌الإمام البزار

- ‌الإمام النيسابوري

- ‌الإمام ابن خزيمة

- ‌الإمام ابن أبي الدنيا

- ‌الإمام البيهقي

- ‌الإمام الأصبهاني

- ‌الحافظ المنذري

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌تقاريظ الطبعة الثانية

- ‌مصادر الفتح الجديد في الترغيب والترهيب

- ‌الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة

- ‌الترهيب من الرياء وما يقوله من خاف شيئاً منه

- ‌الترغيب في اتباع الكتاب والسنة

- ‌الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء

- ‌الترغيب في البداءة بالخير ليستن بهوالترهيب من البداءة بالشرّ خوف أن يستن به

- ‌كتاب العلم

- ‌الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمهوما جاء في فضل العلماء والمتعلمين

- ‌الترغيب في الرحلة في طلب العلم

- ‌الترغيب في سماع الحديث وتبليغه ونسخهوالترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الترغيب في مجالسة العلماء

- ‌الترغيب في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهموالترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم

- ‌الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى

- ‌الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير

- ‌الترهيب من كتم العلم

- ‌الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه ويقول ولا يفعله

- ‌الترهيب من الدعوى في العلم والقرآن

- ‌الترهيب من المراء والجدال والمخاصمة والمحاججة والقهر والغلبةوالترغيب في تركه للمحق والمبطل

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهموالترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها

- ‌الترهيب من البول في الماء والمغتسل والجحر

- ‌الترهيب من الكلام على الخلاء

- ‌الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره، وعدم الاستبراء منه

- ‌الترهيب من دخول الرجال الحمام بغير أزر ومن دخول النساء بأزر وغيرها إلا نفساء أو مريضة، وما جاء في النهى عن ذلك

- ‌الترهيب من تأخير الغسل لغير عذر

- ‌الترغيب في الوضوء وإسباغه

- ‌الترغيب في المحافظة على الوضوء وتجديده

- ‌الترهيب من ترك التسمية على الوضوء عامدا

- ‌الترغيب في السواك وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في تخليل الأصابع، والترهيب من تركه وترك الإسباغ إذا أخل بشيء من القدر الواجب

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن بعد الوضوء

- ‌الترغيب في ركعتين بعد الوضوء

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الترغيب في الأذان وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في إجابة المؤذن، وبماذا يجيبه؟ وما يقول بعد الأذان

- ‌الترغيب في الإقامة

- ‌الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر

- ‌الترغيب في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌الترغيب في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة إليها

- ‌الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تجميرها

- ‌الترهيب من البصاق في المسجد، وإلى القبلة، ومن إنشاد الضالةفيه، وغير ذلك

- ‌الترغيب في المشى إلى المساجد سيما في الظلم وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها

- ‌الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراثا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة

- ‌ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومهاوترهيبهن من الخروج منها

- ‌الترغيب في الصلوات الخمس والمحافظة عليها والإيمان بوجوبها

- ‌الترغيب في الصلاة مطلقاً، وفضل الركوع والسجود والخشوع

- ‌الترغيب في الصلاة في أول وقتها

- ‌الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعةفوجد الناس قد صلوا

- ‌الترغيب في كثرة الجماعة

- ‌الترغيب في الصلاة في الفلاة

- ‌الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعةوالترهيب من التأخر عنهما

- ‌الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر

- ‌الترغيب في صلاة النافلة في البيوت

- ‌الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة

- ‌الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر

- ‌الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر

- ‌الترغيب في أذكار يقولها بعد الصبح والعصر والمغرب

- ‌الترهيب من فوات العصر بغير عذر

- ‌الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسانوالترهيب منها عند عدمهما

- ‌الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون

- ‌الترغيب في الصف الأول، وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر مخافة إيذاء غيره لو تقدم

- ‌الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج

- ‌الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهن ومن اعوجاج الصفوف

- ‌الترغيب في التأمين خلف الإمام وفى الدعاءوما يقوله في الاعتدال والاستفتاح

- ‌الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود

- ‌الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجودوإقامة الصلب بينهما وما جاء في الخشوع

- ‌الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر

- ‌الترهيب من مسح الحصى وغيره في موضع السجودوالنفخ فيه لغير ضرورة

- ‌الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌الترهيب من المرور بين يدى المصلى

- ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

- ‌كتاب النوافل

- ‌الترغيب في المحافظة على ثنتى عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة

- ‌الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح

- ‌الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها

- ‌الترغيب في الصلاة قبل العصر

- ‌الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء

- ‌الترغيب في الصلاة بعد العشاء

- ‌الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر

- ‌الترغيب في أن ينام الإنسان طاهراً ناوياً للقيام

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوى إلى فراشهوما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل

- ‌الترغيب في قيام الليل

- ‌الترهيب من صلاة الإنسان وقراءته حال النعاس

- ‌الترهيب من نوم الإنسان إلى الصباح وترك قيام شئ من الليل

- ‌الترغيب في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى

- ‌الترغيب في قضاء الإنسان ورده إذا فاته من الليل

- ‌الترغيب في صلاة الضحى

- ‌الترغيب في صلاة التسبيح

- ‌الترغيب في صلاة التوبة

- ‌الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها

- ‌الترغيب في صلاة الاستخارة وما جاء في تركها

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الترغيب في صلاة الجمعة والسعى إليهاوما جاء في فضل يومها وساعتها

- ‌الترغيب في الغسل يوم الجمعة

- ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير من غير عذر

- ‌الترهيب من تخطى الرقاب يوم الجمعة

- ‌الترهيب من الكلام والإمام يخطب، والترغيب في الإنصات

- ‌الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف وما يذكر معهاليلة الجمعة ويوم الجمعة

- ‌كتاب الصدقات

- ‌الترغيب في أداء الزكاة وتأكيد وجوبها

- ‌الترهيب من منع الزكاة، وما جاء في زكاة الحلى

- ‌الترغيب في العمل على الصدقة بالتقوىوالترهيب من التعدي فيها والخيانة، واستحباب ترك العمل لمن لا يثق بنفسهوما جاء في المكاسين والعشارين والعرفاء

- ‌الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى وما جاء في ذم الطمعوالترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب يده

- ‌ترغيب من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزلها بالله تعالى

- ‌الترهيب من أخذ ما دفع من غير طيب نفس المعطي

- ‌ترغيب من جاءه شيء من غير مسألة ولا إشراف نفس في قبولهسيما إن كان محتاجاً، والنهي عن رده وإن كان غنيا عنه

- ‌ترهيب السائل أن يسأل بوجه الله غير الجنةوترهيب المسئول بوجه الله أن يمنع

الفصل: ‌الترهيب من البصاق في المسجد، وإلى القبلة، ومن إنشاد الضالةفيه، وغير ذلك

9 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تُنظَّف وتُطيبَ. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث صحيح إلىّ وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، ورواه الترمذي مسندا ومرسلا، وقال في المرسل: هذا أصح.

10 -

وروى عن واثلة بن الأسقع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: جنبوا مساجدكم (1) صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم (2)، وبيعكم، وخصوماتكم (3)، وَرفع أَصْوَاتكُم وَإِقَامَة حُدُودكُمْ وسل سُيُوفكُمْ وَاتَّخذُوا على أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر (4) وَجَمِّرُوهَا في الجمع، رواه ابن ماجه، ورواه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء وأبى أمامة وواثلة، ورواه في الكبير أيضا بتقديم وتأخير من رواية مكحول عن معاذ، ولم يسمع منه.

(جمروها): أي بخروها وزنا ومعنى

‌الترهيب من البصاق في المسجد، وإلى القبلة، ومن إنشاد الضالة

فيه، وغير ذلك

مما يذكر هنا

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوماً إذا رأى نُخامةً (5) في قبلة المسجد فتغيظ (6) على الناس، ثم حَكَّهَا (7)

= مباءة تسكنون فيها؟ أو ترجعون إليها للعبادة - وخذوا من تلك البيوت مصلى، وقيل: مساجد متوجهة نحو القبلة: يعنى الكعبة، وكان موسى صلى الله عليه وسلم يصلى إليها، وأمروا بالصلاة أول أمرهم لئلا يظهر عليهم الكفرة، فيؤذوهم عن دينهم، والبشارة: وظيفة صاحب الشريعة بالنصرة في الدنيا والجنة في العقبى.

(1)

في نسخة: تقديم وتأخير: أي أبعد المجانين، والصبيان، والسكارى، ولا بأس بدخول الصبى المسجد إذا لم يلعب، ويجب منع من اتخذ المسجد ملعبا.

(2)

التجارة والصناعة.

(3)

العداوة، والشقاق، والتنابذ، وارتفاع الصوت، والتقاضى، وتنظيف السيوف.

(4)

جمع مطهرة. الإداوة: أي اجعلوا دورة الماء للوضوء بعيدة عن مكان العبادة، وكذا المراحيض، وقد عد الغزالي من منكرات المساجد إساءة الصلاة بترك الطمأنينة في الركوع والسجود، أو ما يقدح في صحتها من نجاسة، وانحراف عن القبلة، وقراءة القرآن باللحن، وكلام القصاص، والوعاظ الذين يمزجون كلامهم البدع، والفسوق، والمزاح الخارج عن الأدب، والحلق يوم الجمعة، وكذا المكث فيها لبيع الأدوية، والأطعمة، والتعويذات، وكقيام السؤال، وإنشاد الأشعار، فان في ذلك تضييقا على المصلين، وتشويشا عليهم في صلاتهم، ولا يجب إخراج المجنون الهادئ، ونهى صلى الله عليه وسلم (من أكل ثوماً أو بصلا) من دخول المساجد. أهـ ص 266 - 02

(5)

النخامة: البزقة التي تخرج من أقصى الحلق، ومن مخرج الخاء المعجمة، وتسمى النخاعة

(6)

أظهر الغضب.

(7)

ضغط عليها صلى الله عليه وسلم ليذهب أثرها. حك الشئ، واحتك به: حك نفسه عليه.

ص: 199

قال (1): وأحسبه. قال: فدعا بزعفرانٍ فلطخه به وقال (2) إن الله عز وجل قبل (3) وجه أحدكم إذا صلى فلا يبصق (4) بين يديه. رواه البخاري ومسلم وأبو داود واللفظ له.

الترهيب من البصاق في المسجد الخ

2 -

وروى ابن ماجه عن القاسم بن مهران، وهو مجهول عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نُخَامةً في قبلة المسجد فأقبل على الناس فقال: ما بالُ أحدكم يقوم مُستقبل ربه فيخنعُ أمامه، أَيُحبُّ أحدكم أن يُستقبل فيُتَنخعَ في وجهه؟ إذا بصق (5) أحدكم فليبصق عن شماله، أو ليتفل هكذا في ثوبه ثم أرانى إسماعيل، يعني ابن علية يبصق في ثوبه، ثم يدلكهُ.

3 -

وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه العراجين (6) أن يسمكها بيده، فدخل المسجد ذات يومٍ، وفي يده واحدٌ منها، فرأى نخاماتٍ في قبلة المسجد فحتهنَّ (7) حتى أنقاهنَّ، ثم أقبل على الناس مغضباً فقال: أيحب أحدكم أن يستقبله رجل فيبصق في وجهه، إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة، فإنما يستقبل ربه، والملك (8) عن يمنيه، فلا يبصق بين يديه، ولا عن يمينه الحديث. رواه ابن خزيمة في صحيحه.

4 -

وفى رواية له بنحوه إلا أنه قال فيه: فإن الله عز وجل بين أيديكم (9) في صلاتكم، فلا توجهُوا شيئاً من الأذى بين أيديكم. الحديث، وبوّب عليه ابن خزيمة: باب الزجر عن توجيه جميع ما يقع عليه اسم أذى تلقاء القبلة في الصلاة.

(1) في نسخة: حذف قال.

(2)

في نسخة: ثم قال.

(3)

أي عيانا ومقابلة يفسر ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الجواب على سؤال جبريل عليه السلام: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وفي حديث آدم عليه السلام: (إن الله خلقه بيده ثم سواه قليلا) وفي رواية (إن الله كلمه قبلا) أي عيانا ومقابلة، لا من وراء حجاب، ومن غير أن يولى أمره أو كلامه أحداً من ملائكته.

(4)

يخرج مادة اللعاب من فمه أمام وجهه لأنه واقف بين أحكم الحاكمين جل جلاله، فينبغى أن يتأدب، ويترقى، ويذوق رهبة العظيم القادر.

(5)

في نسخة: بزق أحدكم فليبرق.

(6)

القنو، والجمع القنوان، والأقناء: العزق الذى يثمر عليه البلح، يستعمل للكناسة والنظافة.

(7)

حكهن، والحك، والحت، والقشر سواء. بمعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم أزال هذه الفضلة القذرة.

(8)

في نسخة: والملائكة.

(9)

الله تعالى مطلع على حركاتكم وسكناتكم، تشملكم رحمته ومراقبته، والله تعالى ليس له زمان أو مكان بل هو محيط بعباده رقيب ورحيم.

ص: 200

5 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا، وفي يده عُرجون، فرأى في قبلة المسجد نخامةً، فأقبل عليها فحتَّها بالعرجون، ثم قال: أيُّكم يحب أن يُعرض (1) الله عنه؟ إن أحدكم إذا قام يُصلى، فإن الله تعالى قبل وجهه، فلا يبصقن قبل (2) وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرةٌ (3) فليتفل (4) بثوبه هكذا، ووضعه على فيه، ثم دلكه. الحديث رواه أبو داود وغيره.

6 -

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تفل (5) تجاه القبلة جاء يوم القيامة، وتفلته بين عينيه (6). رواه أبو داود وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، ورواه الطبراني في الكبير من حديث أبى أمامة، ولفظه قال: من بصق في قبلةٍ ولم يُوارِها (7) جاءت يوم القيامة أحمى (8) ما تكون حتى تقع بين عينيه.

(تفل) بالتاء المثناة فوق: أي بصق بوزنه ومعناه.

7 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُبعثُ صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهى في وجهه (9). رواه البزار وابن خزيمة في صحيحه، وهذا لفظه، وابن حبان في صحيحه.

8 -

وعن أنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: قال: البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها (10). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

(1) يغضب عليه جل وعلا، ويصب عليه جام سخطه، ويرد عليه صلاته.

(2)

أمام.

(3)

سالمة اضطراراً من كثرة لعابه، وفيه حديث اعتزال النبى صلى الله عليه وسلم نساءه، قال عمر:(فابتدرت عيناى) أي سالتا بالدموع. أهـ نهاية.

(4)

أي فلينفخ لإخراج أدنى البزاق.

(5)

أخرج اللعاب والمخاط.

(6)

الله تعالى يحشره ومخاطه بين عينيه والقذارة بادية على وجهه، لأن صلاته خالية من الخشوع وخوف الله جل وعلا. وإن التافل لا يستحى من الله، ولا يضبط نفسه في هذه الساعة الرهيبة، ويكون طوع إرادة الشيطان ببصق كما شاء.

(7)

لم يخفها في ثوبه عن يساره، ولم يدفنها في تراب المسجد، أو لم يخرجها.

(8)

في درجة عالية من النار المتقدة الحامية فتلسعه وتؤلمه.

(9)

علامة دناءته، وحقارته، وتهاونه أمام ربه في صلاته في بيت مولاه.

(10)

في التراب أو إزالة أثرها، أو إخراجها من المسجد.

ص: 201

9 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التفلُ في المسجد سيئةٌ، ودفنهُ حسنةٌ. رواه أحمد بإسناد لا بأس به.

10 -

وعن أبي سهلة السائب بن خلاد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً أمَّ قوماً فبصق في القبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: لا يصلى لكم هذا (1)، فأراد بعد ذلك أن يُصلى لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، وحسبتُ أنه قال: إنك آذيت (2) الله ورسوله. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.

11 -

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلى بالناس الظهر فتفل في القبلة، وهو يصلى للناس، فلما كانت صلاة العصر أرسل إلى آخر، فأشفق (3) الرجل الأول، فجاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: أأُنزل في شيءٌ؟ قال: لا، ولكنك تفلت بين يديك وأنت قائمٌ (4) تؤُّمُّ الناس، فآذيت الله والملائكة. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد.

12 -

وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا قام في الصلاة فتحت له الجنان، وكُشفت له الحجب بينه وبين ربه، واستقبله الحور العين مالم يمتخط (5)، أو يتنخع. رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده نظر.

13 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سمع رجلاً ينشدُ ضالَّةً (6) في المسجد فليقل: لا ردَّها الله عليك، فإن المساجد لم تُبنَ لهذا. رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وغيرهم.

14 -

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: إذا رأيتم من

(1) في نسخة: بلا ذكر هذا، يعنى بالإشارة إلى الإمام غير الخاشع في صلاته، وغير المكترث بأداء هذا الفرض.

(2)

فعلت خطأ يشعر بقلة أدبك أمام الله، وأنك غير عامل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(3)

خاف.

(4)

في نسخة: بلا قائم.

(5)

في نسخة: يتمخط. ص 108 ع.

(6)

تائها هائما: أي ضاعت له حاجة ويطلبها بصوت مرتفع أمام المصلين في المسجد.

ص: 202

يبيعُ أو يبتاع (1)

في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة، فقولوا: لا ردها الله عليك. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن خزيمة والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، ورواه ابن حبان في صحيحه بنحوه بالشطر الأول.

الترهيب من البيع أو الشراء وإنشاد الضالة في المسجد

15 -

وعن بُرَيدة رضي الله عنه أن رجلا نشد في المسجد فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وجدت (2) إنما بُنيت المساجد لما بنيت له. رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

16 -

وعن ابن سيرين رضي الله عنه أو غيره قال: سمع ابن مسعودٍ رجلا ينشد (3) ضالةً في المسجد فأسكته وانتهره (4)، وقال: قد نُهِينا عن هذا. رواه الطبراني في الكبير، وابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود، وتقدم حديث واثلة في الباب قبله:

جَنِّبُوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، وبيعكم. الحديث.

17 -

وعن مولىً لأبى سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: بينا أنا مع أبى سعيدٍ وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخلنا المسجد، فإذا رجل جالسٌ في وسط المسجد مُحتبياً (5)

(1) يشترى: ادعوا عليه بعدم الربح لأنه شوش على المصلين وتجارأ على العصيان: وهوش، وضيق وأوجد شغبا، وجلبة ضد العبادة، أي امنعوه من النداء بصوت مزعج مقلق معطل مؤلم، وصدوه عن غوايته، واطلبوا منه أن يقف على الباب، وينادى بما فقد منه.

إن الله تعالى يتجلى برحماته وإحسانه على المصلين في المسجد، ويريد منهم الخشوع، وحصر الفكر في العبادة ونهى المسلمين عن وجود الشغب، والشقاق ورفع الصوت حتى في العبادة، فما بالك بحركة كالبيع والشراء؟ إذن يكون سوقا لا مسجداً، ونهى أيضاً عن تعريف الضالة في المسجد. فاحذر أخى أن تكثر من اللغو، أو تعطل مصلياً، أو تزعج عابدا رجاء الفوز إن شاء الله تعالى.

(2)

دعا صلى الله عليه وسلم على ذلك الذى رفع صوته في المسجد، وطلب منهم التعريف به ألا يجده، وأخبره أن المساجد لغير هذا، إنما هى للعبادة، وللذكر، وللقراءة، وهكذا.

(3)

نشد الضالة: طلبها، وأنشدها: عرفها.

(4)

زجره.

(5)

الاحتباء: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما مع ظهره ويشده عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب، وإنما نهى صلى الله عليه وسلم عن الاحتباء لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب فتبدوا عورته، ومنه الحديث: أنه نهى عن الحبوة يوم الجمعة، والإمامة يخطب لأن الاحتباء يجلب النوم، فلايسمع الخطبة ويعرض طهارته للانتقاض أهـ نهاية ص 199.

هذا الرجل جالس ورافع ركبتيه ومشبك أصابعه، وتلك جلسة الكسالى الغافلين عن الله الذين يلهيهم الشيطان عن ذكره سبحانه وتعالى.

ص: 203

مُشبكاً أصابعه بعضها وبعض، فأشار إليه رسول الله صلى الله عيه وسلم، فلم يفطن (1) الرجل لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتفت إلى أبى سعيدٍ، فقال: إذا كان أحدكم في المسجد فلا يُشبِّكنَّ فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاةٍ (2) ما كان في المسجد حتى يخرج منه. رواه أحمد بإسناد حسن.

الترهيب من التشبيك في المسجد

18 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد كان في الصلاة (3) حتى يرجع، فلا يقل هكذا، وشبك بين أصابعه. رواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم، وقال صحيح على شرطهما، وفيما قاله نظر.

19 -

وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامداً إلى الصلاة فلا يُشبكن بين يديه فإنه في صلاةٍ (4). رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد والترمذي، واللفظ له من رواية سعيد المقبرى عن رجل عن كعب بن عجرة، وابن ماجه من رواية سعيد المقبرى أيضاً عن كعب، وأسقط الرجل المبهم.

20 -

وفي روايةٍ لأحمد رضي الله عنه: قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وقد شبكت بين أصابع (5)، فقال لى: ياكعب: إذا كنت في المسجد فلا تشبكن بين أصعابك، فأنت في صلاة ما (6) انتظرت الصلاة. ورواه ابن حبان في صحيحه بنحو هذه.

21 -

وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:

(1) لم يفهم لأنه في سبات عميق، وجهالة عمياء.

(2)

إذا بقى وضوؤه وفي مصلاه استمر ثواب الله ما لم يحدث.

(3)

في نسخة: في صلاة.

(4)

أراد صلى الله عليه وسلم أن يجلس بهيبة ووقار ونشاط للعبادة.

(5)

في نسخة بين أصابعى. ص 109 ع.

(6)

ما مصدريه ظريفة: أي مدة جلوسك على مكان طاهر وعلى وضوء تام، فكأنك في تسبيح، وتحميد، وتكبير ودعاء وصلاة، تصب عليك الرحمات، وتشملك البركات، ويحوطك الرضوان، والإجلال، وترفرف عليك شارة القبول، ويتصل ثواب الله، وتملأ به صحائفك النقية، وتلك خلوة الصالحين مع الله تعالى.

ص: 204

خصالٌ لا ينبغين (1) في المسجد: لا يُتخذُ طريقاً (2)، ولا يشهر فيه سلاح (3)، ولا ينبض فيه بقوسٍ (4)، ولا يُنثر (5) فيه نبلٌ، ولا يُمرُّ فيه بلحمٍ نيءٍ، ولا يُضربُ فيه (6) حدُّ، ولا يُقتصُّ فيه من أحدٍ، ولا يُتخذُ سوقاً (7). رواه ابن ماجه وروى منه الطبراني في الكبير: ولا تتخذوا المساجد طُرُقاً إلا لذكرٍ، أو صلاةٍ. وإسناد الطبراني لا بأس به.

(قوله ولا ينبض فيه بقوس) يقال: أنبض القوس بالضاد المعجمة إذا حرّك وترها لترنّ (نيء): بكسر النون، وهمزة بعد الياء ممدودا: هو الذى لم يطبخ، وقيل لم ينضج.

النهى عن فعل أشياء في المسجد

22 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أبو بدرٍ أراه رفعهُ إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الحصاة تناشدُ (8) الذى يُخرجها من المسجد. رواه أبو داود بإسناد جيد، وقد سئل الدارقطنى عن هذا الحديث فذكر أنه روى موقوفا على أبى هريرة، وقال: رفعه وهم من أبى بدر، والله أعلم.

23 -

وعن عبد الله، يعنى ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيكون في آخر الزمان قومٌ يكون حديثهم (9) في مساجدهم، ليس لله فيهم حاجة. رواه ابن حبان في صحيحه.

(1) لا يصح أن توجد.

(2)

لا يكون المسجد ممراً أو ممشى.

(3)

لا يخرج السيف من مده للمبارزة والقتال.

(4)

في نسخة: ولا ينبض فيه قوس.

(5)

في نسخة: ولا ينشر. النبل: السهام العربية: بمعنى أن المساجد لا يتراشق فيها بالسهام، ولا يرمى فيها بالحجارة.

(6)

بمعنى أن المساجد ليست أمكنة للإمام يجلد فيها، أو يعاقب، أو يتخذها محكمة للقضاء، ولا يكون فيها اقتصاص، أوانتقام، أو نزاع، او يسود فيها جدل وشقاق.

(7)

لا تكون أمكنة للتجارة، والصناعة، والمبادلة، والبيع والشراء، واعلم أن المسجد المفروش بالحصر أو الرخام أو البلاط إذا أراد المصلى أن يبزق فليبزق في طرف ردائه، ويحكها إن أكره على البزق خشية استقذار المسجد إن بزق فيه، وكثرة الذباب الذى يجتمع على البزاق فيشوش على من في المسجد، ويتغذى بها الخشاش، وتمتنع ملائكة الرحمة من رائحة القذارة، هذا إلى خشية أن يخرج مع البصاق شئ من الدم، وهو نجس أو غيره من قيح، وصديد ممن به مرض، والمسجد من رعية الإمام يحتاج أن يتفقده، فما كان فيه على منهاج السلف الصالح الماضين أبقاه، وما كان من غير ذلك أزاله برفق وتلطف إن قدر على ذلك، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم.

(8)

تطالب، يقال ناشدتك الله وبالله أي سألتك وأقسمت عليك. وكل شئ مضر مؤذ يدعو المصلى أن يخرجه.

(9)

في مشاغل الدنيا، ومتاعبها، وكدها، ويتسلط عليهم الشيطان بالغيبة، والنميمة، والقيل والقال، وإنهم هجروا العبادة، ونسوا الله فنسيهم: ولم يعطهم الله ثواب الانتظار في المسجد.

ص: 205