الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
294 -
[14] عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلَاةُ، وَمِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 3/ 340].
295 -
[15] وَعَنْ شَبِيْبِ بْنِ أَبِي رَوْحٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْح فَقَرَأَ الرُّومَ فَالْتبَسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ:"مَا بَالُ أَقْوَامٍ يُصَلُّونَ مَعَنَا لَا يُحْسِنُونَ الطَّهُورَ؟ وَإِنَّمَا يُلَبِّسُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ أُولَئِكَ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [س: 947].
ــ
الفصل الثالث
294 -
[14](جابر) قوله: (مفتاح الجنة الصلاة) جعل الصلاة مقدمة لدخول الجنة يتوقف عليها لا يحصل بدونها، وعبر عنها بالمفتاح، وفيه مبالغتان حيث حكم بعدم التهيؤ لدخول الجنة إلا بها كالإيمان، وبأنه إذا وجدت الصلاة فتحت باب الجنة، فليس بعده إلا الدخول، كالطهارة بأقسامها إذا وجدت لم يبق بعده إلا الإقبال على الصلاة ترهيبًا وترغيبًا.
295 -
[15] قوله: (وعن شبيب) على وزن حبيب (ابن أبي روح) بفتح الراء وبالحاء المهملة، ثم في نسخ (المشكاة) لفظ (ابن) يتوسط بين شبيب وأبي روح، والمشهور أن شبيبًا هو أبو روح، قال في (جامع الأصول) (1): أبو روح شبيب بن نعيم، ويقال: ابن أبي روح.
وقوله: (وإنما يلبس علينا القرآن أولئك) فيه تأثير الصحبة أشد تأثيرًا، فإن مثل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع غاية كماله في قراءة القرآن في حالة الصلاة التي هي أتم أحوالها التي
(1)"جامع الأصول"(12/ 504).
296 -
[16] وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: عَدَّهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَدِي -أَوْ فِي يَدِهِ- قَالَ: "التَّسْبِيحُ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ يَمْلَؤُهُ، وَالتَّكْبِيرُ يَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ،
ــ
فيها قرة عينه بشهود ربه، إذا كان يتأثر من أحد من آحاد أمته لترك بعض الآداب في الوضوء الذي ليس عبادة مقصودة، فكيف لغيره من ضعفاء الأمة من صحبة أهل الأهواء والبدع والفسق والمعاشرة بهم؟ إن في هذا لعبرةً لأولي الألباب.
296 -
[16](رجل من بني سليم) قوله: (عدهن) ضمير مبهم تفسيره ما بعده، وهو قوله:(التسبيح نصف الميزان) إلى آخر الخصال الخمسة بعدد الأصابع.
وقوله: (في يدي أو في يده) شك الراوي.
وقوله: (التسبيح نصف الميزان والحمد للَّه يملؤه) إما أن يراد التسوية بينهما بأن كل واحد منهما يأخذ نصف الميزان، أو ترجيح الحمد بأنه ضِعْفُه لأنه وحده يملؤه؛ لأن الحمد المطلق إنما يستحقه من هو مبرأ عن النقائص الذي هو مدلول التسبيح، كذا في (مجمع البحار)(1)، وهذا حاصل ما قال الطيبي (2) في توجيه كونه ضعفَه بأن الحمد جامع للصفات الثبوتية والسلبية، والتسبيح تنزيهٌ عن النقائص فهو من السلبية، انتهى.
وأقول: إن قوله: (الحمد للَّه يملأ الميزان) في أول حديثٍ ذُكر في الباب يؤيد الاحتمال الثاني.
وقوله: (والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض) أخذ من قوله تعالى: {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الجاثية: 37]، والتكبير شهود كبرياء الحق، فثوابه يملأ السماوات والأرض، وقد سبق بعض ما يتعلق به من الكلام في أول الباب.
(1)"مجمع بحار الأنوار"(4/ 623).
(2)
انظر: "شرح الطيبي"(2/ 20).
وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ، وَالطُّهُورُ نِصْفُ الإِيمَانِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. [ت: 3519].
297 -
[17] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابحِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ، وَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنفه، وِإذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ،
ــ
وقوله: (والصوم نصف الصبر) توجيهه: أن الإيمان كله صبر على الطاعات وعن المعاصي، ولما كان الصوم أقمع لشهوات النفس كأنه جعل نصف الإيمان مبالغة، وقيل: جعل باعتبار اليوم والليلة ووجود الصبر فيهما.
وقوله: (والطهور نصف الإيمان) مر توجيهه.
297 -
[17](عبد اللَّه الصنابحي)(1) قوله: (الصنابحي) بضم الصاد المهملة وتخفيف النون وبالباء الموحدة وبالحاء المهملة منسوب إلى صنابح بن زاهر بطن من مراد.
وقوله: (وإذا غسل) بالواو في أكثر النسخ، وبالفاء في بعضها، وفي قرينه بالفاء في كلها.
وقوله: (حتى تخرج من تحت أشفار عينيه) في (القاموس)(2): الشُّفْر بالضم: أصل منبت الشعر بالجفن، والجفن غطاء العين من أعلى وأسفل.
(1) قد بسط الكلام عليه شيخنا في "الأوجز"(1/ 411 - 412) هل هو عبد اللَّه الصنابحي الصحابي أو أبو عبد اللَّه الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة؟ وقال: الراجح عندي هو عبد اللَّه الصنابحي الصحابي، انظر:"الكوكب الدري"(1/ 33).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 389).
فَإِذَا غسل يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ". رَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ. [ط: 84، س: 103].
298 -
[18] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْم مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ. . . . .
ــ
وقوله: (حتى تخرج من أذنيه) يفهم منه أن الأذنين من الرأس كما هو مذهبنا.
وقوله: (نافلة له) أي: زائدة، والنفل الزيادة، أي: زائدة على تكفير السيئات وهو رفع الدرجات، وقد عدَّ في بعض الأحاديث التخطِّي إلى المسجد من المكفِّرات، ولا منافاة، ولعله إذا كان على وضوء سابق، وقد ارتكب من الخطايا شيئًا، واللَّه أعلم.
298 -
[18](أبو هريرة) قوله: (أتى المقبرة) في (القاموس)(1): مدفن الإنسان، والجمع قبور، والمقبرة مثلثة الباء كمكنسة: موضعها، والمراد بالمقبرة: البقيع مقبرةُ المدينة المطهرة.
وقوله: (دار) منصوب على الاختصاص نحو: نحن معاشرَ العرب، أو على النداء، والدار: المحل بجميع البناء والعرصة، والمراد أهل دار حذفًا أو مجازًا، وفيه رمز إلى حياتهم وإلى أن العمران في الحقيقة هو هذا، وما سواه خراب لكونه آيلا إليه، والاستثناء للتبرك بذكر اللَّه تعالى وتفويض الأمور كلها إلى مشيئته وإرادته وإن كان متحتم الوقوع، أو للرغبة إلى لقاء اللَّه واللحوقِ بالمؤمنين السابقين الفائزين برحمة اللَّه. وقيل: لتحسين الكلام به، والود الحب من [باب] سمع يسمع، ولما تصور صلى الله عليه وسلم
(1)"القاموس المحيط"(ص: 427).
أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا"، قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ"، فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ. . . . .
ــ
السابقين من أصحاب القبور ذكر لاحقين وتمنى رؤيتهم في الدنيا إظهارًا للمحبة.
وقوله: (أنا قد رأينا إخواننا) شامل له صلى الله عليه وسلم ولغيره من أصحابه الحاضرين.
وقوله: (أنتم أصحابي) ليس معناه: إنكم لستم إخواني، بل: أنتم جامعون بين أخوة الإسلام والصحبة التي هي أخص وأفضل.
وقوله: (كيف تعرف) أي: في المحشر من لم يأت بعد ولم ير في الدنيا، وإنما يعرف ثمة من رئي فيها.
وقوله: (بين ظهري خيل دهم بهم) الظهر ضد البطن، وجمعه: أَظْهُر وظُهور وظُهْران، كذا في (القاموس)(1)، ومن عادتهم أن يقحموه تثنية أو جمعًا في مثل هذا بين ظهري القوم وأظهرهم وظهرانيهم، والمراد: بينهم، وحقيقته أن في صورة الاجتماع يقع ظهر بعضٍ إلى بعضٍ فالواقع بين أظهرهم، والعرب تضع الاثنين موضع الجمع.
والخيل اسم جمع للفرس لا واحد له، أو واحده خائل، سميت خيلًا لأن ركوبها بل وجودها يورث الخيلاء، أي: التكبر، والدهم بضم الدال وسكون الهاء: جمع أدهم بمعنى الأسود من الدهمة بمعنى السواد، والبهم: جمع بهيم بمعنى الأسود. وقيل: خالص السواد، والأسود البهيم من الكلب والخيل: الذي لا يخالط لونه لونٌ سواه، وقرنه بالدهم تأكيدًا للسواد.
وقوله: (لو أن رجلًا) أي: لو ثبت أن رجلًا، اسم (أن) يقدَّر له صفةٌ عامةٌ إن
(1)"القاموس المحيط"(ص: 404).
أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ "، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْض". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 249].
299 -
[19] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِالسُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ، فَأنْظُرُ إِلَى بَيْنَ يَدَيّ، فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ، وَمِنْ خَلْفِي مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَمِينِي مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَن شمَالي مِثْلُ ذَلِكَ"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! . . . . .
ــ
التُزم تخصيصُ المبتدأ النكرة وإلا فلا حاجة بناءً على معنى الإفادة كما قاله الرضي في قولهم: كوكبٌ انقضَّتْ، و (له خيل) خبر (أن) و (ألا يعرف) جزاء (لو) كررت الهمزة تأكيدًا.
وقوله: (وأنا فرطهم على الحوض) ذكره زيادة على الجواب بشارة وكرامة لهم وإشارة إلى قرب زمان وفاته صلى الله عليه وسلم، وفي (القاموس) (1): فَرَطَ القومَ يَفْرِطهم فَرْطًا وفَراطة: تقدمهم إلى الوِرْد لإصلاح الحوض والدِّلاء، وفي (الصحاح) (2): هو فَعَلٌ بمعنى فاعِلٍ كتبع بمعنى تابع، يقال: رجل فَرَط وقوم فَرَط، يستوي فيه الواحد والجمع، وظاهر هذه البشارة لمن سبقه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالموت، ولكن بركته شاملة للكل، فافهم.
299 -
[19](أبو الدرداء) قوله: (أنا أول من يؤذن له بالسجود) سيأتي شرحه في (باب الشفاعة) إن شاء اللَّه تعالى.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 627).
(2)
"الصحاح"(3/ 1148).