الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في الوضوء وإسباغه
1 -
عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم في سؤال جبرائيل إياه عن الإسلام فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن تُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تُتمَّ الوضوء (1)، وتصوم رمضان. قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلمٌ؟ قال: نعم، قال: صدقت. رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا، وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه، بغير هذا السياق.
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أُمتى يُدَعونَ يوم القيامة غُرًّا (2) مُحَجَّلين (3) من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّته فليفعل. رواه البخاريّ ومسلم، وقد قيل إن قوله: من استطاع إلى آخره، إنما هو مدرج من كلام أبى هريرة موقوف عليه، ذكره غير واحد من الحفاظ، والله أعلم.
3 -
وَلِمُسلمٍ عن أبي حازم قال: كنت خلف أبى هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه، فقلت له: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني الله فروخ أنتم هاهنا! لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تبلغ الحلية (4) من المؤمن حيث الوضوء. ورواه ابن خزيمة
(1) أي أن تتقن الأعمال الظاهرة التى تنبئ عن اتباع الدين الحنيفى المحمدى وأن تؤدى سننه وأن تفعل أركانه.
(2)
الغر جمع الأغر من الغرة: بياض الوجه، يريد صلىلله عليه وسلم بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة، وأصل الغرة البياض في وجه الفرس.
(3)
أي بيض المواضع الوضوء من الأيدى والوجه والأقدام استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذى يكون في وجهه الفرس ويديه ورجليه.
(4)
أي المبالغة في الوضوء أعظم حلية يتحلى بها المؤمن وأغلى كنز يدخر ثوابه عند الله وأبهى نور يكون له يوم القيامة بمعنى التحقيق في مرور الماء على العضو، وزيادة ما فوق السنة من نهاية العضو المقرر للوضوء. فأنت تجد سيدنا أبا هريرة بالغ حتى وصل الماء إلى إبطه فوق المرفقين بمسافة بعيدة كما قال سيدنا عبد الله ابن عمر (نور على نور) فليحذر المسلمون من السرعة في الوضوء وعدم إتمام مرور الماء على العضو، وأرجو ألا يتكلموا أثناء الوضوء خشية أن يزول بها النور الذى يظلهم أثناءه، وأن يخللوا الأصابع ويتحرزوا إزالة الأوساخ التى تعلق بالأطراف، وليجتهدوا أن يكونوا دائماً على وضوء:(الوضوء سلاح المؤمن)، وقد سمع رسول الله صلى الله وسلم دف نعلى بلال في الجنة، وسأل بالا عن سبب ذلك، فأجاب: أنه كلما أحدث توضأ وصلى ركعتين لله.
في صحيحه بنحو هذا إلا أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الحليةَ تبلغُ مواضع الطهور.
(الحلية) ما يحلي به أهل الجنة من الأساور ونحوها.
4 -
وعنهُ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار (1) قوم مؤمنين، وإنا إن شاء (2) لله بكم عن قريب لاحقون، وددتُ (3)
أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابى، وإخوانُنَا الذين لم يأتوا بعد. قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أُمتك يا رسول الله؟ قال: أرأيت لو أن رجلاُ له خيل غُرٌّ مُحجَّلَةٌ بين ظهرى (4) خيل دهمٍ (5) بهُم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فإنهم يأتون غُرًّا مُحجلين من الوضوء، وأنا فرطُهُمْ على الحوض (6). رواه مسلم وغيره.
(1) منصوب على الاختصاص، والمراد بالدار الجماعة أو ياأهل الدار.
(2)
وفي قوله صلى الله عليه وسلم (وإنا إن شاء الله عن قريب لاحقون) استثناء للتبرك وامتثال أمر الله تعالى في قوله (ولا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله). وحكى الخطابي وغيره أنه عادة للمتكلم يحسن به كلامه أهـ نووى. وإن الموت لا شك فيه. * الموت باب وكل الناس داخله *.
(3)
قال النووي ص 138 - قال العلماء في الحديث جواز التمنى لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم:(وددت أنا قد رأينا إخواننا) أي رأيناهم في الحياة الدنيا. قال القاضى عياض: بقوله صلى الله عليه وسلم: (وددت أنا قد رأينا إخواننا) أي رأيناهم في الحياة الدنيا. قال القاضى عياض: وقيل المراد تمنى لقائهم بعد الموت، وقال الإمام الباجى قوله صلى الله عليه وسلم: بل أنتم أصحابى ليس نفياً لأخوتهم، ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة، فهؤلاء إخوة صاحبة، والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة، كما قال الله تعالى:(إنما المؤمنون إخوة) أهـ.
ولا تنس ياأخى فضل صحبة رسول الله صلىلله عليه وسلم حتى إن من رآه من عمره، وحصلت له مزية الصحبة أفضل من كل من يأتى بعد، كما قال العلماء، وكما قال صلى الله عليه وسلم:(لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه).
(4)
معنى بينظهرى: بينهما.
(5)
جمع أدهم، وهو الأسود، والدهمة: السواد، وأما البهم فقيل السود أيضا، وقيل إليهم الذى لا يخالط لونه لوناً سواء، سواء أكان أسود، أو أبيض، أو أحمر، بل يكون لونه خالصا، وهذا قول ابن السكيت وأبى حاتم السختيانى وغيرهما أهـ نووى ص 139.
(6)
قال الهروى وغيره: أي أنا أتقدمهم على الحوض. قال النووي: يقال فرط القوم: إذا تقدمهم ليرتدى لهم الماء، ويهيئ لهم الدلاء والرشاء، وفي هذا الحديث بشارة لهذه الأمة زادها الله تعالى شرفاً، فهنيئاً لمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرطه أهـ، وزاد مسلم في هذه الرواية:(ألا ليذادن رجال عن حوضى كما يزاد البعير الضال. أناديهم: ألا هلم، فيقال إنهم بدلوا بعدك. فأقول: سحقاً سحقاً).
5 -
وعن زرً عن عبد الله رضى الله عنه أنهم قالوا يا رسول الله: كيف تعرف من لم تر من أُمتك؟ قال: غُرٌّ محجلون بُلْقٌ (1) من آثار الوضوء. رواهابن ماجه وابن حبان في صحيحه، ورواه أحمد والطبراني بإسناد جيد نحوه من حديث أبى أمامة.
الترغيب في إسباغ الوضوء
6 -
وعن أبي الدرداء رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولُ من يُؤذَنُ له بالسجود يوم القيامة، وأنا أول من يرفع رأسه فأنظر بين يدىَّ فأعرف أُمتى من بين الأُمم، ومن خلفى مثل ذلك، وعن يمينى مثل ذلك، وعن شمالى مثل ذلك فقال رجلٌ: كيف تعرف أُمتك يا رسول الله من بين الأمم فيما بين نُوحٍ إلى أُمتك؟ قال: هم غُرُّ مُحَجَّلُون من أثر الوضوء ليس لأحدٍ كذلك غيرهم وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم تسعى بين أيديهم ذُريتهم. رواه أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة، وهو حديث حسن في المتابعات.
7 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأَ العبد المسلم، أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كُلُّ خطيئةٍ نظر إليها بعينه مع الماء، أو مع (2) آخر قطرة الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئةٍ كان بطشتها (3) يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئةٍ مشتها رجلاهُ مع الماء، أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.
رواه مالك ومسلم والترمذي، وليس عند مالك والترمذي غسل الرجلين.
8 -
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره.
وفي روايةٍ: أن عُثمان توضأ ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وُضُوئي هذا، ثم قال: من توضأ هكذا غُفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته
(1) جمع أبلق، تتألف جباههم ويظهر فيها النور والبهاء: إذ البلق سواد وبياض، وكذا البلقة، ويقال: فرس أبلق وبلقاء.
(2)
شك من الراوى، والمراد بالخطايا الصغائر. قال القاضى: والمراد بخروجها مع الماء المجاز والاستعارة في غفرانها لأنها ليست بأجسام فتخرج حقيقة، والله أعلم.
(3)
اكتسبتها.
ومشيه إلى المسجد نافلةً (1). رواه مسلم، والنسائي مختصراً، ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرئٍ يتوضأُ فيحسن وُضُوءَهُ إلا غُفِرَ له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يُصليها. وإسناده على شرط الشيخين، ورواه ابن خزيمة في صحيحه مختصراً بنحو رواية النسائي، ورواه ابن ماجه أيضاً باختصار، وزاد في آخره: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغترُّ أحدٌ. وفي لفظ النسائي قال: من أتمَّ الوضوء كما أمره الله فالصلوات الخمس وكفَّارات لما بينهن.
الترغيب في إسباغ الوضوء
9 -
وعنه رضي الله عنه أنه توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: من توضأ مثل وُضُوئى هذا، ثم أتى المسجد فركع ثم جلس، غفر له ما تقدم من ذنبه (2)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاتغتروا (3). رواه البخاري وغيره.
10 -
وعنه رضى الله عنه أيضا أنه دعا بماءٍ فتوضأ، ثم ضحك فقال لأصحابه: ألا تسألونى ما أضحكنى؟ فقالوا: ما أضحكك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ كما توضأت ثم ضحك (4) فقال: ألا تسألونى ما أضحكك؟ فقالوا:
(1) أي زيادة حسنات، بمعنى أن الوضوء يزيل الذنوب الصغائر. قال النووي: صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات، ورفعت به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر، والله أعلم أهـ ص 113.
(2)
قال النووي: المراد بالغفران غفران الصغائر دون الكبائر، وفيه استحباب صلاة ركعتين فأكثر عقب كل وضوء، وهو سنة مؤكدة - قال جماعة من أصحابنا: ويفعل هذه الصلوات في أوقات النهى وغيرها لأن لها سببا واستدلوا بحديث بلال رضي الله عنه أنه كان متى توضأ صلى، وقال: إنه أرجى عمل عمله، ولو صلى فريضة أو نافلة مقصودة حصلت له هذه الفضيلة كما تحصل تحية المسجد بذلك، والله أعلم أهـ 108.
(3)
أي لا تركنوا إلى هذا الغفران بلا عمل صالح تقدمونه. أنعم بك يا رسول الله ونعم المؤدب أنت، تحث المسلمين على إتمام الوضوء واستكمال الفروض والسنن رجاء أن يعفو من الصغائر، ثم تدعوهم إلى تشييد قصور الصالحات، وغرس المكارم الطيبات، وعدم الغرور، والزهو، والتقصير، والاكتفاء بثواب الوضوء: إن المؤمن من استكثر من الخير وعده قليلا في كتابه، ولن يرسخ الإيمان في القلب، وتثمر دوحته إلا إذا شعر الإنسان أنه في حاجة إلى تكميل، وسعى إلى تحميل نفسه، وتخلى عن الرذائل، وتحلى بالفضائل، ويطلب المزيد ما عاش، ويتقصى نقائصه فيتكمل، وينظر بمنظار المستفيد، ويتجنب العجب والافتخار بعمله. يقولون في الحكم: من اغتر بعمله هلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم:(لن يدخل أحدًا عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: ولا أنا إلا إن يتغمدنى الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا).
(4)
ضحك صلى الله عليه وسلم فرحاً بفضل الله وتكرمه بإزاحة الذنوب الصغيرة جزاء أفعال الوضوء، وزاد سروره مضاعفة حسناته.
ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: إن العبد إذا دعا بوضوء فغسل وجهه حط الله عنه كل خطيئة أصابها بوجهه، فإذا غسل ذراعيه كان كذلك، وإذا طهر قدميه كان كذلك. رواه أحمد بإسناد جيد، وأبى يعلى، ورواه البزار بإسناد صحيح، وزاد فيه: فإذا مسح رأسهُ كان كذلك.
ما جاء في إسباغ الوضوء
11 -
وعن حُمران رضي الله تعالى عنه قال: دعا عثمان رضي الله عنه بوضوء وهو يريدُ الخروج إلى الصلاة في ليلة باردةٍ فجئته بماءٍ فغسل وجهه ويديه، فقلت: حسبك (1) الله والليلة شديدة البرد، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يُسبغُ (2) عبدٌ الوضوء إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. رواه البزار بإسناد حسن.
12 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل فيُصلحُ الله بها عمله كُلَّهُ، وطهور الرجل لصلاته يُكفرُ الله بطهوره ذنوبه (3)، وتبقى صلاته له نافلة. رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط من رواية بشار بن الحكم.
13 -
وعن عبد الله الصنابحىِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظافر رجليه، ثم كان مشيهُ إلى المسجد (4)
(1) كافيك الله.
(2)
يكمل ويتمم الأركان والسنن ويجتهد في مرور الماء على جميع الأعضاء.
(3)
أجمعت الأمة على أن الطهارة شرط صحة الصلاة. والطهور المراد به الفعل بضم الطاء ويجوز فتحها، منه قوله صلى الله عليه وسلم (الطهور شطر الإيمان) أي الأجر فيه ينتهى تضيعفه إلى نصف أجر الإيمان من 100 نووى. وتحرم الصلاة بغير طهارة منماء أو تراب.
(4)
أي بأفعال الوضوء أزال الله سيئاته الصغيرة وضاعف حسنات خطواته إلى المسجد، وثواب صلاته، وكان ذلك كنزا، وذخيرة له.
وصلاته نافلة. رواه مالك والنسائي، وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرطهما، ولا علة له، والصنابحىّ. صاحبى مشهور.
ماجاء في إسباغ الوضوء
14 -
وعن عمرو بن عنبسة السُّلَمِىَّ رضي الله عنه قال: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالةٍ، وأنهم ليسوا على شيءٍ وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل في مكة يُخبرُ أخباراً فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث إلى أن قال: فقلت: يا نبىَّ الله فالوضوء حدثنى عنه، فقال: ما منكم رجلٌ يُقَرِّبُ وضوءَه (1) فيمضمض (2)، ويستنشق (3) فيستنثر (4) إلا خرجت خطايا وجهه من فيه وخياشيمه (5)، ثم إذا غسل وجهه كما أمر الله إلا خرت (6) خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرَّت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام، وصلى فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ومجده (7) بالذى هو له أهل، وفرَّغَ (8) قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه (9). رواه مسلم.
15 -
وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيُّما رجلٍ قام إلى وضوئه يريد الصلاة، ثم غسل كفيه نزلت كل خطيئةٍ من كفيه مع أول قطرةٍ، فإذا مضمض، واستنشق واستنثر، نزلت خطيئته من لسانه وشفتيه مع أول قطرة، فإذا غسل وجهه نزلت كل خطيئة من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب كهيئته يوم ولدته أمه. قال: فإذا قام إلى الصلاة رفع الله درجته، وإن قعد قعد سالماً. رواه أحمد وغيره
(1) بالفتح: الماء الذى يتوضأ منه، وهو أيضا مصدر كالولوع، والقبول، وقيل المصدر بالضم.
(2)
يضع الماء في فمه.
(3)
يضع الماء في طرف أنفه.
(4)
يخرج الماء من أنفسه مع مخاط، أو شبهه.
(5)
فمه وأطراف أنفه.
(6)
سقطت.
(7)
عظمه وعبده.
(8)
انقطع عن مشاغل الدنيا ووساوسها، وصرف ذهنه وقلبه لله ولعبادته.
(9)
بمعنى أن صحيفته نقية طاهرة بيضاء سالمة من الصغائر.
من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب، وقد حسنها الترمذي لغير هذا المتن، وهو إسناد حسن في المتابعات لا بأس به.
16 -
وفي راويةٍ له أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ (1) الوضوء: غسل يديه ووجهه، ومسح على رأسه وأُذنيه، وغسل رجليه، ثم قام إلى صلاة مفروضة، غفر له في ذلك اليوم ما مشت (2) إليه رجله، وقبضت عليه يداه، وسمعت إليه أُذناه، ونظرت إليه عيناه، وحدث به نفسه من سوءٍ (3). قال: والله لقد سمعته من نبى الله صلى الله عليه وسلم مالا أُحصيه.
17 -
ورواه أيضا بنحوه من طريق صحيح، وزاد فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوضوء يكفر ما قبله ثم تصير الصلاة نافلة.
18 -
وفي أُخرَى له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره، ويديه، ورجليه، فإن قعد قعد مغفورا له. وإسناد هذه حسن.
19 -
وفي أُخرى له أيضاً: إذا توضأ المسلم فغسل يديه كفر عنه ما عملت يداه، فإذا غسل وجهه كفر عنه ما نظرت إليه عيناه، وإذا مسح برأسه كفر به ما سمعت أُذناه، فإذا غسل رجليه كفر عنه ما مشت إليه قدماه، ثم يقوم إلى الصلاة فهى فضيلة، وإسناد هذه احسن أيضا.
(1) فأتم وأفاض.
(2)
يعنى أن الله تعالى يغضى عن هفوات خطواته إذا مشت في صغائر، ويعفو عما اقترفت يداه، ويسامح سمعه وبصره إذا سمع أو نظر على الذنوب الصغائر.
(3)
الله يتكرم بغفران ما مر بخاطره أو فكر فيه، وحسبك قول الله تبارك وتعالى (وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) وفسر هذه الآية حديث البخاري في قوله صلى الله عليه وسلم (إن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزلت عليه (وأقم الصلاة) الآية. قال الرجل ألي هذه؟ قال عليه الصلاة والسلام: لك ولمن عمل بها من أمتى) والطرف الأول الصبح، والثانى الظهر والعصر، وزلف الليل المغرب والعشاء، أو ساعات بعد ساعات. قال القسطلاني: أي هذه الآية بأن صلاتى مذهبة لمعصيتى مختصة بى أو عامة للناس كلهم؟ وفيه عدم الحد فى القبلة ونحوها وسقوط التعزير عمن أتى شيئا منها وجاء تائباً نادماً، وقال ابن المنذر: يؤخذ منه أنه لا حد على من وجد مع أجنبية في لحاف واحد، والله أعلم. أهـ ص 170 جواهر البخاري شرح القسطلاني.
وقال النسفى في تفسير قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات) إن الصلوات الخمس يذهبن الذنوب، وفى الحديث (إن الصلوات الخمس تكفر ما بينها من الذنوب أو الطاعات) قال عليه الصلاة والسلام:(أتبع السيئة الحسنة تمحها). أو سبحان الله. والحمد لله. ولا إله إلا الله. والله أكبر أهـ ص 159.
وفى رواية للطبرانى في الكبير. قال أبو أُمامة: لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سبع مراتٍ ما حدثت به. قال: إذا توضأ الرجل كما أُمر ذهب الإثم (1) من سمعه، وبصره، ويديه ورجليه وإسناده حسن أيضاً.
الطهور شطر الإيمان الخ
21 -
وعن ثعلبة بن عبادٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: ما أدرى كم حدّثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجاً أو أفراداً، قال: ما من عبدٍ يتوضأُ فيحسن الوضوء فيغسل وجهه حتى يسيل الماء على ذقنه، ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه ثم غسل رجليه حتى يسيل الماء من كعبيه، ثم يقوم فيصلى إلا غفر له ما سلف من ذنبه رواه الطبراني في الكبير بإسناد لِّين.
(الذقن) بفتح الذال المعجمة والقاف أيضاً: وهو مجتمع اللَّحيين من أسفلهما.
22 -
وعن أبي مالك الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور (2)
شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان (3)، وسبحان الله، والحمد لله تملآن، أو تملأ ما بين السماء والأرض (4)، والصلاةُ نورٌ (5)، والصدقة برهان (6)
(1) الذنب الصغير يعفو الله عنه تفضلا جزاء إقدامه على الطهارة.
(2)
بضم الطاء الفعل على المختار، ويجوز فتحها، والمعنى: النظافة، والنقاء، والإقدام على الطهارة نصف التصديق بالله، والإيمان به، وسبب الإقبال على الطاعات، والإكثار من العبادات، وشطر بمعنى نصف.
وقيل المراد بالإيمان الصلاة، والطهارة شرط في صحتها كما قال الله تعالى:(وما كان الله ليضيع إيمانكم) وقيل معناه الإيمان تصديق بالقلب، وانقياد بالظاهر، وهما شطران للإيمان، والطهارة متضمنة الصلاة فهى انقياد في الظاهر.
(3)
عظم أجرها عند الله حتىن ثوابها تملأ حسناته الميزان فيرجح لقائلها والمحافظ على ذكر الله وحمده، وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الأعمال، وثقل الموازين وخفتها.
(4)
لو قدر ثوابهما جسما لملأ ما بين السموات والأرض، وبسبب عظم فضلهما ما اشتملت عليه من التنزيه لله تعالى بقوله: سبحان الله والتفويض والافتقار إلى الله تعالى بقوله والحمد لله - والله أعلم أهـ نورى ص 101.
(5)
قال النووي: معناه أنها تمنع من المعاصى وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدى إلى الصواب كما أن النور يستضاء به، وقيل معناه أن يكون أجرها نورا لصاحبه يوم القيامة، وقيل لأنها سبب لإشراق أنوار المعارف وانشراح القلب ومكاشفات الحقائق لفراغ القلب فيها، وإقباله على الله تعالى بظاهره وباطنه، وقد قال الله تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة) وقيل معناه أنها تكون به نورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة، ويكون في الدنيا أيضا على وجهه البهاء، بخلاف من لم يصل، والله أعلم. أهـ.
(6)
قال صاحب التحرير: معناه يفزع إليها كما يفزع إلى البراهين، كأن العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله كانت صدقاته براهين في جواب هذا السؤال فيقول تصدقت به - قال ويجوز أن يوسم المتصدق بسيماء يعرف =
والصبر (1) ضياء، والقُرآن حجةٌ لك أوعليك (2)
كل الناس يغدو (3) فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها. رواه مسلم والترمذي وابن ماجه إلا أنه قال: إسباغ الوضوء شطر الإيمان، ورواه النسائي دون قوله: كُلُّ الناس يغدُوا إلى آخره.
(قال الحافظ عبد العظيم) وقد أفردت لهذا الحديث وطرقه وحكمه وفوائده جزءاً مفرداً.
33 -
وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلمٍ يتوضأ فيسبغ (4) الوضوء، ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول إلا انفتل (5) وهو كيوم ولدته أُمه. الحديث. رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.
= بها فيكون برهانا له على حاله ولا يسأل عن مصرف ماله - وقال غير صاحب التحرير: معناه الصدقة حجة على إيمان فاعها، فان المنافق يمتنع منها لكون لا يعتقدها فمن تصدق استدل بصدقته على صدق إيمانه، والله أعلم.
(1)
حبس النفس على طاعة الله تعالى، والامتناع عن المعاصى، وتحمل النائبات، وأنواع المكاره في الدنيا: قال النوى: والمراد أن الصبر محمود، ولا يزال صاحبه مستضيئا مهتديا مستمرا على الصواب، قال إبراهيم الخواص: الصبر: هو الثبات على الكتاب والسنة. وقال ابن عطاء الله: الصبر الوقوف مع البلاء بحسن الأدب. وقال الأستاذ أبو على الدقاق رحمه الله تعالى: حقيقة الصبر ألا يعترض على المقدور، فأما إظهار البلاء لا على وجه الشكوى فلا ينافى الصبر قال الله تعالى في أيوب عليه السلام:(إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب) مع أنه قال: (إنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين) أهـ. والله أعلم. وقال تعالى في سورة هود: (واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين).
(2)
قال النووي رحمه الله تعالى معناه ظاهر: أي تنتفعبه إن تلوته وعملت به، وإلا فهو حجة عليك أهـ ص 102.
يا أخى القرآن يتلى الآن أمامك، وتسمعه بأذنك، فعليك أن تعمل به، وتصغى لإرشاداته، وتتحلى بآدابه لتصل إلى الله وتفوز، ولا تفرط في درره، ولاتضيع لآلئه، وحذار أن تهمل نصائحه، وخشية أن يكون لك يوم القيامة العدو الألد، والخصم القوى الحجة عليك. قال الله تعالى:(إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعلمون الصالحات أن لهم أجر كبيرا. وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة، أعتدنا لهم عذابا أليما) 11 من سورة الإسراء. قال البيضاوى: يبشر المؤمنين ببشارتين: ثوابهم، وعقاب أعدائهم أهـ.
إن فيه فئة الآن تترك تعاليم القرآن، وتنتسب إلى الإسلام، وهى على شفا جرف هار في النار، والدليل على ذلك أنها تجلس في مجالسة فتلغوا، وتتحدث أثناء القراءة، وتشرب الدخان، وتضحك، وتقهقه، وتهوش، وتلعب الشطرنج أو النارد - والقارئ يقرأ، وهكذا من صنوف قلة الأدب، وترك التأديب مع الله الذى أنزل القرآن للناس رحمة ونعمة - قال الله تعالى (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون).
(3)
قال النووي رحمه الله: معناه كل إنسان يسعى بنفسه، فمنهم من يبيعها لله تعالى بطاعته فيعتقها من العذاب ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتبعها فيوبقها أي يهلكها. والله أعلم: أهـ.
(4)
يتم.
(5)
خرج نقيا، ومن فتل لحبل إذا جمع دقائقه، وأوجد منها ما يصلح.
إسباغ الوضوء في المكاره الخ يغسل الخطايا غسلا
24 -
وعن علي بن أبى طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إسباغ الوضوء في المكاره (1)، وإعمال الأقدام (2) إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة (3) يغسل الخطايا غسلاً. رواه أو يعلى والبزار بإسناد صحيح، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم.
25 -
وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال: ألا أدُلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا (4) إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه بمعناه، ورواه ابن ماجه أيضاً، وابن حبان في صحيحه من حديث أبى سعيد الخدرى إلا أنها قالا فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدُلُّكم على ما يُكفرُ الله به الخطايا، ويزيدُ به في الحسنات، ويكفرُ به الذنوب؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكروهات، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط (5). رواه ابن حبان في صحيحه عن شرحبيل بن سعد عنه.
26 -
وروى عن على بن أبى طالب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أسبغ (6) الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان (7). رواه الطبراني في الأوسط.
(1) عند البرد، أو المصائب، فيتمم المتوضئ الفروض والسنن، ويعمد إلى الصلاة، ويرجو عفو الله.
(2)
الذهاب إلى المساجد للصلاة جماعة.
(3)
يصلى الفرض ويجلس حتى يأتى وقت الفريضة الأخرى.
(4)
كثرة المشى كل خطوة عشر حسنات وتمحو عشر سيئات، فالصالح من حافظ على صلاة الجماعة في المسجد وأكثر الخطوات رجاء الثواب، وعمرها بذكر الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(5)
قال ابن الأثير في النهاية: في الأصل: الإقامة على جهاد العدو بالحرب، وارتباط الخيل وإعدادها، فشبه ما ذكر من الأفعال الصالحة والعبادة بالرباط، وقال القتيبى أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهم في ثفر كل منهما معد لصاحبه فسمى المقام في الثغور رباطا، ومنه قولهم فذلكم الرباط، أي إن المواظبة على الطهارة، والصلاة والعبادة كالجهاد في سبيل الله تعالى فيكون الرباط مصدر رابط: أي لازمت، وقيل الرباط هاهنا اسم لما يربط به الشئ أي يشد، يعنى أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصى وتكفه عن المحارم ص 60 جـ 2.
(6)
أتم.
(7)
نصيبان من الأجر.
متى أتم الوضوء كما أمر الله فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن
27 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتانى الليلة آتٍ من ربى، قال يا محمد: أتدرى (1) فيم يختصم الملا الأعلى؟ قلت: نعم في الكفارات (2)، والدرجات (3)، ونقل الأقدام للجماعات (4)، وإسباغ (5) الوضوء في السَّبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخيرٍ، ومات بخيرٍ، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أُمه، رواه الترمذي في حديث يأتى بتمامه إن شاء الله تعالى في صلاة الجماعة، وقال حديث حسن.
(السبرات جمع سبرة، وهى شدة البرد.
28 -
وعن أُبى بن كعب رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ واحدة (6) فتلك وظيفة الوضوء التى لا بُدَّ منها، ومن توضأ اثنين فله كفلان من الأجر، ومن توضأ ثلاثا (7) فذلك وُضُوئى ووضوء الأنبياء قبلى، رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وفي إسنادهما زيد العمىّ، وقد وُثق، وبقية رواة أحمد رواة الصحيح، ورواة ابن ماجه أطول منه من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف.
29 -
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أتم الوضوء كما أمره الله فالصلوات المكتوبات كفاراتٌ لما بينهن، رواه النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح.
20 -
وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ كما أُمر (8)
وصلى كما أُمر غُفر له ما تقدم من
(1) أتعلم في أي شئ يتنازع ويتخاصم الملائكة سكان السماء، عباد الرحمن.
(2)
أسباب إزالة الخطايا، وحوز رضا الله، وقيل فضله، وكسب إحسانه.
(3)
الرقى والمحامد والفوز.
(4)
وثواب الخطا إلى المساجد: وحسبك قوله صلى الله عليه وسلم: (من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزله من الجنة كلما غدا أو راح).
(5)
إتمام.
(6)
اقتصر على واحدة، وهى أداء الفرض.
(7)
السنة أن يعمل ثلاثا، وهى الموافقة شرائعهم.
(8)
أي توضأ وضوءا حائزا تمام الفروض والسنن، وصلى بتؤدة، وتأن وكانت صلاته تامة الأركان والشروط والسنن.
قال القاضى عياض: محو الخطايا كناية عن غفرانها، قال: ويحتمل محوها من كتاب الحفظة، ويكون دليلا علىغفرانها، ورفع الدرجات إعلاء المنازل في الجنة. وإسباغ الوضوء تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد، وألم الجسم، ونحو ذلك، وكثرة الخطأ تكون ببعد الدار، وكثرة التكرار: أهـ ص 141 نووى. =
عملٍ، رواه النسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال:
= والدليل من الكتاب قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) إلى آخر الآية.
قال البيضاوى: أي إذا أردتم القيام، كقوله تعالى:(فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) عبر عن إرادة الفعل بالفعل المسبب عنها للإنجاز، والتنبيه على أن من أرد العبادة ينبغى أن يبادر إليها بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة - أو إذا قصدتم الصلاة لأن التوجه إلى الشئ إليه قصد له، وظاهر الآية وجوب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، وإن لم يكن محدثا، والإجماع على خلافة لما روى أنه عليه الصلاة والسلام صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد يوم الفتح فقال عمر رضي الله عنه: صنعت شيئا لم تكن تصنعه، فقال: عمدا فعلته، فقيل مطلق أراد به التقييد - والمعنى إذا قمتم إلى الصلاة محدثين. وقيل الأمر فيه للندب أهـ ص 169.
قال النووي: اختلف أصحابنا في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه: أحدها أنه يجب بالحدث وجوبا موسعا.
ثانيهما: ألا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة. ثالثها: يجب بالأمرين وهو الراجح أهـ.
الآية الثانية: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) 222 من سورة البقرة: أي يحب من طهر من الذنوب والأقذار، وبعد من الفواحش، وتنزه عن الكبائر، وأقدم إلى ربه نادما راجياً.
الآية الثالثة قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير)، 9 سورة التحريم: أي ارجعوا عن ذنوبكم واعزموا عزمة بالغة في النصح أو توبوا نصيحا لأنفسكم، وسئل على رضى الله عنه تعالى عن التوبة فقال: يجمعها ستة أشياء: على الماضى من الذنوب الندامة، وللفرائض الإعادة، ورد المظالم، واستحلال الخصوم. وأن تعزم على أن لا تعود، وكما قال صلى الله عليه وسلم (هم غر محجلون من أثر الوضوء).
اقرأ باب الوضوء أيها المسلم، وتمعن في تفهمه، وترو في درسه، تجد حلاوة الوضوء بها، وجمالا، ونظافة، وكمالا، وصحة ونورا - طهارة الفم من الأقذار الجراثيم الباقية من الطعام والشراب، والمحافظة على كنز الأسنان وحفظها من السوس الألد في الضرر. هذا إلى نظافة الفم مما علق به من الغبار والتراب ثم نظافة العينين والخدين (تعرف في وجوهم نضرة النعيم) والمعجزة الخالدة مسح الرأس حتى يتمرن الجسم على مصادمة الهواء، وحتى يزول العرق السام وحتى يتنعم الجسم نضارة، فلا يمرض من شدة الهواء، ولا تصيبه كحة، ولا ترمد عيناه، وعنه صلى الله عليه وسلم أخذت المدينة الحديثة اليوم: غسل الرأس، وكشفها وتمشيطها، وتعريضها للهواء، ثم تنظف القدمان من الأوساخ وتخلل الأصابع، وقد غبط الفرنجة المسلمين في هذه الفعلة المحمودة وعملوا صباحا وظهرا ومساء، وآسف من قوم يفعلونها نظافة وطهارة ولكن لا يصلون لعمى الوضوء مطهرة غفل الله عنها اللاهون عن الله، الناسون حقوق الله، والله تعالى ما فرضه إلا سياجا للحكمة وثمرة للصحة، وبابا للنظافة، وعنوانا للخير والبر والإحسان والكمال.
وهل تجد أبدع فائدة للوضوء من ميزة خاصة ونور يتلألأ يوم الشدائد والأهوال، فيميز الله الخبيث من الطيب فيردون على حوض رسول الله صلى الله عليه، وتحاط بهم ملائكة الرحمة، ويمدهم الله بظله، ويقيهم المكاره، ويمنع عنهم العذاب، ومصداق ذلك قوله تعالى:
(الدليل الرابع)(يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) 12 يوم يقول المنافقون للذين آمنوا =
غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه.
= انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، 13 ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغفرور، 14 فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير) 15 من سورة الحديد: أي الشئ الذى يوجب نجاتهم وهدايتهم إلى الجنة يتلألأ في جباههم تلألؤ الشمس في واضحة النهار، أو البدر في كبد السماء، تستقبلهم ملائكة الرحمة بحفاوة، وجليل استقبال وتحمل البشرى الحسنة بالنعيم المقيم، وينادي المنافقون والفاسقون انتظرونا أيها الصحاب. لماذا تسرعون إلى الجنة كالبرق الخاطف، أو انظروا إلينا. قال البيضاوى: فانهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم فيستضيئون بنور بين أيديهم أهـ، وقرأ حمزة: انظرونا. على أن اتئادهم ليلحقوا بهم إمهال لهم.
وإن جواب الصالحين لأولئك الكفرة اذهبوا إلى الدنيا دار العمل، ودار التحصيل، ودار الثواب والعقاب، هناك تكتسب المعارف الإلهية، والأخلاق الفاضلة، وتشيد الصالحات، وتطاع أوامر الرحمن الديان الحنان المنان. الباعث الوارث. ذي الجلال والإكرام، ابحثوا عن غير هذا تهكما بهم وتجديد الحسرة لهم، اليوم تجنون ثمرة أعمالكم وغوايتكم وضلالكم وغفلتكم من ربكم، ويقام جسر، أو حائط، أوحائل بين المؤمنين والمنافقين. الجهة الأولى: تلى الجنة، والصفحة الثانية: تلي النار، يقول المؤمنون: ذوقوا نتيجة الغواية والنفاق. فانكم تربصتم بالمؤمنين الدوائر، وشككتم في الدين، وغرتكم الآمال والأموال، وامتداد العمر، وحلم الله وصبره على معاصيكم، وكان قائدكم الشيطان الخناس، وزهزهت لكم الدنيا وزخارفها. وشاهدنا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث 5 (وودت أنا قد رأينا إخواننا، وإخواننا لم يأتوا بعد، يأتون غرا محجلين من الوضوء) وإن كان البيضاوى رحمه الله علق قوله تعالى: (يوم ترى) الظرف على قوله تعالى فيضاعفه، أو قدر باذكر (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له، وله أجر كريم) 12 من سورة الحديد والله فضله واسع يجازي المحسن المتصدق؛ ويجازى المتوضئ أيضا إذ رحمته لا حد لها.
وفي الحديث بيان الوضوء الكامل، وقد عبر عنه الفقهاء بفرائض:
(1)
النية: وهي قصد الشئ مقترنا بفعله، فينوي الشخص رفع الحدث الأصغر وتكون النية مقرونة بغسل أول جزء من الوجه، ومحلها القلب، وحكمها الوجوب.
(2)
غسل الوجه، وطوله من منابت شعر الرأس المعتاد إلى مجمع اللحيين، وعرضه من الأذان إلى الأذن، ويجب إزالة ما على الوجه من وسخ أو رمص يمنع من وصول الماء، وغسل الهدب، والشارب، والحاجب، والعنفقة، والعذار.
(3)
غسلى اليدين مع المرفقين.
(4)
مسح بعض الرأس.
(5)
غسل الرجلين مع الكعبين، ويجب غسل ما بين الأصابع والثقوب، وإزالة ما عليهما، وما تحت الأظفار من وسخ ونحوه.
(6)
الترتيب في أفعال الوضوء بأن يبدأ بغسل الوجه، ثم اليدين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، ويسقط الترتيب بانغماسه في ماء بنية الوضوء بعد تمام الانغماس، وفي غسله من الجنابة. وسننه التوجه للقبلة. وتوقي الرشاش والاستعاذة والتسمية وقول: الحمد لله على الإسلام ونعمته. الحمد لله الذي جعل الماء طهورا والاسلام نورا. رب أعوذ بك من همزات الشياطين؛ وأعوذ بك أن يحضرون: اللهم احفظ يدي من معاصيك كلها، وغسل الكفين إلى الكوعين والسواك، والمضمضة، والاستنشاق مع المج، والاستنثار بثلاث غرف ويتمضمض من كل منها، ثم يستنشق أفضل من الفصل، ومسح جميع الرأس، ومسح جميع الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد، وتخليل اللحية الكثة (الكثيفة)، وتخليل أصابع اليدين والرجلين إن وصل الماء إليها من غير تخليل، وإلا وجب، وتقديم اليمنى على اليسرى، وتكرار المغسول، أو الممسوح ثلاثا، والموالاة أي التتابع، وترك التنشيف بلا عذر.
تنبيه: يسن الوضوء لقراءة القرآن وسماعه والحديث وسماعه ورورايته، وحمل كتب الحديث أو التفسير، والفقه وكتابتها، وقراءة العلم الشرعى، والأذان، والجلوس في المسجد، ودخوله، والوقوف بعرفة، والسعى، وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم، ومن حمل الميت، وعند الغضب.