الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب الأذان
ــ
4 -
باب الأذان
الأذان في اللغة: الإعلام، قال اللَّه تعالى:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أي: الإعلام، وأصله من الأذن بفتحتين، وهو الاستماع، وأَذِنَ به: عَلِمه، ومنه قوله تعالى:{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] كأنه يلقي في أذن الناس بصوته، إذا سمعوه علموا أنهم ندبوا لذلك.
وفي الشرع: إعلام بدخول وقت الصلاة بذكرٍ مخصوصٍ في وقتٍ مخصوص، وهو مشروعٌ للصلوات الخمس بالإجماع.
والمشهور أن شرعيته في السنة الأولى من الهجرة، وقيل: في السنة الثانية، ثم المشهور أنه ثبت برؤيا عبد اللَّه بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه، ورؤية عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وقد وقع في (الأوسط) (1) للطبراني: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أيضًا رأى الأذان، وفي (الوسيط) (2) للغزالي: أنه رآه بضعة عشر رجلًا، وصرح بعضهم بأربعة عشر، وأنكره ابن الصلاح والنووي، وفي (سيرة مغلطاي): أنه رآه سبعة من الأنصار.
وقال الحافظ ابن حجر (3): لا يثبت شيء من ذلك إلا لعبد اللَّه بن زيد، وقصة عمر رضي الله عنه جاءت في بعض الطرق، والصحيح أنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بعد رؤيا عبد اللَّه بن زيد، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم حين ذكر عبد اللَّه بن زيد رؤياه:(إنها لرؤيا حقٍّ إن شاء اللَّه) ترقبًا منه صلى الله عليه وسلم نزول الوحي بذلك.
(1)"المعجم الأوسط"(ح: 2020).
(2)
"الوسيط"(2/ 676).
(3)
"فتح الباري"(2/ 78).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد وقع فيما رواه عبد الرزاق وأبو داود في (المراسيل)(1) من طريق عبيد بن عمير الليثي -أحد كبار التابعين- أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له صلى الله عليه وسلم:(قد سبقك بذلك الوحي)، وهذا أصح. وقد روى البزار (2) عن علي رضي الله عنه أنه قال: لما أراد اللَّه أن يعلم رسوله الأذان جاء جبرئيل عليه السلام بدابة يقال له: البراق، فركبها حتى أتى بها الحجاب الذي يلي الرحمن، فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب فقال: يا جبرئيل من هذا؟ فقال: والذي بعثك بالحق إني لأقرب الخلق مكانًا وإن هذا الملكَ ما رأيته منذ خُلِقْتُ قبل ساعتي هذه، فقال الملك: اللَّه أكبر، اللَّه أكبر، فقيل له من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر، وذكر بقية الأذان.
ووردت فيه أحاديث كلها ضعيفة مخالفة لما ورد في الخبر الصحيح من أن بَدْءَ الأذان كان بالمدينة، وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم أُريَه ليلة الإسراء، أو فهو قد شُرِعَ بمكة قبل الهجرة.
وقال في (فتح الباري)(3): والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المنذر بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بغير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة، وإلى أن وقع التشاور، وأيّد ذلك بأنه لو كان مشروعًا قبل ذلك لما احتاج إلى التشاور، وقد يقال: الذي سمع ليلة الإسراء هو كلمات الأذان من غير أن يؤمر بإقامته وقت الصلاة، وعَلِمَ بعد رؤيا القوم أن مراد اللَّه بما أراه في السماء أن يكون سنة في الأرض، واللَّه أعلم.
(1)"مصنف عبد الرزاق"(1/ 456، رقم: 1775)، "كتاب المراسيل"(1/ 126، رقم: 20).
(2)
"مسند بزار"(508).
(3)
"فتح الباري"(2/ 79).