المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهموالترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ١

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌نبذة في مصطلح الحديث وفن أصوله

- ‌بيان أقسام طرق تحمل الحديث ومجامعها

- ‌الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه

- ‌الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌الإمام الشافعي رضي الله عنه

- ‌الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه

- ‌الإمام البخاري رضي الله عنه

- ‌الإمام مسلم رضي الله عنه

- ‌الإمام أبو داود

- ‌الإمام الترمذي

- ‌الإمام النسائي

- ‌الإمام ابن ماجه

- ‌الإمام الطبراني

- ‌الإمام أبو يعلى

- ‌الإمام البزار

- ‌الإمام النيسابوري

- ‌الإمام ابن خزيمة

- ‌الإمام ابن أبي الدنيا

- ‌الإمام البيهقي

- ‌الإمام الأصبهاني

- ‌الحافظ المنذري

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌تقاريظ الطبعة الثانية

- ‌مصادر الفتح الجديد في الترغيب والترهيب

- ‌الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة

- ‌الترهيب من الرياء وما يقوله من خاف شيئاً منه

- ‌الترغيب في اتباع الكتاب والسنة

- ‌الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء

- ‌الترغيب في البداءة بالخير ليستن بهوالترهيب من البداءة بالشرّ خوف أن يستن به

- ‌كتاب العلم

- ‌الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمهوما جاء في فضل العلماء والمتعلمين

- ‌الترغيب في الرحلة في طلب العلم

- ‌الترغيب في سماع الحديث وتبليغه ونسخهوالترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الترغيب في مجالسة العلماء

- ‌الترغيب في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهموالترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم

- ‌الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى

- ‌الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير

- ‌الترهيب من كتم العلم

- ‌الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه ويقول ولا يفعله

- ‌الترهيب من الدعوى في العلم والقرآن

- ‌الترهيب من المراء والجدال والمخاصمة والمحاججة والقهر والغلبةوالترغيب في تركه للمحق والمبطل

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهموالترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها

- ‌الترهيب من البول في الماء والمغتسل والجحر

- ‌الترهيب من الكلام على الخلاء

- ‌الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره، وعدم الاستبراء منه

- ‌الترهيب من دخول الرجال الحمام بغير أزر ومن دخول النساء بأزر وغيرها إلا نفساء أو مريضة، وما جاء في النهى عن ذلك

- ‌الترهيب من تأخير الغسل لغير عذر

- ‌الترغيب في الوضوء وإسباغه

- ‌الترغيب في المحافظة على الوضوء وتجديده

- ‌الترهيب من ترك التسمية على الوضوء عامدا

- ‌الترغيب في السواك وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في تخليل الأصابع، والترهيب من تركه وترك الإسباغ إذا أخل بشيء من القدر الواجب

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن بعد الوضوء

- ‌الترغيب في ركعتين بعد الوضوء

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الترغيب في الأذان وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في إجابة المؤذن، وبماذا يجيبه؟ وما يقول بعد الأذان

- ‌الترغيب في الإقامة

- ‌الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر

- ‌الترغيب في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌الترغيب في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة إليها

- ‌الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تجميرها

- ‌الترهيب من البصاق في المسجد، وإلى القبلة، ومن إنشاد الضالةفيه، وغير ذلك

- ‌الترغيب في المشى إلى المساجد سيما في الظلم وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها

- ‌الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراثا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة

- ‌ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومهاوترهيبهن من الخروج منها

- ‌الترغيب في الصلوات الخمس والمحافظة عليها والإيمان بوجوبها

- ‌الترغيب في الصلاة مطلقاً، وفضل الركوع والسجود والخشوع

- ‌الترغيب في الصلاة في أول وقتها

- ‌الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعةفوجد الناس قد صلوا

- ‌الترغيب في كثرة الجماعة

- ‌الترغيب في الصلاة في الفلاة

- ‌الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعةوالترهيب من التأخر عنهما

- ‌الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر

- ‌الترغيب في صلاة النافلة في البيوت

- ‌الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة

- ‌الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر

- ‌الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر

- ‌الترغيب في أذكار يقولها بعد الصبح والعصر والمغرب

- ‌الترهيب من فوات العصر بغير عذر

- ‌الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسانوالترهيب منها عند عدمهما

- ‌الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون

- ‌الترغيب في الصف الأول، وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر مخافة إيذاء غيره لو تقدم

- ‌الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج

- ‌الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهن ومن اعوجاج الصفوف

- ‌الترغيب في التأمين خلف الإمام وفى الدعاءوما يقوله في الاعتدال والاستفتاح

- ‌الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود

- ‌الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجودوإقامة الصلب بينهما وما جاء في الخشوع

- ‌الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر

- ‌الترهيب من مسح الحصى وغيره في موضع السجودوالنفخ فيه لغير ضرورة

- ‌الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌الترهيب من المرور بين يدى المصلى

- ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

- ‌كتاب النوافل

- ‌الترغيب في المحافظة على ثنتى عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة

- ‌الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح

- ‌الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها

- ‌الترغيب في الصلاة قبل العصر

- ‌الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء

- ‌الترغيب في الصلاة بعد العشاء

- ‌الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر

- ‌الترغيب في أن ينام الإنسان طاهراً ناوياً للقيام

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوى إلى فراشهوما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل

- ‌الترغيب في قيام الليل

- ‌الترهيب من صلاة الإنسان وقراءته حال النعاس

- ‌الترهيب من نوم الإنسان إلى الصباح وترك قيام شئ من الليل

- ‌الترغيب في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى

- ‌الترغيب في قضاء الإنسان ورده إذا فاته من الليل

- ‌الترغيب في صلاة الضحى

- ‌الترغيب في صلاة التسبيح

- ‌الترغيب في صلاة التوبة

- ‌الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها

- ‌الترغيب في صلاة الاستخارة وما جاء في تركها

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الترغيب في صلاة الجمعة والسعى إليهاوما جاء في فضل يومها وساعتها

- ‌الترغيب في الغسل يوم الجمعة

- ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير من غير عذر

- ‌الترهيب من تخطى الرقاب يوم الجمعة

- ‌الترهيب من الكلام والإمام يخطب، والترغيب في الإنصات

- ‌الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف وما يذكر معهاليلة الجمعة ويوم الجمعة

- ‌كتاب الصدقات

- ‌الترغيب في أداء الزكاة وتأكيد وجوبها

- ‌الترهيب من منع الزكاة، وما جاء في زكاة الحلى

- ‌الترغيب في العمل على الصدقة بالتقوىوالترهيب من التعدي فيها والخيانة، واستحباب ترك العمل لمن لا يثق بنفسهوما جاء في المكاسين والعشارين والعرفاء

- ‌الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى وما جاء في ذم الطمعوالترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب يده

- ‌ترغيب من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزلها بالله تعالى

- ‌الترهيب من أخذ ما دفع من غير طيب نفس المعطي

- ‌ترغيب من جاءه شيء من غير مسألة ولا إشراف نفس في قبولهسيما إن كان محتاجاً، والنهي عن رده وإن كان غنيا عنه

- ‌ترهيب السائل أن يسأل بوجه الله غير الجنةوترهيب المسئول بوجه الله أن يمنع

الفصل: ‌الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهموالترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها

وعن بن عباس رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام قال: إنما الأُمورُ ثلاثة: أمرٌ تبيَّنَ لكَ رُشْدُهُ فاتَّبعه (1)، وأمرٌ تبين لك غيُّه (2) فاجتنبه، وأمرٌ اختلف فيه فردهُ إلى عالم (3). رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به.

‌كتاب الطهارة

‌الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهم

والترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها

1 -

عن أبي هرير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا (4) اللاعنين: قالوا وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى (5) في طُرُقِ الناس، أو في ظِلَّهِمْ. رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.

(قوله) اللاعنين: يريد الأمرين الجالبين اللعن، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم، فلما كانا سبباً لذلك أضيف الفعل إليهما فكأنهما اللَاّعنان.

2 -

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقُوا الملاعن الثلاث: البراز (6) في الموارد (7) وقارعة (8) الطريق، والظِّلِّ. رواه

(1) ظهر الحق فيه.

(2)

ظهر ضلاله.

(3)

يقنعك بدليل من الكتاب، أو السنة، وهنا قطعت جهيزة قول كل خطيب، ولنذكر الأدلة من الكتب قال تعالى:(فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) من سورة الكهف. أي فلا تجادل فى شأن عدد فتية أي فلا تجادل في شأن عدد فتية أهل الكهف إلا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه، وهو أن نقص عليهم ما في القرآن من غير تجهيل لهم، والرد عليهم، وقال تعالى في سورة الزخرف:(وقالوا أآلهتنا خير أم هو؟ ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) قال النصارى آلهتنا عندك خير أم عيسى عليه السلام فان يكن في النار فلتكن آلهتنا معه - أو آلهتنا خير أم محمد عليه السلام فنعبده وندع آلهتنا، ما ضربوا هذا المثل إلا لأجل الجدل والخصومة لا لتمييز الحق من الباطل، إنهم شداد الخصومة حراص على اللجاج، والطعن في الكلام الغير، وإظهار خلل فيه، وتحقير آرائه، وإظهار مزية الكياسة، واللباقة.

(4)

اجتنبوا.

(5)

يقضى حاجته. يأمر النبى صلى الله عليه وسلم ألا يتبول، أو يتغوط في الطريق، أو في أمكنة الراحة.

(6)

اسم للفضاء الواسع وكناية عن ثقل الغذاء وهو الغائط تبرز.

(7)

أمكنة ورود الناس إليها.

(8)

وسطه، وقيل أعلاه، والمراد نفس الطريق.

ص: 133

أبو داود وابن ماجه كلاهما عن أبي سعيد الحميرى عن معاذ، وقال أبو داود هو مرسل؛ يعنى أن أبا سعيد لم يدرك معاذا.

(الملاعن) مواضع اللعن. قال الخطابي: والمراد هنا بالظل هو الظل الذى اتخذه الناس مقيلا ومنزلا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة تحته، فقد قضى النبى صلى الله عليه وسلم حاجته تحت حايش من النخل، وهو لا محالة له ظل انتهى.

الترهيب من التغوط في طرق الناس

3 -

وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا الملاعن الثلاث: قيل: ما الملاعن الثلاث يا رسول الله؟ قال أن يقعد أحدكم في ظلٍ يستظلُّ به، أو في طريقٍ، أو نقع ماءٍ (1) رواه أحمد.

4 -

وعن حذيفة بن أُسيدٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من آذى المسلمين في طُرقهم وجبت عليه لعنتهم (2). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.

5 -

وعن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: قال رجل لأبى هريرة أفتيتنا في كل شيءٍ يُوشِكُ أن تُفتينا في الخراءِ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه سولم يقول: من غسل سخيمته على طريقٍ من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقى وغيرهما، ورواته ثقات إلا محمد بن عمرو الأنصارى.

(قوله) يوشك: بكسر الشين المعجمة وفتحها لغية. معناه يكاد ويسرع، والخراء والسخيمة: الغائط.

6 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والتعريس (3) على جواد الطريق، والصلاة عليها، فإنها مأوى الحيات

(1) ما اجتمع في البئر من الماء، وفي الحديث: نهى ان يمنع نقع البئر، ربما يشرب منه.

(2)

استحق أن يبعد من رحمة الله بدعاء عليه، فاللعن: الطرد والإبعاد من الخير، والاسم اللعنة.

(3)

احذروا النزول في السفر من آخر قصد الليل قصد الاستراحة على الطريق الأعظم التي تجمع الطرق، ولا بد من المرور عليه - قال في النهاية: الجواد، الطرق: واحدها جادة، وهى سواء الطريق ووسطه، وقيل هي الطريق الأعظم التى تجمع الطرق، ولا بد من المرور عليه أهـ.

وكذا ينهاهم صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها أي في أطراف الطريق المجاورة للخراب، والبعيدة عن العمران والنظافة لأنها ملأي بالحشرات أن يتضرر المارون. وما شاء الله، قائد ماهر يحسن القيادة ويحكمها، ينصح أن يستريح أصحابها في مكان بعيد عن مرور الناس، وفي أرض مذللة معبدة نظيفة حتى لا يزعج النائم شئ، فيستيقظ =

ص: 134

والسِّباع، وقضاء الحاجة عليها، فإنها الملاعن. رواه ابن ماجه، ورواته ثقات.

= وهو في غاية الصحة والنشاط، ويطلب من المصلي أيضاً أن يتجنب الأماكن القذرة فلا يصلي فيها، وكذا لا بول، ولا غائط في وسطها حتى يحمد القوى السرى، ويرحلوا في سرور وحبور.

وفي الآيات الواردة الحاثة على الطهارة من الحدث والنقاء من الأوساخ، قوله تعالى:(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) أي يرضى عن الذين رجعوا إلى ربهم، فخلصوا من الذنوب، وبعدوا عن الفحشاء، وتنزهوا عن الفواحش والأقذار، ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم:(يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر) ينادي صلى الله عليه وسلم لابس الدثار كما قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (كنت بحراء فنوديت، فنظرت عن يميني وشمالي فلم أر شيئا، فنظرت فوق، فإذا هو على عرش بينّ السماء والأرض، يعنى الملك الذى ناداه فرعبت، فرجعت إلى خديجة، فقلت دثروني، فنزل جبريل وقال: (يا أيها المدثر قم) من مضجعك قيام عزم وجد، وعد بالخير المطيعين، وأوعد العاصين بالعذاب، وخص ربك بالتكبير، وهو وصفه بالكبرياء عقدا وقولا.

روى أنه لما نزل كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيقن أنه الوحى، وذلك لأن الشيطان لا يأمر بذلك (وثيابك فطهر) من النجاسات فان التطهير واجب في الصلوات محبوب في غيرها، وذلك بغسلها، أو بحفظها عن النجاسة بتقصيرها مخافة جر الذيول فيها، وهو أول ما أمر به من رفض العادات المذمومة - أو طهر نفسك من الأخلاق الذميمة، والأفعال الدنيئة، فيكون أمراً باستكمال القوة العملية بعد أمره باستكمال القوة النظرية والدعاء إليه - أو فطهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر - أهـ بيضاوى ص 798.

فحافظوا على الطهارة أيها المسلمون، فقد مدح الله عز وجل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحافظة على تطهير ثيابهم وأجسامهم، والعناية بالنقاء من البول، والغسل من الجنابة - قال تعالى:(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) 109 من سورة التوبة - يعنى مسجد قباء أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى فيه أيام مقامه بقباء من الاثنين إلى الجمعة، أو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أبى سعيد رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال: هو مسجدكم هذا مسجد المدينة فطهر رجاله من المعاصى والخصال المذمومة طلباً لمرضاة الله سبحانه وتعالى، وقيل من الجنابة فلا ينامون عليها، والله يرضى عنهم، ويدنيهم من جنابه تعالى إدناء المحب حبيبه - قيل لما نزلت مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قباء، فإذا الأنصار جلوس - فقال عليه الصلاة والسلام: أمؤمنون أنتم؟ فسكتوا، فأعادها، فقال (عمر): إنهم مؤمنون وأنا معهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ترضون بالقضاء؟ قالوا: نعم قال عليه الصلاة والسلام: أتصبرون على البلاء؟ قالوا: نعم، قال: أتشكرون في الرخاء؟ قالوا: نعم فقال صلى الله عليه وسلم: أنت مؤمنون ورب الكعبة، فجلس فقال: يا معشر الأنصار إن الله عز وجل قد أثنى عليكم، فما الذى تصنعون عند الوضوء وعند الغائط؟ فقالوا يا رسول الله: نتبع الغائط الأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء، فتلا:(فيه رجال يحبون أن يتطهروا):

ولا تنس أيها المسلم فضل الوضوء، ونظافة الأعضاء، وغسل الجسم، وحكمة ذلك في قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم (1) إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا (2) وإن كنت مرضى، أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجهكم وأيديكم منه، ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج (3) ولكن يريد ليطهركم (4) وليتم نعمته (5) عليكم لعلكم تشكرون) من سورة المائدة.

_________

(1)

أودتم القيام.

(2)

اغتسلوا.

(3)

يضيق عليكم.

(4)

لينظفكم ويزيل ذنوبكم.

(5)

ليتم بشرعه ما هو مطهرة لأبدانكم مكفرة لذنوبكم.

ص: 135