المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ١

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌نبذة في مصطلح الحديث وفن أصوله

- ‌بيان أقسام طرق تحمل الحديث ومجامعها

- ‌الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه

- ‌الإمام مالك رضي الله عنه

- ‌الإمام الشافعي رضي الله عنه

- ‌الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه

- ‌الإمام البخاري رضي الله عنه

- ‌الإمام مسلم رضي الله عنه

- ‌الإمام أبو داود

- ‌الإمام الترمذي

- ‌الإمام النسائي

- ‌الإمام ابن ماجه

- ‌الإمام الطبراني

- ‌الإمام أبو يعلى

- ‌الإمام البزار

- ‌الإمام النيسابوري

- ‌الإمام ابن خزيمة

- ‌الإمام ابن أبي الدنيا

- ‌الإمام البيهقي

- ‌الإمام الأصبهاني

- ‌الحافظ المنذري

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌تقاريظ الطبعة الثانية

- ‌مصادر الفتح الجديد في الترغيب والترهيب

- ‌الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة

- ‌الترهيب من الرياء وما يقوله من خاف شيئاً منه

- ‌الترغيب في اتباع الكتاب والسنة

- ‌الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء

- ‌الترغيب في البداءة بالخير ليستن بهوالترهيب من البداءة بالشرّ خوف أن يستن به

- ‌كتاب العلم

- ‌الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمهوما جاء في فضل العلماء والمتعلمين

- ‌الترغيب في الرحلة في طلب العلم

- ‌الترغيب في سماع الحديث وتبليغه ونسخهوالترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الترغيب في مجالسة العلماء

- ‌الترغيب في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهموالترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم

- ‌الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى

- ‌الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير

- ‌الترهيب من كتم العلم

- ‌الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه ويقول ولا يفعله

- ‌الترهيب من الدعوى في العلم والقرآن

- ‌الترهيب من المراء والجدال والمخاصمة والمحاججة والقهر والغلبةوالترغيب في تركه للمحق والمبطل

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الترهيب من التخلي على طرق الناس أو ظلهم أو مواردهموالترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها

- ‌الترهيب من البول في الماء والمغتسل والجحر

- ‌الترهيب من الكلام على الخلاء

- ‌الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره، وعدم الاستبراء منه

- ‌الترهيب من دخول الرجال الحمام بغير أزر ومن دخول النساء بأزر وغيرها إلا نفساء أو مريضة، وما جاء في النهى عن ذلك

- ‌الترهيب من تأخير الغسل لغير عذر

- ‌الترغيب في الوضوء وإسباغه

- ‌الترغيب في المحافظة على الوضوء وتجديده

- ‌الترهيب من ترك التسمية على الوضوء عامدا

- ‌الترغيب في السواك وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في تخليل الأصابع، والترهيب من تركه وترك الإسباغ إذا أخل بشيء من القدر الواجب

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن بعد الوضوء

- ‌الترغيب في ركعتين بعد الوضوء

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الترغيب في الأذان وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في إجابة المؤذن، وبماذا يجيبه؟ وما يقول بعد الأذان

- ‌الترغيب في الإقامة

- ‌الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر

- ‌الترغيب في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌الترغيب في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة إليها

- ‌الترغيب في تنظيف المساجد وتطهيرها وما جاء في تجميرها

- ‌الترهيب من البصاق في المسجد، وإلى القبلة، ومن إنشاد الضالةفيه، وغير ذلك

- ‌الترغيب في المشى إلى المساجد سيما في الظلم وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها

- ‌الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلا أو ثوما أو كراثا أو فجلا ونحو ذلك مما له رائحة كريهة

- ‌ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن ولزومهاوترهيبهن من الخروج منها

- ‌الترغيب في الصلوات الخمس والمحافظة عليها والإيمان بوجوبها

- ‌الترغيب في الصلاة مطلقاً، وفضل الركوع والسجود والخشوع

- ‌الترغيب في الصلاة في أول وقتها

- ‌الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعةفوجد الناس قد صلوا

- ‌الترغيب في كثرة الجماعة

- ‌الترغيب في الصلاة في الفلاة

- ‌الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعةوالترهيب من التأخر عنهما

- ‌الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر

- ‌الترغيب في صلاة النافلة في البيوت

- ‌الترغيب في انتظار الصلاة بعد الصلاة

- ‌الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر

- ‌الترغيب في جلوس المرء في مصلاه بعد صلاة الصبح وصلاة العصر

- ‌الترغيب في أذكار يقولها بعد الصبح والعصر والمغرب

- ‌الترهيب من فوات العصر بغير عذر

- ‌الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسانوالترهيب منها عند عدمهما

- ‌الترهيب من إمامة الرجل القوم وهم له كارهون

- ‌الترغيب في الصف الأول، وما جاء في تسوية الصفوف والتراص فيها وفضل ميامنها ومن صلى في الصف المؤخر مخافة إيذاء غيره لو تقدم

- ‌الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج

- ‌الترهيب من تأخر الرجال إلى أواخر صفوفهم وتقدم النساء إلى أوائل صفوفهن ومن اعوجاج الصفوف

- ‌الترغيب في التأمين خلف الإمام وفى الدعاءوما يقوله في الاعتدال والاستفتاح

- ‌الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود

- ‌الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجودوإقامة الصلب بينهما وما جاء في الخشوع

- ‌الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر

- ‌الترهيب من مسح الحصى وغيره في موضع السجودوالنفخ فيه لغير ضرورة

- ‌الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌الترهيب من المرور بين يدى المصلى

- ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

- ‌كتاب النوافل

- ‌الترغيب في المحافظة على ثنتى عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة

- ‌الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح

- ‌الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها

- ‌الترغيب في الصلاة قبل العصر

- ‌الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء

- ‌الترغيب في الصلاة بعد العشاء

- ‌الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر

- ‌الترغيب في أن ينام الإنسان طاهراً ناوياً للقيام

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوى إلى فراشهوما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل

- ‌الترغيب في قيام الليل

- ‌الترهيب من صلاة الإنسان وقراءته حال النعاس

- ‌الترهيب من نوم الإنسان إلى الصباح وترك قيام شئ من الليل

- ‌الترغيب في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى

- ‌الترغيب في قضاء الإنسان ورده إذا فاته من الليل

- ‌الترغيب في صلاة الضحى

- ‌الترغيب في صلاة التسبيح

- ‌الترغيب في صلاة التوبة

- ‌الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها

- ‌الترغيب في صلاة الاستخارة وما جاء في تركها

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الترغيب في صلاة الجمعة والسعى إليهاوما جاء في فضل يومها وساعتها

- ‌الترغيب في الغسل يوم الجمعة

- ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير من غير عذر

- ‌الترهيب من تخطى الرقاب يوم الجمعة

- ‌الترهيب من الكلام والإمام يخطب، والترغيب في الإنصات

- ‌الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف وما يذكر معهاليلة الجمعة ويوم الجمعة

- ‌كتاب الصدقات

- ‌الترغيب في أداء الزكاة وتأكيد وجوبها

- ‌الترهيب من منع الزكاة، وما جاء في زكاة الحلى

- ‌الترغيب في العمل على الصدقة بالتقوىوالترهيب من التعدي فيها والخيانة، واستحباب ترك العمل لمن لا يثق بنفسهوما جاء في المكاسين والعشارين والعرفاء

- ‌الترهيب من المسألة وتحريمها مع الغنى وما جاء في ذم الطمعوالترغيب في التعفف والقناعة والأكل من كسب يده

- ‌ترغيب من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزلها بالله تعالى

- ‌الترهيب من أخذ ما دفع من غير طيب نفس المعطي

- ‌ترغيب من جاءه شيء من غير مسألة ولا إشراف نفس في قبولهسيما إن كان محتاجاً، والنهي عن رده وإن كان غنيا عنه

- ‌ترهيب السائل أن يسأل بوجه الله غير الجنةوترهيب المسئول بوجه الله أن يمنع

الفصل: ‌الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر

‌الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر

1 -

عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى البردين دخل الجنة. رواه البخاري ومسلم.

(البردان): هما الصبح والعصر.

2 -

وعن أبي زهيرة عمارة بن روينة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، يعنى الفجر والعصر. رواه مسلم.

3 -

وعن أبي مالك الأشجعى عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله وحسابه على الله. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورواته رواة الصحيح إلا الهيثم بن يمان، وتكلم فيه، فللحديث شواهد.

= إذا ما لقيت الله عنى راضيا

فإن شفاء النفس فيما هنالك

فحسبى بقاء الله من كل ميت

وحسبى حياة الله من كل هالك

وقد ذاق هذا الموت من كان قبلنا

ونحن نذوق الموت من بعد ذلك

فإن مت فاذكرنى بذكر محبب

فقد كان جما في رضاك مسالكى

وإلا ففى دبر الصلاة بدعوة

يلقى بها المسجون في نار مالك

عليك سلام حيا وميتاً

ومن بعد ما تحيا عتيقاً لمالك

ثم دخل عليه أبو المنذر يعلى بن مخلد المجاشعى، وقال: كيف ترى مابك يا حجاج من غمرات الموت وسكراته؟ فقال: يا يعلى، غما شديداً وجهداً جهيداً وألما مضيضاً، ونزعا جريضاً؛ وسفراً طويلا وزاداً قليلا، فويلى ويلى إن لم يرحمنى الجبار، فقال له يا حجاج: إنما يرحم الله من عباده الرحماء الكرماء أولى الرحمة والرأفة والتحنن والتعطف على عباده وخلقه. أشهد أنك قرين فرعون وهامان لسوء سيرتك، وترك ملتك، وتنكبك عن قصد الحق وسنن المحجة وآثار الصالحين، قتلت صالحى الناس فأفنيتهم، وأبرت عثرة التابعين فتبرتهم، وأطعت المخلوق في معصية الخاق، وهرقت الدماء، وضربت الأبشار، وهتكت الأستار، وسست سياسة متكبر جبار. لا الدين أبقيت، ولا الدنيا أدركت، أعززت بنى مروان، وأذللت نفسك، وعمرت دورهم، وأخربت دارك، فاليوم لا ينجونك ولا يغيثونك، إذا لم يكن لك في هذا اليوم ولا لما بعده نظر، لقد كنت لهذه الأمة اهتماما واغتماما وعناء وبلا، فالحمد لله الذى أراحها بموتك، وأعطاها مناها بخزيك (قال) فكأنما قطع لسانه عنه، فلم يحر جوابا، وتنفس الصعداء، وخنقته العبرة، ثم رفع رأسه، فنظر إليه، وأنشأ يقول:

رب إن العباد قد أيأسونى

ورجائى لك الغداة عظيم

أهـ ص 174 أمالى النوادر. اللهم قنا عذابك، ونجنا من الهول، ووفقنا للعبادة إنك المستعان، واجعلنا من المعتبرين أولى الأبصار الموحدين الأبرار يارب.

ص: 290

(أبو مالك): هو سعد بن طارق.

4 -

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشئٍ، فإنه من يطلبه من ذمته بشئٍ يدركه، ثم يكُبُهُ على وجهه في نار جهنم (1). رواه مسلم وغيره.

5 -

وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة (2) فأُصيبت ذمته، فقد أصتبيح حمى الله (3) وأُخفرت (4) ذمته وأنا طالب بذمته (5). رواه أبو يعلى.

6 -

وعن أبي بصرة الغفارى رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص، وقال: إن هذه الصلاة عُرضت على من كان قبلكم (6) فضيعوها، ومن حافظ عليها كان له أجره مرتين، الحديث. رواه مسلم والنسائي.

(المخمص) بضم الميم، وفتح الخاء المعجمة والميم جميعاً، وقيل: بفتح الميم وسكون الخاء وكسر الميم بعدها، وفي آخره صاد مهملة: اسم طريق.

(1) يرميه في النار، معناه والله أعلم أن الذى أدى صلاة الصبح في أول وقته جماعة، فهو في أمان الله وعهده ورعايته وحفظه وصيانته، والله تعالى القوى المعتمد. ويريد النبى صلى الله عليه وسلم أن لا يقصر أي مسلم في تأدية هذا الفرض خشية أن يقع تارك صلاته تحت عقاب الله، ويكون مطالباً بالوفاء والأداء، والله إن شاء أخذه أخذ عزيز مقتدر، وأخرجه من كنف رحمته، وسياج رأفته، ورماه في جهنم على وجهه منكساً مدحوراً.

(2)

الصبح، فأصاب في عمله، ووفى عهده بينه وبين ربه، وأتبع الرشاد، وسلك الصواب وأصبح في حمى الله ورعايته، ومشى في أمانه، ورعى أوامره، بمعنى أن ما نهى الله عنه من ترك الصلاة صار في إباحة ومنع عنه الحذر، رضي الله عنه، وحمى الله مباح له الآن، وقد فسر صلى الله عليه وسلم بقوله:(ألا إن حمى الله محارمه).

الله أكبر: أباح الله له طيبات الرزق يسرح ويمرح في حلال، وقد قال صلى الله عليه وسلم (لا حمى إلا لله ولرسوله) قال في النهاية: كان الشريف في الجاهلية إذا نزل بأرض في حيه استعوى كلباً فحمى مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه، فنهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأضاف الحمى إلى الله ورسوله أي ما يحمى للخيل التى ترصد للجهاد أهـ.

(3)

أمانه ورضاه.

(4)

تم وفاؤه وانتهى عهده مع الله وأدى أمانته ومنه الخفير: الحامى الكفيل.

(5)

وأنا أسأله أداء الأمانة: أي النبى صلى الله عليه وسلم بريد الوفاء بما عاهد الله عليه من أداء صلاة الصبح وإلا فقد خان ونكث ونقض.

(6)

من الأمم السابقة، ولهم صلاة بنظام مخصوص غير صلاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تفضل تعالى فخفف أداءها، وقلل عددها وضاعف أجرها إكراما لحبيبه صلى الله عليه وسلم. شكراً لك يارب قبلت سيدنا ومولانا، وفرضت خمس صلوات في كل يوم وليلة ولكن في الثواب خمسون الحسنة بعشر أمثالها.

ص: 291

المحافظة على الصبح والعصر

7 -

وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح في جماعةٍ فهو فى ذمة الله، فمن أخفر ذمة الله كبه الله في النار لوجهه. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير واللفظ له، ورجال إسناده رجال الصحيح.

8 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم: قال من صلى الصبح فهو في ذمة الله تبارك وتعالى، فلا تخفروا (1) الله تبارك وتعالى في ذمته، فإنه من أخفر ذمته طلبه الله تبارك وتعالى حتى يُكبه (2) على وجهه. رواه أحمد والبزار، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه.

(وفى أول قصة) وهو: أن الحجاج (3) أمر سالم بن عبد الله (4) بقتل رجل، فقال له سالم: أصليت الصبح؟ فقال الرجل نعم فقال له انطلق، فقال له الحجاج: ما منعك من قتله؟ فقال سالم: حدثنى أبى أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الصبح كان في جوار الله يومه: فكرهت أن أقتل رجلاً أجاره الله، فقال الحجاج لابن عمر: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابن عمر: نعم.

(قال الحافظ) وفى الأولى: ابن لهيعة، وفي الثانية: يحيى بن عبد الحميد الحمانى.

(1) فلا تنقضوا عهد الله في أمانة الذى واثقكم به، إذ جمع الذرارى في عالم الأرواح وقال تعالى (ألست بربك؟ قالوا بلى. شهدنا) أخفره: نقض عهده وغدر: الاسم الخفرة: أي الذمة، والخفير: المجير خفر الرجل: أجاره، وتخفر بفلان استجار به وسأله أن يكون له خفيراً ص 182 مختار الصحاح.

(2)

يصرعه ويرميه بقسوة، وكبكبه: أي كبه، والفعل اللازم أكب هو على وجهه فانكب. قال تعالى (فكبكبوا فيها).

(3)

والى العراق وقد كتبنا لك أيها القارئ حالة الحجاج عند احتضاره لتنهض بنفسك في إبان قوتك بأن تصلى وتعمل صالحا.

(4)

سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. موظف تحت إمرة الحجاج فجئ إليه بمتهم استحق القتل في نظر الوالى الحاكم المنفذ أوامر الدولة؛ ولكن نور الله تعالى سطع على جبين هذا المتهم ظلما وعدوانا. فأدركه ذلك العالم التقى ابن الورع سلالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسأله: أصليت الصبح؟ سؤال بديع خارج عن تنفيذ القانون، ولكن أخذ منه حفيد عمر الاستقامة في ذلك الرجل وإنكار الإجرام لماذا؟ لأنه فقهه أبوه وأفهمه الحكمة فوعى، واسترشد بهداية الله وقد أقنع الحاكم الراعى بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكانت فراسة صائبة ونظرة حكيمة وتؤدة، وخوف من الله في تنفيذ حدوده، ولعلك يا أخى تفهم إذا: السر في قوله صلى الله عليه وسلم: (من أوى إلى الله أواه) ولا تظنن أن صلاة الصبح مع ارتكاب الجرائم والإصرار على الأذى يمنعك من عقاب الله وعقاب أولى الأمر. بل إن صلاة الصبح مدعاة للتوبة. والإقلاع عن المعاصى، وبذا تعمك رحمة الله، ويشرق قلبك في شموس هدى الله وعونه وحفظه فهل تعاهدنى على صلاة الفجر مع العمل الصالح؟ لتأمن من الزلل دنيا وأخرى وفقنا الله تعالى.

ص: 292

9 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتعاقبون (1) فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر، وصلاة العصر، ثم يعرج (2)

الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم - وهم أعلم بهم - كيف ترتكم عبادى؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون. وأتيانهم وهو يصلون. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه في إحدى رواياته قال:

(1) قال النوى: فيه دليل لمن قاله من النحويين يجوز إظهار ضمير الجمع، والتثنية في الفعل إذا تقدم وهى لغة بنى الحارث، وحكموا فيه أكلونى البراغيث، وعليه حمل الأخفش، ومن وافقه قول الله تعالى:(وأسروا النجوى الذين ظلموا) وقال سيبويه: وأكثر النحويين لا يجوز إظهار الضمير مع تقدم الفعل، ويتأولون كل هذا، ويجعلون الأسم بدلا من الضمير ولا يرفعونه كأنه لما قيل: وأسروا النجوى. قيل: من هم؟ قيل: الذين ظلموا، وكذا يتعاقبون، ونظائره، وأما اجتماعهم: تأتى طائفة من بعد طائفة ومنه تعقب الجيوش، وهو أن يذهب إلى ثغر قوم ويجئ آخرون، وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين وتكرمة لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عبادتهم، واجتماعهم على طاعة ربهم، فيكون شهادة لهم بما شاهدوه من الخير، وسؤاله تعالى تعبد منه لملائكه كما أمرهم بكتب الأعمال، وهو أعلم بالجميع. أهـ ص 133 جـ 5.

قال القاضى عياض رحمه الله: وقول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكتاب، قال: وقيل يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة، أهـ.

(2)

يصعد إلى السموات نظام شرطة يحافظون على تبليغ أعمال العباد، فتتسلم طائفة من الملائكة العبد في إبان الفجر، وترافقه أنى شاء، فيكتب أهل اليمين حسناته، وأهل الشمال سيئاته وتنتهى نوبة مراقبتهم في إبان وقت العصر، وهكذا دواليك. والله تعالى الملك الرقيب السميع البصير يسأله تشريفاً للصالح، وتبكيتاً للفاسق، فياسعادة من وصل خيره بأداء حق مولاه عسى أن ينال المغفرة، ودعوات الملائكة الصالحات.

فقه الباب

إن دخول الجنة بسبب المحافظة على صلاة الصبح والعصر، وذلك العمل حصن حصين يقيك النار. هذا إلى استظلال المصلى. برضوان الله وأمانه، وإن تارك صلاة الصبح بعيد من رحمة الله، وكاد يكب في جهنم. وصلاة الصبح تبرئ ذمة من أداها وتبيح له حمى الله يرتع في خيراته (وأخفرت ذمته) أي وقت، ونهى صلى الله عليه وسلم عن تأخيرها حتى تطلع الشمس (فلا تخفروا الله) أي لاتنقضوا عهده. وفيه حادثه سالم بن عبد الله الذى نجى مصلى الصبح من القتل ووافقه الحجاج. هذا إلى توريد صحائف المصلى مملوءة حسنات إلى بارئها جل وعلا لتدخر كنزاً له يوم العرض والحساب. ولعلك عرفت سر عمران الدنيا ببنى آدم، وأن الله جل وعلا أعطاه الحول والطول فيها، واصطفى جملة منهم يعبدون الله جل وعلا ويباهى ملائكته ويسألهم سؤال عظمة وإجلال وسؤال إحاطة وشمول وحكمة (كيف تركتم عبادى) فالمؤمن من حافظ على الصلوات ليذكر اسمه في الملأ الأعلى عصراً وفجراً. قال تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) 338 من سورة البقرة. أي داوموا عليها، وأدوها في وقتها. قال صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (شغلونا عن الصلاة الوسطى =

ص: 293