المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يوجب الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب الخلاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب السواك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب سنن الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الغسل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أحكام المياه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب تطهير النجاسات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب المسح على الخفين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب التيمم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الغسل المسنون

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب الحيض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب المستحاضة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب المواقيت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تعجيل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب فضائل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فيه فصلان

- ‌ الْفَصْل الأَوَّل:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الستر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب السترة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب صفة الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب ما يقرأ بعد التكبير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب القراءة في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

430 -

[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا،

ــ

بمعنى الاسم، والغسل بكسر الغين ما يجعل مع الماء ويغسل به الرأس؛ كالأشنان والخطمي، وقد تزاد التاء في آخره، والغسول بالفتح مخففًا ومشددًا: الماء الذي يغتسل به والخطمي، وغسالة الشيء: ماؤه الذي يغسل به، وما يخرج منه بالغسل، والتغسيل: المبالغة في غسل الأعضاء.

الفصل الأول

430 -

[1](أبو هريرة) قوله: (إذا جلس أحدكم) في بعض النسخ لم يوجد (أحدكم)، فالضمير في (جلس) و (جهد) و (لم ينزل) للرجل، ترك ذكره لدلالة المقام، كالضمير في (شعبها) و (جهدها) للمرأة كذلك.

وقوله: (بين شعبها الأربع) الشعب جمع شعبة بضم الشين، وهي القطعة من الشيء، وطرف الغصن، واختلف في تفسير الشعب الأربع، فقيل: المراد بها اليدان والرجلان، والأقرب أن المراد بها فخذاها وناحيتا فرجها، أو ساقاها وفخذاها، أو نواحي فرجها الأربع، وإنما عدل إلى الكناية للاجتناب عن التصريح كما هو عادة أهل الحياء، وبهذا يرجح القولان الأخيران على الأولين، وقد يرجح الأولان بعدم تناولهما هيئات المباشرة كلها، إلا أن يكون باعتبار الأغلب، فتدبر.

وقوله: (ثم جهدهما) أي: أتعبها وبلغ جهدًا منها، والجهد: الطاقة والمشقة، وجهد دابته: بلغ جهدها، كأجهدها، وهو كناية عن وطئها، وقال الخطابي: الجهد بالفتح من أسماء النكاح، والمراد به التقاء الختانين، والختان: موضع القطع من الذكر

ص: 160

فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 291، م: 348].

431 -

[2] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 343].

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحْيِي السُّنَّةِ رحمه الله: هَذَا مَنْسُوخٌ.

432 -

[3] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ فِي الاحْتِلَامِ. . . . .

ــ

والأنئى، وهو داخل فرج المرأة، ويحصل الالتقاء بغيبة الحشفة في الفرج، وقد جاء في حديث آخر عن عائشة (1) رضي الله عنها: إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان، ويأتي تتمة الكلام فيه في الفصل الثاني.

وقوله: (وجب الغسل وإن لم ينزل) هذا مذهب الأئمة الأربعة وأكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم الخلفاء الأربعة، وعائشة، والفقهاء من التابعين رضي الله عنهم، وغيرهم.

وقوله: (متفق عليه) وفي بعض الشروح: إلا أن قوله: (وإن لم ينزل) ليس في البخاري، واللَّه أعلم.

431 -

432 - [2 - 3](أبو سعيد، وابن عباس) قوله: (هذا منسوخ) وفي حديث الترمذي (2) عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنها، وقال الترمذي: وهكذا روى غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبي بن كعب ورافع بن خديج، وأخرج عن عكرمة عن ابن عباس قال:(إنما الماء من الماء في الاحتلام)، وقال: سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعًا يقول: لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك عن ابن الجحاف، انتهى.

(1)"أعلام الحديث"(1/ 310).

(2)

"سنن الترمذي"(110).

ص: 161

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. [ت: 12].

ــ

وقال التُّورِبِشْتِي (1): قول ابن عباس: (الماء من الماء في الاحتلام) قول منه، قاله من طريق التأويل والاحتمال، ولو انتهى الحديث بطوله إليه؛ لم يكن ليأوله هذا التأويل، وذلك أن أبا سعيد الخدري قال:(خرجت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على باب عتبان، فصرخ به فخرج يجرّ إزاره، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (أعجلنا الرجل)، فقال عتبان: يا رسول اللَّه! أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إنما الماء من الماء)، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه (2)، انتهى كلام التُّورِبِشْتِي.

وهذا كلام منه على ابن عباس رضي الله عنه بأنه إنما يجري تأويله بحسب الظاهر على مجرد قوله: (الماء من الماء)، وهذا جزء من الحديث، وتمام الحديث يأبى عن هذا التأويل، ويمكن أن يقال: إن قول ابن عباس هذا ليس تأويلًا للحديث وإخراجًا له بهذا التأويل عن كونه منسوخًا، بل غرضه بيان حكم المسألة بعد العلم بكونه منسوخًا، وحاصله أن عمومه منسوخ، فيبقى حكمه في الاحتلام، وأورده محيي السنة لتأييد القول بالنسخ في الجملة، فافهم.

وأما قول المؤلف (رواه) أي: قول ابن عباس أنه في الاحتلام (الترمذي ولم أجده في الصحيحين) فلا يتم اعتراضًا على صاحب (المصابيح)؛ لأنه يمكن أن يكون ذكره هذا القول دفعًا للتعارض لا على أنه حديث من الصحاح ذكره في الباب.

(1)"كتاب الميسر"(1/ 150).

(2)

"صحيح مسلم"(343).

ص: 162

433 -

[4] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ:"نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ" فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَجْهَهَا وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: "نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ،

ــ

433 -

[4](أم سلمة) قوله: (إن اللَّه لا يستحيي من الحق) أي لا يأمر بالحياء في الحق، كذا في بعض الشروح.

أقول: بل المعنى أنه تعالى نهى عن أن يستحيوا، وهذه توطئة للسؤال عما يستحيا من السؤال عنه، و (من) في قوله:(من غسل) زائدة كما تزاد بعد النفي.

وقوله: (فغطت أم سلمة وجهها) يحتمل أن يكون من كلام زينب بنت أم سلمة الراوية منها، ويحتمل أن يكون قول أم سلمة على سبيل الالتفات، والأول أظهر.

وقوله: (أو تحتلم المرأة؟ )(1) المراد أو ترى المرأة الماء في الاحتلام؟ .

وقوله: (تربت يمينك) يقال: ترب الرجل: إذا افتقر، أي: لصق بالتراب، وأترب: إذا استغنى، وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب، كقولهم: قاتله اللَّه، وقيل: أراد به المثل ليرى المأمور به الجد، وأنه إن خالفه فقد أساء، وقيل: هو دعاء على الحقيقة، فإنه رأى الحاجة خيرًا لها، والأول هو الوجه، ويراد به إنكار شيء، أو استعظامه، أو استحسانه، أو التعجب، أو المدح، أو الذم بحسب المقام، كذا في (مجمع البحار)(2)، ثم المشهور فيه (تربت يداك)، وفي

(1) لعلها أنكرتها لأنها لم تعلم لندرتها في النساء، وقال السيوطي: إن أمهات المؤمنين تكون محفوظة عن الاحتلام تكريمًا له صلى الله عليه وسلم. "تنوير الحوالك"(1/ 71)، و"أوجز المسالك"(1/ 543).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(1/ 259).

ص: 163

فَبِمَ يُشْبِهُهُا وَلَدُهَا؟ ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 130، م: 313].

434 -

[5] وَزَادَ مُسْلِمٌ بِرِوَايَةِ أُمِّ سُلَيْمٍ: "إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ". [م: 311].

435 -

[6] وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ،

ــ

هذا الحديث أسند إلى اليمين.

وقوله: (فبم يشبهها ولدها؟ ) أي: المرأة ولدها أحيانًا، والظاهر أنه ليس هذا القول منه صلى الله عليه وسلم استدلالًا، بل الواقع معلوم له من عند اللَّه، وهذا تنبيه وتفهيم لها بصورة الاستدلال، واللَّه أعلم.

434 -

[5](أم سليم) قوله: (إن ماء الرجل غليظ أبيض) لعله لكثرة غذائه وقوة هضمه.

وقوله: (فمن أيهما) قال الطيبي (1): (من) زائدة، والمعنى: أي الماءين علا أو سبق يكون منه الشبه، انتهى. ويمكن أن يجعل الضمير للرجل والمرأة، فتكون (من) ابتدائية.

وقوله: (علا) أي: غلب وفاق.

وقوله: (الشبه) بفتحتين، هكذا الرواية.

435 -

[6](عائشة) قوله: (كما يتوضأ للصلاة) ظاهر في تقديم غسل الرجلين على إفاضة الماء على جلده كله، والحديث الآتي يدل على تأخيره منه، ولعله كان كل

(1)"شرح الطيبي"(2/ 81).

ص: 164

ثمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بيدَيْهِ، ثمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 248، م: 316].

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يتَوَضَّأُ. [م: 316].

ــ

واحد منهما تارة فتارة، ومذهبنا تأخير غسل الرجلين لحديث ميمونة رضي الله عنها، وقال في (الهداية) (1): وإنما يؤخر غسل رجليه لأنهما في مستنقع الماء المستعمل، فلا يفيد الغسل، حتى لو كان على لوح لا يؤخر، انتهى.

ومحمل الحديثين يجوز أن يكون هذا، واللَّه أعلم.

ثم ظاهر قوله: (كما يتوضأ للصلاة) أن يمسح رأسه أيضًا، وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رضي الله عنه، وفي رواية الحسن بن زياد عنه أنه لا يمسح؛ لأنه لا فائدة في المسح؛ لوجود إسالة الماء بعد، وذلك يعدم معنى المسح، بخلاف غسل سائر أعضاء الوضوء؛ لأن التسييل هو الموجود، فلم يكن التسييل بعده معدمًا له، والصحيح ظاهر الرواية؛ لظاهر الحديث، وفي الحديث الآتي عن ابن عباس لم يقل: توضأ كما يتوضأ للصلاة، بل قال: فمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم صب على رأسه، فليس فيه ذكر المسح لا صريحًا ولا ضمنًا، وتمسك به المالكية في قولهم: إن وضوء الغسل لا يمسح فيه الرأس.

وقوله: (ثلاث غرفات) بفتحات جمع غرفة بالفتح، كذا للكشميهني أحد رواة البخاري، وفي الروايات الأخر (ثلاث غرف) بضم المعجمة وفتح الراء جمع غرفة، وهي قدر ما يغرف من الماء بالكف، وقال بعض النحاة: إذا كان اللفظ جمع قلة وكثرة

(1)"الهداية"(1/ 19).

ص: 165

436 -

[7] وَعَنِ ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غُسْلًا فَسَتَرْتُهُ بِثَوْبٍ، وَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ صَبَّ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا (1)، ثُمَّ صَبَّ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا، ثُمَّ غَسَلَهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ،

ــ

يضاف الثلاث وأخواتها إلى جمع القلة، والحديث حجة عليهم، وكلتا الروايتين صحيحة، وكذا قوله: بعشر سور، وقوله تعالى:{ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27].

وقال الطيبي (2): إن (فعلى) بضم الفاء وكسرها من صيغ جمع القلة عند الكوفيين، ولا يجري هذا القول في قوله تعالى:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فتدبر.

436 -

[7](ابن عباس) قوله: (غسلًا) يروى بضم السين وسكونها، وكلاهما بمعنى الماء الذي يغتسل به كما ذكرنا.

وقوله: (فسترته) أي: غطت رأس الماء (3)، أو ضربت للنبي صلى الله عليه وسلم سترًا.

وقوله: (فغسل فرجه) أي: باليد اليسرى.

وقوله: (فضرب بيده) أي: اليسرى على الأرض فمسحها؛ مبالغة في الإنقاء.

وقوله: (وأفاض على جسده) في (القاموس)(4): الصب: الإراقة، وفاض الماء فيضًا وفيضانًا: كثر حتى سال.

(1)"ثُمَّ صَبَّ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا" ليست هذه الجملة في البخاري، "المرقاة"(2/ 425).

(2)

"شرح الطيبي"(2/ 82).

(3)

قال القاري: فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى الْمَاءِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ، "مرقاة المفاتيح"(2/ 425).

(4)

"القاموس المحيط"(ص: 600).

ص: 166

فَنَاوَلْتُهُ ثَوْبًا فَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَفْظُهُ للْبُخَارِيِّ. [خ: 276، م: 317].

437 -

[8] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ،

ــ

وقوله: (فناولته ثوبًا) أي: قربته إليه للنَّشْف.

وقوله: (فلم يأخذه) أي: لم ينشف به، وفي حديث آخر:(أتي بمنديل فلم ينتفض به)، أي: لم يتمسح به، وفي رواية:(فلم ينفض بها) أي: بالمنديل بتأويل الخرقة، وفي حديث آخر:(جعل ينفض بيده) أي: يمسح به وجهه ويزيل عنه الماء، كذا في (المشارق)(1) للقاضي عياض، وقيل: إنما لم يأخذه لنحو وسخ فيه، واختلف في أنه مكروه أو مندوب أو مستو واختاره النووي (2)، والأولى أن لا ينشف بذيله وطرف ثوبه ونحوهما، وقد حكي ذلك عن بعض السلف.

وأما قوله: (وهو ينفض يديه) يدل على جواز نفض اليدين، وقيل: المراد بنفض اليدين ههنا تحريكهما في المشي كما هو دأب أهل القوة عند مشيهم، والنفض التحريك، لا أنه ينفض يديه لينفض ما عليها من الطهور، فإنه منهي لما فيه من إماطة أثر العبادة، كذا في بعض الشروح، وقد ورد (إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم).

437 -

[8](عائشة) قوله: (عن غسلها) بضم الغين، (من المحيض) بمعنى الحيض، يقال: حاضت المرأة حيضًا ومحيضًا ومحاضًا.

(1)"مشارق الأنوار"(2/ 37).

(2)

قال النووي (3/ 231): وقد اختلف علماء أصحابنا في تنشيف الأعضاء في الوضوء والغسل على خمسة أوجه، أشهرها أن المستحب تركه، ولا يقال: فعله مكروه، والثاني أنه مكروه، والثالث أنه مباح يستوي فعله وتركه، وهذا هو الذي نختاره.

ص: 167

فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِل، ثُمَّ قَالَ: "خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ. . . . .

ــ

وقوله: (فأمرها) أي: علّمها، أو قال لها: اغسلي بهذه الكيفية.

وقوله: (خذي فرصة) بكسر الفاء، وقيل: مثلثة، قطعة من صوف أو قطن أو خرقة، يقال: فرصه: قطعه وخرقه، وروي قرصة بقاف، أي: شيئًا يسيرًا مثل القرصة بطرف الإصبعين، والإقراص والتقريص: الدلك بأطراف الأصابع.

وقال الشيخ (1): وهم من عزا هذه الرواية للبخاري، وروي بقاف وضاد معجمة، أي: قطعة من القرض بمعنى القطع، قال عياض: وقد صحف هذا اللفظ قديمًا.

وقوله: (من مسك) الأشهر بكسر الميم، وظاهره أن الفرصة منه، وعليه قول الفقهاء، قالوا: يستحب لها أن تأخذ شيئًا من المسك تطيب به، أو المراد فرصة مطيبة به، فإن لم تجد فبطيب آخر لتزيل به ريح النتن، واستبعد هذا بأنهم لم يكونوا أهل وسع يجدون المسك، ويروى (ممسكة) بفتح السين المشددة، وهي أيضًا بمعنى المطيب بالمسك، وقيل: بمعنى مُتحمَّلة، أي: تحملينها معك، أو مُتحمَّلة في القبل، أو خَلَقة أُمسِكَتْ كثيرًا، كأنه أراد لا تستعمل جديدًا من القطن والصوف؛ للارتفاق به في نحو الغزل، أو لأن الخلق أصلح وأوفق، وقيل: هو من التمسك باليد، وبروى (ممسكة) بكسر السين، أي: ذات إمساك.

وفي (مجمع البحار)(2): أن كل هذا تكلف، وما عليه الفقهاء أنه يستحب لها أن تأخذ شيئًا من المسك تطيب به، أو تطيب الخرقة به، هذا وقد يروى (من مسك) بفتح الميم بمعنى الجلد، وتجعل (ممسكة) أيضًا بهذا المعنى، أي: ذات مسك، أي: جلد، أي: قطعة صوف بجلد؛ لأنه أضبط لها، وبالفتح قيده الأصيلي، ورواه مسلم،

(1)"فتح الباري"(1/ 415).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(4/ 596).

ص: 168

فَتَطَهَّرِي بِهَا! قَالَتْ: كَيفَ أَتَطَهَّرُ؟ فَقَالَ: "تَطَهَّرِي بهَا" قَالَتْ: كَيفَ أَتَطَهَّرُ بَها؟ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّه تَطَهَّرِي بِهَا" فَاجْتبَذْتُهَا إِلَيّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 314، م: 332].

438 -

[9] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي، أَفَانْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَة؟ فَقَالَ: "لَا، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِيَ عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ،

ــ

أي: قطعة جلد، وبالكسر رواية الطبري عن مسلم، وبعض رواة البخاري، وكذا رواها الشافعي رحمه الله، والفتح أرجح، ورجح النووي الكسر لرواية (ممسكة)، وتعقب بأن الخطابي قال: ممسكة: مأخوذة باليد، يقال: مسكته وأمسكته.

وقوله: (فتطهري بها) وفي رواية: (فتوضئي بها) أي: تنظفي بها، أو تطيبي بها، وقد يرجح به رواية المسك بالفتح، وإلا فالظاهر أن يقال: فتطيبي بها، وسياق الحديث أيضًا يدل على ذلك، واللَّه أعلم.

وقوله: (فاجتبذتها) بتقديم الباء على الذال، من الجبذ مقلوب الجذب، وفي بعض النسخ (فاجتذبتها) وقيل: وهذا أصح، واللَّه أعلم.

438 -

[9](أم سلمة) قوله: (أشد ضفر رأس): (ضفر) بفتح ضاد وسكون فاء، هو المشهور من الرواية، وضفر الشعر: نسجه وفتله وإدخال بعضه في بعض، ومنه قيل للحبل: ضفير، أي: أحكم فتل شعري وأعمله ضفائر، وهي الذوائب المضفورة، قيل: هو ضفر بضم الضاد والفاء جمع ضفيرة، ولا يصح رواية.

وقوله: (أن تحثي) بكسر المثلثة وبسكون الياء، أصله: تحثين على صيغة المخاطبة، سقط نونه بـ (أن)، وأصل (تحثين) تحثوين؛ كتضربين أو تنصرين، فحذف حرف العلة بعد نقل حركةٍ أو حذفها، وحذفت النون للنصب.

ص: 169

ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 330].

439 -

[10] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 201، م: 325].

440 -

[11] وَعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. . . . .

ــ

وقوله: (ثم تفيضين) بضم التاء مستأنف لا عطف، وإلا سقطت النون، و (ثلاث حثيات) بالفتحات، أي: ثلاث غرفات بيديه، جمع حثية.

وفي الحديث دليل على عدم وجوب نقض الضفائر للمرأة، ومذهبنا أنه يكفي لذات الضفيرة أن تبل أصلها، وهو الأصح.

439 -

[10](أنس) قوله: (يتوضأ بالمد) هو بالضم رطل وثلث رطل، والصاع أربعة أمداد، وقد جاء في رواية، وهذا الحساب مبهم علينا، وقد بَيَّنَّاه على وفق حساب ديارنا في (شرح سفر السعادة)(1)، فليطلب ثمة، وقد جاء في رواية الوضوء بثلثي المد، وجاء الغسل بثلاثة أمداد، وقالوا: ليس واحد منها تقديرًا بحيث لا يسع أقل وأكثر منها، بل المقصود الإسباغ، فلو فعل بأكثر جاز ما لم يبلغ حد الإسراف، أو بأقل ما لم يخل بحد الإنقاء جاز.

440 -

[11](معاذة) قوله: (كنت أغتسل أنا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) عطف على الضمير المستكن في (أغتسل) لتأكيده بالمنفصل.

فإن قلت: كيف العطف بتكرير العامل، وكيف يستقيم ذلك، إذ لا يقال: اغتسل رسول اللَّه؟ قلت: هو تغليب المتكلم على الغائب كما غُلِّبَ المخاطبُ على الغائب

(1) انظر: "شرح سفر السعادة"(ص: 30).

ص: 170

مِنْ إِناءٍ وَاحِدٍ بَيْني وَبَيْنَهُ، فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ: دَعْ لِي دَعْ لِي، قَالَتْ: وَهُمَا جُنُبَانِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1). [م: 321].

ــ

في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] كذا قال الطيبي (2).

وقال المحقق التفتازاني في قول الشاعر (3):

وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

في جواب من قال: كيف يصح إسناد الفعل الغائب إلى ضمير المتكلم: (أنا)؟ لا نسلم أن الفعل غائب؛ لأن غيبة الفعل وتكلمه وخطابه باعتبار المسند إليه، فالفعل في نحو: لا يقوم إلا أنا وأنت لا يكون غائبًا، فعلى هذا القياس يقال ههنا: لا نسلم أن (أغتسل) صيغة متكلم، إنما تكلمه باعتبار إسناده إلى ضمير المتكلم، وأما باعتبار إسناده إلى المعطوف هو صيغة غائب، فتدبر.

وقوله: (من إناء واحد. . . إلخ) وفي (صحيح البخاري): (من إناء واحد من قدح يقال له: الفَرَق)، وفي (القاموس) (4): الفَرَق: مكيال يسع ثلاثة آصع.

(1) قال في "المرقاة"(2/ 144): قال السيد جمال الدين: فيه نظر؛ لأن البخاري لم يقل: فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، وإنما هو من أفراد مسلم.

(2)

"شرح الطيبي"(2/ 85).

(3)

هو الفرزدق، وتمام البيت:

أنَا الذّائدُ الحامي الذِّمارَ وَإِنَّمَا

يدافع عَن أحسابهم أنَا أَو مثلي

كذا في "معاهد التنصيص على شواهد التلخيص"(1/ 260)، وفي "خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب" (4/ 465):

أَنَا الضّامن الرّاعي عَلَيْهِم وإنّما. . . إلخ

(4)

"القاموس المحيط"(ص: 845).

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيه دليل على أن الجنب إذا أدخل يده في الماء لا يؤثر فيه إلا إذا أدخل بنية غسلها.

وقال الشُّمُنِّي عن (المحيط)(1): لو أدخل الجنب يده في الماء لا يضره استحسانًا؛ لأنه ربما لا يمكنه استعمال الماء إلا بالاغتراف منه، فسقط اعتباره دفعًا للضرورة، حتى لو قصد به غسل اليد يفسد الماء؛ لأن الضرورة تندفع إذا لم ينو الغسل، فإن أدخل فيه غير اليد من الأعضاء يفسده؛ لأنه لا ضرورة فيه، انتهى.

والمختار من مذهب أحمد بن حنبل (2) رحمه الله أن غمس المحدث أو الحائض أو الجنب يده في الماء أو غيرها من الأعضاء لا يؤثر فيه شيئًا؛ لطهارة بدنيهما حقيقة، إلا أن يكون لرفع الجنابة، وفي رواية: يفرق بين المحدث والجنب، بأن الأول لا يؤثر، والثاني يؤثر.

هذا، والحديث الآتي في آخر (باب مخالطة الجنب) يقتضي أن يقيد باغترافهما معًا، وإلا يلزم اغتسال كل واحد بفضل ماء الآخر، والحديث صريح في سبقته صلى الله عليه وسلم ومبادرته إلى الاغتراف قبل أن تغترف عائشة رضي الله عنها، ومع وجود الاغتراف معًا يلزم في المرة الثانية اغتسال كل واحد منهما بفضل ماء الآخر كما لا يخفى، اللهم إلا أن يقيد ذلك الحديث الآتي بأن لا يكون اغترافهما من إناء واحد في زمان واحد، واللَّه أعلم.

وقال محمد رحمه الله في (موطئه)(3): أخبرنا مالك حدثنا نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان الرجال والنساء يتوضؤون جميعًا في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال محمد: لا بأس بأن تتوضأ المرأة وتغتسل مع الرجل من إناء واحد إن بدأت قبله أو بدأ قبلها، وهو قول

(1)"المحيط البرهاني"(1/ 133).

(2)

انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 166).

(3)

انظر: "التعليق الممجد"(1/ 83، ح: 36).

ص: 172