الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في اتباع الكتاب والسنة
1 -
عن العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضى الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله
= قلت إن صاحب (الراديو) الذي فتح باب الابرة لقراءة القرآن في المقاهى والنوادى ومحلات الفجور والفسوق آثم وآثم وآثم، وكذا القارئ الذى أباح أن يقرأ فتلتقط الإبرة ألفاظه بتموجات الهواء فيعاد لفظه، ويحكي صوته في أي مكان فيه آلة الواحى (الراديو) فلا يكون هناك استماع، ولا إنصات، ولا قصد، وأما إذا كان الواحى في مكان نظيف خال من المحارم والمكروهات، ووجد قوما يسمعون ترتيلا كاملا وقراءة تامة فحكى ألفاظ القارئ فأرى والله أعلم أنه لا إثم، وأظن أن أولئك هم الذين يعينهم النبى صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث:(فرقة يعبدون الله ليستأكلوا به الناس) نسأل الله السلامة والعافية، قال تعالى:(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) والقرآن إنما جعل للعظة والتأمل وللتنيه والرجاء، فعلينا أيها المسلمون أن نطيع الله ونعمل صالحا لله؛ فالموظف يتقن عمله لله لا خوفاً من رئيسه، والصانع يتقن عمله لله ليؤجر في دنياه، وكذا التاجر يصدق ويقدم أجود البضائع ليربح ويثاب، وهكذا الناس يعملون بالقرآن والسنة، وهما يضيئان سبل الهدى فمن سار على منهجهما وصل وسلم قلبه من الرياء ورزقه الله السعادة والسيادة، وأحاط عمله بسياج الوقاية من الشيطان، وضاعف ثوابه، وأحاطه بالتوفيق، والله أعلم. والواحى ما هو إلا آله مثل الحاكى، والذنب على الانسان.
وأقدم لك أيها القارئ دليل قبول الأعمال من الكتاب قال تعالى:
1 -
(ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بروة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير) آية 265 من سورة البقرة.
أخبر الله تعالى عن حال المؤمنين الذين يجودون لله وطلب رضوان الله (وتثبيتاً من أنفسهم) أي تحقيقاً للثواب عليه بخلاف المنافقين الذين لا يرجونه لانكارهم له، والمنافق قسمان:(1) عملي يقصد بصدقاته وصلاته وصومه غير وجه الله لكنه مسلم. (2) وديني يظهر الإسلام ويخفى الكفر. قال تعالى عنه (ينفق ماله رئاء الناس) ومثله كحجر أملس عليه تراب فأصابه مطر شديد فتركه صلباً أملس (فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً) والمؤمن كمثل جنة بمكان مرتفع أصابها وابل فضاعف الله ثمراتها، وأكثر خيراتها وبارك في أهلها، والمعنى تثمر وتزكو، كثر المطر أم قل فكذلك نفقات المؤمنين تزكو عند الله كثرت أم قلت.
2 -
والمثل الثاني للعمل المقبول ماطلبه سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام من ربه (رب هب لى حكماً وألحقنى بالصالحين، واجعل لي لسان صدق في الآخرين، واجعلنى من ورثة جنة النعيم، واغفر لأبى إنه كانه من الضالين ولا تخزنى يوم يبعثون، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) 82 - 89 من سورة الشعراء أي قلب المؤمن السليم من الشرك والنفاق.
يقول الشيخ الصاوى في تفسيره. فحيث حسن باطنه بالإخلاص فقليل عمله ككثيره في رضا الله عنه. قال العارف بالله: وبعد الفنا فى الله كن كيف مانشا
…
فعلمك لا جهل، وفعلك لا وزر أهـ.
3 -
لتسمح أيها القارئ أن تمعن في معنى عمل اسرة ابتغت وجه الله في فعلها باخلاص فقبل الله صنيعها ونجاها من الهول الأكبر، وأغدق عليها نعيمها - وهى اسرة الإمام علي بن أبى طالب - حكي المفسرون عنه أنه أجر نفسه ليلة ليسقى نخلا بشئ من شعير حتى أصبح وقبض الشعير، وطحنوا ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة، فلما تم نضجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ثم صنع الثلث الثانى، فلما تم نضجه أتى يتيم فأطعموه، ثم الثالث فلما تم نضجه أتى أسير من المشركين فأطعموه وطووا يومهم ذلك. قال الله تعالى:(ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً. إنا نخاف من ربنا يوما عبوساً قمطريراً، فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً، وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً) 8 - 12 من سورة الإنسان. =
عليه وسلم موعظة، وجلت (1) منها القلوب، وذرفت (2) منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مُودِّعٍ فأوْصِنا. قال أُوصيكم بتقوى (3)
الله والسمع (4) والطاعة (5). وإن تأمر عليكم عبد (6). وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً. فعليكم بِسُنَّتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين (7) عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات (8)
= 4 -
…
أنبئك عن أمر الله للمصدقين والمحسنين وشرطه تعالى للجزاء قال تعالى:
(فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) 38، 39 من سورة الروم. يقول المفسرون هذه الآية في صدقة التطوع، لافى الزكاة الواجبة لأن السورة مكية، والزكاة فرضت في السنة الثانية من الهجرة بالمدينة أهـ.
فتجد الأمر للنبى صلى الله عليه وسلم ولأفراد أمته من بعده من كل مكلف أو مكلفة، ثم قيد جل شأنه ثواب الاتفاق، والإعطاء لمن يريد وجه الله، وأشار إلى صاحب النية هذه: أنه مفلح، وأنه فائز، وأنه ناجح، وأنه سباق، ثم بين أن ما أعطيتم من ربا أي هبة أو هدية ليطلب أكثر منه فسمى باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة ليزيد في تحصيل أموال الآخذين للهبة والهدية فلا يزكو عند الله ولاثوب فيه للمعطين، وأما الذين ينفقون ابتغاء وجه الله فهم الذين تضاعف لهم الحسنات، ومعنى (زكاة) هنا أي صدقة تطوع، وعبر عنها جل شأنه بالزكاة إشارة إلى أنها مطهرة للأموال والأبدان والأخلاق.
(1)
خافت.
(2)
سال ماؤها.
(3)
تقوى العبد لله أن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقيه منه، وهي امتثال أوامره تعالى، واجتناب نواهيه بفعل كل مأمور به حسب الطاقة، وقد ذكر ابن علان فمن فعل ذلك فهو من المتقين الذين شرفهم الله تعالى في كتابه بالمدح والثناء (وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) وبالحفظ من الأعداء (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً) وبالتأكيد والنصرة (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
وبالنجاة من الشدائد، والرزق من الحلال.
(ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) قال أبو ذر: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، ثم قال:(ياأبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم)، وبإصلاح العمل وغفران الذنب (اتقوا الله وقولوا قولا سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم).
وبكفلين من الرحمة والنور (اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به) وبالقبول (إنما يتقبل الله من المتقين) وبالإكرام والإعزاز (إن أكرمكم عن الله أتقاكم)، وبالنجارة من النار (ثم ننجى الذين اتقوا) وبالخلود في الجنة (أعدت للمتقين) وبمحبة الله تعالى وانتفاء الخوف منه وحصول البشارة له (إن الله يحب المتقين - ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ص 308 الجزء الثانى.
(4)
أن يسمع كلام الأمير وينفذه ويخضع له، ولا يفتح باب الجدل عليه ولا باب الفتن.
(5)
وطاعة الأمير المصلح العادل واتباع منهجه.
(6)
وإن كان الذي يحكم ويدير دفة السياسة عبد - فالله الذي أمره، وأسند إليه رياسة العمل، فعلى المؤمنين الخضوع لأوامره حتى يدوم الاتحاد، ويحصل الائتلاف والتعاون، ويزول الشقاق، ويبعد الخلاف على شرط أن تكون الطاعة ترضى الله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
(7)
الذين هداهم الله فدونت أحكامهم؛ وضبط اقوالهم.
(8)
كل شيء ظهر بدون نص، أو قياس، أو إجماع.
الأمور، فإن كل بدعة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
الحث على التمسك بكتاب الله تعالى - وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(قوله): عضوا عليها بالنواجذ: أي اجتهدوا على السنة، والزموها واحرصوا عليها كما يلزم العاضّ على الشئ بنواجذه خوفاً من ذهابه وتفّلته، والنواجذ: بالنون والجيم والذال المعجمة: هي الأنياب، وقيل الأضراس.
2 -
وعن أبي شُريح الخزاعى قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله؟ قالوا بلى. قال إن هذا القرآن طرفه بيد (1) الله، وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبداً. رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد.
3 -
وروى عن جبير بن مطعم قال: كنا مع (2) النبى صلى الله عليه وسلم بالجحفة فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنى رسول الله، وأن القرآن جاء من عند الله؟ قلنا بلى: قال: فأبشروا، فإن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم فتمسكوا به، فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً. رواه البزار والطبراني في الكبير والصغير.
4 -
وعن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل طيبا (3) وعمل في سنة (4) وأمن الناس بوائقه (5) دخل الجنة. قالوا يا رسول الله
(1) أي هو بين الله وعباده، معناه: الله تعالى الذى أنزل القرآن الآمر يحيط بحركات عبده المأمور، ويشمله بحرمته؛ ويتطلب العمل بكتابه ليثيب قارئه، فمن قرأ القرآن باخلاص تظله السكينة ويرعاه الله، فعلى المسلمين أن يتدبروا معناه، ويفقهوا أوامره، ويستضيئوا بنوره ليبعد عنهم الزلل والضلال، وفيه الحكم والمرشد إلى الصواب، والداعى إلى الحق، ومكارم الأخلاق. قال أمير المؤمنين عبد الله بن المعتز: فضل القرآن على سائر الكلام معروف غير مجهول، وظاهر غي خفي، يشهد بذلك عجز المتعاطين، ووهن المتكلفين، وهو المبلغ الذي لا يمل، والجديد الذي لا يخلق، والحق الصادع، والنور الساطع، والماحى لظلم الضلال، ولسان الصدق النافى للكذب ومفتاح الخير، ودليل الجنة. إن أوجز كان كافياً، وإن أكثر كان مذكراً، وإن أمر فناصحاً، وإن حكم فعادلا، وإن أخبر فصادقاً. سراج تستضئ به القلوب، وبحر العلوم وديوان الحكم، وجوهر الكلم ص 166 أزهار الأدب.
(2)
في نسخة مطبوعة: عند.
(3)
حلالا.
(4)
اجتهد أن يتبع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، وقد تجلى ذلك في كتب الفقه، وما على الإنسان إلا أن يتعلم ويتفقه ويقرأ، أو يسمع من العلماء العاملين، وفي نسخة: بسنة في سنة.
(5)
أذاه؛ وفي الحديث: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) قال قتادة: أي ظلمه وغشمه.
إن هذا في أمتك اليوم كثيرا. قال: وسيكون في قوم بعدى (1). رواه ابن أبى الدنيا في كتاب الصمت وغيره، والحاكم واللفظ له، وقال صحيح الإسناد.
الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة
5 -
وعن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من تمسك بِسُنَّتِى عند فساد أُمتى فله أجر مائة شهيد. رواه البيهقى من رواية الحسن بن قتيبه، ورواه الطبراني من حديث أبى هريرة بإسناد لا بأس به إلا إنه قال: فله أجر شهيد.
6 -
وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع فقال: إن الشيطان قد يئس أن يُبعد بأرضكم (2) ولكن رضى أن يُطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم فاحذروا، إنى قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا: كتاب الله وسنة نبيه - الحديث. رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد. احتج البخاري بعكرمة، واحتج مسلم بأبى أويس، وله اصل في الصحيح.
7 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة. رواه الحاكم موقوفاً وقال إسناده صحيح على شرطهما.
8 -
وعن أبي أيوب الأنصارى قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مرغوب فقال: أطيعونى ما كنت بين أظهركم (3) وعليكم بكتاب الله. أَحِلُّوا حلاله، وحرموا حرامه. رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات.
9 -
وعن عبد الله بن مسعود قال: إن هذا القرآن شافع مشفع من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه (أو كلمة نحوها) زج (4) في قفاه إلى النار. رواه البزار هكذا موقوفا على ابن مسعود، ورواه مرفوعا من حديث جابر، وإسناد المرفوع جيد.
10 -
وروى عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
(1) الذين جاءوا بعد عصره، ويعملون بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
(2)
اطمأن الشيطان ألا يعبد المسلمون صنما أو حجراً، أو إنساناً، فأوقد الأهواء، وأضعف الإيمان ليحل المتفيقهون البدع والمنكرات والقبائح ويعدون ارتكابها حقيراً، ولكن الآن في الأمة المحمدية من يعمل لله ويشرك معه إنسانا آخر، ويحلل الفتوى لأجل خاطره، أوإكراماً لفلان، أو يلجأ إلى طبيب ويعتقد أنه هو الذى أغاثه وشفاه وهكذا، ولكن يريد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوقن المسلم بربه، وأنه فاعل كل شئ، ويحترس من المجاز في التعبيرات، ويقول كما قال سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام (الذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يطعمنى ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتنى ثم يحين
…
).
(3)
مدة حياتى ووجودي بينكم أشرح لكم أوامر الله، وأمامكم كتاب الله تمسكوا به.
(4)
رمى بمؤخر جسمه.
إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه إلا أن الله قد فرض فرائض، وسن سننا، وحد حدوداً، وأحل حلالاً، وحرمَ حراماً، وشرع الدين فجعله سهلا سمحاً واسعاً ولم يجعله ضيقاً؛ ألا إنه لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، ومن نكث (1) ذمة الله طلبه، ومن نكث ذمتى خاصمته (2)، ومن خاصمته فلجت عليه، ومن نكث ذمتى لم ينل شفاعتى ولم يرد على الحوض. الحديث، رواه الطبراني في الكبير.
(قوله): فلجت عليه بالجيم: أي ظهرت عليه بالحجة والبرهان وظفرت به (3).
لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، تقبيل الحجر الأسود
11 -
وعن عابس بن ربيعة قال: رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر (يعنى الأسود) ويقول إنى لأعلم أنك حجرٌ لا تنفع ولا تضر ولولا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قبلتك (4).
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
12 -
وعن عروة بن عبد الله بن قشير قال: حدثنى معاوية بن قُرّة عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهطٍ من مُزَيْنَةَ (5) فبايعناه وإنه لمطلق الأزرار (6)
فأدخلت يدى في جنب قميصه فمسست الخاتم. قال عروة فما رأيت معاوية
(1) نقض عهد الله بأن عصى أوامره تعالى، وقد أقرت الذراري بالوحدانية، واعترفت بالربوبية، فالكافر والفاسق: خان الأمانة ولم يرع حق خالقه جل وعلا ولم يطعه.
(2)
أكن ضده يوم القيامة ولم أشفع له وأتخذه عدوى، وفيه: الأمانة من خوف الله، ومراعاة العهد من آداب الدين، والطاعة تجلب محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(3)
وفي المثل: من يأت الحكم وحده يفلج.
(4)
في كتابى (إرشاد الحاج ص 23) الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة. نزل منها مع آجم، أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بنى آدم (كما في الحديث) هذا الحجر الذى كان يقف عليه سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام عند بناء البيت، فيرتفع به حتى يضع الحجر والطين، ويهبط به حتى يتناول ذلك من إسماعيل عليه السلام، وفيه أثر قدميه.
ومن واجبات الطواف البداءة به محاذياً له أو لجزئه بجميع بدنه من جهة شقه الأيسر، ويسن تقبيله ويخفف القبلة أو يشير إليه إشارة تعظيم عند المرور عليه، فأنت ترى سيدنا عمر رضى الله عنه اقتدى به صلى الله عليه وسلم في تقبيله.
(5)
قبيله.
(6)
ما أحلي هذه الحكمة يطلق النبى صلى الله عليه وسلم قيمصه ليتمتع صدره بالهواء، وليبعد عنه ضيق القميص وخنق العنق بالأزرار، وقد اتخذها أهل المدينة اليوم زياً حسناً في التمتع بالهواء، وطلاقة الملبس.
فقه الباب: أن يتعاهد المسلمون علي تقوى الله وطاعته، والسمع لكلام الوالي في أمور لا تغضب الله ولا تضر بآداب الدين وطاعة أوامره، وعدم خلق شقاق أو بث فتنة، إو إيغار نفوس المسلمين وشق عصا الطاعة مهما كانت صنعة الحاكم الذي يحكم بين الناس، أو كانت منزلته في نفوس مواطنيه لينتظم أمر المسلمين، ويسود الاتحاد، ويعمم الأمن، ويعلوا الحق، وفيه الاستضاءة بآداب القرآن، وسنة خير المرسلين =
ولا ابنه قط، ولا صيفٍ إلا مطلقى الأزرار. رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه واللفظ له، وقال ابن ماجه: إلا مُطْلَقَةً أزرارهما.
الحرص على التمسك بالسنة وبفعله صلى الله عليه وسلم محاكاة
13 -
وعن زيد بن أسلم قال: رأيت ابن عمر يصلى محلولا أزراره فسألته عن ذلك، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. رواه ابن خزيمة في صحيحه عن الوليد بن مسلم عن زيد، ورواه البيهقى وغيره عن زهير بن محمد عن زيد.
14 -
وعن مجاهد قال: كنا مع ابن عمر رحمه الله في سفر فمر بمكان فحاد عنه فسئل لم فعلت ذلك؟ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ففعلت. رواه أحمد والبزار بإسناد جيد.
(قوله) حاد بالحاء والدال المهملتين: أي تنحى عنه وأخذ يميناً أو شمالا.
15 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأتى شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتها، ويخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. رواه البزار بإسناد لابأس به.
16 -
وعن ابن سيرين قال كنت مع ابن عمر رحمه الله بعرفاتٍ. فلما كان حين راح رحتُ معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأولى والعصر، ثم وقف وأنا وأصحاب لى
= وقد أوضحها، وعمل به من بعده الصحابة والتابعون، والعلماء العاملون إلى وقتنا هذا، وفيه إرشاد من الله جل شأنه أن القرآن بيده ومطلع على قارئه ومثيب عليه، وفيه نصيحة من يريد الجنة أن يأكل حلالا ويعمل بالسنة ولا يظلم الناس، وفيه إخبار وتهاون المسلمين بأعمالهم ويعدونها حقيرة فيشركون بالله ولا يشعون، ويحبط ثواب أعمالهم ولا يعلمون، وهذا من جراء عدم الإخلاص لله سبحانه وتعالى في العمل وترك المراء والنفاق، ومدانة الأغنياء أصحاب الجاه، وفيه الوعيد والتهديد بجهنم لمن يترك ويعمل بالبدعة، وفيه خيانة المبتدع وفسقه ولؤمه ودناءته، وانتفت عنه المروءة، وزال منه الوفاء، فالذى لا يرعى عهد الله لا يرعى عهد الناس - وحسابه عسير على نقض عهده.
وفيه طلب اقتفاء أثره صلى الله عليه وسلم في كل شيء كما فعل سيدنا عمر وسيدنا معاوية بن قرة وإطلاق أزرار القميص، وابن عمر كذلك، وهل تجد إيماناً أكثر من إيمان عمر الذي مر على مكان كذا فبعد عنه وغير اتجاهه كما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. هذ إلى أنه رضى الله عنه ذهب إلى شجرة فاستظل تحتها واستنشق نسيمها، وأخذ راحته فيها تيمناً بما كان يفعله صلى الله عليه وسلم عندها - بل إنه رضى الله عنه خطا خطوات إلى مكان معين مشى فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى حاجته فيه كما فعل صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلمون: اليوم تبين الرشد من الغى، واتضحت أحكام الدين، فما علينا إلا نتبع الكتاب والسنة قولا وفعلا لنسلك سبيل الجنة فيرضى الله عنا، ويبارك لنا في اموالنا وأولادنا إنه بعباده رءوف رحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.