الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 -
وروى عنه رضي الله عنه أيضاً عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة باباً (1) يُقال له الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين الذين كانوا يُديمون صلاة الضحى، هذا بابكم فادخلوه برحمة الله. رواه الطبراني في الأوسط.
الترغيب في صلاة التسبيح
1 -
عن عكرمة عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: ياعباس يا عماهُ ألا أُعطيك، ألا أمنحك، ألا أحْبُوكَ (2)، ألا أفعل بك عشر خصالٍ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمدهُ، وصغيره وكبيره، وسرهُ وعلانتيه، عشر خصال: أن تصلى أربع ركعاتٍ تقرأُ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورة (3)
فإذا فرغت من القراءة في أول ركعةٍ فقل وأنت قائم: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرةً، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشراً، ثم ترفع
(1) أكد صلى الله عليه وسلم لمصلى الضحى أن يبشر برحمة الله، وبدخول الجنة من طريق مخصوصة تناديه ملائكة الرحمة، فيتفضل من هذا الباب المستطاب.
(2)
أخصك بفائدة جليلة وهبة جزيلة الثواب كثيرة الأجر.
(3)
أي سورة من القرآن تسبح 15 مرة في الركوع، وكذا في الاعتدال، وكذا في السجود وكذا في الاعتدال من السجود، وكذا في السجود ثم الاعتدال، ومجموع التسابيح خمس وسبعون هذه ثمرة دانية سبب الغفران والرضوان فافعلها أيها المسلم ولو مرة في عمرك، واذكر في صغرى أن زارنا أحد العلماء الفضلاء العاملين فألقى درساً شيقا في فائدة صلاة التسبيح ففقهها كثيرون، وعلموا بها، ورأيت والدى رحمه الله تعالى يحافظ عليها، واقتدى به أعمامى وآخرون، وهى خلاصة تنزيه الله وحمده وتوحيده، وأنه الجليل العظيم الشأن، وقد رأيت محبته لسيدنا جعفر بن أبى طالب، ومقابلته صلى الله عليه وسلم له بالبشاشة والاعتناق، وتقبيل عينيه، وتعلمه هذه الدرة المصونة من خزائن رحمة الله تعالى (ألا أسرك ألا أمنحك) الحديث، ثم قال عليه الصلاة والسلام لعمه:(ألا أصلك) وعدها صلى الله عليه وسلم صلة وبراً وشفقة وهدية ونصيحة لأنها سببب غفران الذنوب، وإن كثرت مثل رمل الصحراء، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن يقول المصلى بعد تكبيرة الإحرام:(سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) ويتمم، وفى ركوعه:(سبحان ربى العظيم) وفى سجوده: (سبحان ربى الأعلى) ثم يسبح التسبيحات كما في الحديث .. قال تعالى: (يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم هو الذى بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليه آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم) 3 سورة الجمعة. أي يرشدهم القرآن والشريعة، ومعالم الدين.
رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوى ساجداً فتقول وأنت ساجدٌ عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعةٍ تفعل ذلك في أربع ركعات وإن استطعت أن تصليها في كل يومٍ مرةً فافعل، فإن لم تستطع ففى كل جمعةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي كل شهرٍ مرةً، فإن لم تفعل ففى كل سنةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً. رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، وقال: إن صحَّ الخبرُ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئاً، فذكره، ثم قال: ورواه إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة مرسلاً لم يذكر ابن عباس.
(قال الحافظ): ورواه الطبراني، وقال في آخره:
فلو كانت ذنوبك مثل زبد البحر، أو رمل عالجٍ غفر الله لك.
(قال الحافظ): وقد رُوى هذا الحديث من طرق كثيرة، وعن جماعة من الصحابة وأمثلها حديث عكرمة هذا. وقد صححه جماعة: منهم الحافظ أبو بكر الآجرىّ، وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسى رحمهم الله تعالى. وقال أبو بكر بن أبى داود: سمعت أبى يقول: ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا، وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى: لا يروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا، يعنى إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس، وقال الحاكم: قد صحت الرواية عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ابن عمه هذه الصلاة، ثم قال: حدثنا أحمد بن داود بمصر حدثنا إسحاق بن كامل حدثنا إدريس بن يحيى عن حيوة بن شريح عن يزيد بن أبى حبيب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبى طالب إلى بلاد الحبشة، فلما قدم اعتنقه، وقَبَّلَ بين عينيه، ثم قال: ألا أهبُ لك، ألا أسرك، ألا أمنحك؟ فذكر الحديث، ثم قال: هذا إسناد صحيح لا غبار عليه.
(قال المملى) رضي الله عنه: وشيخه أحمد بن داود بن عبد الغفار أبو صالح الحرانى، ثم المصري تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه الدارقطنى.
2 -
وروى عن أبي رافعٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: يا عم ألا أحبوك، ألا أنفعك، ألا أصلك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فصل أربع ركعاتٍ تقرأُ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، فإذا انقضت القراءةُ فقل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرةً قبل أن تركع، ثم اركع فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشرا، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشرا قبل أن تقوم، فذلك خمسٌ وسبعون في كل ركعةٍ، وهى: ثلاثمائةٍ في أربع ركعاتٍ، فلو كانت ذنوبك مثل رمل عالجٍ غفرها الله لك. قال: يا رسول الله، ومن لم يستطع يقولها في كل يومٍ؟ قال: قُلها في كل جمعةٍ، فإن لم تستطع فقلها في كل شهر، حتى قال: فقلها في سنةٍ. رواه ابن ماجه والترمذي والدراقطنى والبيهقى، وقال:
كان عبد الله بن المبارك يفعلها، وتداولها الصالحون بعضهم من بعضٍ، وفيه تقويةٌ للحديث المرفوع انتهى. وقال الترمذي: حديث غريب من حديث أبى رافع، ثم قال: وقد رأى ابن المبارك وغير واحدٍ من أهل العلم صلاة التسبيح، وذكروا الفضل. حدثنا أحمد بن عبدة الضّبىّ حدثنا أبو وهب قال:
سألت عبد الله بن المبارك عن الصلاة التي يُسبح فيها؟ قال: يُكبرُ، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمد، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول خمس عشرة مرةً: سبحان الله والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم يتعوذ ويقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وفاتحة الكتاب وسورة، ثم يقول عشرة مراتٍ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم يركع فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد الثانية فيقولها عشراً يصلى أربع ركعاتٍ على هذا، فذلك خمس وسبعون تسبيحة، في كل ركعةٍ، يبدأ في كل ركعةٍ بخمس عشرة تسبيحةً، ثم يقرأُ، ثم يُسبح عشراً، فإن صلى ليلاً فأحبُّ أن يسلم فى كل ركعتين، وإن صلى نهاراً، فإن شاء سلم، وإن شاء لم يسلم. قال أبو وهب: وأخبرنى عبد العزيز هو ابن أبى رزمة عن عبد الله أنه قال:
يبدأ في الركوع: بسبحان ربى العظيم، وفي السجود: بسبحان ربى الأعلى ثلاثاً، ثم يسبح التسبيحات. قال أحمد بن عبدة: وحدثنا وهب بن زمعة. قال أخبرنى عبد العزيز وهو ابن أبى رزمة. قال قلت لعبد الله بن المبارك:
إن سها فيها أيسبِّحُ في سجدتى السهو عشراً عشراً؟ قال: لا. إنما هي ثلاثمائة تسبيحةٍ. انتهى ما ذكره الترمذي.
(قال المملى الحافظ) رضي الله عنه: وهذا الذى ذكره عن عبد الله بن المبارك من صفتها موافق لما في حديث ابن عباس، وأبى رافع إلا أنه قال:
يسبح قبل القراءة خمس عشرة، وبعدها عشراً، ولم يذكر في جلسة الاستراحة تسبيحاً؛ وفي حديثيهما: أنه يُيسبح بعد القراءة خمس عشرة مرةً، ولم يذكر قبلها تسبيحاً ويسبح أيضا بعد الرفع في جلسة الاستراحة قبل أن يقول عشراً.
3 -
وروى البيهقى من حديث أبى حباب الكلبي عن أبي الجوزاء عن ابن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال لى النبى صلى الله عليه وسلم: ألا أحبوك، ألا أُعطيك، فذكر الحديث بالصفة التى رواها الترمذي عن ابن المبارك، ثم قال: وهذا يوافق ما رويناه عن ابن المبارك، ورواه قتيبة بن سعيد عن يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم عن أبي الجوزاء، قال: نزل على عبد الله بن عمرو بن العباص فذكر الحديث، وخالفه في رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر التسبيحات في ابتداء القراءة إنما ذكرها بعدها، ثم ذكر جلسة الاستراحة كما ذكرها سائرُ الرواة انتهى.
(قال الحافظ): جمهور الرواة على الصفة المذكورة في حديث ابن عباس، وأبى رافع، والعمل بها أولى، إذ لا يصح رفع غيرها، والله أعلم.
4 -
وروى عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ياغلام ألا أحبوك، ألا أنحلك (1)، ألا أُعطيك؟ قال قلت: بلى بأبى أنت (2) وأُمى
(1) ألا أقدم لك هدية، وفيه (ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن)، والنحل: العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق، وأنت ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبذل العلم مرشدا إلى صراط العزيز الحميد.
(2)
أفديك بأبى وأمى، وكان هذا عند العرب أعز شئ يفدون به.
يا رسول الله، قال: فظننت أنه سيقطع لى قطعةً من مالٍ، فقال لى: أربع ركعاتٍ تُصليهن، فذكر الحديث كما تقدم، وقال في آخره:
فإذا فرغت قلت بعد التشهد، وقبل السلام: اللهم إنى أسألك توفيق (1) أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين (2)، ومناصحة (3) أهل التوبة، وعزم أهل (4) الصبر، وجدَّ (5) أهل الخشية، وطلب أهل (6) الرغبة، وتبعد (7) أهل الورع، وعرفان (8) أهل العلم حتى أخافك، اللهم إنى أسألك مخافةً تحجزنى (9) عن معاصيك حتى أعمل بطاعتك عملاً أستحق به رضاك، وحتى أُناصحك (10) بالتوبة خوفاً منك، وحتى أُخلص لك النصيحة حباً لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور حسن ظن بك، سبحان خالق النور، فإذا فعلت ذلك ياابن عباسٍ غفر الله لك ذنوبك كلها، صغيرها وكبيرها، وقديمها وحديثها، وسرها وعلانيتها، وعمدها وخطأها. رواه الطبراني في الأوسط، ورواه فيه أيضاً عن أبي الجوزاء قال:
قال لى ابن عباسٍ: ياأبا الجوزاء ألا أحبوك (11) ألا أُعلمك ألا أُعطيك؟ قلت بلى، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى أربع ركعاتٍ، فذكر نحوه باختصار، وإسناده واهٍ، وقد وقع في صلاة التسبيح كلامٌ طويلٌ، وخلافٌ منتشرٌ، ذكرته في غير هذا الكتاب مبسوطا، وهذا كتاب ترغيب وترهيب، وفيما ذكرته كفاية.
5 -
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن أم سليمٍ غدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: علمنى كلماتٍ أقولهن في صلاتى، فقال: كَبِّرِى (12) الله عشراً،
(1) أطلب منك الهداية لعمل الصالحين المهتدين.
(2)
الإيمان الثابت.
(3)
الانقياد لراجعين إلى الله وإطاعتهم في الحق وعدم الخروح عليهم.
(4)
وثبات الذين حبسوا أنفسهم على طاعة الله، وعدم الجزع بالمصائب.
(5)
وفعل إتقان الذين يخافون الله.
(6)
وطلب الذين يدعونك رغباً ورهباً، ويرجون رحمتك، ويخشون عذابك.
(7)
وطاعة الزاهدين، وعبادة المتبتلين.
(8)
ومعرفة من علمتهم بكتابك وسنة نبيك فقهوا مرماه وعقلوا مغزاه، وأدركوا معناه.
(9)
تمنعنى، وتكون حائلا عما يغضبك.
(10)
أخلص، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة).
(11)
ألا أعطيك. يقال: حباه كذا وبكذا: إذا أعطاه، والحباء: العطية أهـ نهاية. جمل مترادفة تدل على كثرة المعنى. وجزيل الثواب من المنان الرحمن المنزه عن النقائض.
(12)
كبرى الله: كذا ع ص 224، وفى ن د: وسبحيه.