الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة
والترهيب من التأخر عنهما
1 -
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول من صلى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل (1)، ومن صلى الصبح في جماعةٍ فكأنما صلى الليل كله (2). رواه مالك ومسلم واللفظ له وأبو داود، ولفظه من صلى العشاء في جماعةٍ كان كقيام نصف ليلةٍ، ومن صلى العشاء والفجر في جماعةٍ كان كقيام ليلةٍ، رواه الترمذي كرواية أبى داود، وقال: حديث حسن صحيح، قال ابن خزيمة في صحيحه: باب فضل صلاة العشاء والفجر في جماعة وبيان:
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أثقل صلاةٍ (3) على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما،
(1) في رواية - كان كقيام نصف ليلة، والمعنى أن الذى يدرك الركعة الأولى مع إمام المسجد، وصلى بتؤدة وختم الصلاة وسبح وحمد وكبر وصلى الوتر والسنن ثم قضى ليله في مباح وطاعة أو نوم ليبكر إلى عمله فكأنه استيقظ من نومه وعبد الله نصف ليله وله ثواب المتهجد القائم، وفضل الله لا حد له وخزائنه لا تنفد.
(2)
كذلك إذا صلى الفجر في جماعة مع إمام المسجد. وجلس على طهارة يسبح الله حتى تطلع الشمس أعطاه الله ثواب من قام لليل كله يتهجد ويذكر ويسبح - وفيه الترغيب في إدراك جماعة العشاء والفجر والذهاب إلى المسجد إلى أدائهما. أخى إذا أردت أن تتقرب إلى الله، فعليك بالمحافظة على صلاتهما، واحذر أن تطيل السهر وتداوم على كثرة السمر في غضب الله واللهو، وما تأخر العالم الإسلامى إلا بالمسامرة، وغشيان المقاهى والفسوق ومشاهدة أمكنة الخيالة الضارة بالأخلاق الساحرة عقول الشباب، ولاينامون إلا إذا فات نصف الليل أو أكثر وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح (نم مبكراً وقم مبكراً) ولذا حث صلى الله عليه وسلم على المواظبة على هذين الوقتين.
(3)
في نسخة: أثقل الصلاة، والمعنى أصعبها وأشدها على النفوس لأن وقت الذهاب إلى أدائهما مظلم ويأخذ المصلى في النوم، وهو حلو لذيذ المذاق مريح النفس: ولا يشعر بهذا الألم والثقل إلا الذين قل إيمانهم وضعف إسلامهم، وتذبذبت عقيدتهم.
ولو حبواً (1)، ولقد هممت أن آمُرَ بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً (2) فيصلى بالناس، ثم انطلق معى برجالٍ معهم حزم من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأُحرق عليهم بيوتهم بالنار. رواه البخاري ومسلم.
3 -
وفي روايةٍ لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: لقد هممت أن آمر رجلا يصلى بالناس، ثم أخالف (3) إلى رجال يتخلفون (4) عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم، ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها، يعنى صلاة العشاء، وفي بعض روايات الإمام أحمد لهذا الحديث:
لولا ما في البيوت من النساء والذرية أقمت صلاة العشاء، وأمرت فتيانى يُحرقون ما في البيوت بالنار.
4 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن (5). رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه.
5 -
وعن رجل من النخع قال: سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه حين حضرته الوفاة قال: أُحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله
(1) الحبو: حبو الصبى الصغير على يديه ورجليه، معناه: لو يعلمون ما فيهما من الفضل والخير، ثم لم يستطيعوا الإتيان إليهما إلا حبوا لحبوا إليهما، ولم يفوتوا جماعتهما في المسجد - ففيه الحث البليغ على حضورهما أهـ نووى ص 154 جـ 5.
(2)
قال النووي فيه أن الإمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلى بالناس وإنماهم بإيتانهم بعد إقامة الصلاة لأن بذلك الوقت يتحقق مخالفتهم وتخلفهم فيتوجه اللوم عليهم، وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر أهـ.
(3)
أذهب إليهم، وأجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة، والغال من الغنيمة واختلاف السلف والجمهور علىمنع تحريق متاعهما - أدب جم يا رسول الله، أنت الملك المسيطر في عصرك، والإمام المطاع وتحلم على المنافقين وتصبر على العاصين وتشرع في عقابهم وتسامح لله وتصفح لله وتغضب لله - فياتاركي الصلاة إن لم تصلوا الآن، فمثلكم مثل المنافقين مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ينفعكم إسلامكم الناقص هذا الركن.
(4)
قال النووي: إن هؤلاء المتخلفين كانوا منافقين، وسياق الحديث يقتضيه فإنه لا يظن بالمؤمنين من الصحابة أنهم يؤثرون العظم السمين على حضور الجماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي مسجده ولأنه لم يحرق. بل هم به ثم تركه أهـ.
(5)
يتحدث بن عمر رضي الله عنهما نقصان إيمان المتخلف عن المواظبة على صلاتى الفجر والعشاء جماعة وتزول الثقة منه ويحاط بالشكوك، وعدم الأمانة ويخشى من ظلمه وتعديه، ولا يؤمن، ولا يصاحب ولا يساعد، ويظن به شرا.
صلى الله عليه وسلم يقول: اعبد الله كأنك تراه (1)، فإن لم تكن تراه فإنه يراك واعدد نفسك من الموتى (2)، وإياك ودعوة المظلوم فإنها تستجاب، ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين: العشاء والصبح ولو حبواً فليفعل. رواه الطبراني في الكبير.
وسمى الرجل المبهم جابراً، ولا يحضرنى حاله.
6 -
وروى عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظهِ (3) من ليلة القدر. رواه الطبراني في الكبير.
7 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: من صلى في مسجدٍ جماعة أربعين ليلة لا تفوته (4) الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب الله له بها عتقاً من النار (5). رواه ابن ماجه والترمذي ولم يذكر لفظه، وقال: هو حديث مرسل، يعنى أن عُمارة بن غزية، وهو المازنى لم يدرك أنساً.
8 -
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ (6) ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم جلس حتى يصلى الفجر كُتبت صلاته يومئذٍ في صلاة الأبرار (7) وكتب في وفد (8) الرحمن (9). رواه الطبراني عن القاسم أبى عبد الرحمن عن أبي أُمامة.
(1) تصور جلاله وعظمته ومراقبته.
(2)
أي انتظر الموت في كل وقت فأحسن واعمل صالحا ولا تظلم وخف من المظلوم أن يدعو عليك، فيغضب ربك، وينتقم منك.
(3)
بنصيبه، معناه: الذى أدرك جماعة العشاء عظم ثوابه وزاد أجره وكثرت حسناته ونال شيئاً من رحمة الله ورضوانه. لماذا؟ لأن وقت العشاء وقت ظلمة وأكل ولهو، فمن ترك ملذاته، وذهب إلى أداء حق الله في المسجد جماعة قبل عمله وأجاب دعاءه ورضى عنه وتجلى عليه ببركاته.
(4)
لا يتأخر عن إدراك زمن الركعة الأولى مع الإمام.
(5)
المحافظة على الجماعة في هذه المدة تجعل له براءة ونجاة من جهنم والعياذ بالله. بمعنى أن قلبه يطمئن للإيمان ويسعى لمرضاة الخالق جل وعلا ويعمل صالحا ويهتدى ويتجنب كل المحارم ويستقيم.
(6)
لا فرق بين أن يتوضأ في بيته إذا أمكن، أو يتوضأ في مكان الوضوء من المسجد، والمعنى من تطهر وتوضأ، واستعد للوقوف بين يدى الخالق القادر جل وعلا.
(7)
جمع بر: للأولياء والزهاد والعباد قال تعالى: (إن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم).
(8)
قادمين وافدين عليه تعالى كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين لكرامتهم وإنعامهم.
(9)
ربهم الذى غمرهم برحمته ونعمه، قال تعالى: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا، ونسوق المجرمين =
الترغيب في صلاة الصبح في جماعة وبيان ما لها من الفضل
9 -
وعن أُبى بن كعبٍ رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبح فقال: أشاهد فلانٌ؟ قالوا: لا قال: أشاهد فلانٌ؟ قالوا: لا. قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لاتيتموها (1) ولو حبواً على الرُّكب، الحديث. رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وتقدم بتمامه في كثرة الجماعة.
10 -
وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قالك من صلى الصبح في جماعةٍ فهو في ذمة الله تعالى (2). رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.
11 -
ورواه أيضاً من حديث أبى بكر الصديق رضي الله عنه، وزاد فيه: فلا تُحفروا (3) لله في عهده، فمن قتله طلبه (4) الله حتى يكبه في النار على وجهه. رواه مسلم من حديث جندب، وتقدم في الصلوات الخمس.
(يقال) أحفرت الرجل بالخاء المعجمة: إذا نقضت عهده.
12 -
وروى عن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غدا (5) إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان، ومن غدا (6) إلى السوق غدا براية الشيطان. رواه ابن ماجه.
= إلى جهنم وردا، لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) 87 من سورة مريم. ألا تحب يا أخى أن تكون ضيف الله الكريم الجليل. إن ثمن ذلك صلاة ركعتين قبل الفجر، كما قال صلى الله عليه وسلم فلماذا تتأخر أيها المسلم؟ جدد عزيمتك على المحافظة عليهما: إن الإنسان في خطأ كبير يكدح ويكدح ويتعب في إدراك شئ من الدنيا، وهو فان زائل، ولكن العمل الصالح يبقى أثره في الدنيا والآخرة. والله تعالى يسوق المقصرين الفاسقين إلى جهنم كما تساق البهائم عطاشا، وتاركوا الصلاة في حيرة، وعذاب لا شفيع لهم، وهل فهمت الاستثناء (إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) قال البيضاوى، إلا من تحلى بما يستعد به، ويستأهل أن يشفع للعصاة من الإيمان، والعمل الصالح على ما وعد الله تعالى - أو إلا من اتخذ من الله إذنا فيها لقوله تعالى:(لاتنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن) - وقيل: الضمير للمجرمين أي لا يملكون الشفاعة فيهم إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا يستعد به أن يشفع له بالإسلام أهـ ص 439.
(1)
في نسخة: لأتوهما.
(2)
ضمان الله وعهده ورحمته ورعايته.
(3)
تخونوا وتقصروا.
(4)
في نسخة: قتله طالبه.
(5)
ذهب صباحا يظله لواء الإيمان، وترفرف عليه شارة القبول والرضوان وشرح الله صدره، وبارك في عمله يوم كله، وأمده بحفظه ورعايته، وأحاطه بسياج عدله وحكمته ورشده.
(6)
ذهب صباحا إلى محل البيع والشراء، وترك أداء الصبح استظله الشيطان بالغواية والضلال والإضلال =
صلاة الصبح في جماعة والمشى في الظلم
13 -
وروى عن مَيْتَمٍ: رجلٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بلغنى أن الملك (1) يغدو برايته مع أول من يغدو إلى المسجد فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل بها منزله، وإن الشيطان يغدو برايته (2) إلى السوق مع أول من يغدو فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخلها منزله. رواه ابن أبى عاصم، وأبو نعيم في معرفة الصحابة وغيرها.
14 -
وعن أبي بكر بن سليمان بن أبى خيثمة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد سليمان بن أبى خيثمة في صلاة الصبح، وإن عُمر غدا (3) إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق، فمرَّ على الشفاء أم سليمان، فقال لها: لم أر سليمان في الصبح؟ فقالت له: إنه بات يُصلى (4) فغلبته عيناه. قال عمر له: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعةٍ أحبُّ إلى من أن أقوم ليلة. رواه مالك.
15 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد لقى الله عز وجل بنورٍ يوم القيامة (5). رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، ولابن حبان في صحيحه نحوه.
= وسلط عليه مشاغل الدنيا ولم يبارك له في رزقه، وتوجهت إليه وساوس الأفكار والهموم والأكدار ورجع بخيبة المحروم من ثواب الله، وربما مات فحشر في زمرة العاصين. يا تارك الصلاة. اى شئ تختار؟ أتنسب لله أو للشيطان؟ اذهب إلى أداء الصبح ثم استقبل عملك محفوفا بعناية الله، وإلا ذهبت تحت تأثير الشيطان، قال الله تعالى يحكى عن الشيطان:(قال رب بما أغويتنى لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم من اتبعك من الغاوين، وإن جهنم لموعدهم أجمعين) 43 من سورة الحجر. أخى: افقه هذه الآية، وكن من المحافظين على صلاة الصبح تنجح وتربح وتكرم.
(1)
ملك الرحمة والسعادة.
(2)
إشارة الإجرام والفسق.
(3)
ذهب صباحا.
(4)
يتهجد ويسبح ويذكر، وقضى ليلة في طاعه ثم نام.
(5)
سيدنا عمر عجب من تأخير سيدنا سليمان عن صلاة الصباح لأن النوم غلبه، ففاتته صلاة الصباح فقال سيدنا عمر يرغب في المحافظة عليها: إدراك صلاة الصباح في وقتها تكسب حسنات وترفع درجات، وتلك أحب إلى من التهجد ليلة أعقبها نوم فوت أداء المكتوبة. فانظر يا من تنام حتى تشرق الشمس. رجل عكف على عبادة ربه طول ليله، ولكن في آخره جاءه النوم كرها، فضيع صلاة الصباح، فعتب عليه أمير المؤمنين، وأنكر عمله، وإن كان النوم عذراً قاهراً واختار الصبح عن تهجد يفيته ثواب إدراكه هل لك أن تتوب يامن تصلى الصبح قضاء، وتشمر عن ساعد الجد، وتستيقظ مبكراً ليتسع رزقك ويتجدد نشاطك وتتقن عملك، وتدير دفة أشغالك بهمة وقت العشاء والفجر.
(6)
يخلق الله تعالى في جبهته نوراً يضئ كالقمر ليلة البدر تمييزاً له من أولئك الغافلين الذين تكاسلوا =