الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
325 -
[26] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: قَرَّبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَنْبًا مَشْوِيًّا فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 6/ 307].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
326 -
[27] عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: أَشْهَدُ لَقَدْ كُنْتُ أَشْوِي لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم بَطْنَ الشَّاةِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 357].
327 -
[28] وَعَنْهُ قَالَ: أُهْدِيَتْ لَهُ شَاةٌ فَجَعَلَهَا فِي الْقِدْرِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"مَا هَذَا يَا أَبَا رَافِعٍ؟ ". . . . .
ــ
السين المهملة: البلاس، وقال في مادة البلس: والبلاس كسحاب: المسح، وفي (الصراح) (1): مسح بالكسر بلاس وقال: بلاس كَليم وهو معرب.
325 -
[26](أم سلمة) قوله: (ولم يتوضأ) وهذا أيضًا ناسخ لأحاديث التوضئ كحديث جابر وأبي رافع وغيرهما.
الفصل الثالث
326 -
[27](أبو رافع) قوله: (أشهد لقد كنت) المبالغة في التأكيد، قد ينبئ عن وقوع الاختلاف فيما بينهم في هذا الحكم، والمراد ببطن الشاة: ما في بطنها من القلب والكبد وغيرهما مما يؤكل.
وقوله: (ثم صلى) أي: فأكل وقام وصلى.
327 -
328 - [28 - 29](أبو رافع، أبو عبيد) قوله: (أهديت له) أي: لأبي
(1)"الصراح"(ص: 234).
فَقَالَ: شَاةٌ أُهْدِيَتْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّه فَطَبَخْتُهَا فِي الْقِدْرِ، قَالَ:"نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ يَا أَبَا رَافِعٍ"، فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ، ثُمَّ قَالَ:"ناوِلْنِي الذِّرَاعَ الآخَرَ"، فَنَاوَلْتُهُ الذِّرَاعَ الآخَرَ، ثُمَّ قَالَ:"نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ الآخَرَ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا لِلشَّاةِ ذِرَاعَانِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَنَاوَلْتَنِي ذِرَاعًا فَذِرَاعًا مَا سَكَتَّ"، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَمَضْمَضَ فَاهُ وَغَسَلَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِمْ فَوَجَدَ عِنْدَهُمْ لَحْمًا بَارِدًا فَأَكَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً. رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 6/ 392].
328 -
[29] وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ: ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ إِلَى آخِرِهِ. [دي: 1/ 22].
ــ
رافع (لناولتني) ناولته فتناول، أي: أعطيته فأخذ.
وقوله: (ذراعًا فذراعًا) أي: ذراعًا بعد ذراع.
وقوله: (ما سكت) أي: ما دمت ساكتًا، ولعل ذلك لخاصية وسنة جارية من اللَّه تعالى في إظهار الأمور الغيبية الخارقة للعادة لطريان التردد والشك بالسؤال والبحث، واللَّه أعلم.
وقوله: (وغسل أطراف أصابعه) يدل على أنه يكفي في غسل اليد بعد الطعام ما يزيل به الدسومة والزهومة من اليد، واستيعاب غسلها ليس بلازم.
وقوله: (ثم عاد إليهم) أي: إلى أهل أبي رافع.
وقوله: (لم يمس ماء) أي: لم يتوضأ ولم يغسل اليد والأصابع كما غسلها في المرة الأولى لعدم الدسومة.
329 -
[30] وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُبَيٌّ وَأَبُو طَلْحَةَ جُلُوسًا فَأَكَلْنَا لَحْمًا وَخُبْزًا ثُمَّ دَعَوْتُ بِوَضُوءٍ، فَقَالَا: لِمَ تَتَوَضَّأُ؟ فَقُلْتُ: لِهَذَا الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْنَا، فَقَالَا: أَتَتَوَضَّأُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 4/ 30].
330 -
[31] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَجَسُّهَا بِيَدِهِ مِنَ الْمُلَامَسَةِ. وَمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ فَعَلَيهِ الْوضُوءُ. رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. [ط: 64، مسند الشافعي: 27].
331 -
[32] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ. رَوَاهُ مَالِكٌ. [ط: 67].
ــ
329 -
[30](أنس بن مالك) قوله: (لم يتوضأ منه من هو خير منك) أنكرا على أنس رضي الله عنه، وسكوت أنس يدل على أنه موافق لهما، فصار متفقًا عليه.
330 -
[31](ابن عمر) قوله: (وجسها بيده) الجس: المس باليد كالإجساس.
وقوله: (من الملامسة) أي: المذكورة في قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43]، أي: ناقضان للوضوء كما بينه بقوله: (ومن قبّل امرأته أو جسها) وفيه حجة على من قال من الشافعية: إن الناقض إنما هو لمس المرأة الأجنبية.
331 -
[32](ابن مسعود) قوله: (من قبلة الرجل امرأته الوضوء) لعل التقديم للاهتمام حتى يفهم أن من قبلة غير امرأته الوضوء بالطريق الأولى، وليس للتخصيص كما لا يخفى.
332 -
[33] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ الْقُبْلَةَ مِنَ اللَّمْسِ فَتَوَضَّؤُوا مِنْهَا.
333 -
[34] وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ تَمِيمِ الدَّارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الْوُضُوءُ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ". رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَلَا رَآهُ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ وَيزِيدُ ابْنُ مُحَمَّدٍ مَجْهُولَانِ. [دي: 1/ 157].
* * *
ــ
332 -
[33](ابن عمر) قوله: (إن القبلة من اللمس) في معنى قوله في الحديث السابق من الملامسة، وفي الآية قراءتان:{لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} ، و {لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} .
اعلم أن هذه الآثار من ابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما تدل على أن مس المرأة ناقض كما هو مذهب الشافعي رحمه الله، ولعلها عند الحنفية لم يثبت، ويحتمل أن يقال: إن ذلك بناء على مذهبهما، ويكون مذهب غيرهما على خلاف ذلك، فإنهما لم يرفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث عائشة رضي الله عنها مرفوع، واللَّه أعلم.
333 -
[34](عمر بن عبد العزيز) قوله: (الوضوء من كل دم سائل)(1) هذا الحكم مخصوص بالحنفية، وعند الأئمة الثلاثة الناقض هو ما يخرج من السبيلين معتادًا أو غير معتاد، وعند أحمد خروج البول والغائط من غير مخرجهما ناقض، والحجة لنا هذا الحديث الذي رواه الدارقطني في (سننه) عن عمر بن عبد العزيز عن
(1) ذهب إلى إيجابه الحنفية وأحمد بن حنبل، وذهب الشافعي ومالك إلى أنه غير ناقض. انظر:"بذل المجهود"(2/ 112).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تميم الداري، ورواه ابن عدي في (الكامل)(1) عن زيد بن ثابت، وطعن الدارقطني فيه بأن عمر بن عبد العزيز لم ير تميمًا الداري؛ فإن ولادة عمر كان في سنة سبع وخمسين، وتميم الداري مات في أيام علي رضي الله عنه، ويزيد بن خالد ويزيد بن محمد مجهولان، وقد عرفت معنى المجهول في المقدمة، وهذا ليس بطعن عندنا لأنا نقبل المراسيل، وقد عرف في موضعه.
وأما يزيد بن خالد ويزيد بن محمد فقد اختلف فيهما، وقد وثقوهما كما في (الكاشف)(2) للذهبي، والمجهول قسمان: مجهول العين من لم يرو عنه إلا واحد ولم يوثق، ومن روى عنه اثنان أو أكثر من غير توثيق فهو مجهول الحال وهو المستور، وقد قبل روايته الجمهور وردها البعض، وقيل: موقوف إلى استبانة الحال ولا يدرى من أي قسم، واللَّه أعلم.
ولنا أيضًا ما روى البخاري (3) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن فاطمة بنت حبيش جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: (لا إنما ذلك عرق ليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، وتوضئي لكل صلاة)، فنبه صلى الله عليه وسلم على العلة الموجبة للوضوء، وهو كون ما يخرج منها دم عرق، ولأنه نجس خرج إلى موضع يلحقه حكم التطهير فينقض به الوضوء كالخارج من السبيلين.
(1)"الكامل"(2/ 77).
(2)
"الكاشف"(2/ 381، 389).
(3)
"صحيح البخاري"(228).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتمسك الخصم بما روى الحاكم مسندًا والبخاري (1) معلقًا عن جابر بن عبد اللَّه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة الرقاع فرمي رجل بسهم، فنزفه الدم فركع وسجد، ومضى في صلاته. والجواب أنه إنما ينتهض حجة إذا ثبت اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة ذلك الرجل وتقريره له عليها.
وقال الخطابي (2): ولست أدري كيف يصح الاستدلال به والدم إذا سال أصاب بدنه وربما أصاب ثيابه، ومع إصابة شيء من ذلك لا تصح صلاته؟ إلا أن يقال: إن الدم كان يجري من الجراح على سبيل الدفق حتى لم يصب شيئًا من ظاهر بدنه، ولإن كان كذلك فهو أمر عجيب، كذا ذكره الشُّمُنِّي، واحتج أيضًا بما روى الدارقطني (3) من أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه، وقد ضعف هذا الحديث أيضًا.
ولنا أيضًا ما رواه ابن ماجه (4) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف وليتوضأ، ثم ليبن على صلاته ما لم يتكلم)، ورواه الدارقطني أيضًا، وقد تكلم في ابن عياش، وقد وثقه ابن معين، ونقل عن الشافعي رحمه الله أنه قال: إنه بتقدير الصحة يحمل على غسل الدم لا وضوء الصلاة، ودفع بأنه غير صحيح وإلا لبطلت الصلاة، فلم يجز البناء، والكلام في هذا المقام طويل ذكره الشيخ ابن الهمام.
(1)"المستدرك" للحاكم (1/ 258)، و"صحيح البخاري" (كتاب: 4، باب: 34).
(2)
انظر: "فتح الباري"(1/ 281).
(3)
"سنن الدارقطني"(1/ 151).
(4)
"سنن ابن ماجه"(1221)، و"سنن الدارقطني"(1/ 153).