الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للخير مغلاقاً للشر، وويل لعبدٍ جعله الله مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير. رواه ابن ماجه، واللفظ له، وابن ابى عاصم، وفي سنده وهو في الترمذي بقصة.
6 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما من داعٍ يدعو إلى شيء إلا وقف يوم القيامة لازماً لدعوته ما دعا إليه، وإن دعا رجلٌ رجلاً. رواه ابن ماجه، ورواته ثقات.
كتاب العلم
الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمه
وما جاء في فضل العلماء والمتعلمين
1 -
عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يُرد الله به خيراً يفقِّهه (1) في الدين. رواه البخاري ومسلم وابن ماجه، ورواه أبى يعلى وزاد فيه ومن لم يُفَقَّهه لم يُبال به (2) رواه الطبراني في الكبير، ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ياأيُّها الناس إنما العلم بالتعلم، والفقة بالتفقه، ومن يُرد الله به خيراً يفقههُ في الدين، وإنما يخشى الله من عباده العلماء (3). وفي إسناده راوٍ لم يُسُمَّ.
2 -
وعن عبد الله، يعنى ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فقهه في الدين وألهمه رشده (4). رواه البزار والطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به.
= أعين واجعلنا للمتقين إماما.
(1)
أي يتضرعون إلى المولى جل وعلا أن يصلح أزواجهم وذراريهم ليكونوا قادة في الخير، ومصدر السرور، ومنبع الحبور، وقال تعالى:(من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) قيل قرت عينه بردت فضحكت، فدمعة السرور باردة، والحزن حارة، وقيل قرة أعين من القرار: أي أعطاه ما يسكن به عينه فلا يطمح إلى غيره.
(2)
لم يقبل عبادته إذا عمل على جهل، ولم يكترث بدعواته إذا أمكنه التعلم ولم يتعلم وفى أي واد هلك.
(3)
العلماء العاملون أكثر الناس خوفاً من عقابه جل وعلا.
(4)
وفقه إلى الرشد صالحا.
3 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضلُ العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع (1) رواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة، وفي إسناده محمد ابن أبى ليلى.
4 -
وعن حُذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العلم خيرٌ من فضل العبادة وخير دينكم الورع. رواه الطبراني في الأوسط، والبزار باسناد حسن.
5 -
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قليل العلم خير من كثير العبادة، وكفى بالمرء فقها إذا عبد الله، وكفى بالمرء جهلاً إذا أعجب برأيه. رواه الطبراني في الأوسط، وفي إسناده إسحاق بن أسيد وفيه توثيق لين، ورفع هذا الحديث غريب. قال البيهقى: ورويناه صحيحاً من قول مطرف بن عبد الله ابن الشخير ثم ذكره؛ والله أعلم.
فصل
6 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس (2) عن مؤمن كربة (3) من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر (4) مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه (5) علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت (6) الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه (7) بينهم إلا حفتهم (8) الملائكة، ونزلت عليهم
(1) الزهد، وتحري الحقائق، واجتناب الشبهات.
(2)
فرج.
(3)
ضيقا وشدة وعسراً.
(4)
غطى على عيوبه ولم يفضحه ونصحه بينه وبينه، إلا رفع أمره إلى من يردعه يزجره - ولا ستر على مثل سرقة أو مؤامرة قتل، وهكذا، فلا بد من القبض على يديه في مثل هذه الأمور.
(5)
أنفق على طالب علم أو أنشأ معهداً أو ساعد على فهم مسألة عويصة.
(6)
تشمل المساجد ومعاهد الدرس وكل أمكنة طاهرة نظيفة.
(7)
يشرحون معناه ويفسرون كلامه ويفقهون مراميه.
(8)
أحاطت بهم ملائكة الرحمة.
السكينة (1) وغشيتهم (2) الرحمةُ، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبهُ (3). رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهما.
من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة
7 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة؛ وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يُوَرِّثُوا (4) ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقى، وقال الترمذي: لا يعرف إلا من حديث بن رجاء بن حيوة، وليس إسنادُه عندى بمتصل، وإنما يروى عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء عن النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح.
(قال المملى) رحمه الله: ومن هذه الطريق رواه أبو داود، وابن ماجه، وبن حبان في صحيحه، والبيهقى في الشعب وغيرهما، وقد روى عن الأوزاعى عن كثير بن قيس بن يزيد ابن سمرة عنه، وعن الأوزاعى عن عبد السلام بن سليم عن يزيد بن سمرة عن كثير بن قيس عنه، قال البخاري: وهذا أصح، وروى غير ذلك، وقد اختلف في هذا الحديث اختلافاً كثيراً ذكرت بعضه في مختصر السنن، وبسطته في غيره، والله أعلم.
8 -
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية (5) وطلبه عباده، ومُذاكرته تسبيح،
(1) ظلة البهاء والوقار، ونور الله جل جلاله.
(2)
عمتهم.
(3)
معناه والله أعلم: أن المقصر في حقوق الله، والتارك العمل الصالح يحاسب حساباً عسيراً ويتأخر عن دخول الجنة حتى ينال عقابه، ولم ينفعه شرفه الذي ينتسب إليه وإن عظم، والله يعذب العاصى وإن كان شريفاً قرشياً، ويقرب المطيع وإن كان عبدا حبشياً، وقد ضرب لذلك دستوراً لرضوانه:(إن أكرمكم عند الله أتقاكم). قال تعالى: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون).
(4)
لم يتركوا مالا، ولا ضيعة؛ ولا قصوراً لأولادهم وورثتهم، وإنما تركوا العلم والفقه ليعمل به المهتدون فينالوا السعادة والنعيم.
(5)
رهبة أي يدعو إلى الخوف منه جل وعلا، ويحث على العمل الصالح.
والبحث (1) عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قُربةُ (2) لأنه معالم (3) الحلال والحرام ومنار (4) سبل أهل الجنة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة (5)، والمحدث في الخلوة، والدليل على السَّرَّاء والضَّرَّاء، والسلاح على الأعداء (6) والزين عند الأخِلاّء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة قائمة تقتصُّ آثارهم، ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم (7) وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كُلُّ رطبٍ ويابسِ، وحيتان البحر وهوامُّهُ، وسِبَاعُ البرِّ وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظُّلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العُلى في الدنيا والآخرة، التفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته (8) تعدل القيام، به توصل الأرحام (9)،
وبه يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه يلهمه السعداء (10)، ويُحْرَمُهُ الأشقياء. رواه ابن عبد البر النمرى في كتاب العلم من رواية موسى بن محمد بن عطاء القرشى. حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن الحسن عنه وقال: هو حديث حسن ولكن ليس له إسناد قوى، وقد روينا من طرق شتى موقوفاً: كذا قال رحمه الله. ورفعه غريب جدا، والله أعلم.
9 -
وعن صفوان بن عَسَّال المُرَادِيَّ رضي الله عنه قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكئُ على بُردٍ (11) له أحمر، فقلت له يا رسول الله إنى جئت أطلب العلم، فقال: مرحبا بطالب العلم إن طالب العلم تَحُفُّه (12) الملائكة بأجنحتها، ثم يركبُ بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب (13). رواه أحمد
(1) تفهم مسائله وتحصيله.
(2)
طاعة.
(3)
جمع معلم: الأثر يستدل به على الطريق، أي إن العلم يوضح لك طرق الحلال ويزيل الشبهات ويكشف عن الضلال والجهالة.
(4)
المنار على الطريق: أي يرفع العلم لا يجد العدو له منفذاً ليؤذيه، فالعلم حصن حصين يرد كيد المعندين لأنه يرشد التوكيل على الله والاستقامة والاستعداد.
(5)
البعد عن الأوطان.
(6)
من تفقه واهتدى بهدى العلم لا يجد العدو له منفذاً ليؤذيه، فالعلم حصن حصين يرد كيد المعندين لأنه يرشد إلى التوكل على الله والاستقامة والاستعداد.
(7)
صحبتهم، أي ترافقهم ملائكة الرحمة وتدعو لهم.
(8)
تدريس العلم يساوي في الثواب قيام الصائم يتهجد.
(9)
بالزيارة والمودة والهدايا ..
(10)
يختص به السعداء، ويمن الله عليهم بتعلمه ويطرد من حظيرته الأشقياء والعصاة.
(11)
كساء أسود مربع فيه صفر تلبسه الأعراب.
(12)
تحيط به.
(13)
الذي يطلبه طالب العلم.
والطبراني بإسناد جيد واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم قال صحيح الإسناد، وروى ابن ماجه نحوه باختصار ويأتي لفظه إن شاء الله تعالى.
فضل طلب العلم
10 -
وروى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم (1) وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللولؤ والذهب. رواه ابن ماجه وغيره.
11 -
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جاءه أجله وهو يطلب العلم لقى الله ولم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة. رواه الطبراني في الأوسط.
12 -
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب علماً فأدركه كتب الله له كفلين (2) من الأجر، ومن طلب علما فلم يدركه كتب الله له كفلا من الأجر. رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات وفيهم كلام.
13 -
وروى عن سَخْبَرَةَ رضى الله عنه قال: مر رجلان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يُذَكر (3)، فقال اجلسا فإنكما على خير، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرق عنه أصحابه قاما فقالا يا رسول الله: إنك قلت لنا اجلسا فإنكما على خير: ألنا خاصة أم للناس عامة. قال: ما من عبد يطلب العلم إلا كان كفارة ما تقدم (4). رواه الترمذي مختصراً، والطبراني في الكبير واللفظ له (سخبرة) بالسين المهملة المفتوحة والخاء المعجمة الساكنة وباء موحدة وراء بعدها تاء تأنيث، في صحبته اختلاف، والله أعلم.
14 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعٌ يجرى للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم أو كرى (5) نهرا، أوحفر
(1) أي ومسلمة.
الآن وضح العلم فيجب البحث عن مسائله وتعليم ما يلزم، فالسيدة تسأل عن أركان دينها، وتتفقه في صلاتها وصومها وغلسها ووضوئها، وأباح لها الشارع أن تخرج فتتعلم الضرورى من العلم إن لم يعلمها زوجها.
(2)
نصيبين: نصيب الكد والتعب: ونصيب النفقة وجنى الثمرة لتعليمه.
(3)
يعظ الناس ويرشدهم إلى طاعة الله وتسبيحه وتحميده وينثر عليهم درره وحكمه صلى الله عليه وسلم.
(4)
أي طلب العلم بإخلاص بسبب غفران الذنوب الماضية بتجديد التوبة والركون إلى الله تعالى.
(5)
استحدث الحفر.
بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً (1)، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته. رواه البزار وأبو نعيم في الحلية، وقال هذا حديث غريب من حديث قتادة، تفرّد به أبو نعيم عن العزرمى، ورواه البيهقى ثم قال محمد بن عبد الله: العزرمى ضعيف غير أنه قد تقدمه ما يشهد لبعضه، وهما يعنى هذا الحديث والحديث الذى ذكره قبله لا يخالفان الحديث الصحيح فقد قال فيه: إلا من صدقة جارية، وهو يجمع ما وردا به من الزيادة والنقصان، انتهى.
(قال الحافظ عبد العظيم) وقد رواه ابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه بنحوه من حديث أبى هريرة، ويأتى إن شاء الله تعالى.
فضل طلب العلم
15 -
وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اكتسب (2) مُكتسبٌ مثل فضل علم يهدى صاحبه إلى هُدىً، أو يرُدُّهُ عن رَدى، وما استقام دينه حتى يستقيم عمله (3). رواه الطبراني في الكبير واللفظ له، والصغير إلا أنه قال فيه: حتى يستقيم عقله. وإسنادهما متقارب.
16 -
وروى عن أبي ذَرٍّ رضى الله عنهما أنهما قالا: لباب (4) يتعلمه الرجل أحبُّ إلىَّ من ألف ركعةٍ تطوعاً، وقالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء الموت لطالب العلم وهو على هذه الحالة مات وهو شهيد (5). رواه البزار والطبراني في الأوسط، إلا أنه قال: خير له من ألف ركعةٍ.
17 -
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر لأن تغدُو (6) فَتَعلَّمَ (7) آية من كتاب الله خير لك من أن تصلى مائة ركعةٍ، ولأن
(1) ترك مصحفا أو كتبا ينتفع المسلمون بقراءتها.
(2)
ما نال أحد ثوابا أكثر من طلب علم يرشد إلى الحق ويبعد عن الضلال.
(3)
أي لن يثبت الإيمان بالله جل وعلا حتى تتحقق الاستقامة في العمل، فالعمل عنوان دين المرء، وميزان خوفه من ربه، ودليل يقينه بآخرته، فالأشرار والفساق دينهم ضعيف إذ لم يزجرهم عن الغواية، وكلما أقبل الإنسان على العمل الصالح رِبَا إيمانه واستقام دينه ووصل إلى ربه فخشيه.
(4)
لمسألة من مسائل العلم المتفرعة في العبادة أو المعاملات.
(5)
ينال أجر المجاهد في سبيل الله تعالى لنصر دينه وتعليمه.
(6)
تذهب -والغدو: ضد الرواح.
(7)
أي فتتعلم - وفيه أن تعليم العلم أفضل من صلاة النافلة، وحث المسلمين على أن يتغذوا بلبان معارفه ليعبدوا الله على علم.
تغدو فتعلم بَاباً من العلم به أو لم يعمل به خير لك من أن تصلى ألف ركعة رواه ابن ماجه باسناد حسن.
18 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الدنيا ملعونة (1) ملعون ما فيها إلا ذكر الله، وما والاه (2)، وعالماً ومتعلماً. رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقى وقال الترمذي حديث حسن.
19 -
وروى عن عبد الله بن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من تعلم بابا من العلم ليعلم الناس أُعطى ثواب سبعين صِدِّيقاً. رواه أبو منصور الدَّيْلَمِى في مسند الفردوس، وفيه نكارة.
20 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل تعلم كلمة، أو كلمتين، أو ثلاثاً، أو أربعا، أو خمساً مما فرض الله عز وجل فيتعلمهن ويعلمهن إلا دخل الجنة. قال أبو هريرة: فما نسيت حديثاً بعد إذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو نعيم، وإسنادُه حسن لو صح سماعُ الحسن من أبى هريرة.
21 -
وعنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علما ثم يعلمه أخاه المسلم. رواه ابن ماجه باسناد حسن من طريق الحسن أيضاً عن أببى هريرة.
22 -
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته (3) في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة (4) فهو يقضي بها ويُعلمها. رواه البخاري ومسلم (الحسد) يطلق، ويراد به تمنى
(1) اللعن: الطرد والإبعاد من الخير والمعنى والله أعلم: أن هذه الدار الفانية تبعد من اشتغل بملذاتها من الخبر وتقصيه من رحمه الله وما فيها فتنة، فالعاقل المؤمن لا تغفره زخارفها، ولا تلهيه عن طاعة مولاه تعالى.
(2)
من تسبيح، وتحميد، وتكبير، وجميع ما يرشد إلي عمله كتاب الله وسنة نبيه.
(3)
إنفاق في مشروعات الخير وفي مرضاة الله جل وعلا، وتشييد المكرمات، وفعل الصدقات، وغرس الإحسان في نفوس الأقارب والأباعد.
(4)
فقه تفسير آيات الله جل وعلا، وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم.
زوال النعمة من المحسود، وهذا حرام ويطلق ويراد به الغبطة، وهو تمنى مثل ماله، وهذا لا بأس به وهو المراد هنا.
مثل من علم وعمل، ومن علم ولم يعلم
23 -
وعن أبي موسى رضي الله: عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل ما بعثنى الله به من الهُدَى (1) والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبةٌ قبلت الماء، وأنبتت الكلأ والعشب الكثير فكان منها أجادب (2) أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى منها إنما هى قيعان (3) لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه مابعثنى الله به فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، ومثلُ من لم يرفع بذلكَ رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به. رواه البخاري ومسلم.
24 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما عَلَّمه ونشره وولداً صالحا تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتاً لابن سبيل (4) بناه، أو نهراً أجراهُ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته. رواه ابن ماجه باسناد حسن والبيهقى، ورواه ابن خزيمة في صحيحه مثله إلا أنه قال. أو نهراً كراه (5)، وقال يعنى حفره ولم يذكر المصحف.
25 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له. رواه مسلم وغيره
(1) الإيمان، والرشاد، والدلالة.
(2)
جمع جدوبة، والجدب ضد الخصب، أي كان منها أرض لم تنبت ولكن حفظت الماء للشرب والسقى والري فأفادت فائدة جليلة مثلي الأرض الخصبة التي أثمرت.
(3)
القاع المستوى من الأرض والجمع أقواع وقيعان وأقوع: هذا مثلان: الأول للذى تحلى بآداب دين الله وعمل بها وفهم أسرارها، ولبى نداء النبى صلى الله عليه وسلم، واستظل بدوحته، وجنى ثمرة تعاليم ربه فأفاد واستفاد وأينع زهره وترعرع روضه، وأما الذى هوى وغوى، وضل وأصم أذنيه عن تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يذق حلاوة الإيمان بالله، ولم يقبل هدى الله، ولم ينتفع بتعاليم حبيب الله فلا فائدة فيه ومثله مثل القيعان لا تحفظ الماء فيها كالبئر ليشرب منه الحيوان والإنسان ولا تنبت أي نبات للماشية أو غيرها فلم يبارك الله فيها: كذلك هذا الكافر، أو الفاسق انتزعت منه الفائدة وله عذاب أليم.
(4)
المسافر سفر طاعة.
(5)
حفره.
خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث الخ
26 -
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير ما يخلف (1) الرجل من بعده ثلاثٌ: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجرى (2) يبلغه أجرها، وعلم يعمل به (3) من بعده. رواه ابن ماجه باسناد صحيح.
27 -
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علماء هذه الأمة رجلان: رجل آتاه الله علما فبذله (4) للناس، ولم يأخذ عليه طمعاً، ولم يشتر به ثمنا فذلك تستغفر له حيتان البحر، ودواب البر، والطير في جو السماء (5)، ورجل آتاه الله علما فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعا (6)، وشرى (7) به ثمناً فذلك يُلْجَمْ يوم القيامة بلجام من نار، وينادى منادٍ: هذا الذى آتاه الله علما فبخل به عن عباد الله، وأخذ عليه طمعا، واشترى به ثمنا، وكذلك حتى يفرغ الحساب. رواه الطبراني في الأوسط، وفي إسناده عبد الله بن خداش، وثقه ابن حبان وحده فيما أعلم.
28 -
وعن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بهذا العلم (8) قبل أن يُقْبض، وقبضه أن يرفع، وجمع بين إصبعيه: الوسطى، والتى تلى الإبهام هكذا، ثم قال: العالم والمتعلم شريكان في الخير، ولا خير في سائر الناس رواه ابن ماجه من طريق على بن يزيد عن القاسم عنه.
(قوله: ولا خير في سائر الناس) أي في بقية الناس بعد العالم والمتعلم، وهو قريب المعنى من قوله: الدنيا ملعونة معلون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً. وتقدم.
29 -
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم (9) يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم
(1) يترك.
(2)
يصل ثوابها إليه ويدخر عند الله.
(3)
ينشر مسائل العلم ويوضحها للقارئين ليعملوا بمقتضاها عملا صالحا يقرب إلى الله جل وعلا.
(4)
نشره.
(5)
يطلبون للعالم العامل المغفرة والرضوان.
(6)
اتصف بالشره والجشع واتخاذ العلم وسيلة لجمع المال.
(7)
من أعطاه أجرا على علمه وحرم الفقراء من تعليمه، إن جزاءه يوم القيامة أن يعذب أمام الناس بوضع لجام من نار في فمه ليكوى به ثم يمر به على الخلائق لفضيحته بكتمانه العلم في الدنيا وجمع المال من شدة شرهه وكده وتعبه للدنيا لا لله ويستمر على هذه الحالة مغضوبا عليه حتى ينتهى حساب الخلائق وبعد ذلك أمره لربه.
(8)
العلم الصحيح الذي يزيدك عملا صالحاً وفقها في الدين.
(9)
شبه صلى الله عليه وسلم العلماء بالنجوم التى تزيل غياهب الظلمات فيهتدى بضوئها كذلك العلماء ينشرون ضياء العلم على قلوب العاملين ليعملوا، ويبينوا للناس الحق من الباطل: والصحيح من الفاسد فيهتدى من أتبعهم، ويخمر من حاد عنهم، فالعلماء شموس الله المشرقة في أرضه يزيلون الجهالة والضلال، وظلمات الغواية.
أوشك أن تضل الهدَاةُ. رواه أحمد عن أبي حفص صاحب أنس عنه، ولم أعرفه، وفيه رشدين أيضاً.
فضل من تعلم العلم وعلمه
30 -
وعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضى الله عنهم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من علم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيء (1). رواه ابن ماجه، وسهلٌ يأتى الكلام عليه.
31 -
وعن أبي أُمامة قال: ذُكِرَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابدٌ، والآخر عالم، فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته، وأهل السموات والأرض حتى النملة في حجرها، وحتى الحوت ليصلون (2) على معلم (3) الناس الخير. رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، ورواه البزار من حديث عائشة مختصرا قال: معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر.
32 -
وعن ثعلبة بن الحكم الصحابى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذ قعد على كرسيه لفصل عباده: إنى لم اجعل علمى وحلمى فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أُبالى (4). رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات.
(قال الحافظ) رحمه الله: وانظر إلى قوله سبحانه وتعالى علمى وحلمى، وأمعن النظر فيه يتضح لك باضافته إليه عز وجل أنه ليس المراد به علم أهل الزمان المجرّد عن العمل به والإخلاص.
33 -
وروى عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث الله العباد يوم القيامة، ثم يُميزُ العلماء فيقول: يا معشر العلماء إنى لم أضع علمى فيكم لأعذبكم، اذهبوا فقد غفرت لكم. رواه الطبراني في الكثير.
24 -
وروى عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُجاء بالعالم
(1) في نسخة: شيئاً.
(2)
الصلاة من الله جل جلاله: الرحمة، ومن غيره: الدعاء بطلب المغفرة والرضوان للعالم العامل.
(3)
في نسخة: معلمين.
(4)
لااكترث ولا يهمنى أمرهم. وفيه أن يطلب ويجتهد أن يعمل به حتى تشمله رحمة الله.
والعابِدِ، فيقال للعابدِ ادخُلِ الجنة، ويقال للعالم قف حتى تشفع للناس (1). رواه الأصبهاني. وغيره.
35 -
وروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُبْعَثُ العالم والعابدُ، فيقالُ للعابد ادخل الجنة، ويقال للعالم اثبت حتى تشفع للناس بما أحسنت أدبهم. رواه البيهقى وغيره.
36 -
وروى عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد سبعون درجة ما بين كل درجتين خضر (2) الفرس سبعين عاماً، وذلك لأن الشيطان يبدع (3) البدعة للناس فَيُبصرُها العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادة ربه لا يتوجه لها ولا يعرفها: رواه الأصبهاني، وعجز الحديث يشبه المدرج.
(خضر الفرس) يعنى: عَدْوَه.
37 -
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ففيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد. رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقى من رواية روح بن جناح، تفرّد به عن مجاهد عنه.
38 -
وروى عن أبي هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما عبد الله بشئ أفضل من فقه في دين، ولفقيه واحد أشدُّ على الشيطان من ألف عابد، ولكل شئٍ عمادٌ وعمادُ الدين الفقه. وقال أبو هريرة: لأن أجلس ساعة فأفقه (4) أحبُ إلىَّ من أن أُحْيِىَ ليلة القدر. رواه الدارقطنى والبيهقى إلا أنه قال: أحبُّ إلىَّ من أن أُحِيىَ ليلةً إلى الصباح، وقال: المحفوظ هذا اللفظ من قول الزهري.
39 -
وعن أبي هريرة رضيى الله عنه أنه مَرَّ بسوق المدينة فوقف عليها، فقال يا أهل السوق ما أعجزكم! (5). قالوا: وماذاك يا أبا هريرة؟ قال ذاك ميراث رسول الله
(1) تطلب من الله أن يعفو عنهم، وفيه أن محبة العلماء والسير على منهجهم سبب الفوز في الآخرة ويأذن الله للعلماء أن يشفعوا لمن يحبون.
(2)
ارتفاع الفرس في عدوه. وفي نسخة: من حضر.
(3)
يستحدث البدعة ويأتى بالشئ الجديد البعيد عن نصوص الدين فيفطن العالم إلى دس إبليس ودنسه ويطلب اجتناب ما أحدث، والعالم هو الذى يحطم وساوس الشيطان، ويحذر الناس من اتباعه، ويدعوهم إلى العمل بكتاب الله وسنة نبيه ونبذ الخناس.
(4)
فافهم. ترى في هذا الحديث أن ثواب تفهم مسألة أجل عند الله من إحياء ليلة مفضلة العبادة فيها على جهل.
(5)
أي شيء منعكم من كسب الخبرات.
صلى الله عليه وسلم، يقسم وأنتم هاهنا، ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه. قالوا وأين هو؟ قال في المسجد فخرجوا سراعاً (1)، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فقال لهم: مالكم (2)؟ فقالوا يا أبا هريرة قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئاً يقسم، فقال لهم أبو هريرة: وما رأيتم في المسجد أحداً؟ قالوا بلى رأينا قوما يصلون، وقوما يقرءُون القرآن، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
فصل
40 -
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العلم علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع، وعلم على اللسان (3) فذاك حجة الله على ابن آدم. رواه الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخه بإسناد حسن، ورواه ابن عبد البر النمري في كتاب العلم عن الحسن مرسلاً بإسناد صحيح.
41 -
وروى عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العلم علمان فعلم ثابت في القلب فذاك (4) العلم النافع، وعلم في اللسان فذلك حجة الله على عباده. رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس، والأصبهاني في كتابه، ورواه البيهقي عن الفضيل بن عباض من قوله غير مرفوع.
42 -
وروى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من العلم كهيئة المكنون (5) لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى، فإذا نطقوا به لا ينكره إلا أهل الغرَّة (6) بالله عز وجل. رواه أبو منصور الديلميُّ في المسند، وأبو عبد الرحمن السلمى في الأربعين التى له في التصوّف.
(1) مسرعين.
(2)
أي شئ تريدون؟.
(3)
الذى يدعو إلى السفسطة، ويعنى الله، والله أعلم: اولئك الذين تعلموا ونطقوا بمسائل العلم في الدنيا ويقولون ما لا يفعلون.
(4)
في نسخة: فذلك.
(5)
الدر المستور: بكثرة تقواهم أجرى الله الحق على لسانهم وفقههم في دينهم.
(6)
أهل الغفلة الذين ركنوا إلى الدنيا فغرتهم بزخارفها، وعصوا الله واتبعوا شهواتهم: وتركوا أوامر الله ورسوله وهجروا الدين. ويؤثر للامام الشافعي رضى الله عنه:
شكوت إلى وكيع سوء حفظى
…
فأرشدنى إلى ترك المعاص
وأخبرني بأن العلم نور
…
ونور الله لا يهدي لعاصي