الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن بن عباس رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام قال: إنما الأُمورُ ثلاثة: أمرٌ تبيَّنَ لكَ رُشْدُهُ فاتَّبعه (1)، وأمرٌ تبين لك غيُّه (2) فاجتنبه، وأمرٌ اختلف فيه فردهُ إلى عالم (3). رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به.
كتاب الطهارة
الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهم
والترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها
1 -
عن أبي هرير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا (4) اللاعنين: قالوا وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى (5) في طُرُقِ الناس، أو في ظِلَّهِمْ. رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.
(قوله) اللاعنين: يريد الأمرين الجالبين اللعن، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم، فلما كانا سبباً لذلك أضيف الفعل إليهما فكأنهما اللَاّعنان.
2 -
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقُوا الملاعن الثلاث: البراز (6) في الموارد (7) وقارعة (8) الطريق، والظِّلِّ. رواه
(1) ظهر الحق فيه.
(2)
ظهر ضلاله.
(3)
يقنعك بدليل من الكتاب، أو السنة، وهنا قطعت جهيزة قول كل خطيب، ولنذكر الأدلة من الكتب قال تعالى:(فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) من سورة الكهف. أي فلا تجادل فى شأن عدد فتية أي فلا تجادل في شأن عدد فتية أهل الكهف إلا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه، وهو أن نقص عليهم ما في القرآن من غير تجهيل لهم، والرد عليهم، وقال تعالى في سورة الزخرف:(وقالوا أآلهتنا خير أم هو؟ ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) قال النصارى آلهتنا عندك خير أم عيسى عليه السلام فان يكن في النار فلتكن آلهتنا معه - أو آلهتنا خير أم محمد عليه السلام فنعبده وندع آلهتنا، ما ضربوا هذا المثل إلا لأجل الجدل والخصومة لا لتمييز الحق من الباطل، إنهم شداد الخصومة حراص على اللجاج، والطعن في الكلام الغير، وإظهار خلل فيه، وتحقير آرائه، وإظهار مزية الكياسة، واللباقة.
(4)
اجتنبوا.
(5)
يقضى حاجته. يأمر النبى صلى الله عليه وسلم ألا يتبول، أو يتغوط في الطريق، أو في أمكنة الراحة.
(6)
اسم للفضاء الواسع وكناية عن ثقل الغذاء وهو الغائط تبرز.
(7)
أمكنة ورود الناس إليها.
(8)
وسطه، وقيل أعلاه، والمراد نفس الطريق.
أبو داود وابن ماجه كلاهما عن أبي سعيد الحميرى عن معاذ، وقال أبو داود هو مرسل؛ يعنى أن أبا سعيد لم يدرك معاذا.
(الملاعن) مواضع اللعن. قال الخطابي: والمراد هنا بالظل هو الظل الذى اتخذه الناس مقيلا ومنزلا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة تحته، فقد قضى النبى صلى الله عليه وسلم حاجته تحت حايش من النخل، وهو لا محالة له ظل انتهى.
الترهيب من التغوط في طرق الناس
3 -
وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا الملاعن الثلاث: قيل: ما الملاعن الثلاث يا رسول الله؟ قال أن يقعد أحدكم في ظلٍ يستظلُّ به، أو في طريقٍ، أو نقع ماءٍ (1) رواه أحمد.
4 -
وعن حذيفة بن أُسيدٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من آذى المسلمين في طُرقهم وجبت عليه لعنتهم (2). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.
5 -
وعن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: قال رجل لأبى هريرة أفتيتنا في كل شيءٍ يُوشِكُ أن تُفتينا في الخراءِ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه سولم يقول: من غسل سخيمته على طريقٍ من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقى وغيرهما، ورواته ثقات إلا محمد بن عمرو الأنصارى.
(قوله) يوشك: بكسر الشين المعجمة وفتحها لغية. معناه يكاد ويسرع، والخراء والسخيمة: الغائط.
6 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والتعريس (3) على جواد الطريق، والصلاة عليها، فإنها مأوى الحيات
(1) ما اجتمع في البئر من الماء، وفي الحديث: نهى ان يمنع نقع البئر، ربما يشرب منه.
(2)
استحق أن يبعد من رحمة الله بدعاء عليه، فاللعن: الطرد والإبعاد من الخير، والاسم اللعنة.
(3)
احذروا النزول في السفر من آخر قصد الليل قصد الاستراحة على الطريق الأعظم التي تجمع الطرق، ولا بد من المرور عليه - قال في النهاية: الجواد، الطرق: واحدها جادة، وهى سواء الطريق ووسطه، وقيل هي الطريق الأعظم التى تجمع الطرق، ولا بد من المرور عليه أهـ.
وكذا ينهاهم صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها أي في أطراف الطريق المجاورة للخراب، والبعيدة عن العمران والنظافة لأنها ملأي بالحشرات أن يتضرر المارون. وما شاء الله، قائد ماهر يحسن القيادة ويحكمها، ينصح أن يستريح أصحابها في مكان بعيد عن مرور الناس، وفي أرض مذللة معبدة نظيفة حتى لا يزعج النائم شئ، فيستيقظ =
والسِّباع، وقضاء الحاجة عليها، فإنها الملاعن. رواه ابن ماجه، ورواته ثقات.
= وهو في غاية الصحة والنشاط، ويطلب من المصلي أيضاً أن يتجنب الأماكن القذرة فلا يصلي فيها، وكذا لا بول، ولا غائط في وسطها حتى يحمد القوى السرى، ويرحلوا في سرور وحبور.
وفي الآيات الواردة الحاثة على الطهارة من الحدث والنقاء من الأوساخ، قوله تعالى:(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) أي يرضى عن الذين رجعوا إلى ربهم، فخلصوا من الذنوب، وبعدوا عن الفحشاء، وتنزهوا عن الفواحش والأقذار، ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم:(يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر) ينادي صلى الله عليه وسلم لابس الدثار كما قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (كنت بحراء فنوديت، فنظرت عن يميني وشمالي فلم أر شيئا، فنظرت فوق، فإذا هو على عرش بينّ السماء والأرض، يعنى الملك الذى ناداه فرعبت، فرجعت إلى خديجة، فقلت دثروني، فنزل جبريل وقال: (يا أيها المدثر قم) من مضجعك قيام عزم وجد، وعد بالخير المطيعين، وأوعد العاصين بالعذاب، وخص ربك بالتكبير، وهو وصفه بالكبرياء عقدا وقولا.
روى أنه لما نزل كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيقن أنه الوحى، وذلك لأن الشيطان لا يأمر بذلك (وثيابك فطهر) من النجاسات فان التطهير واجب في الصلوات محبوب في غيرها، وذلك بغسلها، أو بحفظها عن النجاسة بتقصيرها مخافة جر الذيول فيها، وهو أول ما أمر به من رفض العادات المذمومة - أو طهر نفسك من الأخلاق الذميمة، والأفعال الدنيئة، فيكون أمراً باستكمال القوة العملية بعد أمره باستكمال القوة النظرية والدعاء إليه - أو فطهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر - أهـ بيضاوى ص 798.
فحافظوا على الطهارة أيها المسلمون، فقد مدح الله عز وجل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحافظة على تطهير ثيابهم وأجسامهم، والعناية بالنقاء من البول، والغسل من الجنابة - قال تعالى:(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) 109 من سورة التوبة - يعنى مسجد قباء أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى فيه أيام مقامه بقباء من الاثنين إلى الجمعة، أو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أبى سعيد رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال: هو مسجدكم هذا مسجد المدينة فطهر رجاله من المعاصى والخصال المذمومة طلباً لمرضاة الله سبحانه وتعالى، وقيل من الجنابة فلا ينامون عليها، والله يرضى عنهم، ويدنيهم من جنابه تعالى إدناء المحب حبيبه - قيل لما نزلت مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قباء، فإذا الأنصار جلوس - فقال عليه الصلاة والسلام: أمؤمنون أنتم؟ فسكتوا، فأعادها، فقال (عمر): إنهم مؤمنون وأنا معهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ترضون بالقضاء؟ قالوا: نعم قال عليه الصلاة والسلام: أتصبرون على البلاء؟ قالوا: نعم، قال: أتشكرون في الرخاء؟ قالوا: نعم فقال صلى الله عليه وسلم: أنت مؤمنون ورب الكعبة، فجلس فقال: يا معشر الأنصار إن الله عز وجل قد أثنى عليكم، فما الذى تصنعون عند الوضوء وعند الغائط؟ فقالوا يا رسول الله: نتبع الغائط الأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء، فتلا:(فيه رجال يحبون أن يتطهروا):
ولا تنس أيها المسلم فضل الوضوء، ونظافة الأعضاء، وغسل الجسم، وحكمة ذلك في قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم (1) إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا (2) وإن كنت مرضى، أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجهكم وأيديكم منه، ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج (3) ولكن يريد ليطهركم (4) وليتم نعمته (5) عليكم لعلكم تشكرون) من سورة المائدة.
_________
(1)
أودتم القيام.
(2)
اغتسلوا.
(3)
يضيق عليكم.
(4)
لينظفكم ويزيل ذنوبكم.
(5)
ليتم بشرعه ما هو مطهرة لأبدانكم مكفرة لذنوبكم.