الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في المشى إلى المساجد سيما في الظلم وما جاء في فضلها
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في الجماعة تُضَعَّفُ (1) على صلاته في بيته، وفي سوقه خمساً وعشرين درجة وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة (2) لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطُ خطوةً إلا رُفعت له بها درجة، وحطَّ (3) عنه بهاخطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تُصَلِّي (4) عليه ما دام في مُصلاه: اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر (5) الصلاة، وفي روايةٍ: اللهم اغفر له، اللهم تُب عليه ما لم يؤذ (6) فيه، ما لم يُحدِث فيه (7). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه باختصار. ومالك في الموطأ، ولفظه:
من توضأ فأحسن الوضوء (8)، ثم خرج عامداً إلى الصلاة، فإنه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة، وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنةٌ، ويمحى عنه بالأُخرى سيئةٌ، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع (9)، فإن أعظمكم أجراً أبعدكم داراً. قالوا لم يا أبا هريرة؟ قال: من أجل كثرة الخُطا.
2 -
ورواه ابن حبان في صحيحه، ولفظه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من حين يخرج أحدكم من منزله إلى مسجدى فرجلٌ تكتب له حسنة، ورجلٌ تحطُّ عنه سيئة حتى يرجع (10)، ورواه النسائي والحاكم بنحو ابن حبان، وليس عندهما حتى يرجع، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وتقدم في الباب قبله حديث أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع الحديث.
3 -
وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا تطهر (11)
(1) تزيد، وتنمو.
(2)
في نسخة: إلى المسجد.
(3)
محى.
(4)
تدعو له.
(5)
مدة انتظاره الصلاة: أي ذهب للعبادة.
(6)
مدة عدم ارتكاب المحارم، وإضرار الناس.
(7)
مدة عدم انتقاض وضوئه.
(8)
في نسخة: وضوءه، أي أنمه.
(9)
فلا يمد رجليه، ويسرع ويخطف الأرض نهبا. بل يتأنى في خطاه لتكثر حسناته، ولا ناهية ينهى عن عجلة السير.
(10)
أي عند عزم الإنسان إلى الذهاب إلى المسجد يحسب الله له خطواته، فحركة الرجل اليمنى حسنة، واليسرى حتى يئووب إلى منزله.
(11)
حاز شروط الطهارة للصلاة من استنجاء ووضوء.
الرجلُ، ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتباه أو كاتبهُ بكل خطوةٍ يخطوها إلى المسجد عشر حسناتٍ، والقاعد يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه. رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط وبعض طرقه صحيح، وابن خزيمة في صحيحه، ورواه ابن حبان في صحيحه مفرقا في موضعين.
(القنوت) يطلق بإزاء معان منها: السكوت، والدعاء، والطاعة، والتواضع، وإدامة الحج، وإدامة الغزو، والقيام في الصلاة، وهو المراد في هذا الحديث، والله أعلم.
4 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من راح إلى مسجد الجماعة فخطوةٌ تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنةً ذاهباً وراجعاً. رواه أحمد بإسناد حسن والطبراني وابن حبان في صحيحه.
5 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على كل ميسمٍ (1) من الإنسان صلاةٌ كل يومٍ. فقال رجلٌ من القومِ: هذا من أشدِّ ما أُوتينا (2) به. قال: أمرُكَ بالمعروف، ونهيك عن المنكر صلاةٌ، وحلمك على (3) الضعيف صلاةٌ، وإنحاؤُك القذر عن الطريق صلاةٌ، وكلُّ خطوةٍ تخطوها إلى الصلاة صلاةٌ (4). رواه ابن خزيمة في صحيحه.
6 -
وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ (5) الوضوء، ثم مشى إلى صلاةٍ مكتوبةٍ (6) فصلَاّها مع الإمام غُفرَ له ذنبه. رواه ابن خزيمة أيضاً.
7 -
وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: حضر رجلاً من الأنصار الموت
(1) جمال عضو. ووسيم حسن الوجه، وفي صفته صلى الله عليه وسلم: وسيم قسيم: الحسن الوضئ الثابت. المعنى أن كل عضو موسوم بصنع الله عز وجل يصلى صاحبه صلاة نافلة زكاة له، وشكراً للخالق جل وعلا، وتحدثا بنعمه كما قال صلى الله عليه وسلم:(كل سلامى من الناس صدقة).
(2)
في نسخة: ابتلينا.
(3)
في نسخة: عن ص 110 ع.
(4)
تلك خصال ستة عددها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعال الخير، الجالبة الأجر، المضاعفة الثواب. فنضارة أعضائك، وحسن خلقك، ورواء منظرك يحتاج إلى طاعة الله، ودعاء، وصلاة، وعبادة وذكر، وسلوك منهج النصيحة عبادة، وإنذار الفساق، ونهيهم طاعة. كما أن استعمال الرأفة، والتخلق بالأخلاق الكاملة، وإزالة أذى عن الطريق من شوك، أو حجر، كذا خطوات الصلاة مجلبة الثواب.
(5)
أتم وأكمل.
(6)
فريضة الصبح، أو الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء.
فقال: إنى مُحدِّثكم حديثاً ما أُحَدِّثُكُمُوهُ إلَاّ احتساباً: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثُمَّ خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليُمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنةً، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئةً، فليقرب أحدكم أو ليبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جماعةٍ غُفِرَ له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقى بعض صلى ما أدرك وأتم ما بقى كان كذلك (1) فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتمَّ الصلاة كان كذلك. رواه أبو داود.
8 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني الليلة آتٍ من ربى، فذكر الحديث إلى أن قال: قال لى (2) يا محمدُ أتدرى (3) فيم يختصم الملأُ الأعلى؟ قلت: نعم في الدرجاتِ والكفارات، ونقل الأقدام إلى الجماعة (4)، وإسباغ الوضوء في السبرات (5)، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخيرٍ، ومات بخيرٍ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه. الحديث رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب، ويأتى بتمامه إن شاء الله تعالى.
9 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءَهُ فيسبغه (6)، ثم يأتى المسجد لا يريدُ إلا الصلاة (7) إلا تبشش الله إليه كما يتبشش أهل الغائب بطلعته رواه ابن خزيمة في صحيحه.
10 -
وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: خلت البقاع (8) حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قُرب المسجد فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال لهم: بلغنى أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ قالوا: نعم يا رسول الله: قد أردنا ذلك،
(1) في نسخة: كان ذلك.
(2)
في نسخة: بحذف قال لى.
(3)
أتعلم في أي شئ يتنافس الملائكة المقربون؟ في كتابة ثواب الله، ومن يسبق؟.
(4)
في نسخة: الجماعات.
(5)
جمع سبرة: شدة البرد.
(6)
يتمه.
(7)
في نسخة فيه إلا تبشبش. البش فرح الصديق بالصديق، واللطف في المسألة، والإقبال عليه. وقد بششت به - أبش. والمعنى أن الله سبحانه وتعالى يتلقى قاصد المسجد للصلاة ببره، وتقريبه وإكرامه، ويتجلى عليه بالقبول والرضوان، لأنه أوى إلى بيته، وأراد عبادته، وهو جَلَّ وعلا الكريم الوهاب. وهذا مثل ضربه النبى صلى الله عليه وسلم ليبين الفرح العظيم المحسوس الظاهر من أهل الغائب عند تشريفه، ورؤية طلعته. فإكرام الله أجل وأبهى للمصلى.
(8)
جمع بقعة: الأرض الفضاء، والبقيع: موضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى، وبه سمى بقيع الغرقد، وهى مقبرة بالمدينة.
فقال يا بنى سلم (1) دياركم تكتب آثاركم (2) دياركم تكتب آثاركم، فقالوا: ما يسرنا أنّا كُنَّا تحولنا. رواه مسلم وغيره.
وفي روايةٍ: له بمعناه، وفي آخرهِ: إن لكم بكل خطوةٍ (3) درجة.
ما جاء في فضل المشى إلى المسجد
11 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: كانت الأنصار بعيدةً منازلهم من المسجد فأرادوا أن يتقربوا (4) فنزلت: ونكتب ما قدموا وآثارهم، فثبتوا. رواه ابن ماجه بإسناد جيد.
12 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الأبعد (5) فالأبعد من المسجد أعظم أجراً. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم، وقال: حديث صحيح مدنىّ الإسناد.
13 -
وعن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نريد الصلاة، فكان يُقارب (6) الخطا، فقال: أتدرون لم أُقارب الخطا؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: لا يزال العبد في صلاةٍ مادام في طلب الصلاةِ.
وفى رواية: إنما فعلت (7) لتكثر خُطاى في طلب الصلاة. رواه الطبراني في الكبير مرفوعا وموقوفا على زيد، وهو الصحيح.
14 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى (8) فأبعدهم، والذى ينتظر الصلاة حتى يُصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذى يُصليها (9) ثم ينام. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
15 -
وعن أُبى بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار لا أعلمُ
(1) في نسخة: يابنى سلمة 112 ع.
(2)
المعنى الزموا دياركم البعيدة، واسكنوا فيها فإن المشى الكثير يزيد في الحسنات، ويخلد الآثار الصالحة.
(3)
الخطوة بالضم: بعد ما ين القدمين في المشى، وبالفتح المرة، وجمع الكثرة خطا، والقلة خطوات، ومنه الحديث (وكثرة الخطا إلى المساجد) و (خطوات الشيطان).
(4)
في نسخة، يقتربوا.
(5)
الأبعد ممشى.
(6)
يمشى بتؤدة، ويتأنى، ولا يفتح رجليه لتطول الخطوة.
(7)
في نسخة: فعلت هذا.
(8)
يأتى إلى الصلاة؛ ومشى كثيرا لبعد داره من المسجد.
(9)
وحده ويترك الجماعة ويصلى بسرعة وتشغله الدنيا في صلاته ولا ينتظر الإمام.
أحداً أبعدَ من المسجد منه كانت لا تخطئه (1) صلاةٌ، فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، فقال، ما يَسُرُّنىِ أن منزلى إلى جنب المسجد، إنى أُريدُ أن يُكتب لى ممشاى إلى المسجد، ورجوعى إذا رجعت إلى أهلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله.
وفي روايةٍ: فتوجعت له، فقلت يا فلان: لو أنك اشتريت حماراً يقيك (2) الرمضاء وهوامَّ (3) الأرض؟ قال: أما والله ما أُحبُّ أن بيتى مُطنبٌ (4) ببيت محمدٍ صلى الله عليه وسلم قال: فحملت به حملاً حتى أتيت (5)
نبىَّ الله صلى الله عليه وسلم: فأخبرته فدعاه، فقال له مثل ذلك، وذكر أنه يرجو الأثر، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لك ما احتسبت. رواه مسلم وغيره، ورواه ابن ماجه بنحو الثانية.
(الرمضاء) ممدوداً: هى الأرض الشديدة الحرارة من وقع الشمس.
16 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يومٍ تطلع فيه الشمس: تعدل بين الاثنين
(1) في نسخة: لا تخطيه، لا تفوته.
(2)
يدفع أذى الحر.
(3)
حشراتها.
(4)
يعنى: ما أحب أن يكون بينى إلى جانب بيته، لأنى احتسب عند الله كثرة خطاى من بيتى إلى المسجد. ومعنى مطنب: أي مشدود بالأطناب: والطنب بضمتين: حبل الخباء. يعنى ما أحب أن يكون بيتى إلى جانب بيته لأنى أحتسب عند الله كثرة خطاى من بيتى إلى المسجد.
(5)
في نسخة: أتيت به.
أنظر إلى حديث الأنصار الذين نصروا النبى صلى الله عليه وسلم، وفدوه بأرواحهم وأموالهم. إن منازلهم بعيدة من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فأرادوا أن يقتربوا منه، فنزلت:(ونكتب ما قدموا وآثارهم) قال الله تعالى: (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم. إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين). 13 من سورة يس. إنك تخوف يا محمد من تأمل في القرآن وعمل به، وخاف عقاب ربه قبل حلوله، ومعاينة أهواله، وامتلأ قلبه إيمانا به في سريرته، ولم يغتر برحمة العزيز الرحمن، المنتقم القهار، والغفور الجبار، والمحي الأموات بالبعث، والجهال بالهداية (ونكتب ما قدموا) أي ما أسلفوا من الأعمال الصالحة، والطالحة (وآثارهم) الحسنة كعلم علموه، وحبيس وقفوه، والسيئة كإشاعة باطل، وتأسيس ظلم، وهكذا نحصى الأفعال جليلها، وحقيرها في اللوح المحفوظ. وقد رأيت في حديث 10 رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى رويدا تحفه السكينة، والوقار ليعلم الناس الأدب في المشى، والتؤدة في السير، وعدم الإجهاد، والعدو، شفقة على النفس، ورأفة بها، وجلب الخير لها بكثرة الخطوات فالحسنات. وفي حديث 15: رجل هرم: اشتعل رأسه شيبا، وبلغ به الضعف مبلغه، فقيل له اتخذ حمارا يخفف عنك مشقة الحر وتعب المشى وظلمة الليل فأبى رجاء ثواب الله في غدواته وروحاته، فبشره صلى الله عليه وسلم (قد جمع الله لك ذلك الخير كله).
صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقةٌ، والكلمةُ الطبيةُ صدقةٌ، وبكل خطوةٍ يمشيها إلى الصلاة صدقةٌ، وتُميطُ الأذى عن الطريق صدقة. رواه البخاري ومسلم.
(السلامى): بضم السين، وتخفيف اللام، والميم مقصور: هو واحد السلاميات وهى: مفاصل الأصابع. قال أبو عبيد: هو في الأصل عظم يكون في فرسن البعير، فكان المعنى: على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة (تعدل بين الاثنين): أي تصلح بينهما بالعدل.
(تميط الأذى عن الطريق): أي تنحيه وتبعده عنها.
17 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدُلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاةِ بعد الصلاةِ، فذكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط (1) رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كفارات الخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
18 -
ورواه ابن ماجه أيضاً من حديث أبى سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه إلا أنه قال: ألا أدُلكم على ما يكفر الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فذكره.
19 -
ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث جابر، وعنده: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويكفر به الذنوب؟.
20 -
وعن على بن أبى طالبٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال (2) الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة تغسل (3) الخطايا غسلاً. رواه أبى يعلى والبزار بإسناد صحيح.
(1) في الأصل الإقامة على جهاد العدو في الحرب، وارتباط الخيل وإعدادها، فشبه به ما ذكر من الأفعال الصالحة، والعبادة: أي المواظبة على الطهارة، والصلاة، والعبادة كالجهاد في سبيل الله، فعليك أخى بالعكوف في المسجد في أوقات فراغك، واترك المقاهى، وسمر اللهو.
(2)
نقل الأقدام وخطاها.
(3)
تزيل الذنوب.
21 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من غدا إلى المسجد، أو راح أعد الله له في الجنة نُزُلاً كُلما غدا أو راح (1). رواه البخاري. ومسلم وغيرهما.
22 -
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الغدوُّ (2) والرواح إلى المسجد من الجهاد في سبيل الله. رواه الطبراني في الكبير من طريق القاسم عن أبي أمامة.
23 -
وعن بُريدة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث غريب.
(قال الحافظ عبد العظيم) رحمه الله: ورجال إسناده ثقات، ورواه ابن ماجه بلفظ من حديث أنس.
24 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليضئ للذين يتخللون إلى المساجد في الظُّلَمِ بنورٍ ساطعٍ يوم القيامة. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
25 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقى الله عز وجل بنورٍ يوم القيامة. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، وابن حبان في صحيحه.
ولفظه قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد آتاه الله نوراً يوم القيامة.
26 -
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
(1) غدا: أو راح: رجع.
(2)
الذهاب مبكرا، والمجئ فى غلس الليل للعشاء، وللفجر: أي إن الذين يحافظون على صلاة العشاء، والفجر جماعة يضئ الله بصائرهم، ويتمم نورهم، ويزيد إيمانهم فتنجلى عنهم غياهب الأهوال، وتبعد عنهم الشدائد، ويأمنون العذاب، ويهتدون إلى نعيم الجنة. يقال: إن جباههم تضئ كالقمر ليلة البدر يوم القيامة والله أعلم، وسمعت أبى رحمه الله يحدث: أن الرجل الصالح هو الذى يحافظ على صلاتى العشاء والفجر جماعة في المسجد ويقول: إذا رأيته زاد عن أربعين يوما محافظا فصاحبه، واتخذه لك أنيسا وجليسا، ووالله لا أعرف الرجل صالحاً إلا من ملازمته لهذين الوقتين أهـ.
بشر المُدلجين (1) إلى المساجد في الظلم بمنابر من النور (2) يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزعون (3). رواه الطبراني في الكبير، وفي إسناده نظر.
27 -
وعن سهل بن سعدٍ الساعدى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبشر المشاءون (4) في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة. رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين كذا قال.
(قال الحافظ) وقد روى هذا الحديث، عن ابن عباس، وابن عمر، وأبى سعيد الخدرىّ وزيد ابن حارثة، وعائشة وغيرهم.
28 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المشاءون إلى المساجد في الظلم أولئك الخوَّاضُون (5) في رحمة الله تعالى. رواه ابن ماجه، وفي إسناده إسماعيل بن رافع تكلم فيه الناس، وقال الترمذي ضعفه بعض أهل العلم، وسمعت محمداً، يعنى البخاري يقول: هو ثقة مقارب الحديث.
29 -
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خرج من بيته مُتطَهِّراً إلى صلاةٍ مكتوبةٍ (6)، فأجرهُ كأجر الحَجِّ المُحْرِمِ (7)، ومن خرج إلى تسبيح الضحى (8) لا ينصبه إلا إياهُ فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاةٍ
(1) الذين يسيرون إلى المساجد في ظلمة العشاء والفجر والسحر للتهجد، من أدلج: إذا سار بالليل، وأنشدوا لعلى رضى الله عنه:
اصبر على السير والإدلاج في السحر
…
وفي الرواح على الحاجات والبكر
فجعل الإدلاج في السحر.
(2)
في نسخة: من نور.
(3)
يخاف الناس يوم القيامة من شدة الحساب، وهوله، وشدائده. ولكن الصالحين يظلهم الله بظل رحمته ونوره، كما قال تعالى:(لايحزنهم الفزع الأكبر). يقال: هذا اليوم يطول على الكفار، ويتوسط على الفساق، ويخفف على الطائعين. نسأل الله السلامة.
(4)
في نسخة: الماشون، واللام في (ليبشر) للقسم، فليفرح أي والله لتحصل بشارة لمن يمشى في الليل الحالك لصلاة الجماعة في المسجد، والبشرى من الله رحمة ورضوان، وسعادة، ونعيم، وثواب، واطمئنان من العذاب. في ع بكسر اللام ليبشر.
(5)
الخوض: المشى في الماء، واستعمل في التلبس، ونيل رحمة الله، وإغداق نعمه بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يوم القيامة يشمله برضاه، فيخطو في جناته، ويمشى في نعيمه.
(6)
أي فريضة.
(7)
كناية عن ثواب كامل.
(8)
صلاة ركعتين للضحى يعطيه الله ثواب من فعل عمرة بمعنى أنه يكفر ذنوب سنة. أما ثواب الحج التام فكما قال صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
لا لغو بينهما كتابٌ في عليين (1) رواه أبو داود من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أُمامة. تسبيح الضحى يريد صلاة الضحى، وكل صلاة يتطوع بها فهى تسبيح وسبحة.
(قوله لا ينصبه): أي لايتبعه، ولابن عجة: إلا ذلك.
(والنصب) بفتح النون والصاد المهملة جميعاً: هو التعب.
من خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله
30 -
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثةٌ كلهم ضامنٌ (2) على الله، إن عاش رُزق وكُفِىَ، وإن مات أدخله الله الجنة: من دخل بيته فسلم فهو ضامنٌ على الله، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامنٌ على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامنٌ على الله. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، ويأتى أحاديث من هذا النوع في الجهاد وغيره إن شاء الله تعالى.
31 -
وعن سلمان رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ في بيته فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فهو زائر (3) الله، وحقٌّ على المزور (4) أن يكرم الزائر، رواه الطبراني في الكبير بإسنادين: أحدهما جيد، وروى البيهقى نحوه موقوفا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح.
(1) بمعنى أن ثواب انتظار الصلاة الجديدة بعد تأدية السابقة يحفظ في كتاب جامع لأعمال الأبرار تشهد الملائكة على ما فيه يوم القيامة، وفي ذلك يقول الله تعالى:(إن كتاب الأبرار لفى عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون) أي يحضرونه فيحفظونه. (إن الأبرار لفى نعيم على الآرائك ينظرون تعرف في وجوهم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم. عيناً يشرب بها المقربون) 29 سورة المطففين. أي على الأسرة في الحجال يرون ما يسرهم من نعم المحسن جل وعلا، وفي وجوههم علامة التنعيم وبريقه، ويروون من شراب خالص مختوم أوانيه بالمسك، فليرتقب المرتقبون هذا النعيم وهذا جزاء من لم يشتغلوا بغير الله.
(2)
الله كفيل بحفظهم، وقادر على زيادة أجرهم، ويبسط لهم الرزق، ويسلمهم من غوائل الشر؛ ويقيهم السوء. أولا: القادم إذا سلم على أهله. ثانياً: قاصد المسجد للصلاة. ثالثاً: المجاهد المحارب لنصر دين الله تعالى. أولئك ثلاثة يلحظهم الله بعنايته، فعليك يا أخى أن تؤانس أهل بيتك وتبدأهم بتحية المسلمين (السلام عليكم ورحمة الله) وتعلمهم آداب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تحافظ على جماعةالمسجد أول الوقت؛ وأن تجاهد فى إعلاء كلمة الله العليا، والآن جهادك أن تتقى الله ومحارمه، وتترك الأشرار وتصحهم أن يعملوا صالحا، وتلازم السنة.
(3)
ضيفه، وطالب ثوابه. إن من أسماء الله تعالى الكريم: أي الجواد المعطى الذى لا ينفد عطاؤه، وهو الكريم المطلق. والكريم الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل.
(4)
الذى قصد ثوابه، بالتقرب إليه.
دعاء: أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها
32 -
وروى عن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج من بيته إلى الصلاةِ، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاى هذا، فإنى لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا رياءً، ولا سُمعةً، وخرجت اتقاء (1) سخطك وابتغاء (2) مرضاتك، فأسألك أن تُعيذنى (3) من النار، وأن تغفر لى ذنوبى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل (4) الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملكٍ. رواه ابن ماجه.
(قال المملى) رضي الله عنه: ويأتى فيما يقوله إذا خرج المسجد إن شاء الله تعالى.
(قال الهروى): إذا قيل فعل فلان ذلك أشراً وبطراً فالمعنى: أنه لجّ في البطر.
(وقال الجوهرى): الأشر والبطر بمعنى واحد.
33 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها (5)، وأبغض البلاد إلى الله أسواقُها (6).
رواه مسلم.
34 -
وعن جُبير بن مطعمٍ رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله أىُّ
(1) اجتناب غضبك.
(2)
طلب.
(3)
تجيرنى.
(4)
فتح الله أبواب رحماته وبركاته يطلبون له المغفرة والعفو.
(5)
لأنها مصدر الذكر والخير.
(6)
لما فيها من المنكرات، والفسوق، والكذب، وأهلها يغفلون عن حقوق الله، وفيها الشقاق والبغضاء، والجلبة، والمؤمن يذهب، ويتقى الله فيها ما استطاع، ولا يفوته حق من حقوق مولاه، ويدع الفجور، والختال، والغش؛ واللغو، ولا ينسى ذكر الله بقلبه ولسانه، فالمراد بمحبة الله وبغضه ما يتعلقان بما يقع فيهما، فعليك يا أخى بملازمة بيوت الطاعة، وأساس التقوى، ومحل تنزلات رحمة مولاك، وحذار من مواطنة الغفلة. والشره على جمع المال، والحرص على كسب الحرام، والفتن، والطمع، والخيانة، والأيمان الكاذبة، والأعراض الفانية عسى أن تدرك فوز الله في قوله:
أ - أولا: (وكذلك ننحى المؤمنين) وفي قوله:
ب - (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) وفى قوله:
جـ - ثانياً: (وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) وفى قوله: ينادى المؤمنين الذين صدقوا بالله وبرسله، وأيقنوا بصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبأن دينه قويم، وشرعه حكيم، واتباعه سعادة، والعمل بقوله سيادة، ومناعة، وحصانة، ونور.
د - (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفر رحيم) يؤتكم الله جل جلاله نصيبين من رحمته لإيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم والاقتداء بأفعاله، ومنها المحافظة على أداء الوقت في المسجد. هذا إلى إيمانكم بمن قبله، وقيل الخطاب للنصارى الذين كانوا في عصره، إن شاهدنا في الآية (يجعل لكم نوراً تمشون به)، ويؤيد هذا شاهد الأحاديث.