الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه ويقول ولا يفعله
1 -
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إنى أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لايستجاب لها. رواه مسلم والترمذي والنسائي، وهو قطعة من حديث.
2 -
وعن أُسامة بن زيدٍ رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يُجاء (1) بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلقُ أقتَابُهُ (2) فيدورها كما يدور الحمارُ برحاهُ، فتجتمع أهل النار عليه فيقولون: يا فلان ما شأنُكَ، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه. وأنهاكم عن الشر وآتيه. قال وإنى سمعته يقول: يعنى النبى صلى الله عليه وسلم مررت ليلة أسرى بى بأقوام تقرض شفاهُهُم بمقاريض (3) من نار، قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قالك خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، ورواه ابن أبى الدنيا وابن حبان والبيهقى من حديث أنس، وزاد أبى الدنيا والبيهقى في رواية لهما.
ويقرءُون كتاب الله ولا يعملون به.
(قال الحافظ) وسيأتى أحاديث نحوه في باب من أمر بمعروف أو نهى عن منكر وخالف قوله فعله.
3 -
وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الزبانية أسرع إلى فسقة القُرَّاء (4) منهم إلى عبدة الأوثان، فيقولون يُبدأُ بنا قبل عبدة الأوثان؟ فيقال لهم ليس من يعلم كمن لا يعلم. رواه الطبراني وأبو نعيم، وقال غريب من حديث أبى طوالة، تفرّد به العمرى عنه، يعنى: عبد الله بن عمر بن عبد العزيز الزاهد.
(قال الحافظ) رحمه الله: ولهذا الحديث من غرابته شواهد، وهو حديث أبى هريرة: الصحيح: إن أوَّل من يدعو الله يوم القيامة رجلا جمع القرآن ليقال قارئٌ. وفي آخره
(1) يحضر زبانية جهنم العالم غير العامل.
(2)
أمعاؤه تخرج من بطنه؛ ويمر عليها كما يدور الحمار برحاه، ويراه أهل المحشر لفضيحته والاستهزاء به.
(3)
آلات القرض والقطع.
(4)
قراء القرآن غير العاملين به وكذا العلماء.
أُولئك الثلاثة: أولُ خلق الله تُسعَرُ (1) بهم النارُ يوم القيامة. وتقدم لفظ الحديث تمامه في الرياء.
4 -
وروى عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمن (2) بالقرآن من استحل محارمه. رواه الترمذي، وقال هذا حديث غريب ليس إسناده بالقوى.
سؤال العبد في المحشر عن أربعة
5 -
وعن أبي بَرْزَةَ الأسلمى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزُولُ قدما عبدٍ (3) حتى يُسأل عن عُمره فيم أفناه (4)، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه (5) وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه؟ (6). رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، ورواه البيهقى وغيره من حديث معاذ بن جبل عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما تزال قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمره فيما أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه؟.
6 -
وعن ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يزولُ قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس: عن عُمره فيم أفناهُ، وعن شبابه فيم أبلاهُ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وما عمل فيما علم؟. رواه الترمذي أيضاً والبيهقي، وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا من حديث حسين بن قيس.
(قال الحافظ) حسين هذا: هو حنش، وقد وثقه حصين بن نمير، وضعفه غيره، وهذا الحديث حسن في المتابعات إذا أضيف إلى ما قبله، والله أعلم.
7 -
وروى عن الوليد بن عقبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أُناساً من أهل الجنة ينطلقون إلى أُناس من أهل الناس، فيقولون بم دخلتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم، فيقولون: إنا كنا نقول ولا نفعل. رواه الطبراني في الكبير.
8 -
وعن مالك بن دينارٍ عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) توقد وتشعل.
(2)
صدق، نفى صلى الله عليه وسلم الإيمان عن ذلك الفاسق الذى أباح ما حرم الله في القرآن.
(3)
يقف في المحشر.
(4)
في أي شيء أذهبه
(5)
من أي مكان جمعه.
(6)
أذهب قوته.
ما من عبدٍ يخطب خطبة إلَاّ الله عز وجل سائله عنها (1) أظُنُّهُ قال: ما أراد بها. قال جعفر كان مالك بن دينار إذا حدّث بهذا الحديث بكى حتى ينقطع، ثم يقول: تحسبون أن عينى تقرُّ بكلامي عليكم، وأنا أعلم أن الله عز وجل سائلى عنه يوم القيامة ما أردت به؟ (2) رواه ابن أبى الدنيا والبيهقي مرسلاً باسناد جيد.
من لم ينفعه علمه ضره جهله - شرار العلماء
9 -
وعن لقمان يعنى ابن عامر قال: كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: إنما أخشى من ربي يوم القيامة أن يدعونى على رُءوس الخلائق فيقول لى يا عُويمر، فأقول لبيك (3) رب، فيقول ما عملت (4) فيما علمت؟. رواه البيهقي.
10 -
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: تعرضتُ أو تصديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت، فقلت يا رسول الله: أىُّ الناس شرٌّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم (5) غفراً، سل عن الخير، ولا تسأل عن الشر (6) شرار الناس، شرار العلماء في الناس. رواه البزار، وفيه الجليل بن مرة، وهو حديث غريب.
11 -
وروى عن أبي برزة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يُعَلِّمُ الناس الخير وينسى نفسه. مثل الفتيلة (7) تضيء على الناس وتحرق نفسها. رواه البزار.
12 -
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رُب حامل فقه غير فقيه، ومن لم ينفعه علمه ضره جهله، اقرإ القرآن مانهاك (8)، فإن لم ينهك فلست تقرؤهُ. رواه الطبراني في الكبير وفيه شهر بن حوشب.
13 -
وعن جندب بن عبد الله الأزدى رضي الله عنه صاحب النبى صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثلُ الذى يُعَلِّمُ الناس الخير وينسى
(1) هل عمل بجميع ما نصح به عباد الله في خطبته.
(2)
أي شيء قصدت بكلامك يا هذا.
(3)
إجابة بعد إجابة.
(4)
أي شيء عملته بعلمك.
(5)
يا رب استر ذنوبنا، اسأل عن الخير.
(6)
الأذى والضر، أي المجرمون الأشرار، أولئك العلماء الذين اتخذوا آلة نفاق، وشقاق، وإجرام وهم قوالون لا فعالون وعاصون فاسقون.
(7)
الذبالة: التي تغمس في الزيت لتضيء.
(8)
مدة نهيه إياك وأن تستفيد من وعظه.
نفسه كمثل السِّرَاجِ (1) يُضِيءُ للناس ويحرق نفسه، الحديث. رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن إن شاء الله تعالى.
14 -
وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلُّ بُنيانٍ وبال (2) على صاحبه إلا ما كان هكذا، وأشار بكفه، وكل علمٍ وبال (3) على صاحبه إلا من عمل به. رواه الطبراني في الكبير أيضاً، وفيه هانئ بن المتوكل تكلم فيه ابن حبان.
15 -
وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة عالمٌ لم ينفعه علمه. رواه الطبراني في الصغير والبيهقي.
16 -
وروى عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حَيٍّ من قيسٍ أُعلِّمُهُمْ شرائع الإسلام، فإذا قوم كأنهم الإبل الوحشية طامحةً أبصارهم ليس لهم هم إلا شاةٌ أو بعير، فانصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمار ما عملت؟ فقصصت عليه قصة القوم وأخبرته بما فيهم من السَّهْوَةِ (4)، فقال يا عمار ألا أُخبرك بأعجب منهم قومٌ علموا ما جهل أُولئك، ثم سهوا (5) كسهوهم رواه البزار والطبراني في الكبير.
17 -
وعن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى لا أتخوف على أُمتى مؤمنا ولا مشركا: فأما المؤمن فيحجزه (6) إيمانه، وأما المشرك فيقمعه (7) كفره، ولكن أتخوف عليكم مُنافقا عالم اللسان، يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون. رواه الطبراني في الصغير والأوسط من راوية الحارث وهو الأعور وقد وثقه ابن حبان وغيره.
18 -
وعن عمران بن حُصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف عليكم بعدى كل منافق (8) عليم اللسان. رواه الطبراني
(1) المصباح.
(2)
شر: يريد النبي صلى الله عليه وسلم أنك تعمل على قدر الحاجة، فالزائد تسأل عن شكر هذه النعمة، فالقصور، وكثرة المال فتنة إن لم يقم صاحبها بواجب الإنفاق، والصدقات؛ ومساعدة مشروعات الخير.
(3)
ضر: يسأل الله عنه.
(4)
التقصير والغفلة.
(5)
نسوا وبعدوا عن الصالحات.
(6)
يمنعه الإيمان بالله عن الوقوع في المعاصى خشية من الله.
(7)
يزجره بضم الجيم وفتحها.
(8)
مذبذب: ومراء، وخداع، وكذاب استعمل العلم في النفاق، وكسب الحرام.
في الكبير والبزار، ورواته محتج بهم في الصحيح، ورواه أحمد من حديث عمر بن الخطاب.
19 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل لا يكون مؤمنا حتى يكون قلبه مع لسانه سواءً، ويكون لسانه مع قلبه سواءً ولايخالف قوله عمله، ويأمن جاره بوائقه (1) رواه الأصبهاني باسناد فيه نظر.
ذم من علم ولم يعمل، والمؤمن وناسى العلم ونتن ريحه
20 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إنى لأحسب الرجل ينسى العلم كما تعلمه للخطيئة يعملها (2). رواه الطبراني موقوفاً من رواية القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله عن جده عبد الله ولم يسمع منه، ورواته ثقات.
21 -
وعن منصور بن زادان قال: نُبئتُ (3) أن بعض من يُلقى في النار تتأذى أهل النار بريحه، فيقال له ويلك (4) ما كنت تعمل (5) ما يكفينا ما نحن فيه (6) من الشر حتى ابتُلينا بك، وبِنَتْن (7)
ريحك؟ فيقول كنت عالما فلم أنتفع بعلمى. رواه أحمد والبيهقي.
(1) ظلمه، وغشمه، ومصائبه ومكره.
(2)
أثناء فعل الخطيئة سحب الله منه نور العلم كما قال صلى الله عليه وسلم (لايزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن).
(3)
أخبرت.
(4)
عذاب لك وواد في جهنم للغر.
(5)
أي شئ تعمل.
(6)
أي الا يكفينا الذي نحن فيه أيها المغفل الذى لم يعمل بعمله.
(7)
شدة الرائحة الكريهة القذرة.
فالحذر أيها المسلمون من القول بلا عمل، فالله رقيب، وعذابه مهين لمن ينصح الناس، وهو في حاجة إلى ناصح، قال الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره
…
هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا
…
كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
…
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى
…
بالعلم منك وينفع التعليم
وهل يوجد عذاب أفضح، وأشنع يوم القيام على ملأ من الناس من خروج الأمعاء الدقاق والغلاظ ككومة يدور حولها ذلك العالم الثرثار القوال لا الفعال، ويدور بها دوران الحمار بالطاحون ويبكته أصحابه في الدنيا، فينطقه الله بذنبه توبيخاً له، ولا ينفع الندم، قال تعالى في سورة الصف:(يأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) وقال تعالى تقريرا مع توبيخ غير العاملين (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) من سورة البقرة. والبر: التوسع في الخير، ولذا قيل: البر ثلاثة: بر في عبادة الله تعالى، وبر في مراعاة الأقارب، وبر في معاملة الأجانب.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في أحبار المدينة كانوا يأمرون سرا من نصحوه باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يتبعونه، وقيل كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدقون: وحكى الله تعالى عن سيدنا شعيب عليه السلام في سورة هو (وما أريد أن أخالقكم إلا ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت).