المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يوجب الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب الخلاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب السواك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب سنن الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الغسل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أحكام المياه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب تطهير النجاسات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب المسح على الخفين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب التيمم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الغسل المسنون

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب الحيض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب المستحاضة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب المواقيت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تعجيل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب فضائل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فيه فصلان

- ‌ الْفَصْل الأَوَّل:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الستر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب السترة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب صفة الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب ما يقرأ بعد التكبير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب القراءة في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

842 -

[21] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 726].

843 -

[22] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 727].

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

844 -

[23] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ. [ت: 245].

ــ

842 -

[21](أبو هريرة) قوله: (في ركعتي الفجر) أراد بهما سنته، وكذا ركعتي المغرب وغيرهما، ويقال للفرض: صلاته، هكذا العادة.

843 -

[22](ابن عباس) قوله: (يقرأ في ركعتي الفجر {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ}. . . إلخ) وما قيل من كراهة قراءة بعض السورة خصوصًا من أوساط السورة فذلك في الفرائض، والحق أن فيما ثبت وصحت الرواية لا مجال للقول بالكراهة والكلام في الصحة.

الفصل الثاني

844 -

[23](ابن عباس) قوله: (يفتتح صلاته ببسم اللَّه الرحمن الرحيم) قد مرّ الكلام فيه مفصلًا.

ص: 608

845 -

[24] وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، فَقَالَ: آمِينَ، مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالدَّارِمِيُّ. . . . .

ــ

845 -

[24](وائل بن حجر) قوله: (مد بها) أي: بكلمة (آمين)، (صوته) يحتمل الجهر بها، ويحتمل مدَّ الألف على اللغة الفصحى، والظاهر هو الأول بقرينة الروايات الأخر، ففي بعضها:(يرفع بها صوته)، وهذا صريح في معنى الجهر، وفي رواية ابن ماجه (1):(حتى يسمعها [أهل] الصف الأول، فيرتج بها المسجد)، وفي بعضها:(يسمع من كان في الصف الأول قريبًا منه صلى الله عليه وسلم)، ولما روى أبو هريرة:(كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا تلا {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول) رواه أبو داود وابن ماجه (2)، وبهذا وفَّق بعض الشافعية بين حديثي الجهر والخفض بأن المراد بالخفض عدم القرع العنيف وبالجهر دوي الصوت؛ لأنه يوجب ارتجاج الصوت، والظاهر الحمل على كلا الفعلين تارةً فتارةً، واللَّه أعلم.

واعلم أن التأمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة سنة، سواء كان منفردًا أو إمامًا أو مأمومًا، وإن لم يؤمِّن إمامه، وفي تأمين المقتدي في الصلاة السرية على تقدير سماعها خلاف، فعند البعض: يؤمِّن بظاهر الحديث، وعند آخرين: لا يؤمِّن لعدم اعتبار هذا الجهر، كذا في شرح ابن الهمام (3).

(1)"سنن ابن ماجه"(ح: 853).

(2)

"سنن أبي داود"(ح: 934)، و"ابن ماجه"(853).

(3)

"شرح فتح القدير"(1/ 295).

ص: 609

وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 248، د: 932، دي: 1247، جه: 855].

846 -

[25] وَعَنْ أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ. . . . .

ــ

وورد في الجهر بالتأمين أحاديث، وهو مذهب الشافعي وأحمد، وفي مذهب مالك خلاف، وفي مذهب أبي حنيفة: يسر التأمين مطلقًا، وأورد الترمذي في (جامعه)(1) حديث رفع الصوت بآمين وخفضها، ورجح حديث الجهر، ونقل عن البخاري كذلك، وقال: عليه عمل أكثر العلماء من الصحابة والتابعين، انتهى.

وقد صحَّحَ بعض العلماء حديث الخفض أيضًا، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يخفي الإمام أربعة أشياء: التعوذ، والبسملة، وآمين، وسبحانك اللهم وبحمدك، وعن ابن مسعود مثله، وروى السيوطي في (جمع الجوامع) (2) عن أبي وائل قال: كان عمر وعلي رضي الله عنهما لا يجهران بالبسملة ولا بالتعوذ ولا بآمين، رواه ابن جرير والطحاوي وابن شاهين في (السنة)، وأورد الشيخ ابن الهمام (3) عن أحمد وأبي يعلى والطبراني والدارقطني والحاكم في (المستدرك) من حديث شعبة عن علقمة عن أبي وائل في الإخفاء، وعن أبي داود والترمذي وغيرهما من حديث سفيان عن أبي وائل في الجهر، وقال: كلا الحديثين معلول، والاعتماد على حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

846 -

[25](أبو زهير النميري) قوله: (وعن أبي زهير) بالتصغير (النميري) بضم النون وفتح الميم.

(1)"سنن الترمذي"(2/ 27).

(2)

انظر: "كنز العمال"(8/ 105، ح: 22102).

(3)

"شرح فتح القدير"(1/ 295).

ص: 610

قَدْ أَلَحَّ في الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْجَبَ إِنْ خَتَمَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: بِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتِمُ؟ قَالَ: "بآمين". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 938].

847 -

[26] وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صلَّى الْمَغْرِبَ بِسُورَةِ الأَعْرَافِ، فَرَّقَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [ن: 991].

ــ

وقوله: (وقد ألَحَّ في المسألة): ألحف، وألحّ السحاب: دام مطره.

وقوله: (أوجب)(1) أي: الإجابة.

وقوله: (إن ختم) من الخاتم على ما يدل عليه حديث (آمين خاتم رب العالمين)، أي: أنه طابع اللَّه على عباده؛ لأن الآفات والبلايا يدفع به، كخاتم الكتاب يصون من فساده وإظهار ما فيه، ويحتمل أن يكون بمعنى الإتمام والإكمال.

847 -

[26](عائشة رضي الله عنها) قوله: (صلى المغرب بسورة الأعراف) لا شبهة في سعة وقت المغرب لذلك، خصوصًا إن كان الشفق هو البياض، مع ما كان في قراءته صلى الله عليه وسلم من السرعة والطىِّ ومزيد الشوق، وقال بعض الشافعية: يحتمل أن يخرج الوقت، ويكفي في صحة الصلاة صحة شروعه في الوقت وأداء بعضها فيه، وهو بعيد، وأبعد من ذلك أن المراد بالسورة بعضها.

وقوله: (فرَّقها) وجاء في رواية البخاري وأبي داود والنسائي عن زيد بن ثابت قراءة سورة الأعراف من غير ذكر التفريق، وفي رواية المائدة والأعراف.

(1) أَيِ: الْجَنَّةَ لِنَفْسِهِ، يُقَالُ: أَوْجَبَ الرَّجُلُ: إِذَا فَعَلَ فِعْلًا وَجَبَتْ لَهُ بِهِ الْجَنَّة أَوِ النَّارُ أَوِ الْمَغْفِرَةُ لِذَنْبِهِ، أَوِ الإِجَابَةُ لِدُعَائِهِ، وَمِنَ الْمُقَرَّرِ فِي الْعَقَائِدِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ، فَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِمَحْضِ الْفَضْلِ وَالْوَعْدِ الَّذِي لَا يُخْلَفُ كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى بِهِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ تَعْذِيبُ الْمُطِيعِ وَإِثَابَةُ الْعَاصِي، "مرقاة المفاتيح"(2/ 696).

ص: 611

848 -

[27] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَقُودُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ لِي:"يَا عُقْبَةُ! أَلَا أُعَلِّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا؟ " فَعَلَّمَنِي {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، قَالَ: فَلَمْ يَرَنِي سُرِرْتُ بِهِمَا جِدًّا، فَلَمَّا نزَلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى بِهِمَا صَلَاةَ الصُّبْحِ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ:"يَا عُقْبَةُ! كيْفَ رَأَيْتَ؟ ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. [حم: 4/ 149 - 150، د: 1462، ن: 5436].

849 -

[28] وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . رَوَاهُ فِي "شَرحِ السُّنَّةِ". [3/ 81].

850 -

[29] وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ: . . . . .

ــ

848 -

[27](عقبة بن عامر) قوله: (جدًّا) أي: سرورًا كثيرًا أو أصلًا، لما رأى أنهما لم يشتملا في الظاهر على معالم التوحيد وصفات الكمال كغيرهما من السور، فأعلمه صلى الله عليه وسلم فضلهما بقراءتهما في صلاة الفجر التي هي أفضل الصلوات بوجوه، ويستحب فيها التطويل، وتأويله عند الأكثرين أن المراد الخيرية في باب التعوذ، ويلمح إليه قوله:(خير سورتين قرئتا)، فافهم.

ويحتمل أن يكون المراد تفضيلهما على ما سوى السور التي ثبت فضلها بأحاديث أخر، ولعله يكون فيهما أسرار لا تدركها عقولنا.

ويؤخذ من هذا الحديث استحباب قراءة هاتين السورتين في صلاة الفجر في السفر.

849 -

850 - [28 - 29](جابر بن سمرة، ابن عمر) قوله: (إلا أنه لم يذكر

ص: 612

"لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ". [جه: 833].

851 -

[30] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: بِـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 431].

852 -

[31] وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ:"بَعدَ الْمَغْرِبِ". [جه: 1148].

853 -

[32] وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فُلَانٍ. قَالَ سُلَيمَانُ: صَلَّيْتُ خَلْفَهُ (1) فَكَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الظّهْر،

ــ

ليلة الجمعة) (2) والحديث بذكر ليلة الجمعة صحيح، كذا في (شرح الشيخ)، وفيه: أنه صح أيضًا في عشائها قراءة سورتي الجمعة والمنافقين.

851 -

852 - [30 - 31](عبد اللَّه بن مسعود، وأبو هريرة) قوله: (ما أُحصي) أي: ما أعد، أي: لا أطيق أن أعد، كقوله:(لا أحصي ثناء عليك).

853 -

[32](سليمان بن يسار) قوله: (من فلان) قيل: هو عمر بن عبد العزيز، كان واليًا بالمدينة من قبل مروان بن عبد الملك، وهذا القول غلط؛ لأن ولادة عمر

(1) وقوله: "قال سليمان: صليت خلفه" أي: خلف فلان الذي أخبر أبو هريرة بصلاته خلفه، ويحتمل أن يكون الضمير لأبي هريرة، فافهم، (هامش نسخة كولكاتا).

(2)

قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ لَيْسَ عَلَى الدَّوَامِ، بَلْ يَقْرَأُ فِي كُلِّ وَقْتٍ شَيْئًا لِيُعْلِمَ النَّاسَ جَوَازَ مَا يَقْرَأُ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 699).

ص: 613

وَيُخَفِّفُ الأُخْرَيَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ إِلَى: وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ. [ن: 982، جه: 827].

ــ

ابن عبد العزيز بعد وفاة أبي هريرة بسنتين أو أكثر (1).

نعم قال فيه ذلك القول أنس رضي الله عنه، وهو صحيح؛ لأنه أدرك زمن عمر بن عبد العزيز، وقيل: مراد أبي هريرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم اللَّه وجهه-، وقيل: عمرو بن سلمة بن نفيع (2)، واللَّه أعلم.

وقوله: (بقصار المفصل) قال ابن الهمام (3): اختلف في أول المفصل، فقيل: سورة القتال، وقال الحلواني وغيره من أصحابنا: الحجرات، فهو السبع الأخير، وقيل: من (ق)، وحكى القاضي عياض: أنه من الجاثية، وهو غريب، والطوال من أوله إلى البروج، والأوساط منها إلى لم يكن، والقصار الباقي (4)، وقيل: الطوال من أوله إلى عبس، والأوساط منها إلى والضحى، والباقي القصار، ثم إذا راعى الليالي يقرأ في الشتاء مئة، وفي الصيف أربعين، وفي الخريف والربيع خمسين إلى ستين، انتهى.

وفي شرح الشيخ: أوله الحجرات إلى عم، وأوساطه إلى والضحى، وقصاره إلى الآخر، وسمي مفصلًا لكثرة الفصول فيه، وقيل: لقلة المنسوخ فيه.

(1) ولد عمر بن عبد العزيز سنة إحدى وستين، وتوفي أبو هريرة سنة ثمان أو تسع وخمسين، وتوفي أنس سنة إحدى وتسعين، انتهى. (هامش نسخة كولكاتا).

(2)

صحابي، إمام بني جرم على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلم يزل إمامهم في المكتوبة، وفي جنائزهم إلى أن مات. انظر:"معرفة الصحابة" لأبي نعيم (4/ 2021).

(3)

"شرح فتح القدير"(1/ 335).

(4)

هذا هو الذي عليه الجمهور، انظر:"المرقاة"(2/ 700).

ص: 614

854 -

[33] وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كُنَّا خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَرَأَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:"لَعَلَّكُمْ تَقْرَؤُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ فَإنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلِلنِّسَائِيِّ مَعْنَاهُ، وَفي رِوَايَةٍ لأَبِي دَاوُدَ قَالَ: "وَأَنَا أَقُولُ: مَا لِي يُنَازعنِي الْقُرْآنُ؟ . . . . .

ــ

854 -

[33](عبادة بن الصامت) قوله: (فثقلت عليه) أي: عسرت، وسبب الثقل في الظاهر سماعه أصوات القارئين خلفه حتى شوشت عليه، ولا يلائمه قوله:(لعلكم)؛ لأن ذلك عند الجهر، وهو متيقن، وقيل: يحتمل أن يكون تأثره صلى الله عليه وسلم من النقص الناشئ لهم بترك إصغائهم لقراءته، كما اختلطت قراءته صلى الله عليه وسلم بتأثره عن ترك بعض إحسان الطهور، كما مرّ في (كتاب الطهارة)، والكامل قد يتأثر عن نقص مَنْ وراءه، واللَّه أعلم.

وقوله: (لعلكم تقرؤون) سؤال في معنى الاستفهام تقريرًا لفعلهم، وفيه تشديد وتوبيخ (1).

وقوله: (خلف إمامكم) من إقامة المظهر موضع المضمر للتنبيه على الوصف المقتضي لترك القراءة، وللإشارة إلى تعميم الحكم.

وقوله: (فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) ظاهر في فرضية قراءة فاتحة الكتاب، وقد عرفت جوابه.

وقوله: (وأنا أقول: ما لي ينازعني القرآن) أي: كنت قلت في نفسي: ما السبب

(1) سقطت هذه العبارة في جميع نسخ المخطوط إلا نسخة كولكاتا، فقد ثبتت في الهامش.

ص: 615

فَلَا تَقْرَؤُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآن". [د: 823، ت: 311، ن: 911، د: 824].

855 -

[34] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ:"هَلْ قَرَأَ مَعِي أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"إِنِّي أَقُولُ: مَا لِي أُنازَعُ الْقُرآنَ؟ " قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا جَهَرَ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ. . . . .

ــ

في ثقل القراءة وأن لا يتأتى لي؟ فكأنه أجاذبه وهو ينازعني، فعرفت الآن أن السبب قراءتكم خلفي.

وقوله: (إذا جهرت) يدل على تخصيص عدم القراءة في الصلاة الجهرية، وسيأتي الكلام فيه.

855 -

[34](أبو هريرة) قوله: (ما لي أنازع القرآن) بصيغة المجهول، والقرآن منصوب مفعول ثان لـ (أنازع)، أي ما لي أنازع في القرآن؟ ويناسب هذه الرواية قوله:(ينازعني القرآن)، وقال زين العرب: روايتي (أنازع) على صيغة الفاعل، وفي (النهاية) (1): أصل النزع: الجذب والقلع، كذا في بعض الشروح، وفي شرح الشيخ: نزل قراءتهم معه حال قراءته منزلة اثنين يتجاذبان شيئًا، فافهم.

وقوله: (قال: فانتهى الناس) ظاهر السياق أنه من كلام أبي هريرة، وفي

(1)"النهاية"(5/ 41).

ص: 616

نَحْوَهُ [ط: 193، حم: 2/ 240، د: 826، ت: 311، ن: 919، جه: 848].

856 -

[35] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالبَيَاضِيِّ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ بِهِ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 2/ 67].

857 -

[36] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا". رَوَاهُ. . . . .

ــ

الحواشي نقلًا عن الخطابي: أنه كلام الزهري.

856 -

[35](ابن عمر) قوله: (البياضي) بالفتح والتخفيف، منسوب إلى بياضة، بطن من الأنصار، كذا نقل من (الأنساب)(1) للسيوطي، وفي (المغني) (2): نسبة إلى بياضة بن عامر.

وقوله: (فلينظر ما يناجيه به) أي: فليتدبر وليتأمل ما يناجي به المصلي الرب تعالى من الذكر والقرآن، و (ما) موصولة أو استفهامية، والمناجاة: المشاورة بين اثنين بحيث لا يطلع ثالث. وفي (القاموس)(3): النجوى: السر، اسم ومصدر، وناجاه مناجاة: سارَّه، وانتجاه: خصّه بمناجاته.

وقوله: (ولا يجهر بعضكم على بعض) أي: في الصلاة وغيرها، من المصلي والنائم والذاكر، وعلى الإمام وغيره.

857 -

[36](أبو هريرة) قوله: (وإذا قرأ فأنصتوا) يعني أن الائتمام في القراءة

(1)"لب اللباب"(ص: 89).

(2)

"المغني"(ص: 67).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 1227).

ص: 617

أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 604، ن: 921، جه: 846].

ــ

بالإنصات لا بالقراءة، إذا عرفت هذا فاعلم أن مذهب الشافعي رحمه الله وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في السرية والجهرية، ويجوز قراءة ما سوى الفاتحة أيضًا، ومذهب أحمد ومالك والشافعي رحمهم الله في قول: وجوب قراءتها في السرية فقط، ويكفيه في الجهرية استماعه لقراءة الإمام، وعند بعض أصحاب أحمد: يقرأ الفاتحة في الجهرية في سكتات الإمام، وعند بعضهم: إن كان لا يسمع لبعده أو طَرَشِه (1) يقرؤها، يعني في الجهرية، وإن لم يقرأ فصلاته تامة؛ لأن من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له، وليس بواجب، وهو المنصوص المعروف عند أصحابه؛ لعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه:(وإذا قرأ فأنصتوا) رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه أحمد، كذا في (شرح كتاب الخرقي)(2)، وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يقرؤها في السرية ولا في الجهرية، لكنه يستحب على سبيل الاحتياط فيما يروى عن محمد رحمه الله، ويكره عندهما لما فيه من الوعيد، ثم إن عند الشافعي يقرأ المأموم سرًّا ولو في الجهرية.

وفي شرح الشيخ: قد أجمعت الأمة على أنه يكره للمأموم الجهر وإن لم يسمع قراءة إمامه، ودلائل هؤلاء الأئمة هذه الأحاديث، ولأن القراءة ركن فيشتركان فيه، مع ما في السرية والجهرية من الفرق عند أحمد ومالك -رحمهما اللَّه-.

ولنا قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة).

(1) الطرش: أهون الصمم، طَرِشَ كفرح، وبه طُرْشة، وقوم طُرْش، "القاموس المحيط" (ص: 551).

(2)

"شرح الزركشي على مختصر الخرقي"(1/ 245).

ص: 618

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال في (الهداية)(1): وعليه إجماع الصحابة.

قال الشيخ ابن الهمام (2): فإذا صح وجب أن يُخَصَّ عموم الآية والحديث على طريقة الخصم مطلقًا، فيخرج المقتدي، وعلى طريقتنا يُخَصّ أيضًا؛ لأنهما عام خُصّ منه البعضُ، وهو المدرك في الركوع إجماعًا، فجاز تخصيصهما بعده بالمقتدي بالحديث المذكور جمعًا بين الأدلة، بل يقال: القراءة ثابتة من المقتدي شرعًا؛ فإن قراءة الإمام له قراءة، فلو قرأ كان له قراءتان في صلاة واحدة، وهو غير مشروع.

بقي الشأن في تصحيح هذا الحديث، وقد روي من طرق متعددة مرفوعًا عن جابر بن عبد اللَّه عنه عليه الصلاة والسلام، وقد ضعف، واعترف المضعفون لرفعه مثل الدارقطني والبيهقي وابن عدي بأن الصحيح أنه مرسل؛ لأن الحفاظ كالسفيانين وأبي الأحوص، وشعبة وإسرائيل، وشريك وأبي خالد الدالاني، وجرير وعبد الحميد، وزائدة وزهير رووه عن موسى بن أبي عائشة عن عبد اللَّه بن شداد (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلوه، وقد أرسله مرة أبو حنيفة رحمه الله كذلك.

فنقول: المرسل حجة عند أكثر أهل العلم، فيكفينا فيما يرجع إلى العمل على رأينا، وعلى طريق الإلزام أيضًا بإقامة الدليل على حجية المرسل، وعلى تقدير التنزل عن حجيته فقد رفعه أبو حنيفة بسند صحيح.

روى محمد بن الحسن في (موطئه) قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: ثنا أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عن عبد اللَّه بن شداد، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى

(1)"الهداية"(1/ 56).

(2)

"فتح القدير"(1/ 338 - 342).

(3)

تابعي.

ص: 619

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة).

وقولهم: إن الحفاظ الذين عدوهم لم يرفعوه غير صحيح، فإن بعضهم كالسفيانين وشريك وجرير وزهير رفعوه بالطرق الصحيحة، بعضها على شرط الشيخين وبعضها على شرط مسلم، ولو تفرد الثقة وجب قبوله؛ لأن الرفع زيادة، وزيادة الثقة مقبولة، فكيف ولم ينفرد، والثقة قد يسند الحديث تارةً ويرسله أخرى.

وأخرجه ابن عدي عن أبي حنيفة رحمه الله في ترجمته، وذكر فيه قصة، وبها أخرجه أبو عبد اللَّه الحاكم بسند له فيه أبو حنيفة عن موسى بن أبي عائشة من حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى ورجل خلفه يقرأ، فجعل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهاه عن القراءة، فلما انصرف أقبل عليه الرجل وقال: أتنهاني عن القراءة خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فتنازعا حتى ذُكِرَ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام:(من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة). وفي رواية لأبي حنيفة رحمه الله أن ذلك كان في الظهر والعصر.

وقال الشيخ: وتضعيف بعضهم لمثل أبي حنيفة مع تضييقه في الرواية إلى الغاية، حتى إنه شرط التذكر لجواز الرواية بعد علمه أنه حفظه، ولم يشترط الحفاظ هذا، ولم يوافقه صاحباه، ثم قد عُضِد بطرق كثيرة عن جابر غير ما ذكر وإن ضُعِّفَتْ، وبمذاهب الصحابة، حتى قال المصنف: -يعني صاحب (الهداية) -: إن عليه إجماع الصحابة، وفي (موطأ مالك): عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يقرأ خلف الإمام، ورواه ابن عدي عن أبي سعيد الخدري، ورواه الطبراني في (الأوسط) من حديث ابن عباس يرفعه، وروى الطحاوي في (شرح الآثار): أنه سئل عبد اللَّه بن عمر وزيد بن ثابت وجابر بن عبد اللَّه، فقالوا: لا يقرأ خلف الإمام في شيء من الصلاة، وروى محمد بن

ص: 620

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحسن في (موطئه): سئل عبد اللَّه بن مسعود عن القراءة خلف الإمام؟ قال: أنصت ويكفيك الإمام، وروى فيه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: وددت الذي يقرأ خلف الإمام في فيه جمرة، وفي رواية: في فيه حجر، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ليت في فم الذي يقرأ خلف الإمام حجرًا، وأخرج الطحاوي عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة قال: قلت لابن عباس: أقرأ والإمام بين يدي؟ قال: لا، وروى ابن أبي شيبة في (مصنفه) عن جابر قال: لا تقرأ خلف الإمام إن جهر، ولا إن خافت، وأخرج عبد الرزاق من حديث علي رضي الله عنه قال:(من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة).

وقال الشيخ ابن الهمام (1): الكراهة -التي قال المصنف- كراهية التحريم؛ لقوله: لما فيه من الوعيد، وصرح بعض المشايخ بأنها لا تحل خلف الإمام، وقد عرف من طريق أصحابنا أنهم لا يطلقون الحرام إلا ما حرمته بقطعي، وقال في قوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] أن الإنصات لا يخص الجهرية؛ لأنه عدم الكلام، فالمطلوب أمران: الاستماع والسكوت، فيعمل بكل منهما، والأول يخص الجهرية لا الثاني، فيجري على إطلاقه، فيجب السكوت عند القراءة مطلقًا، وهذا بناء على أن ورود الآية في القراءة في الصلاة، وأخرج البيهقي عن الإمام أحمد قال: أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة، ووردت في القراءة خلف الإمام، وقال:(وقول المصنف على سبيل الاحتياط فيما يروى عن محمد) تقتضي هذه العبارة أنها ليست ظاهر الرواية عنه، وهو الذي يظهر من قوله في (الذخيرة): وبعض مشايخنا ذكروا أن على قول محمد لا يكره، وعلى قولهما يكره، ثم قال في (الفصل الرابع):

(1)"فتح القدير"(1/ 340 - 341).

ص: 621

858 -

[37] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي، قَالَ:"قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لِلَّهِ فَمَاذَا لِي؟ قَالَ: "قُلْ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي". . . . .

ــ

الأصح أنه يكره، والحق أن قول محمد كقولهما، فإن عباراته في كتبه مصرحة بذلك، قال في (الآثار): وبه نأخذ، ولا نرى القراءة خلف الإمام في شيء من الصلوات يجهر فيه أو لا يجهر، ثم استمر في إسناد الآثار في ذلك، وقال في (موطئه) بعد ما روى في منع القراءة ما رُوِي: لا قراءة خلف الإمام فيما يجهر وفيما لا يجهر، بذلك جاءت عامة الأخبار، وقال: تفسد صلاته في قول عدة من الصحابة، ولا يخفى أن الاحتياط في العمل بأقوى الدليلين، هذا كلام الشيخ ابن الهمام مع شيء من الاختصار، ونرجو أن يكون غير مخل، ثم كلام محمد في (الموطأ) مملوء بالأخبار والآثار في ذلك، فلينظر ثمة، واللَّه أعلم.

858 -

[37](عبد اللَّه بن أبي أوفى) قوله: (فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا. . . إلخ) الذي يسبق إلى الأفهام من إيراد هذا الحديث أن المراد عدم استطاعة الأخذ بشيء من القرآن مما تصح به الصلاة، وذلك بعيد جدًا؛ لأن من المستبعد أن يعجز العربي المتكلم بمثل هذا الكلام عن تعلم مقدار ما تصح به الصلاة كل العجز، فلو تعلم كلمات من القرآن بقدر هذه الكلمات أو أكثر لاستطاع وكفى، وقد يقال: إنه آمن في هذه الساعة فدخل وقت الصلاة، ولم يتسع له حفظ شيء من القرآن في ذلك، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قل هذه الكلمات، ومع ذلك لا يدفع الاستبعاد.

ص: 622

فَقَالَ هَكَذَا بِيَدَيْهِ وَقَبَضَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمَّا هَذَا فَقَد مَلأَ يَدَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَانْتَهَتْ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ عِنْد قَوْله:"إِلَّا بِاللَّه". [د: 832، ن: 924].

859 -

[38] وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ إِذَا قَرَأَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قَالَ: . . . . .

ــ

وقال التُّورِبِشْتِي (1): لو كان الأمر على ذلك لعلمه (2) النبي صلى الله عليه وسلم بما يلزمه بعد ذلك، إذ لا يجوز له أن يسكت عن البيان عند الحاجة إليه، فالظاهر أن المراد (إني لا أستطيع أن أحفظ من القرآن شيئًا) أجعله وردًا لي فأقوم به، ولا بد أن يكون ذلك شيئًا كثيرًا قد لا يتيسر لبعض الناس حفظه، فعلمه صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات ليداوم عليها ويجعلها وردًا لنفسه بالتكرار آناء الليل والنهار.

ثم الضمير في قوله: (فقال هكذا) إما أن يكون للرجل، أي: أشار بقبض يديه إلى أنه يحفظ ما أمره به كما يحفظ الشيء النفيس بقبض اليد عليه، أي: حفظت ما قلت لي فلا أُضَيِّعه، وهذا الاحتمال أظهر بالنظر إلى قوله:(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) كناية عن أخذه بمجامع الخير بامتثاله وحفظه لما أُمِرَ به، ويجوز أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم بعثًا له على الامتثال والحفظ.

وقوله: (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) لبشارة الرجل ومدحه بأنه ظفر بما لم يظفر به غيره لما فهم من الامتثال، فافهم.

859 -

[38](ابن عباس رضي الله عنهما) قوله: (كان إذا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال:

(1)"كتاب الميسر"(1/ 245).

(2)

يمكن أن يقال: لعله علمه بعده، وإنما اكتفى به في صلاة واحدة، واللَّه أعلم. (منه).

ص: 623

"سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: 1/ 232، د: 883].

860 -

[39] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ مِنْكُم بـ (التين والزيتون) فَانْتَهى إِلَى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فَلْيَقُلْ: بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ. وَمن قَرَأَ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فَانْتَهَى إِلَى {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فَلْيَقُلْ: بَلَى. وَمَنْ قَرَأَ {وَالْمُرْسَلَاتِ} فَبَلَغَ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} فَلْيَقُلْ: آمَنَّا بِاللَّهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنَا عَلَى ذلك من الشَّاهِدِينَ. [د: 887، ت: 3347].

ــ

سبحان ربي الأعلى) (1) حمله الشافعية على حال الصلاة، أو أعم منها، فجوزوه في الصلاة وغيرها، وعندنا وكذا عند المالكية هو محمول على غير الصلاة.

قال التُّورِبِشْتِي (2): يحتمل هذا الحديث وما يتلوه إلى آخر الباب عندنا أن يكون ذلك في القراءة في غير الصلاة، ومن جملة المحظور فيه أنه ربما يظن الجاهل أنه من القرآن، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم فاعلًا ذلك في الصلاة لبينه الراوي، ونقله غيره من الصحابة لشدة حرصهم على الأخذ منه والتبليغ عنه، ولو زعم زاعم أنه في الصلاة ذهابًا إلى ظاهر الحديث؟ قلنا: يحمل ذلك على غير الفرائض على ما في حديث حذيفة رضي الله عنه لما حدّث صلاته بالليل: (وما أتى على آية رحمة إلا وقف وسأله، وما أتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ)، ولم ينقل شيء من ذلك فيما جهر به من الفرائض مع كثرة مَنْ حضرها، واللَّه أعلم.

860 -

[39](أبو هريرة) قوله: (رواه أبو داود والترمذي. . . إلخ) وقال

(1) قال في "البذل"(4/ 358): لعل هذا كان خارج الصلاة أو في النوافل.

(2)

"كتاب الميسر"(1/ 245).

ص: 624

861 -

[40] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِم سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلهَا إِلَى آخِرِهَا، فَسَكَتُوا، فَقَالَ:"لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجنِّ، فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قَالُوا: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 3291].

ــ

الترمذي: هذا حديث إنما يروى بهذا الإسناد عن أعرابي بدوي لا يسمى.

861 -

[40](جابر) قوله: (فكانوا أحسن مردودًا) أي ردًّا وإجابة كما في رد السلام، و (المردود) يجيء بمعنى المصدر، في (القاموس) (1): رده ردًّا ومَرَدًّا ومردودًا: صرفه، ومثله في (الصحاح)(2) بالمحلوف والمعقول، كذا قال الطيبي، ويجوز أن يبقى على معناه، والمراد به الكلام الذي ردوه وأجابوا به، وهو قولهم:(لا بشيء من نعمك ربنا نكذب) كما لا يخفى، وإيراد صيغة المفضل كما في قوله تعالى:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} ، وقال الطيبي (3): نزل سكوتهم وحسن إنصاتهم [للاستماع] منزلة الاعتراف والإذعان، ويجوز أن يكون المراد من سكوتهم عدم جهرهم بالرد، كما مر في الإسكات للاستفتاح، واللَّه أعلم (4).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 269).

(2)

"الصحاح"(2/ 473).

(3)

"شرح الطيبي"(2/ 324).

(4)

قال القاري: قِيلَ: وَمِنَ الْغَرِيبِ إِيرَادُهُ وَمَا قَبْلَهُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْمُنَاسَبَةِ، قُلْتُ: لَعَلَّ الأُولَيَيْنِ لِاحْتِمَالِهِمَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا، وَذَكَرَ الأَخِيرَ تَبَعًا لَهُمَا وَاطِّرَادًا فِي حُكْمِهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 705).

ص: 625