الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
وعن نوفل بن معاوية رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهله وماله.
وفي روايةٍ، قال نوفلٌ: صلاةٌ: من فاتته فكأنما وُتِرَ أهله وماله. قال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي العصر. رواه النسائي.
الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان
والترهيب منها عند عدمهما
13 -
عن أبي علىٍّ المصري قال: سافرنا مع عقبة بن عامرٍ الجُهنى رضي الله عنه فحضرتنا (1) الصلاة فأردنا أن يتقدمنا، فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أَمَّ (2) قوماً، فإن أتمَّ (3) فله التمام ولهم التمام، وإن لم يتم فلهم (4) التمام
= مقام ما لم يسم فاعله لأنهم المصابون المأخوذون فمن رد النقص إلى الرجل نصبهما، ومن رده إلى الأهل والمال رفعهما، ومنه حديث محمد بن مسلمة:(أنا الموتور الثائر) أي صاحب الوتر الثائر الطالب بالثأر، والموتور المفعول أهـ نهاية ص 192.
قال الخطابي وغيره: نقص من هو أهله وماله وسلبه، فبقي بلا أهل ولا مال فليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله وماله، وقال أبو عمر بن عبد البر: معناه عند أهل اللغة والفقه أنه كالذى يصاب بأهله وماله إصابة طلب بها وتراً، والوتر الجناية التى يطلب ثأرها فيجتع عليه غمان: غم المصيبة، وغم مقاساة طلب الثأر، وقال الداودى من المالكية: معناه يتوجه عليه من الاسترجاع مايتوجه على من فقد أهله وماله، فيتوجه عليه الندم والأسف لتفويته الصلاة، وقيل معناه: فاته من الثواب ما يلحقه من الأسف عليه كما يلحق من ذهب أهل وماله.
قال القاضى عياض رحمه الله تعالى: واختلفوا في المراد بفوات العصر في هذا الحديث فقال ابن وهب وغيره هو فيمن لم يصلها في وقتها المختار. وقال سحنون والأصيلى: هو أن تفوته بغروب الشمس وقيل هو تفويتها إلى أن تصفر الشمس، وقد ورد مفسراً من رواية الأوزاعى في هذا الحديث. قال فيه وفواتها أن يدخل الشمس صفرة وروى عن سالم أنه قال هذا فيمن فاتته ناسياً، وعلى قول الداودى هو في العامد، وهذا هو الأظهر، ويؤيده حديث البخاري في صحيحه:(من ترك العصر حبط عمله)، وهذا إنما يكون عند العامد قال ابن عبد البر: ويحتمل أن يلحق بالعصر باقى الصلوات ويكون نبه بالعصر على غيرها، وإنما خصها بالذكر لأنها تأتى وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم وحرصهم على قضاء أشغالهم وتسويفهم بها إلى انقضاء وظائفهم وفيما قاله نظر، لأن الشرع ورد في العصر. أهـ نووى ص 126 جـ 5.
(1)
حان وقت الصلاة.
(2)
جعل إماماً.
(3)
أي الصلاة بتؤدة واستوفى شروطها وأركانها وخشوعها، وطهر ثيابه وجسمه، وأرضى ربه.
(4)
المأمومون صلاتهم كاملة ونالوا الثواب كله.
وعليه الإثمُ (1) رواه أحمد واللفظ له، وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ولفظهما.
من أَمَّ الناس فأصاب (2) الوقت، وأتمَّ الصلاة فله ولهم، ومن انتقص (3) من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم.
(قال الحافظ): هو عندهم من رواية عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علىّ المصريّ، وعبد الرحمن يأتى الكلام عليه.
2 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله الله عليه وسلم قال: من أمَّ (4) قوماً فليتق الله (5)، وليعلم أنه ضامن (6) مسئول (7) لما ضمن، وإن احسن كان له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه من غير أن ينقص من أُجورهم شيئاً وما كان من نقصٍ (8) فهو عليه رواه الطبراني في الأوسط من رواية معارك بن عباد.
الترغيب في الإمامة مع الإتمام والإحسان الخ
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يُصلُّون لكم، فإن أصابوا (9) فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم (10). رواه البخاريّ وغيره، وابن حبان في صحيحه، ولفظه:
(1) الذنب لأنه أخل بهذه القدوة، وغش المأمومين، وتجاهر على الله بنقصه، وتجارأ عليه بتدليسه (لا تخفى عليه خافيه).
(2)
وفق وأحسن، وخلص عمله لربه فقبله.
(3)
في نسخة: نقص.
(4)
صلى بالناس إماماً.
(5)
فليخش الله وليحافظ على الطهارة والنظافة، وليحسن سيرته وسريرته، وليصلح نفسه، وليكن قدوة حسنة، وليبتعد عن المحارم، وليتحل بالمكارم وليتجنب صحبة الأشرار، وليمش مع الأخيار، وحذار من سوء القدوة.
(6)
كفيل يحسن الصلاة وأدائها وسبب كثرة ثواب الله ورحمته، من ضمن الشئ ضماناً: كفل به فهو ضامن ضمين. قال في النهاية في حديث (الإمام ضامن والمؤن مؤتمن) أراد بالضمان هنا الحفظ والرعاية، لا ضمان الغرامة لأنه يحفظ على القوم صلاتهم، وقيل إن صلاة المقتدين به في عهدته وصحتها مقرونة بصحة صلاته فهو كالمتكفل لهم صحة صلاتهم أهـ ص 26.
(7)
أي يسأله الله جل وعلا عن تقصيره، وإهمال طهارته، وعنايته بشروط الصلاة وأركانها وسننها، لأنه أفقه وأورع وأكمل وأزهد، واختير لذلك.
(8)
بأن وقع في صلاته خلل ولم يعلم به المأمومون، أي للمؤمومين الثواب لأنهم اقتدوا بمن هو أكمل في نظرهم. قال العلقمى: والمراد أن الإمام إن كان في صلاته نقص وخلل بان كان جنباً أو محدثاً، أو عليه نجاسة ولم يعلم المأمومون بحاله، فللمأمومين الثواب، والإثم عليه فقط أهـ، والله تعالى حليم وصبور وعليم وخبير بالمصلح والمفسد، والصالح والطالح.
(9)
صلوا صلاة صحيحة.
(10)
تلكم الثواب بالقدوة، وعليهم الوزر بالتقصير وكتمان النقص.
سيأتى أو سيكون أقوامٌ يُصلون الصلاة، فإن أتموا فلكم، وإن انتقصوا فعليهم ولكم.
4 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة على كثبان (1) المسك - أراهُ قال - يوم القيامة: عبدٌ (2) أدى حق الله وحق مواليه، ورجلٌ أمَّ قوما وهم به راضون (3)، ورجل ينادى (4) بالصلوات الخمس في كل يومٍ وليلةٍ. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن، وراه الطبراني في الصغير والأوسط بإسناد لا بأس به، ولفظه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر (5)، ولا ينالهم الحساب (6)، وهم على كثيبٍ من مسكٍ حتى يفرغ (7) من حساب الخلائق، رجلٌ قرأ القرآن ابتغاء (8)
وجه الله، وأمَّ به قوماً وهم به راضون، الحديث، وفي الباب أحاديث:
(1) جمع كثيب، والكثيب: الرمل المستطيل المحدودب، أي على طائفة من المسك الأذفر ذكى الرائحة الطيبة.
(2)
مملوك أدى الصلوات الخمس وأطاع الله، وقام بواجبات ربه، وواجبات سيده، وأطاعه وخدمه بأمانة وذمة وصدق ووفاء وإخلاص.
(3)
واثقون بحسن أخلاقه، وكمال صفاته ورأوه متحلياً بآداب الشرع. وفي حديث (من أم قوماً وهم له كارهون فإن صلاته لا تجاوز ترقوته) أي كرهوه لمعنى مذموم فيه شرعاً، فإن كرهوه لغير ذلك فلا كراهة في حقه بل الملام عليهم. قال المناوى: أي لا ترتفع إلى الله تعالى رفع العمل الصالح بل أدنى شئ من الرفع أهـ.
(4)
يؤذن ويدعو الناس إلى عبادة الله ويذكرهم بحلول الأوقات ويكون قدوة حسنة لهم.
(5)
شدة الهول كماقال تعالى: (لا يحزنهم الفزع الأكبر)، وفزع: خاف، وفزعت إليه: لجأت، وهو مفزع: أي ملجأ.
(6)
يسامحون من تدقيق الأسئلة يوم القيامة ويعفو الله عنهم، ويسدل عليهم ستره.
(7)
ينتهى، فرغ من الشغل فروعاً من باب قعد، وفرغ يفرغ من باب تعب لغة لبنى تميم.
(8)
طلب ثواب الله تعالى، يرتل القراءة ويعظ الناس ويرجو ثواب ربه في قراءته لله، ويأتم به الناس لله، ويرشد الناس لله.
فقه الباب
مطالبة الإمام بتحسين حاله والتأدب بآداب الله ورسوله، وخشية الله في السر والعلانية والأسوة الحسنة والقدوة الطيبة، واتباع المأمومين له، ووجود الثقة به، وعليهم أن يلبوا داعى الله، ويأتموا به، ويتركوا لعالم الأسرار حسابه، فهو رقيب يجزى المحسن، ويعاقب المسئ. قال الله تعالى:(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا، أولئك لهم جنات عدن تجرى من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا) إن شاهدنا (من أحسن عملا) لا يحسن إطلاقه إلا على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ومن ثواب الله للمحسن في صلاته جنته، والتحلية بأسوار الذهب زينة، ولبس الخضرة من سندس: الذى رق من الديباج وإستبرق: ما غلظ منه يتنعمون على السرر والطنافس. =
الإمام ضامنٌ، والمؤذن مؤتمن (1) وغيرها، وتقدم في الأذان
= إن الإمامة أسمى مقصد وأجل طلب وكفى أنها كانت وظيفة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وورثها الخلف والسلف الصالحون من بعده عليه الصلاة والسلام، وقد أخبرنا جل وعلا عن عباده الصالحين، فقال جل شأنه:(والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما أولئك يجون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً، خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً) 77 من سورة الفرقان. أي عباد الرحمن الذين طلبوا من الله من أهلهم سروراً. قال البيضاوى بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل فإن المؤمن إذا شاركه أهله في طاعة الله سر بهم قلبه، وقرت بهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة أهـ (واجعلنا للمتقين إماماً) أي يقتدون بنا في أمر الدين بإضافة العلم والتوفيق للعمل وتوحيده. إن لهم أعلى مواضع الجنة بصبرهم على المشاق من مضض الطاعات، ورفض الشهوات، وتحمل المجاهدات وتحييهم ملائكة الرحمة، ويدوم نعيمهم، فلا يموتون فيها ولا يخرجون أهـ بيضاوى.
آداب الإمام في القراءة والأركان والتحلل
وقد بين الغزالي في إحيائه وظائف القراءة:
أولا: أن يسر بدعاء الاستفتاح والتعوذ كالمنفرد: ويجهر بالفاتحة والسورة بعدها في جميع الصبح وأولى العشاء والمغرب وكذلك المنفرد، ويجهر بقوله: آمين في الصلاة الجهرية، وكذلك المأموم ويقرن المأموم تأمينه بتأمين الإمام معاً لا تعقيباً، ويجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: هذا اختيار الشافعي رضي الله عنه.
ثانياً: أن يكون للإمام في القيام ثلاث سكتات: أولاهن: إذا كبر، الثانية: إذا فرغ من الفاتحة، الثالثة: إذا فرغ من السور قبل أن يركع.
ثالثاً: أن يقرأ في الصبح سورتين من المثانى مادون المائة، فإن الإطالة في قراءة الفجر والتغليس بها سنة ولا يضره الخروج منها مع الإسفار، ولا بأس أن يقرأ في الثانية بأواخر السور نحو الثلاثين أو العشرين إلى أن يختمها وقد بين رحمه الله أيضاً وظائف الأركان:
أولا: أن يخفف الركوع والسجود فلا يزيد في التسبيحات عن ثلاث (1). ثانياً: في المأموم ينبغى ألا يساوى الإمام في الركوع والسجود بل يتأخر فلا يهوى للسجود إلا إذا وصلت جبهة الإمام إلى المسجد.
ثالثاً: لا يزيد في دعاء التشهد على مقدار التشهد حذراً من التطويل ولا يخص نفسه في الدعاء بل يأتى بصيغة الجمع فيقول: (اللهم اغفر لنا)، ولا بأس أن يستعيذ في التشهد بالكلمات المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: نعوذ بك من عذاب جهنم وعذاب القبر، ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، وإذا أردت فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين).
وبين وظائف التحلل:
أولا: أن ينوى بالتسليمتين السلام على القوم والملائكة. ثانياً: أن يثيت عقيب السلام كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ويصلى النافلة في موضع آخر.
ثالثاً: إذا وثب فينبغى أن يقبل بوجهه على الناس ويكره للمأموم القيام قبل أنفتال الإمام أهـ ص 159 جـ 1 (1) مؤتمن على الأوقات يعتمد عليه في تنبيه المسلمين، يوثق به إذا أذن، ويجاب إذا دعا فإنه حريص على الدقة.
_________
(1)
إذا كثر الجمع مع الطمأنينة، فإذا حضر المتجردون للدين فلا بأس بعشر تسبيحات، والله أعلم.