الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترغيب من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزلها بالله تعالى
1 -
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من نزلت به فاقةٌ (1)، فأنزلها بالناس لم تُسَدَّ (2) فاقتهُ، ومن نزلت به فاقةٌ، فأنزلها بالله (3)، فيوشكُ الله له برزقٍ عاجلٍ (4) أو آجلٍ" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ثابت، والحاكم وقال: صحيح الإسناد إلا أنه قال فيه: أرسلَ الله له بالغنى إما بموتٍ عاجل أو غنىً آجلٍ.
[يوشك]: أي يسرع وزناً ومعنىً.
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من جاع، أو احتاج (5)
فَكَتَمَهُ الناس، وأفضى به إلى الله تعالى كان حقاً على الله
= عليه وسلم -، وتعلموا الاعتماد على النفس:
(أ)(رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم، فما يسأل أحداً يناوله إياه).
(ب)(البيعة يشترط على أن أسأل الناس شيئاً).
(جـ) أبو بكر رضي الله عنه يأخذ خطام ناقته بنفسه بعد أن ينيخها.
(د)(ثوبان ينزل فيأخذ سوطه وما يأخذ من رجل يناوله).
تلك أمثلة أربعة تمثل الشجاعة والكرامة، والنفس العالية، والثقة المتناهية بالله سبحانه وتعالى وحده (الله الصمد) سائل الله لا يخيب، وكثيراً ما حذر من السؤال، وأبى حكيم بن حزام أن يقبل الصدقة بعد نصيحة رسول الله، وقد بَيَّنَ عليه الصلاة والسلام شهادة أهل الخبرة بباطن السائل واستحقاقه ليعطيه المحسنون. قال الجمهور: يقبل من عدلين.
(1)
فقر وحاجة.
(2)
كذا (ع) ص 287، و (د)، وفي (ن ط): تستد، يعني لم ينته فقره ويزيده الله احتياجاً.
(3)
سلمها لله وشكا أمره لبارئه، وأخذ في عمل وجد واحترف واعتمد على رازقه سبحانه ولم يتواكل.
(4)
سهل الله له أمور معاشه، ووضع البركة في مكسبه، وزاده من نعمه سبحانه بسرعة أو بعذر من وفيه التحلي بالصبر عند الشدائد، وتحمل المكاره، والجد في طلب الرزق.
(5)
أي وجد نفسه في حاجة إلى طعام، أو افتقر إلى شيء ولم يسأل أحداً، وشكا إلى الله وحده تكفل الله بزيادة رزقه ومدده، وأمده بخيراته، قال تعالى:
(أ)"قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله"(من سورة سبأ).
(ب)"قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون"(33 من سورة يونس).
(جـ)"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا"(3 من سورة الطلاق).
(د)"كلوا من طيبات ما رزقناكم".
"وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"(22 - 23 من سورة الذاريات). =
أن يفتح له قوتَ سَنَةٍ من حلالٍ" رواه الطبراني في الصغير والأوسط.
= (هـ)"والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقاً للعباد" قيل: عنى به الأغذية، وقيل: فيما يؤكل ويلبس.
(و)"إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين"(من سورة الذاريات).
"والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون"(19 من سورة الحجر).
(ز)"وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم"(21 - 22 من سورة الحجر). قال علماء التوحيد: جاع رجل في صحراء، فقال: يا رب أين رزقك الذي وعدتني به؟ فرزقه الله الشبع.
(ح)"أم تسألهم خرجاً فخراج ربك خير وهو خير الرازقين وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون"(73 - 75 من سورة المؤمنون).
(خرجاً): أي أجراً على أداء الرسالة (فخراج ربك): أي رزقه في الدنيا، وثوابه في العقبى (خير): لسعته ودوامه ففيه مندوحة لك عن عطائهم، والخرج بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه إلى غيرك، والخراج غالب في الضريبة على الأرض، ففيه إشعار بالكسرة واللزوم فيكون أبلغ، ولذلك عبر به عن عطاء الله إياه "وهو خير الرازقين" تقرير لخيرية خراجه تعالى (لناكبون): أي لعادلون عنه، فإن خوف الآخرة أقوى البواعث على طلب الحق، وسلوك طريقه. أهـ بيضاوي.
(ط)"ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة"(20 من سورة لقمان)، فالله هو المنعم الذي يسأله الناس.
(ي)"الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء"(40 من سورة الروم).
(ك)"فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون"(17 من سورة العنكبوت).
هذا قل من كثر، وغيض من فيض دلائل الله، على أنه الرزاق الواهب المنعم المعطي الخير، فهو الذي يرجى وما على الإنسان إلا أن يجد ويعمل ويحترف، ويعتمد عليه جل وعلا، فالدنيا دار عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل.
دع الحرص على الدنيا
…
وفي العيش فلا تطمع
ولا تجمع من المال
…
فما تدري لمن تجمع
فإن الرزق مقسوم
…
وسوء الظن لا ينفع
فقير كل ذي حرص
…
غني كل من يقنع
ينقص المسلمين الآن الجود والاعتماد على الله، وبذل النفيس في مشروعات الخير وأعمال البر، وقد تصدق مرة سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما، فسألهما رسول الله: ماذا أبقيت من مالك يا أبا بكر؟ فقال: حب الله ورسوله، ثم سأل عمر، فقال: شطر مالي (انظر إحياء الغزالي).
وقد جهز سيدنا عثمان رضي الله عنه جيشاً بأسره، وكان سيدنا الزبير صاحب أراض ومزارع واسعة وكان سيدنا طلحة صاحب أملاك وعقارات، وقد اقتنى البيوت في البصرة والإسكندرية، وكان عبد الرحمن بن عوف من ذوي اليسار الطائل، حدثنا التاريخ أن ثروة هؤلاء العظماء في إسداء مكارم، وأداء مغارم وفي ما ينفع الأمة (حتى إن عبد الرحمن بن عوف كان إذا تأمل النعمة التي كان فيها يغلب عليه البكاء ويقول: عسى أن لا تكون هذه النعمة في العاجلة هي نصينا عن نعيم الآجلة) أو ما هو بمعناه، وقد جاع الناس عام الرمادة فبقي عمر وعائلته يأتدمون بالزيت طول مدة تلك المسغبة، كانوا يلبسون الخشن ولا يجيز أحدهم لبس شيء من =