الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في صلاة الجماعة وما جاء فيمن خرج يريد الجماعة
فوجد الناس قد صلوا
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعةٍ تضعف (1) على صلاته في بيته، وفي سوقه (2)، خمساً وعشرين
= الإنسان في قبره، وتطرد عنه الوحشة، وحسبك أنها العهد الذى يقيك سوءا، قال المعمرى: أخبرنى إسحق قال: رأيت أنا العتاية واقفاً طرف المقابر، وهو ينشد:
ننافس في الدنيا ونحن نعيبها
…
وقد حذرتناها لعمرى خطوبها
وما نحسب الأيام تنقص مدة
…
بلى إنها فينا سريع دبيبها
كأنى برهطى يحملون جنازتى
…
إلى حفرة يحثى عليها كثيبها
فكم ثم من مسترجع متوجع
…
ونائحة يعلو على نحيبها
وباكية تبكى على وإننى
…
لفي غفلة عن صوتها ما أجيبها
أيا هاذم اللذات ما منك مهرب
…
تحاذر نفسى منك ما سيصيبها
ص 70 نوادر الأمالى. هذا شاعر في الدولة العباسية منذ مئات السنين عرف أن الدنيا فانية، وعمادها صالح الأعمال.
الراكعون الساجدون صفتان للمؤمنين الذين ضمن الله لهم الجنة في قوله تعالى.
أ - (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهد من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم. التائبون العابدون الحامدون السائحون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) 114 من سورة التوبة. التائبون من أهل الجنة، وإن لم يجاهدوا والذين عبدوا الله مخلصين له الدين، والشاكرون لنعمائه، والمثنون على الله في السراء والضراء والصائمون لقوله صلى الله عليه وسلم:(سياحة أمتى الصوم أو المجاهدون أو طالبو العلم) والناصحون: الراعون إلى الإيمان والطاعة والمنفرون من القبائح والمتبعون الحقائق والشرائع.
ب - قال الله تعالى: (وأقم الصلاة لذكرى) وقال تعالى:
جـ - (ولا تكن من الغافلين) وقال تعالى.
د - (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون). وقال صلى الله عليه وسلم للذى أوصاه: (وإذا صليت فصل صلاة مودع) أي مودع لنفسه مودع لهواء مودع إلى عمره، سائر إلى مولاه كما قال الله عز وجل:
هـ (واتقوا الله ويعلمكم الله) وقال تعالى:
و- (واتقوا الله واعلمو أنكم ملاقوه). وقال صلى الله عليه وسلم: (من لم تنه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً) والصلاة مناجاة، فكيف تكون مع الغفلة، وقال تعالى:
ز - (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) 277 من سورة البقرة. قدم الله العمل الصالح، ثم خص إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة لأنهما مقدمتا القبول وركناه - هذا عهد الله لا يخافون من آت، ولا يحزنون على فائت، اللهم اجعلنا منهم تكرما.
(1)
تزيد مراراً.
(2)
محل البيع والشراء.
ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يُخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوةً إلا رفعت له بها درجة (1)، وحط عنه بها خطيئةٌ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى (2) عليه ما دام في مصلاة ما لم يُحدِثْ (3): اللهم صَلِّ (4) عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر (5) الصلاة. رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
2 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ (6) بسبعٍ وعشرين درجة. رواه مالك والبخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي.
3 -
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: من سرَّهُ أن يلقى الله غداً (7) مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى (8) بهن، فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى (9) وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف في بيته، لتركتم سُنةَ نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم (10)، وما من رجلٍ يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه، بها درجة، ويحط عنه
(1) منزله، زاده رفعة وكمالا، وأزال عنه سيئة تفضلا وتكرما. قال النووي يختلف ذلك باختلاف أحوال المصلين والصلاة، فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون بحسب كمال الصلاة، ومحافظته على هيئاتها وخشوعها، وكثرة جماعتها، وفضلهم، وشرف البقعة. والمختار أن الجماعة فرض كفاية، وقيل سنة أهـ ص 151 جـ 5.
(2)
تدعو له مدة وجوده في مكان صلاته متطهرا.
(3)
ينتقض وضوؤه.
(4)
أي ترحم وبارك، ومعنى اللهم صلى على محمد: أي عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته - وقيل: المعنى لما أمرنا الله سبحانه وتعالى بالصلاة عليه، ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله، وقلنا: اللهم صل أنت على محمد لأنك أعلم بما يليق به أهـ نهاية. ص 273.
(5)
مدة انتظاره للصلاة.
(6)
الفرد: معناه ركعة جماعة تزيد في ثواب أدائها عند الله بسبع وعشرين حسنة عن ركعة بلا جماعة، فمن أراد زيادة الحسنات ومضاعفة الأجور في الركعات فعليه بالجماعات، وحذار أن يصلى وحده خشية أن يقل ثواب صلاته، ويتأخر عن كسب المحامد والفضائل.
(7)
يوم القيامة، وعبر بغدا لأنه في المستقبل، ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وليسرع المسلم بالتوبة، والطاعة والعمل الصالح لأنه قريب من الموت. * والموت أدنى من شراك نعله *
(8)
يؤذن لهن، ويحين الوقت.
(9)
طرائق الهدى والصواب.
(10)
لحدتم عن الجادة ولملتم عن الصواب.
بها سيئةً، ولقد رأيتنا، وما يتخلف عنها (1) إلا مُنافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يُهادى (2) بين الرجلين يُقام في الصف.
وفي رواية: لقد رأيتنا، وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد عُلم نفاقه (3)
أو مريضٌ، إن كان الرجل ليمشى بين رجلين حتى يأتى الصلاة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سُنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذى يُؤذن فيه. رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
(قوله يهادى بين الرجلين): يعنى يرفد من جانبه ويؤخذ بعضده يمشى به إلى المسجد.
4 -
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحده بضع وعشرون درجةً.
وفي رواية: كُلها مثل صلاته في بيته. رواه أحمد بإسناد حسن، وأبو يعلى والبزار والطبراني، وابن خزيمة في صحيحه بنحوه.
(1) في نسخة: عن الصلاة، والمنافق: الكذاب المذبذب الذى لا يخشى الله ولا يرعى الحق، وليس له ضمير يحاسبه أو يؤنبه، ولا يزجر نفسه عن غيرها، ويتقى ضرر الناس، ولا يتقى عقاب الله، وهو المرائى المحتال النصاب.
(2)
من شدة ضعفه يتساند على اثنين ويتحمل تعب الذهاب إلى المسجد حباً في ثواب الله.
(3)
خروجه عن الشريعة من باب ودخوله فيها من باب، وعلى ذلك قوله تعالى:(إن المنافقين هم الفاسقون) والنفق: الطريق النافذ، والسرب في الأرض النافذ فيه، ومنه النفاق، وقد جعل الله المنافقين شرا من الكافرين فقال تعالى:(إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً، إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً) 147 من سورة النساء. لعلك فهمت يا أخى أن ترك الصلاة نفاق مع الله الذى لا تخفى عليه خافية، لأن المجرم الفاسق يحمد الله على نعمائه، ويشكره على رخائه، ويتحدث بخيرات الله عليه، ولكنه عاص لا يؤدى ما أمره الله.
اقرأ سيرة ساداتنا الأنبياء والمرسلين، والأولياء الصالحين تعرف مقدار تقربهم إلى ربهم بالطاعة، والصلاة عنوانها، وقارن بين أبناء هذا العصر سنة 1352 هـ تجد قوما مسلمين ولا يصلون، وأخشى أن أولئك قد يصدق عليهم قوله تعالى:(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) أي عقب الصالحين وجاء بعد المتقين عقب سوء تركوا الصلاة، أو أخروها عن وقتها ومالوا إلى الشهوات ولبوا داعى الشيطان فشربوا الخمر وهتكوا العروض وفعلوا القبائح وانهمكوا في المعاصى وحرموا من ضمان الله، وأوعدهم ربهم شرا وأتعدهم ضررا:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره
…
ومن يغو لا يعدم على الغى لائما
والآية تشمل الكفرة وغيرهم، ولكن الله تعالى استثنى (إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً، جنات عدن التى وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا) 61 من سورة مريم.
الترغيب في صلاة الجماعة وأعمال ترفع الدرجات الخ
5 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تبارك وتعالى ليعجب (1) من الصلاة في الجمع. رواه أحمد بإسناد حسن، وكذلك رواه الطبراني من حديث ابن عمر بإسناد حسن.
6 -
وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاةٍ مكتوبةٍ فصلاها مع الإمام غفر له ذنبه. رواه ابن خزيمة في صحيحه.
7 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتانى الليلة آتٍ من ربى.
وفي روايةٍ: رأيت ربى (2) في أحسن صورةٍ، فقال لى: يا محمد. قلت: لبيك (3) رب وسعديك. قال: هل تدرى (4) فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أعلم، فوضع يده بين كتفى حتى وجدت بردها بين ثديي، أو قال: في نحرى، فعلمت ما في السموات وما في الأرض، أو قال: ما بين المشرق والمغرب. قال: يا محمد أتدرى فيم يختصم الملأُ الأعلى؟ قلت: نعم. في الدرجات، والكفارات، ونقل الأقدام إلى الجماعات. وإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة، بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخيرٍ ومات بخيرٍ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه. قال: يا محمد! قلت: لبيك وسعديك، فقال: إذا صليت قل أللهم إنى أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنةً (5) فاقبضنى إليك غير مفتون. قال: والدرجات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.
(1) يرضى وثيب ويعظم ذلك عنده.
(2)
قال علماء التوحيد: تجوز رؤية الله تعالى في المنام، وقد رآه جل جلاله الصالحون، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وغيره، ويراه تعالى بصورة لا تحد، ولا تكيف ولا تحصر ولا تقيد .. من (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير).
(3)
إجابة بعد إجابة، وإسعادا بعد إسعاد.
(4)
هل تعلم منافسة المقربين الأبرار أيهم يسبق بكتابة أفعال الخير المذكورة في الحديث؟.
(5)
بلاء ومحنة واختبار العباد بكثرة النعيم والترف وزهرة الدنيا، والغفلة عن الله، والميل إلى الدنايا.
(الملأ الأعلى): هم الملائكة المقربون.
(والسبرات): بفتح السين المهملة، وسكون الباء الموحدة، جمع سبرة، وهى شدة البرد.
8 -
وعن أبي أمامه رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشى إليها لأتاها ولو حبواً (1) على يديه ورجليه. رواه الطبراني في حديث يأتى بتمامه في ترك الجماعة إن شاء الله تعالى.
9 -
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان (2): براءة من النار، وبراءة من النفاق. رواه الترمذي، وقال: لا أعلم أحداً رفعه إلا ما روى مسلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو.
(قال المُملى) رضي الله عنه: ومسلم وطعمة وبقية رواته ثقات، وقد تكلمنا على هذا الحديث في غيره هذا الكتاب.
10 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: من صلى في مسجدٍ جماعةً أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء. كتب الله له بها عتقاً من النار. رواه ابن ماجه واللفظ له، والترمذي وقال نحو حديث أنس: يعنى المتقدم، ولم يذكر لفظه، وقال: هذا الحديث مرسل. يعنى أن عمارة ابن غزية الراوى عن أنس لم يدرك أنسا، وذكره رُزَين العبدرى في جامعه، ولم أره في شئ من الأصول التى جمعها، والله أعلم.
(1) أي يمشى على يديه وركبتيه أو استه، وحبا البعير: إذا برك، ثم زحف من الإعياء، وحبا الصبى: إذا زحف على أسته.
(2)
جائزتان. أولا: العتق من النار والنجاة منها. ثانياً: السلامة من النفاق، والتذبذب في آداب الدين وطهارة القلب لله، والإقبال على طاعة الله بإخلاص، ونور
…
يودع في الصدر يستضئ به المؤمن، فيتخلى عن الرذائل، ويترك صغائر الذنوب وكبيرها ولا تنس (يدرك التكبيرة الأولى) و (40 يوما) شرطان لزيادة الإيمان والفوز بالجنة، والرعاية تحت ضمان الله، والتنقية من النفاق، والإبعاد عن الدنيا، وسفاسف الأمور وحقيرها، وتمكن في قلبه حب الفضائل، واتباع الكتاب والسنة، فتحيا الثقة بالله، ويتجدد الاعتماد عليه ويهدأ باله، ويطمئن روعه إلى قضاء الله وقدره، وتنفتح له الحكمة ويلهم الرشاد ويوفق للصواب. فعليك أخى بالمحافظة على صلاة الجماعة في المسجد، وإدراك التكبيرة مع الإمام عسى أن يفتح الله علينا، ويرزقنا السعادة.