المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يوجب الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب الخلاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب السواك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب سنن الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الغسل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أحكام المياه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب تطهير النجاسات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب المسح على الخفين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب التيمم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الغسل المسنون

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب الحيض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب المستحاضة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب المواقيت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تعجيل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب فضائل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فيه فصلان

- ‌ الْفَصْل الأَوَّل:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الستر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب السترة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب صفة الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب ما يقرأ بعد التكبير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب القراءة في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

772 -

[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى وَالْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تُحْمَلُ، وَتُنْصَبُ بِالْمُصَلَّى بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 494].

773 -

[2] وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وَهُوَ بِالأَبْطَح فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ،

ــ

الإمام، ويجيء أحكامها في الأحاديث المذكورة في الباب، والكلام فيها في شرحها.

الفصل الأول

772 -

[1](ابن عمر) قوله: (يغدو إلى المصلى) أي: يذهب إليه وقت الصبح، الظاهر أن المراد مصلى العيد.

وقوله: (والعنزة) بفتحات: أطول من العصا وأقصر من الرمح، فيه زُجٌّ كزُجِّ الرمح، وفي شرح الشيخ: نحو ثلاثة أذرع لها سنان كسنان الرمح، كذا في (الصحاح)(1)، وفي (القاموس) (2): وهي رميح بين العصا والرمح، فيه زُجّ، انتهى. وكانت تحمل معه صلى الله عليه وسلم لمصالح، منها جعلها سترة.

773 -

[2] قوله: (وعن أبي جحيفة) بتقديم الجيم المضموم على الحاء، و (الأبطح) مسيل واسع، فيه دقاق الحصى، غلب على المسيل الذي بين مكة ومنى، أقرب إلى مكة، يكثر فيه دقاق الحصى، ويجمع على البِطاح والأباطح، ويسمى

(1)"الصحاح"(3/ 887).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 480).

ص: 518

وَرَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَلِكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَينَ يَدَيِ الْعَنَزَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 376، م: 503].

774 -

[3] وَعَنْ نافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْرضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 507، م: 502].

ــ

المحصب أيضًا لكثرة الحصى فيه، والبطحاء أيضًا اسم لذلك الموضع بتقدير موصوف مؤنث. و (الأدم) بفتحتين اسم، جمع أديم، وهو الجلد المدبوغ.

وقوله: (وضوء رسول اللَّه) بفتح الواو، أي: بقية الماء الذي توضأ به، كذا قالوا، وقد سبق الكلام فيه في موضعه.

وقوله: (في حلة حمراء) الحلة: إزار ورداء، والحمراء ما فيه خطوط حمر، وسيجيء تحقيقه في (باب اللباس)، وحمله على الأحمر الصرف خطأ، صرَّح المحققون بذلك. والتشمير: رفع الإزار إلى أعلى الساق.

وقوله: (ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة) الظاهر أن المراد من (بين يدي العنزة): أمامها، فإن المقصود بيان أن السترة ترفع الإثم عن المار أمامها، وأما كون المراد المرور بينه وبينها فخلاف الظاهر، وإن كان فيه بيان أن الصلاة لا يبطلها مرور شيء، فما في شرح الشيخ: أن الظاهر هو الثاني، إذ هو الذي يحتاج الراوي إلى التنبيه عليه، وأما الأول فليس في ذكره فائدة، محل بحث، فافهم.

774 -

[3](نافع) قوله: (يعرض راحلته) أي: ينيخها بالعرض من القبلة،

ص: 519

وَزَادَ الْبُخَارِيُّ: قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِذَا هَبَّتِ الرِّكَابُ. . . . .

ــ

حتى تكون معترضة بينه وبين من يمر بين يديه، من عَرَضَ العودَ على الإناء: إذا وضعه عليه على العرض، ويعرض بفتح الياء وضم الراء وكسرها لغتان، وذكر أبو عبيد بالكسر، وذكر قول الأصمعي: إنه بالضم، وهو الصحيح، وفي (الصحاح) (1): عَرَضَ العودَ على الإناء، والسيفَ على فخذِه، يعرضه بالضم والكسر على اللغتين، وكذا في (القاموس)(2)، وفي (مشارق الأنوار) (3):(كان يعرض راحلته) بالضم، كذا ضبطه الأصيلي وغيره، وضبط بعضهم (يُعَرّض) بضم الياء مشددة الراء مفتوح العين، والأول أوجه وأعرف.

و(الراحلة) التي يصلح أن يوضع الرحل عليها، وفي (مجمع البحار) (4): الراحلة: البعير القوي على الأسفار والأحمال، يستوي فيه المذكر وغيره، وهاؤه للمبالغة، وهي ما يختاره الرجل لمركبه ورحله على النجابة، ومنه حديث:(تجدون الناس كإبل مئة ليس فيها راحلة)(5)، انتهى. والمراد ههنا الإبل من غير اعتبار هذه القيود، وذكر الراحلة وقع بطريق الاتفاق.

وقوله: (قلت) أي: قال نافع: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: (أفرأيت) أي: أخبرني.

وقوله: (إذا هبت الركاب) أي: ذهب الإبل للرعي أو للاستقاء ماذا يفعل حينئذ؟ واستعمال الهبوب في الذهاب مجاز، و (الركاب) اسم جمع لا واحد له من لفظه، كذا

(1)"الصحاح"(3/ 1082).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 595).

(3)

"مشارق الأنوار"(2/ 129).

(4)

"مجمع بحار الأنوار"(2/ 306).

(5)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(ح: 2547).

ص: 520

قَالَ: كَانَ يَأْخُذُ الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ، فَيُصَلِّي إِلَى آخِرَتِهِ.

775 -

[4] وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 499].

ــ

في شرح الشيخ، وفي (القاموس) (1): الركاب ككتاب: الإبل، واحدتها: راحلة، والجمع ككتب، وركاباتٌ، ورِكائبُ.

وقوله: (قال) أي: ابن عمر رضي الله عنهما في جوابه: (كان) أي: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (يأخذ الرحل فيعدِّله) أي: يقوِّمه، ضبط في النسخ من التعديل، وفي شرح الشيخ: بفتح أوله وسكون العين وكسر الدال، أي: يقيمه تلقاء وجهه، ويجوز التشديد، وفي (مجمع البحار) (2): هو بضم تحتية وفتح عين وتشديد دال، أي: يقومه، وضبط بفتح فسكون فكسر الدال.

وقوله: (فيصلي إلى آخرته) أي: آخرة الرحل، بفتحات بلا مدٍّ، وبمدِّ الهمزة وكسر الخاء: عود يستند إليه الراكب وخلاف قادمة.

775 -

[4](طلحة بن عبيد) قوله: (مثل مؤخرة الرحل) ضبط بوجهين: بضم الميم وسكون الهمزة وكسر الخاء وفتحها، وبضم ففتح ثم فتح وتشديد، وهي الآخرة التي ذكرت في الحديث السابق.

قوله: (ولا يبال من مر) يحتمل وجهين أن يكون في (لا يبال) ضمير لـ (أحدكم)، و (من مر) مفعوله، أي: لا يبال في قطع خشوعه، ويوافقه قوله في الفصل الثاني: (ثم

(1)"القاموس المحيط"(ص: 98).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(3/ 540).

ص: 521

776 -

[5] وَعَنْ أَبِي جُهَيْمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ". قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي قَالَ: "أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَو سَنَةً". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 510، م: 507].

777 -

[6] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ،

ــ

لا يضره ما مر)، وقوله:(فما بالى ذلك)، وأن يكون (من مر) فاعلًا، أي: لا يأثم.

776 -

[5](أبو جهيم) قوله: (وعن أبي جهيم) بالتصغير.

وقوله: (خيرًا)، بالنصب في أكثر الروايات، وهو الأظهر، وقد يروى بالرفع على أنه اسم (كان)، ويسوغ الابتداء بالنكرة لكونها موصوفة، أو لتقديم الخبر، أو بتقدير ضمير الشأن في (كان)، والجملة خبر، وإطلاق خير من قبيل قوله تعالى:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24]، أو على سبيل الفرض، أي: لو فرض أن في المرور خيرية ما كان الوقوف خيرًا من ذلك.

قوله: (أو سنة) وهو الظاهر بقرينة الروايات الأخر الناطقة بأربعين خريفًا، أي: سنة، ومنها رواية أبي هريرة:(لأن يقيم مئة عام)، ورواية البزار:(أربعين خريفًا) أي: سنة، وهو الأبلغ (1).

777 -

[6](أبو سعيد) قوله: (يستره من الناس) سترًا معتبرًا في الشرع، كما

(1) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ: وَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثٍ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَكَانَ أَنْ يَقِفَ مِئَةَ عَامٍ خَيْرًا لَهُ مِنَ الْخُطْوَةِ الَّتِي خَطَاهَا" مُشْعِرٌ بِأَنَّ إِطْلَاقَ الأَرْبَعِينَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَعْظِيمِ الأَمْرِ، لَا لِخُصُوصِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، نَقَلَهُ مِيرَك شَاهْ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 643).

ص: 522

فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ". هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ. [خ: 509، م: 505].

778 -

[7] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ، وَيَقِي ذَلِك مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 511].

ــ

مرّ في مقدار السترة.

وقوله: (يجتاز بين يديه) أي: بينه وبين سترته.

وقوله: (فليقاتله) وفي رواية: (فليقتله) مبالغة في دفعه (1)، وقيل: إن دفعه بما يجوز فهلك، فلا قَوَدَ عليه بالاتفاق، وفي الدية قولان.

وقوله: (فإنما هو شيطان) أي: يعمل عمل الشيطان، أو معه شيطان يحمله عليه، أو هو من شياطين الإنس.

778 -

[7](أبو هريرة) قوله: (تقطع الصلاة) أي: خشوعها وتدبرها بشغل القلب، أو كاد أن يؤدي إلى القطع، وإنما خص بهذه الثلاثة لشدة الشغل في المرأة، وملازمة الشياطين للحمار، وغلظ النجاسة في الكلب، والجمهور من الصحابة ومن بعدهم أنه لا يقطع شيء مما يمر، والمراد بالأحاديث الواردة المبالغة في الحثّ على نصب السترة، وقيل: يقطع الكلب الأسود والمرأة الحائض، على ما جاء في بعض الروايات، وتأويله عند الجمهور ما ذكر.

(1) وَفِي "شَرْحِ الْمُنْيَةِ": وَيُدْرَأُ الْمَارُّ إِذْ أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ فِي مَوْضِع سُجُودِهِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ بِالإِشَارَةِ أَوِ التَّسْبِيحِ لَا بِهِمَا مَعًا، اهـ. وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْعَمَلُ الْكَثِيرُ فِي مُدَافَعَتِهِ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 643).

ص: 523

779 -

[8] وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ كَاعْتِرَاضِ الْجَنَازَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 383، م: 512].

780 -

[9] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكبًا عَلَى أَتَانٍ،

ــ

779 -

[8](عائشة) قوله: (كاعتراض الجنازة) إشارة إلى أنها كانت معترضة بتمامها بحذائه لا أنها كانت في ناحية شيئًا يسيرًا، ومع ذلك كان يصلي، فعلم أن مرور المرأة لا يقطع الصلاة، فالحديث السابق مؤول.

780 -

[9](ابن عباس) قوله: (على أتان) بفتح الهمزة، وهو الأكثر، ويجوز كسرها، أنثى الحمار، وقد جاء على قلة أتانة بالتاء، وفي (مجمع البحار) (1): والحمار يقع على الذكر والأنثى، والأتان: الحمار الأنثى فقط، وقيد به ليعلم أن الأنثى من الحمار لا يقطع الصلاة، فكذا المرأة.

وقد جاء في رواية: (على حمار أتان)، قال القاضي عياض: وجاء في بعض روايات البخاري: (على حمار أتان) كذا ضبطها الأصيلي بتنوين الحرفين، ووجهه أن يكون أحدهما بدلًا من الآخر، أو وصفًا له؛ لأنه قد جاء في حديث:(أتان) مفردًا، وجاء في آخر:(حمار) مفردًا، فالأولى الجمع بينهما، وقال لي شيخنا أبو الحسين سراج بن عبد الملك: يكون أتان وصفًا للحمار، ومعناه: صلب قوي مأخوذ من الأتان، وهي الحجارة الصلبة، قال لي: وقد يكون بدل الغلط. قال القاضي: ويكون عندي بدل البعض من الكل؛ إذ قد يطلق الحمار على الجنس، فيشمل الذكر والأنثى، كما

(1)"مجمع بحار الأنوار"(1/ 35).

ص: 524

وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلَامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَين يَدَي الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَليَّ أَحَدٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 493، م: 504].

ــ

قالوا: بعير للذكر والأنثى، قال لي أبو الحسين: وقد يكون (حمار أتان) غير منون على الإضافة، أي حمار أنثى، قال القاضي: وكذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول المسموعة على أبي ذر (1).

وقوله: (قد ناهزت) أي: قاربت، في (القاموس) (2): نهز الشيء: قَرُبَ، والاحتلام والحلم بالضم: الجماع في النوم، كناية عن البلوغ، و (منى) بالصرف والألف، وهو الأفصح، وبمنعه والياء، سميت بها لما يمنى بها من الدماء، أي يراق، وقيل: لأن جبرئيل عليه السلام لما أراد أن يفارق آدم عليه السلام قال له: تمنَّ، قال: أتمنَّى الجنة، فسميت منًى؛ لأمنية آدم عليه السلام، كذا في (القاموس)(3) عن ابن عباس.

وقوله: (إلى غير جدار) أي: سترة، وذكر الجدار باعتبار الأغلب.

وقوله: (فلم ينكر ذلك) أي: مشيتي بأتاني بين يدي الصف، أما الأول فلعدم قطع الحمارة الصلاة، وأما الثاني فلعدم كونه بالغًا، وإن كان قد قاربه، أو المراد عدم الإنكار لأجل قطع الصلاة، فافهم.

(1) انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 29 - 30).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 488، 1011).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 1226).

ص: 525