الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
وعن قُباثِ بن أشيمٍ الليثىِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجلين يؤُّمُ أحدهما صاحبه أزكى (1) عند الله من صلاة أربعةٍ تترى، وصلاة أربعةٍ أزكى عند الله من صلاة ثمانيةٍ تترى، وصلاة ثمانيةٍ يؤمهم (2) أحدهم أزكى عند الله من صلاة مائةٍ تترى. رواه البزار والطبراني بإسناد لا بأس به.
الترغيب في الصلاة في الفلاة
(قال الحافظ) رحمه الله: وقد ذهب بعض العلماء إلى تفضيلها على الصلاة في الجماعة.
1 -
وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاةُ في الجماعة (3) تعدل خمساً وعشرين صلاةً، فإذا صلاها في فلاةٍ (4) فأتم رُكوعها وسجودها بلغت خمسين صلاةً. رواه أبو داود، وقال: قال عبد الواحد ابن زياد في هذا الحديث.
صلاةُ الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة. رواه الحاكم بلفظه وقال صحيح على شرطهما، وصدر الحديث عند البخاري وغيره، ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعةٍ تزيد على صلاته وحده بخمسٍ وعشرين درجة، فإن صلاها بأرضٍ رقى فأتم رُكوعها وسجودها تُكتبُ صلاته بخمسين درجة.
(ألقّى) بكسر القاف وتشديد الياء: هو الفلاة كما هو مفسر في رواية أبى داود.
2 -
وروى عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) أكثر ثوابا، وأطهر وأطيب.
(2)
في نسخة: يؤم، يلى بهم جماعة.
(3)
ركعة جماعة تزيد في الثواب على ركعة بلا جماعة خمسا وعشرين حسنة.
(4)
مفازة، والجمع فلى وفلوات. والمعنى أن الصلاة في أرض منقطعة عن الغوغاء والجلبة، ومنعزلة عن الناس وفيها يتفرغ القلب لإتمام صلاته بخشوع يضاعف ثوابها عن أداء صلاة في سوق أو في وسط شاغل ولهو وحديث مشتت الفكر. يحث صلى الله عليه وسلم على الخلوة. وأرى أن هذا بقدر إقامة شعائر الله وإظهارها والإخلاص له في الصلاة بمعنى أنك تسمع النداء فتهرع إلى المسجد، وتصلى الفرض مع الإمام، وتدرك التكبيرة الأولى معه ثم تذهب إلى بيتك أو محل عملك وتصلى ما شاء بخشوع وانقطاع عن الناس وعزلة تامة وتحضر قلبك في صلاتك لتنال الأجر المضاعف. كذا يضاعف الله لك أجر الصلاة إذا أقمتها ودعوت الناس إليها وهم غافلون عنها، أو ذهبت إلى بلاد غير المسلمين فتصلى وتعلم الناس الإسلام، وآدابه، وأركانه.
ما من بقعةٍ يذكر الله عليها بصلاة أبو بذكرٍ إلا استشرفت بذلك إلى منتهاها إلى سبع أرضين، وفخرت على ما حولها من البقاع، وما من عبدٍ يقوم بفلاةٍ من الأرض يريد الصلاة إلا تزخرفت له الأرض (1). رواه أبو يعلى.
3 -
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان الرجل بأرض قِيٍّ فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماء فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ملا يُرى طرفاه (2).
رواه عبد الرازق عن ابن التيمى عن أبيه عن أبي عثمان النهدىّ عن سلمان.
وتقدم حديث عقبة بن عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم: يعجب (3) ربك من راعى غنمٍ في رأس شظيةٍ (4) يؤذن بالصلاة، ويصلى فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدى هذا يُؤذن، ويقيم الصلاة يخاف منى، قد غفرت لعبدى وأدخلته الجنة. رواه أبو داود والنسائي. وتقدم في الأذان.
(1) النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في الصلاة في أي مكان: أي تستبشر به الأرض وتتزين وبتجلى عليه رضوان الله تعالى، وفى ذلك يقول صلى الله عليه وسلم:(أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلى، منها جعلت لى الأرض مسجداً وطهورا فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل) دين ثابت الأركان وقيم .. يحث على عبادة الله أين سار وأنى شاء، فلا يصح تأخير الصلاة حتى يعثر على مسجد. أريت صلاة النصارى، وهى مقيدة في كنائسهم؟ وصلاة المسلمين في أي بقعة بل إذا كانت في خلوة أو صحراء ضاعف الله ثوابها بقدر إخلاص المصلى ونيته، وبعده عن الرياء. بل تفضل الله وجعل بدل الماء ترابا طهورا يتيمم به، ويرسل سبحانه وتعالى مأمومين من الملائكة وطائفة من جنوده تكون صفين، قال تعالى:(وما يعلم جنود ربك إلا هو).
(2)
لا يعلم مدى هذين الصفين ونهايتهما إلا الخالق جل وعلا، فأنت ترى الترغيب في الصلاة في الصحارى والحقول والمراعى وكل الجهات النائية عن المدينة والحاضرة رجاء أن يصلى المصلون، وعليهم إتمام الركوع والسجود، وباقى الأركان ويخلصون، والله تعالى يضاعف لهم الأجر. أما تأخيرها فحرام وكبيرة.
(3)
يعظم ثواب هذا العمل عند ربك جل وعلا، ويحيطه بالرحمة والغفران.
(4)
قطعة مرتفعة في رأس الجبل - والشظية: الفلقة من العصا ونحوها والجمع الشظايا من التشظى التشعب والتشقق.
رجل يبتعد عن الناس، وعن لهوهم والقيل والقال ويخدم ماشيته ويعيش من كسب طيب ويؤدى حقوق الله كما أمر الله، ومنها أن يؤذن إذا حان وقت الصلاة ويكبر الله ويثنى عليه ويدعو الناس إلى الفلاح والصلاة فيقول الله تعالى لملائكته (انظروا إلى عبدى) يرشدهم إلى جليل حكمته، ويشير إلى قوله تعالى:(وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) إن الملائكة تعجبوا من أن يستخلف لعمارة الأرض وإصلاحها من يعصى الله فيها كما أخبرهم جل شأنه، وإن ثمرة أعمال هذا الراعى غفران وجنة.