الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج اثنان من الغائط فيجلسان يتحدثان كاشفين عن عوراتهما، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك، رواه الطبراني في الأوسط بإسناد لِّين.
الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره، وعدم الاستبراء منه
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقبرين، فقال: إنهما لَيُعَذَّبان، وما يُعَذَّبانِ في كبير، بلى إنه كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة (1)، وأما الآخر فكان لايستتر (2) من بوله. رواه البخاري، وهذا أحد ألفاظه ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
2 -
وفي رواية للبخارى وابن خُزيمة في صحيحه: أن النبى صلى الله عليه وسلم مَرَّ بحائطٍ من حيطان مكة أو المدينة، فسمع إنسانين يُعذبان في قبورهما، فقال النبى صلى الله عليه وسلم، إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشى بالنميمة، الحديث. وبَّوب البخاري عليه: باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله.
(قال الخطابي) قوله: وما يعذبان في كبير: معناه أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما
(1) السعى بالإفساد بين الناس، ولإيقاع التدابر بين المسلمين، وإيجاد التخاصم والشقاق. بنقل الحديث عليهما وجه السعاية، والدس، والكيد، وقد نهى الله تعالى النبى صلى الله عليه وسلم أن يصاحب من اتصف بخلال السوء، قال الله تعالى:(ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم) وقد قال المفسرون: يريد الله به الوليد بن المغيرة، ادعاه أبوه بعد ثمانى عشرة سنة من مولده، وقبل الأخنس بن شريق أصله من ثقيف وعداده في زهرة. والمهين: حقير الرأي القوال، والهماز: العياب المفسد، والمعتدي: الظالم.
(2)
أي يقضى حاجته على قارعة الطريق، وتظهر عورته للناس، ولا يتورع من إخفائها، فيضطر إلى الإسراع ولا يتحرز من النجاسة - وهاتان كبيرتان سببتا عذاب القبر من تهاون مرتكبهما مع أنهما شيء يسير كان يمكن تداركه في حياته.
أيها الناس: إن من الكبائر أن يتبول في الطريق فيتأذى المارون من القذارة أولا ومن الرائحة الكريهة، هذا إلى إظهار العورة وجلب غضب الله على ما يفعل ذلك، ويدخل في الطريق المباول العامة التي لا ماء فيها للاستنجاء وفيها تظهر العورة. نعوذ بالله من زمن يتهاون فيه المسلمون في هذا العمل، وهو سبب اللعنة وعذاب القبر، والوقاية من العذاب والاستنجاء الكامل؛ والتحرز من النجاسة.
أو يشق فعله لو أرادَا أن يفعلا، وهو التنزه من البول، وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين، وأن الذنب فيهما هين سهل.
(قال الحافظ عبد العظيم) ولخوف توهم مثل هذا استدرك، فقال صلى الله عليه وسلم بلى إنه كبيرٌ، والله أعلم.
الترهيب من ترك الاستبراء من البول، وإتيان النميمة
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة عذاب القبر في البول فاستنزهوا (1) من البول. رواه البزار والطبراني في الكبير والحاكم والدارقطنى كلهم من رواية أبى يحيى القتات عن مجاهد عنه، وقال الدراقطنى إسناده لا بأس به، والقتات مختلف في توثيقه.
4 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزهوا من البول، فإنه عامة عذاب القبر من البول. رواه الدارقطنى وقال: المحفوظ مرسل.
5 -
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: بينما النبى صلى الله عليه وسلم يمشى بيني وبين رجل آخر إذ أتى على قبرين فقال: إن صاحبى هذين القبرين يُعذبان (فائتيانى بجريدةٍ) قال أبو بكر: فاستقبت أنا وصاحبى فأتيته بجريدةٍ فشقها نصفين، فوضع في هذا القبر واحدة، وفي ذا القبر واحدةً. قال لعله يخفف عنهما مادامتا رطبتين، إنهما يُعذبان بغير كبير: الغيبة (2) والبول. رواه أحمد والطبراني في الأوسط واللفظ له، وابن ماجه مختصرا من رواية بحر بن مرار عن جده أبى بكرة ولم يدركه.
6 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر عذاب القبر من البول (3) رواه أحمد وابن ماجه واللفظ له، والحاكم قال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم له علة.
(قال الحافظ) وهو كما قال.
(1) تطهروا وتحروا إزالته وتأنوا عند البراءة منه، وتحفوا نزول قطراته، وذلك بعد انقطاع البول يتأنى الإنسان، ثم يضغط ضغطا خفيفاً على المثانة بتؤدة ولا أذى، ثم ينثرها نثراً هيناً، ثم يستنجى.
(2)
بالكسر: هي أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه أو سمعه، فإن كان صدقاً سمى غيبة، وإن كان كذبا سمى بهتانا. فحذار أن تذكر أخاك بما يكره، وأن تطلق لسانك في ذكر عيوبه فهذا ضرر الدنيا يجلب العداوة ويشن غارة الخصام، وعذاب القبر، وفي الآخرة الجحيم.
(3)
ترك الطهر منه.
الترهيب من ترك الاستبراء من البول، وإتيان النميمة
7 -
وعن أُمامة رضي الله عنه قال: مر النبى صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع (1) الغرقد، قال وكان الناس يمشون خلفه، قال فلما سمع صوت النعال وقر ذلك في نفسه فجلس حتى قدمهم أمامه، فلما مر ببقيع الغرقد إذا بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين. قال فوقف النبى صلى الله عليه وسلم فقال: من دفنتم هاهنا اليوم؟ قالوا فلان وفلانٌ. قالوا يا نبىَّ الله وما ذاك؟ قال أما أحدهما فكان لا يتنزَّهُ من البول، وأما الآخر فكان يمشى بالنميمة، وأخذ جريدةً رطبةً (2) فشقها، ثم جعلها على القبرين. قالوا يا نبى الله: لم فعلت هذا؟ قال لُيخفِّفَنَّ عنهما. قالوا: يا رسول الله: حتى متى (3) هما يعذبان؟ قال غيب لا يعلمه إلا الله، ولولا تمرُّغُ (4) قلوبكم وتزيُّدُكُم (5) في الحديث لسمعتم ما أسمع. رواه أحمد واللفظ له وابن ماجه، كلاهما من طريق على بن يزيد الالهانى عن القاسم عنه.
8 -
وعن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده الدرقة (6) فوضعها (7)، ثم جلس فبال إليها، فقال بعضهم انظروا إليه يبول كما تبول المرأة فسمعه النبى صلى الله عليه وسلم فقال: ويحك (8) ما علمت ما أصاب صاحب بنى اسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قرضُوهُ (9) بالمقاريض
(1) موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها، وكان به شجر الغرقد فذهب وبقي اسمه - والبقيع المتسع ذو الأشجار.
(2)
خضراء.
(3)
إلى أي زمان ينتهى حسابهما.
(4)
تقلب.
(5)
خشية زيادتكم في القول: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوة وقدرة على سماع صوتهما؛ وإدراك نوع عذابهما، وهذه ميزة له صلى الله عليه وسلم وخصوصية، ولولا خوف الفتنة. وهلاك الإنس والجن لأسمعهم الله جل وعلا، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: (يسمع بها كل شيء إلا الإنسان رأفة به ورحمة من الله جل وعلا.
(6)
الترس إذا كان من جلد وليس فيه خشب ولا عصب.
(7)
جعلها مائة بينه وبين الناس، وبال مستقبلا إليها: فأنت ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب بعيدا في الفضاء ويبعد عن طريق الناس ونواديهم ثم يضع سترا وحائلا يمنع كشف العورة، وظن الجهال المغفلون أن هذه الوقاية للسيدات فقط، فأفهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يتجنبوا إطهار العورة، ولا بد من التستر.
(8)
كلمة ترحم أي رحمك الله.
(9)
قطعوه بآلة حادة، والمعنى أن بنى إسرائيل كانوا يتحرزون من البول حتى يقطعوا ما نجسه من الثوب، فنهاهم عن هذا القطع صاحب بنى اسرائيل فعذبه الله في قبره لأنه يوصى ببقاء النجاسة، والله أعلم. وكانت الطهارة عندهم إزالتها بالقطع، وجاء الدين الإسلامى، فخفف بغسلها. صلى الله عليه وسلم على صاحبه نبى الرحمة.
فنهاهم فعذب في قبره. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه.
الترهيب من عدم قضاء الدين والاستبراء من البول
9 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا نمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على قبرين فقام فقمنا معه فجعل لونه يتغير حتى رعد (1) كُمُّ قميصه، فقلنا مالك يا رسول الله؟ فقال أما تسمعون ما أسمعُ؟ فقلنا وما ذاك يا نبى الله؟ قال هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابا شديدا في ذنب هين، قلنا فيم ذلك؟ قال كان أحدهما لا يستنزه (2) من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه (3) ويمشى بينهم بالنميمة، فدعا بجريدتين من جرائد النخل فجعل في كل قبرٍ واحدةً، قلنا: وهل ينفعهم ذلك؟ قال نعم: يخفف عنهما ما دامتا رطبتين (4).رواه ابن حبان في صحيحه.
(قوله: في ذنب هين) يعنى هِّين عندهما وفى ظنهما، أو هّين عليهما اجتنابه، لا أنه هين في نفس الأمر لأن النميمة محرمة اتفاقاً.
10 -
وعن شفى بن ماتع الأصبحى رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أربعة يُؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون بين الحميم (5) والجحيم (6) يدعون (7) بالويل والثبور يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى؟ قال فرجل مُغلقٌ (8) عليه تابوت من جمر، ورجل يجُرُّ أَمعاءَهُ (9)،
(1) رجف واضطرب - رأى الصحابة شدة تأثر وتغير لون وجهه صلى الله عليه وسلم، وخوفهم شدة اضطراب قميصه، ولذا سألوا عن حاله. ماذا جرى يا رسول الله؟
(2)
لا يتحرز من النجاسة، ولا يستنجى استنجاء كاملا.
(3)
بهتك العرض؛ والذم؛ والقدح، والغيبة، وتعداد العيوب.
(4)
خضراوين.
(5)
الماء الحار المغلي.
(6)
جهنم، أي أن عذابه يستمر بين الحياة في الماء المغلى شديد الحرارة وبين النار التي تلتهم جسمه.
(7)
يطلبون الهلاك والدمار والعذاب أي يصحبون.
(8)
عذب في ضريح محكم الإغلاق من جمر لأنه أكل أموال الناس بلا حق.
(9)
يعذب بخروج معدته، ويفضح على ملأ من أهل المحشر لقذارته في حياته، وبوله على نفسه، وعدم عنايته بنظافة جسمه وثوبه، يفضحه الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة بخروج (الكرشة) ليتقذذ منه الناظرون ويشمئز من حاله الراءون: لماذا؟ لأنه كان في دنياه يبول في طريقه، ولا يحترس من النجاسة، ويذهب على المباول فيقضى هذه الحاجة؛ ويلوث ملابسه وشعاره، ويعتذر، وعذره حقير من ضيق الحالة، ويتجارأ على ترك الصلاة لأن ملابسه نجسة، وبعد أن يغتسل ويتطهر ويصلي، ولكن الشيطان قائدة فيذهب إلى مواطن اللهو ومحال الفسوق والمقاهى وهناك يضيق وقته فيبول في المباول بلا ماء فينجس ملابسه، وحينئذ يخلف وعده.
اعتنوا أيها المسلمون بتطهير ملابسكم، وعمروا مساجد الله تعمر قلوبكم بالإيمان وتأمنوا عذاب القبر؛ وتنالوا من الله الرحمة والرضوان.