الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدنيا بعمل الآخرة (1).
رواه عبد الرزاق في كتابه موقوفاً.
10 -
وعن عليٍ رضى الله عنه أنه ذكر فتناً تكون في آخر الزمان، فقال له عمر متى ذلك يا علىُّ؟ قال إذا تُفُقِّهَ لغير الدين، وتُعُلِّمَ لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل الآخرة. رواه عبد الرزاق أيضاً في كتابه موقوفاً، وتقدم حديث ابن عباس المرفوع وفيه: ورجلٌ آتاه الله علماً فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعاً، وشرى به ثمناً فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نارٍ، وينادى منادٍ هذا الذي آتاه الله علما فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعاً، واشترى به ثمنا وكذلك حتى يفرغ الحساب.
الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير
. خير ما يخلف الرجل الخ
1 -
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمنين من عمله وحسناته بعد موته علماً علمهُ ونشره وولدا صالحا (2) تركه، أو مصحفاً ورثه أو مسجداً بناهُ، أو بيتاً لابن سبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته. رواه ابن ماجه باسناد حسن والبيهقى، ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه.
2 -
وعن قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير ما يخلف الرجل من بعد ثلاث: ولدٌ صالح يدعو له، وصدقة تجرى يبلغه أجرها، وعلم يُعمل به من بعده. رواه ابن ماجه باسناد صحيح، وتقدم حديث أبى هريرة: إذا مات
(1) يتزيا طالبوا الدنيا بالصلاح والتقوى، وينادون بالارشاد إلى العمل الصالح، رجاء كسب المال من وجوه الخداع والمكر والغش.
يريد النبى صلى الله عليه وسلم أن يرهب العلماء حتى تتجه سفينة التعليم لوجه الله، فلا جدال يضيع حقا، ولا شره، ولا جشع في الكد في الدنيا، فالمال زائل ولا رياء في تعليمه، رجاء حسن الثواب، ولأجل أن يسلم العالم من العذاب، يتقى الله في إرشاده ويعمل بقوله وينصح الأمراء والحكام ويدعوهم إلى العمل الصالح، ولا يميل إلى هداياهم؛ ولا يتقرب إليهم إلا بمقدار العظة والاعتبار.
فالعلم لا يقف على أبواب السلاطين، بل الملوك تلجأ إلى أبواب العلماء، ويرشد النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى اتباع الكتاب والسنة، خشية أن يسود الجهل وتعمم الفوضى، فيأتى زمان يعد الناس القبيح حسنا والباطل حقا، ولا يجد أهل الحق نصيرا، والله أعلم.
(2)
أرى من هذا الوصف (صالحا) أن بر الوالدين وإكرامهما والدعاء لهما سبب الهداية وعنوان الصلاح والفلاح ومعين التقوى.
ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
3 -
وروى عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تصدَّق الناس بصدقة مثل علم ينشر (1). رواه الطبراني في الكبير وغيره.
4 -
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم العطية كلمة حق (2) تسمعها، ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فَتُعَلِّمُهَا إياهُ. رواه الطبراني في الكبير، ويشبه أن يكون موقوفاً.
ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر، والأجود، وأربعة باقية الأجر
5 -
وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أُخبركم عن الأجود الأجود (3)، الله الأجود الأجود، وأنا أجودُ ولد آدم، وأجودكم من بعدى رجلٌ عَلَّمَ عِلماً فنشر علمه يبعث يوم القيامة أمة وحده، ورجل جاد (4) بنفسه لله عز وجل حتى يقتل. رواه أبو يعلى والبيهقى.
6 -
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل ينعش لسانه حقا يُعملُ به بعده إلا جرى له أجره إلى يوم القيامة، ثم وفاهُ الله ثوابه يوم القيامة. رواه أحمد باسناد فيه نظر، لكن الأصول تعضده.
(قوله ينعش) أي يقول ويذكر.
7 -
وروى عن أبي أُمامه رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة تجرى عليهم أجورهم بعد الموت: رجل مات مرابطاً (5) في سبيل الله، ورجل علم علماً فأجره يجرى عليه ما عُمِلَ به، ورجل أجرى صدقة فأَجْرُهَا له ما جرت، ورجل ترك ولداً صالحا يدعوا له. رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، وهو صحيح مفرقاً من حديث غير ما واحد من الصحابة رضي الله عنهم.
(1) سواء أكان العلم بطريق الإرشاد والوعظ أو بطريق التأليف والنشر.
(2)
مسألة علم، أو حكمة، أو كلمة خير وبر يستفيد منها أخوك المسلم.
(3)
الأخير الأفضل الذي بذل قصاري جهده في تعليم العلم النافع الموصل إلى رضوان الله، وأمة أي فردا محترما مبجلا مضاعف الثواب، والله الأكرم.
(4)
يحارب في سبيل نصر دين الله، لأنه نصر الحق، ورفع لواء العدل، وهدي إلى الصواب، وأزال الشبه والإبهام.
(5)
مقيما في مكان الغزو ليحارب في سبيل رفعة الدين.
فصل
8 -
وعن أبي مسعود البدرى أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم ليستحمله (1) فقال: إنه قد أُبدع بى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائت فُلاناً فأتاهُ فحمله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دلَّ على خير فله مثل أجرِ فاعله، أو قال: عامله. رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
(قوله) أبدع بي: هو بضم الهمزة وكسر الدال: يعنى ظلعت ركابى، يقال أبداع به إذا كلت ركابه أو عطبت وبقى منقطعاً به.
9 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أتى رجُلٌ النبى صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: ما عندى ما أُعطيكهُ، ولكن أئتِ فلانا فأَتى الرجل (2) فأعطاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل اجر فاعله، أو عامله. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه البزار مختصراً: الدالُ على الخير كفاعله، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط من حديث سهل بن سعد.
10 -
وعن أنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الدالُ على الخير كفاعله، والله يُحب إغاثة اللهفان (3). رواه البزار من رواية زياد بن عبد الله النميرى وقد وثق، وله شواهد.
11 -
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هُدىً كان له من الأجر مثلُ أُجُور من تبعهُ لا ينقص ذلك من أُجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً. رواه مسلم وغيره، وتقدم وهو وغيره في باب البداءة بالخير.
(1) ليطلب حمله بأن يركب دابة.
(2)
قصد الرجل فلانا فأركبه.
(3)
المستغيث: الذى وقع في مصيبة.
يريد النبى صلى الله عليه وسلم أن يحث على إذاعة العلم، والإرشاد إلى عمل الخير ليجد الإنسان بعد موته كنزا باقيا من الثواب الخالد، والنعيم المقيم، ويدعو العلماء إلى تدوين بحوثهم، ونشر علومهم بالكتب ليعم نفعها، ويعظم أثرها مدى الحياة وبعدها، ويرغب في بذل النصيحة، والاستشارة، والأمر بالمعروف، والدلالة على الخير.