الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلدان أحبُّ إلى الله، وأىُّ البلدان أبغض إلى الله؟ قال: لا أدرى حتى أسأل جبريل عليه السلام، فأتاه فأخبره جبريل: أن أحسن (1) البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق. رواه أحمد والبزار واللفظ له، وأبى يعلى والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
35 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبى صلى الله عليه وسلم: أىُّ البقاع خيرٌ، وأىُّ البقاع شرٌّ؟ قال: لا أدرى (2) حتى أسأل جبريل عليه السلام، فسأل جبريل، فقال: لا أدرى حتى أسأل ميكائيل فجاء (3) فقال: خير البقاع المساجد، وشرُّ البقاع الأسواق. رواه الطبراني في الكبير، وابن حبان في صحيحه.
36 -
وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: أي البقاع خيرٌ؟ قال: لا أدرى. قال: فاسأل عن ذلك ربك عز وجل. قال: فبكى جبريل عليه السلام، وقال يا محمد: ولنا أن نسأله، هو الذى يُخبرنا بما يشاء فعرج إلى السماء، ثم أتاه فقال: خير البقاع بيوت الله في الأرض. قال فأى البقاع شرٌّ (4)؟ فعرج إلى السماء، ثم أتاه فقال: شرُّ البقاع الأسواق. رواه الطبراني في الأوسط.
الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) في نسخة: أحب.
(2)
لا أعلم. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل فيقول (لا أدرى) حتى يتلقى الحكمة من الحكيم والجواب من العليم، والعلم أمانة، والله رقيب وحسيب؛ فهل لأدعياء العلم أن يجيبوا إذا علموا فقط، وأن يفوضوا العلم لله إذا جهلوا. إن مصيبة بعض المسلمين الآن الثرثرة، والفتوى بلا علم، والقول مع الجهالة. يظن البعض أنه أحسن، وأجاد، وتفقه، وساد، وحينئذ يتهجم على مسائل الدين، ويتمشدق بكلام خير المرسلين، وهو غير عالم، وهو غر جاهل؛ فيقع في شركه سليم النية، حسن الطوية.
(3)
في نسخة: فجاء جبريل رئيس الملائكة، ولا يعلم هذا الجواب، فيسأل ميكائيل، هذا هو العلم الصراح، والماء العذب القراح؛ والدرس المفيد لأهل العلم، فهل آن لطالب العلم أن يستفيض ويستزيد ويدعو كما قال الله تعالى لنبيه (وقل رب زدنى علما).
(4)
شر فعرج 116 ع. في نسخة: شر قال فعرج.
يقول: سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظله (1) يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل (2)، والشابُّ (3)
نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجلٌ قلبه معلقٌ بالمساجد (4)، ورجلان تحابا (5) في الله اجتمعا على ذلك، وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته (6) امرأة ذات منصب وجمال، فقال إنى أخاف الله، ورجلٌ (7)
تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه،
(1) كنفه ورحمته وحياطته. يوم القيامة تدنو الشمس من الخلائق، وينالون أشد الأهوال، ولكن هؤلاء السبعة تشرق عليهم شمس السعادة والنعيم، ويشعرون بالحفاوة، وإكرام الجليل، لماذا؟؛ لأن عقيدتهم صفت لله، وأخلصت نفوسهم وزكت، وعرفوا في حياتهم كيف يرضون الرب جل وعلا؛ ويراقبونه في السر والعلانية ويدعونه رغبا ورهبا، وكانوا له خاشعين.
(2)
الذى يتولى أمور المسلمين، ويرعى مصالحهم، وينظر فيها يرقيهم، ويرفع شأنهم. فيسير على منهج الحق والعدل، وينتصف للمظلوم من الظالم، ويقيم أوامر الله، ويدعو الناس إلى العمل بكتاب الله، ولم يخش ضعيف من جوره، ولم يطمع قوى في جاهه وسلطانه، والحزم دينه؛ والحق مطلبه. من تقرب إليه نصحه، ومن تباعد عنه وصله، وهكذا يكون سباقا إلى الخير معوانا على البر، ويدخل في كل من ولى شيئاً من أمور المسلمين فعدل فيه: الملك. الوزير. المدير. المأمور العمدة. كل رئيس عمل. إمام حتى رب البيت.
(3)
في نسخة: شاب. من الشباب: الحداثة: أي فتى حديث السن امتلأ قوة ونشاطا، وترعرع على تقوى الله ولازم عبادة مولاه من صغره، وأينع ثمره في طاعة الله، وخشى ربه، وراقبه في سره وجهره، لم يرتكب صغيرة أو كبيرة، ولم يمش في دناءة، ولم يخط إلى جهالة، ولم تغلبه شهوته، ولم تخضعه لطاعتها، دافع الهوى والطيش. إنسان كمله الله وجمله ووفقه، وعلى الكتاب أنشأه وأمده؛ وقربك منه عبادة، وجلوسك معه خير مجتنى، وعلم مقتنى، وهو لك ناصح أمين وقدوة حسنة.
أخى: ابحث عن هذا وعاشره، واغبطه بما نال. فاللهم غبطاً لاهبطا: أي نسألك الغبطة، ونعوذ بك أن نهبط عن حالنا.
(4)
محافظ على الصلاة في أوقاتها في المسجد، ويكثر من الاعتكاف فيها، والتضرع إليه جل وعلا مع إصلاحها وتنظيفها وتعميرها والذب عنها. ويكثر من التردد إلى بيوت الله لأنها مجتمع المسلمين، ومناط وحدتهم والتئام كلمتهم.
(5)
رجلان تمكنت بينهما أواصر المحبة الصادقة، والصداقة المتينة الخالصة لله من شوائب النفاق وابتغاء النفع، لا يؤثر فيها غنى، ولا فقر ولا تزيدها الأيام إلا وثوقا وإحكاما، سرهما في طاعة الله وجهرهما في مرضاته ولا يتناجيان في معصية ولا يسران منكرا ولا تسعى أقدامهما إلى فسق أو فجور تجمعهما رابطة الدين وحبه، وتفرقهما الغيرة على الدين والدفاع عن آدابه والذياد عن حرمته. لا لعرض زائل أو متاع من الدنيا قليل.
(6)
طلبته سيدة حازت الجمال الرائع ومن اسرة عريقة في المجد صاحبة حسب وجاه قوى وسلطان نافذ الكلمة ومال جم لتغرى ذوى النفوس المريضة والإيمان الضعيف ولكن هذا خاف الله وحده، وضرب بحسنها ومالها عرض الحائط وصدها عن غيها لله وزجرها عما تطلبه منه لله، وذكرها بقوة الله وشدة بطشه ولا يقوى على عصيان الله ولا يطيق عذابه في الآخرة، فأزال غرورها بمنصبها الفانى الضعيف، وحسنها البالى الفتان حياء من الله تعالى.
(7)
متصدق ينفق في مشروعات الخير لله. يجتنب المراءاة، ويترك الزلفى والمخادعة؛ ولا يحب ثناءالناس ولا يبتغى جزاء ولا شكورا ويكاد لإخفائه الصدقة ألا تعلم شماله ما تنفق يمينه. كناية عن طلب السر في صرفها ..
ورجلٌ ذكر الله خالياً (1) ففاضت عيناه. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
2 -
وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم الرجل يعتاد (2) المساجد فاشهدوا له بالإيمان (3). قال الله عز وجل: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر. رواه الترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم، كلهم من طريق درّاج أبى السمح عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما توطَّن (4) رجل المساجد للصلاة، والذكر إلا تبشبش (5) الله تعالى إليه كما يتبشبش (6) أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم. رواه ابن أبى شيبة وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين.
وفي رواية لابن خزيمة قال: ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمرٌ أو علةٌ، ثم عاد إلى ما كان إلا يتبشبش (7) الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم.
4 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ستُّ مجالس: المؤمن ضامنٌ (8) على الله تعالى ما كان فى شيئٍ (9) منها: في مسجد جماعةٍ (10)
(1) مفردا في مكان ليس معه أحد فذكر عظمة ربه، وقوة سلطانه ورحمته على عباده، وجزيل إحسانه وتذكر أعماله لمولى هذه النعم، فبكى واغرورقت عيناه بالدموع خوفا من الله، وفاضتا طمعا في ثواب الله وغفرانه ورهبته من سؤاله وأليم عقابه وتأمل أخى في (خاليا) ذكر الله بلا رياء ولم يفعل ذلك أمام الناس ليقولوا إنه ولى صالح، ويلهجوا بمدحه. لا. خلا إلى نفسه وربه وحدث نفسه عن تقصيره. وكسله أمام واجبات الخالق الوهاب المنتقم الجبار، فتألم من خلو صحائفه من الصالحات وأن وتألم وتحسر وما كان هذا خديعة على ملأ من الناس ومشهدهم مما يدل على صدق تأثره بتقصيره وعمق رهبته وخوف الله جل وعلا.
(2)
يغدو ويروح بمعنى أن يواظب على أداء الفرائض مع الإمام دائما.
(3)
يحسن العقيدة في الله ورسله وأنه مصدق بوجود الله وملائكته وكتبه ورسله وأنه يعمل صالحا لله.
(4)
توطين النفس على الشئ كالتمهيد. ووطنها واستوطنها: اتخذها وطنا، والمعنى والله أعلم: ما ألف الذهاب إلى المساجد، واعتاد ذلك ومال إليها بقصد العبادة والتسبيح، والتحميد، والتكبير، والصلاة وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن إيطان المساجد: أي اتخاذها وطنا.
(5)
قابله الله بالرضا والرحمة.
(6)
يفرح وينشرح.
(7)
في نسخة: تبشبش.
(8)
الله تعالى متكفل بحظفه ورعايته مدة وجود شئ من هذه الستة ومعنى ضامن مضمون على الله أن يدخله الجنة وينجيه.
(9)
أي مدة كونه في شئ منها، أي متلبساً به.
(10)
أي مدة كونه ملبسا بلبثه في المسجد للصلاة =
وعند مريضٍ (1) أو في جنازةٍ (2)، أو في بيته (3)، أو عند إمام مقسطٍ (4) يُعزِّرهُ (5) ويوقرهُ (6)، أو في مشهد جهادٍ (7). رواه الطبراني في الكبير والبزار، وليس إسناده بذاك، لكن روى من حديث معاذ بإسناد صحيح، ويأتى في الجهاد وغيره إن شاء الله تعالى.
5 -
وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن عُمَّارَ (8) بيوت الله هم أهل الله (9) عز وجل. رواه الطبراني في الأوسط.
6 -
وعن أبي سعيدٍ المخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ألف (10) المسجد ألفه الله. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة.
7 -
وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ذئبُ (11) الإنسان كذئب الغنم يأخذُ الشاة القاصية والناحية (12) فإياكم والشعاب (13)، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد. رواه أحمد بن رواية العلاء بن زياد عن معاذ ولم يسمع منه.
= جماعة أو لنحو اعتكاف أو تلاوة قرآن أو يذكر الله سرا. وعبارة المناوى أنه ضامن على الله أن ينجيه من أهوال يوم القيامة أهـ.
(1)
لعيادته أو خدمته، والقيام بمصالحه رأفة به لله تعالى.
(2)
المراد هنا المشى في تشييع الجنازة، والذهاب معها حتى تدفن.
(3)
بأن ينعزل عن الناس ويمكث في بيته سواء كان جالساً، أو قائماً، أو نائماً ناويا بذلك دفع شره عنهم كما هو شأن الموفق الزاهد المتوكل على الله.
(4)
عادل يحكم بالحق - أما القاسط فهو الجائر.
(5)
يقويه على مصالح الناس، ويأمره بما ينفعه ويرشده إلى الخير، وإزالة المظالم، وتشييد الصالحات.
(6)
يعظمه لله، ويحترمه لحسن سيرته، وسلوكه منهج الشرع تشجيعاً له على الزيادة في أعمال البر.
(7)
مدة كونه في مشاهدة الجهاد لنصر دين الله يحارب، ويجالد، ويدافع عن وطنه.
(8)
المداومون على وجودهم في المساجد يذكرون ويعبدون الله.
(9)
المنتسبون إليه الذين يرعاهم ويحبهم.
(10)
أحب.
(11)
مفترسه وعدوه ينتهز فرصة ضعف إيمانه، ويهجم عليه، فيسلب إخلاصه لله، وينقله من تفكره في العبادة إلى وساوس، وأعمال الدنيا ليحبط ثوابه، ووضح ذلك صلى الله عليه وسلم بتشبهه بذئب الغنم. ذلك الحيوان الوحشى الذي يخطف الشاة فيبقر بطنها، وينشب أظفارها في عنقها إن غفل عنها راعيها، أو تباعدت عنه، ومعنى القاصية، النائية التى شذت عن أخواتها، فسلكت مسلكا بعيداً.
(12)
المائلة إلى جهة، والقاصدة مرعى منفردة، من نحا نحوه: قصد قصده.
(13)
إياكم: اسم فعل بمعنى احذروا، والشعبة بالضم ما بين القرنين، والغصنين، والطائفة من الشئ، وطرف الغصن، والمسيل في الرمل، وصدع في الجبل يأوى إليه المطر، والجمع شعب وشعاب. يرجو النبى صلى الله عليه وسلم أن يتحد المسلمون، ويتعاونوا، ويتضافروا، ولا يشذ إنسان على الاتفاق، ولا يتنحى عن رأى الجماعة المصفى، وكل يستشير ويشاور، ويختار الأحسن والأصلح، وعليكم اسم فعل بمعنى: الزموا =
المسجد بيت كل تقى
8 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن للمساجد أوتاداً (1) الملائكة جُلساؤُهُم، إن غابوُا يفتقدوهم (2)، وإن مرضوا عادوهم (3)، وإن كانوا في حاجةٍ أعانوهم، ثم قال: جليس بالمسجد على ثلاث خصالٍ: أخٌ (4) مستفادٌ أو كلمة حكمةٍ (5)، أو رحمةق منتظرةٌ (6). رواه أحمد من رواية ابن لهيعة، فإنه ليس في أصلى، وقال صحيح على شرطهما.
9 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المسجد بيت كل تقىٍّ (7)، وتكفلَ (8) الله لمن كان المسجد بيته بالرُّوح (9)
= مجالس الصالحين، ومشاورة الفضلاء، ونصائح الحكماء، وتجارب العقلاء، وأوامر المرشدين، واعملوا بقول الله تبارك وتعالى:(واعتصموا بحبل الله جميعاً والاتفرقوا) وحبل الله: دين الإسلام، ونور كتابه، وسنة حبيبه، ولا تتفرقوا عن الحق، ولا تميلوا إلى الهوى، وحافظوا أيها المسلمون على ما اجتمع عليه المؤمنون وأكثروا من الذهاب إلى المساجد.
(1)
أي روادا محافظين على الجلوس، وفى المحيط: أوتاد الأرض: جبالها، ومن البلاد: رؤساؤها ومن الفم: أسنانه، والوتد مارز في الأرض أو الحائط من خشب أهـ.
(2)
يسألوا عنهم، ويشعروا بفقدهم، ويروا ثغرة في عدم وجودهم.
(3)
زاروهم ودعوا لهم بالشفاء والثواب.
(4)
صحبته فيها فائدة، وناصح أمين لله، ومستقيم، وذو مروءة لله، وثقة وثبت لله، وأخوة دائمة ومحبة باقية ينتظر منه العون، والمساعدة، والإخلاص لله. ما أحلى صحبة أخ لله عرفته من بيت الله. وقد قال الإمام على كرم الله وجهه:
وكل مودة لله تصفو
…
ولا يصفو على الفسق الإخاء
(5)
في نسخة: محكمة: أي تسمع في المسجد تفسير آية من كلام الله جل وعلا، أو حديث من قول خير البرية صلى الله عليه وسلم، أو حكمة، أو مثلا، أو رأى عاقل صالح مؤمن.
(6)
لا شك أن الذى في المسجد لعبادة الله يغمره الله برحمته، ويمده بإحسانه ونعيمه.
(7)
خائف من الله، وامتلأ قلبه خشية، وعمل صالحاً.
(8)
ضمن.
(9)
أي الحياة الصحيحة المشوبة بالسعادة.
في النهاية حديث (تحابوا بذكر الله وروحه) أراد ما يحيا به الخلق ويهتدون، فيكون حياة لهم، وقيل: أراد أمر النبوة، وقيل: هو القرآن أهـ ص 108 والمعنى: تعهد الله بثلاثة لمن اتخذ المسجد منزلا وعكف على عبادة ربه وأدى أوقاته الخالية من عمله فيها.
أولا: أن يفقهه في الدين ويعلمه، ويمن عليه بالقبول والرضوان، وأن يمر على الصراط فائزا منصورا والصراط: جسر ممدود على متن جهنم يرده الأولون والآخرون حتى الكفار. أرق من الشعرة، وأحد من السيف، وأوله في الموقف، وآخره على باب الجنة، وطول مسيره ثلاثة آلاف سنة. ألف منها صعود، وألف منها هبوط، وألف منها استواء، والله أعلم. وقال سيدى محي الدين العربى: هو سبع قناطر كل قنطرة ثلاثة آلاف عام يسأل عن الإيمان، ثم الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والطهر، والمظالم أهـ. =
والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة. رواه الطبراني في الكبير والأوسط.
= والدليل من الكتاب قول الله تبارك وتعالى
(فأما إن كان من المقربين. فروح وريحان وجنة نعيم. وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين) 92 من سورة الواقعة. أي أن الذى حافظ على الذهاب إلى المسجد في أوقات صلاته وتوفى فله (روح) إلى استراحة دائمة (وريحان) أي رزق طيب، وقيل لأعرابى: إلى أين؟ فقال: أطلب من ريحان الله: أي من رزقه، وروى (الولد من ريحان الله) وذلك كنحو ما قال الشاعر:
يا حبذا ريح الولد
…
ريح الحزامى في البلد
الله الله. عباد الله. إن نبيكم صلى الله عليه وسلم يرشد الذين يودون النسل، ولا يعيش لهم ولد أن يكثر من الاعتكاف في المساجد يتضرع إلى الله ليعطيه الله (وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح) هذا إلأى حياة مغمورة بالرغد والرزق الحسن الطيب.
انظر رعاك الله إلى الملوك السابقين، والأغنياء الماضين: شادوا مساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً، فكان نصيبهم من عظيم الأجر كما قرئ في الآية (فروح) بالضم، وفسر بالرحمة لأنها كان كالسبب لحياة المرحوم، وبالحياة الدائمة، وأعتقد أن الله رحمهم. لماذا؟ لأنهم كانوا سبباً لرزق ملايين من الأنفس. كل مسجد فيه إمام ومؤذن وخدم يبتغون من فضل الله، ومنشئ المسجد: وفقه الله تعالى لذلك. أما إغنياء المسلمين الآن فلا يبنون مساجد، ولذا أموالهم تصرف في المحارم، وتنفق في المكروهات، ويذهبون إلى بلاد الأفرنج، ويضيعون أموالهم سدى؛ وأمامهم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يدعوان لتشييد الصالحات الباقيات فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي حديث 7 دعوة النبى صلى الله عليه وسلم إلى الأخذ بالرأى العام، وجمع كلمة المسلمين لينجحوا في الحياة. هل تقرأ تاريخ الصدر الأول لينبئك عن عزة الإسلام، وكيف كان المؤمنون عليه! أما الآن فعرى الاتحاد مفككة، وقلوب المسلمين متنافرة خالية من التوكل على الله، والاعتماد عليه، وآذانهم معرضة عن كتاب الله، ولذا تفرقت قوتهم، وانحلت رابطتهم، وأصبحوا أذلاء، ونبيهم صلى الله عليه وسلم يقول لهم: كتاب الله، ولذا تفرقت قوتهم، وانحلت رابطتهم، وأصبحوا أذلاء، وبينهم صلى الله عليه وسلم يقول لهم:(وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد). ياأخى: المسجد لماذا؟ ليقوى المحبة لله، ويجدد الرابطة لله، ويزيل الضغائن من القلوب لله، وليجمع الكلمة لله، وليوجد الألفة لله، وحينئذ تشرق شمس السعادة، والعزة على المسلمين العاملين بقول سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) 9 من سورة المنافقون (فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصحبوا ظاهرين) أي أيدنا أنصار الله وأصفياءه بالحجة والقوة في الحرب، فصاروا غالبين، والحمد لله، وهذه الآية مسوقة للحواريين أتباع سيدنا عيسى عليه السلام، ولكن النصر عاقبته لكل مؤمن متحد.
قد يقول قائل: إن مساجد الله الآن كثيرة، فماذا يصنع أغنياء المسلمين؟. أجيب بإنشاء مصانع يأوى إليها آلاف العاطلين من أبناء الأمة. رب فقير كسوته وأطعمته؛ فحمد الله فشكر الله لمؤسس هذا الصنيع وشكر الله رحمته وإحسانه أو إقامة ملاجئ لتربية اليتامى أو مصحات ومشافى لمداواة المرضى الفقراء. فكما يرغب صلى الله عليه وسلم في تعمير المساجد يرهب صلى الله عليه وسلم ذلك الغنى الذى عاش لنفسه؛ ولقضاء لذاته ولإدراك شهواته ولا يرعى حق جاره وبنى وطنه. والدنيا ظل زائل فيدركه الموت ولم يخلد له عملا باقيا هذا الذى إن عاش لا يعتنى به وإن مات لم تحزن عليه أقاربه.
أيها الأغنياء المسلمون والله إن إيمكانكم بالله وحده في غير مكرمات تشيد لإيمان ناقص وسيحاسبكم الله حساباً عسيرا على هذه الأموال حتى تنفق في المحرمات. أخرجوا الأموال من بطون الأرض أو من المصارف =