الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
715 -
[27] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 344].
ــ
الذي لا يعمل، أو تكونوا نائمين فتكونوا مشابهين للأموات؛ لأن النوم أخو الموت غير مشتغلين بالعبادة.
ثم اعلم أنهم اختلفوا في الصلاة في المقبرة، فكرهها جماعة، وإن كان المكان طاهرًا، فتارةً احتجوا بهذا الحديث؛ لأنه يدل على أن الصلاة لا يكون في المقبرة؛ لأنه جعل كونها قبورًا، كناية عن عدم الصلاة فيها، فيفهم أن لا صلاة فيها، وهذا ضعيف، لما ذكرنا من معناه على أنه إن دل فإنما يدل على عدم الصلاة في القبر، لا في المقبرة، فافهم، وتارةً بالحديث السابق، وهو أيضًا لا يتم، لما علم من المراد به، ومنهم من ذهب إلى أن الصلاة فيها جائز، إن كانت التربة طاهرة والمكان طيب، ولم يكن من جديد الموتى، وما ينفصل عنهم من النجاسات.
وقد حمل بعض الناس قوله: (ولا تتخذوها قبورًا) على النهي عن الدفن في البيوت، وتعقب بأنه ذهاب عما يقتضيه نسق الكلام، وبأنه قد دفن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها، والثاني غير وارد لأنه يمكن أن يجعل من خصائصه صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث (1): أنهم اختلفوا في موضع دفنه فروى أبو بكر رضي الله عنه: أن الأنبياء لا يقبضون إلا في مكان يحب اللَّه تعالى دفنهم فيه، أو كما قال، فتدبر.
الفصل الثاني
715 -
[27](أبو هريرة) قوله: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) اعلم أن
(1) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى"(ح: 7122).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المشارق والمغارب كثيرة، وفي الحقيقة لكل يوم من أيام السنة مشرق ومغرب، لكنها لا تضبط لعدم ظهور التفاوت، ولكن مشرق كل شهر ومغربه مضبوطة، والتفاوت بينهما فاحش، وبهذا الاعتبار جمعت في قوله تعالى:{بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: 40]، وغاية البعد والسعة بينهما في الصيف والشتاء، وبهذا الوجه ثني في قوله سبحانه:{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] فالحد الأول من المشرق مطلع الشمس في أطول يوم من السنة، وهو في تحويل نقطة السرطان قريبًا من مطلع السماك الرامح، وآخر المشارق مشرق الشتاء، وهو مطلع الشمس في أقصر يوم منها في تحويل نقطة الجدي قريبًا من مطلع قلب العقرب، وفي مقابلتهما المغرب، والظاهر أن المعنى بالقبلة في هذا الحديث قبلة المدينة المطهرة ومن داناهم، فإنها واقعة بين المشرق والمغرب إلى الجنوب، فإنها في ناحية الشمال من مكة.
قال التُّورِبِشْتِي (1): وقد قيل: إنه أراد قبلة من اشتبه عليه القبلة، وإلى أي جهة صلى بالاجتهاد كفته، وقيل: المراد منه توجه المتنفل على الدابة إلى أي جهة كانت، وعلى هذين القولين فالمراد من قوله:(ما بين المشرق والمغرب قبلة) الجهات الأربع، ويجوز ذلك على جهة الاتساع؛ لأن الأقطار كلَّها شرقَها وغربَها وجنوبَها وشمالَها واقعة في ما بين المشرق والمغرب، وعلى هذا فالحديث يحتمل وجها آخر، وهو أن نقول: ليس جهة من الجهات ما بين المشرق والمغرب إلا وهي قبلة، بحسب توجه المصلي إلى الكعبة في مكانه الذي هو فيه، فالمشرقي قبلته المغرب، والمغربي قبلته المشرق، وعلى نحو ذلك الجنوب والشمال، انتهى كلامه.
(1)"كتاب الميسر"(1/ 206).
716 -
[28] وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: خَرَجْنَا وَفْدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّ بِأَرْضِنَا بِيْعَةً لَنَا، فَاسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فتَوَضَّأ وَتَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَبَّهُ لَنَا فِي إِدَاوَةٍ وَأَمَرَنَا فَقَالَ:"اخْرُجُوا فَإِذَا أَتَيْتُمْ أَرْضَكُمْ فَاكْسِرُوا بِيْعَتَكُمْ، وَانْضَحُوا مَكَانَهَا بِهَذَا الْمَاءِ، وَاتَّخِذُوهَا مَسْجِدًا" قُلْنَا: إِنَّ الْبَلَدَ بَعِيدٌ، وَالْحَرَّ شَدِيدٌ، وَالْمَاءَ يُنْشَفُ، فَقَالَ: . . . . .
ــ
716 -
[28](طلق بن علي) قوله: (خرجنا وفدًا) وَفَدَ إليه وعليه، يَفِدُ وفدًا ووفودًا ووفادة: قدم، وورد، وفي (النهاية) (1): الوفد: القوم يجتمعون ويردون البلاد، أو يقصدون الرؤساء، زيارةً أو استرفادًا أو غيرَ ذلك، والوافد واحد، وكانت العرب تفد على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، ويردون عليه، ويسمى ذلك عام الوفود، وفي المسجد النبوي أسطوانة تسمى (أسطوانة الوفود) كان يجلس عندها للوافدين.
وقوله: (أن بأرضنا بيعة لنا) البيعة بكسر الباء وسكون الياء: معبد النصارى، والكنيسة: معبد اليهود، والمسجد: معبد المسلمين، وكأنهم كانوا نصارى آمنوا فأرادوا أن يكسروها.
وقوله: (فتوضأ وتمضمض) أي: بفضل وضوئه، وهو الظاهر من العبارة، أو المعنى أراد الوضوء.
وقوله: (وأمرنا) أي: بالخروج.
وقوله: (والماء ينشف) على صيغة المجهول، في (القاموس) (2): نشف الثوب
(1)"النهاية"(5/ 209).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 790).
"مُدُّوهُ مِنَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَزِيدُهُ إِلَّا طِيبًا". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. [ن: 701].
717 -
[29] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ يُنَظَّفَ وَيُطَيَّبَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 455، ت: 594، جه: 758].
718 -
[30] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ". . . . .
ــ
العرق كسمع ونصر: شربه، والحوضُ الماءَ: شربه، كتنشفه، والماء في الأرض: ذهب.
وقوله: (مدوه من الماء) من المدد، أي: صُبّوا عليه ماءً آخر.
قوله: (فإنه لا يزيده) الظاهر أن الضمير المرفوع للمورود، والمنصوب للوارد، ويحتمل العكس، وفي الحديث التبرك بفضله صلى الله عليه وسلم ونقله إلى البلاد نظير ماء زمزم، ويؤخذ منه أن فضل وارثيه من العلماء والصلحاء كذلك.
717 -
[29](عائشة) قوله: (في الدور) جمع دار، والمراد بها ههنا المحلات والقبائل، وهذا في غير صورة الضرار فإنه يمنع.
وقوله: (وأن ينظف ويطيب) بالياء التحتانية، وقد يضبط بالتاء الفوقانية باعتبار المساجد.
718 -
[30](ابن عباس) قوله: (بتشييد المساجد) شاد الحائط يشيده: طلاه بالشيد بالكسر، وهو ما طلي به حائط من جِصٍّ ونحوه، والمشِيد: المعمول به، وكمؤيَّد: المطوَّل، كذا في (القاموس)(1). وفي (مجمع
(1)"القاموس المحيط"(ص: 278).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 448].
719 -
[31] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ من أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 449، ن: 689، دي: 1408، جه: 739].
ــ
البحار) (1): المشيدة: المرفوعة أو المطلية بالشيد، وفي (شرح الشيخ): أي: بإعلاء بنائها وتزويقها وزخرفتها، ونفي الأمر كناية عن النهي، أو هو على ظاهره.
وقوله: (لتزخرفنها) بفتح اللام وضم فوقية وفتح زاي وسكون معجمة وكسر راء وضم فاء، ويجوز كسر اللام لتعليل النفي، أي: ما أمرت به، هكذا عبارة الشارحين، والظاهر ما أمر به؛ لأن الظاهر أن هذا لفظ ابن عباس، إخبارًا عن فعل الناس بعده صلى الله عليه وسلم ليجعل ذريعة إلى التزخرف، فافهم، وفتح اللام هو الأظهر، والزخرف في الأصل: الذهب وكمال حسن الشيء، وفي الحديث:(نهى أن تزخرف المساجد) أي: تنقش وتموه بالذهب لئلا يشغل المصلي، وفي الفقه: لو أوصى بتشييد مسجده وتحميره نفذت الوصية؛ لأن الناس قد أحدثوا تشييد بيوتهم وتزيينها، فلو بنينا مساجد باللبن متطامنة بين الدور الشاهقة، وربما كانت لأهل الذمة لكانت مستهانة، كذا في (مجمع البحار)(2).
719 -
[31](أنس) قوله: (أن يتباهى الناس) أي: يتفاخرون بتحسين بنائه وتزويقه وارتفاعه وتطويله رياءً وسمعةً.
(1)"مجمع بحار الأنوار"(3/ 278).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(2/ 423).
720 -
[32] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نسَيَهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 2916، د: 461].
ــ
720 -
[32](أنس) قوله: (عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة) أي: أجور أعمال أمتي حتى أجر إخراج القذاة من المسجد، والقذاة بفتح القاف واحد قذى، وهي ما يقع في العين وفي الشراب من تراب أو تبن أو وسخ، ففي التعبير عنه بالقذى ههنا إشارة إلى كون المسجد بمنزلة العين للإنسان تتأذى منه روحانية المسجد، أو كماء زلال من عين الحياة المعنوية يتكدر صفاؤه من وقوعها، فمن أخرجها أصاب نظر الرحمة، ونال حظًّا من روق شراب الصفوة، و (حتى) إما بمعنى (إلى) أو عاطفة، فالقذاة على الأول مجرور، وعلى الثانية مرفوع عطف على (أجور)، و (يخرجها) جملة مستأنفة للبيان، وأما جعل (حتى) ابتدائية و (القذاة يخرجها) مبتدأ وخبرًا، كما في (شرح الشيخ)، فبعيد من حيث المعنى، فافهم.
وقوله: (فلم أر ذنبًا أعظم من سورة) أي: من ذنب نسيانها، وفي هذا زجر وتشديد، فإن نسيان القرآن ليس أعظم الذنوب، وإن عدَّه بعض العلماء من الكبائر، كما نقله مولانا جلال الدواني عن الروياني في (شرح العقائد العضدية)(1)، لكن بعضهم أوّلوا بنسيانه بحيث لا يقدر على قراءته من المصحف، والظاهر من الحديث نسيانها بمعنى عدم الحفظ عن ظهر القلب، وعليه حمله الشارحون.
(1)(ص: 126)، المطبوعة مع "التعليقات".
721 -
[33] وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ت: 223، د: 561].
722 -
[34] وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ.
723 -
[35] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوْا لَهُ بِالإِيمَانِ، فَإِنَّ اللَّه يَقُولُ:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18]. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ والدَّارِمِيُّ. [ت: 261، جه: 802، دي: 1223].
ــ
721 -
722 - [33 - 34](بريدة، وسهل بن سعد، وأنس) قوله: (بشر المشائين) الخطاب عام، ويمكن أن يكون أمرًا من جانب الحق سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، فيكون الحديث قدسيًّا، واللَّه أعلم.
وفي قوله: (بالنور التام يوم القيامة) تلميح إلى قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} [التحريم: 8]، ففيه أن من مشى إلى المساجد في الظُّلم ليؤدِّيَ الصلاة بالجماعة كان مع النبي والذين امنوا معه من أصحابه الكرام صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين.
723 -
[35](أبو سعيد الخدري) قوله: (يتعاهد المسجد) في (القاموس)(1): تعهَّده وتعَاهَده واعْتَهَده: تَفَقَّدَهُ، وأحدث العهدَ به، ولقد أحسن في ترك الحكم بكون تَعَهَّد أفصح من تَعَاهَد، كما حكم الجوهري (2)، بل لو كان يغلظ في ذلك كما هو دأبه
(1)"القاموس المحيط"(ص: 289).
(2)
انظر: "الصحاح"(2/ 516).
724 -
[36] وَعَن عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لَنَا فِي الِاخْتِصَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَصَى وَلَا اخْتَصَى، إِنَّ خِصَاءَ أُمَّتِي الصِّيَامُ". فَقَالَ: ائْذَنْ لَنَا فِي السِّيَاحَةِ، فَقَالَ:"إِنْ سِيَاحَةَ أُمَّتَي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". فَقَالَ: ائْذَنْ لَنَا فِي التَّرَهُّبِ، فَقَالَ:"إِن تَرَهُّبَ أُمَّتِي الْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ". رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [ح: 484].
725 -
[37] وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ رَبِّيَ عز وجل. . . . .
ــ
لكان وجهًا، كيف وقد وقع في كلام أفصح الفصحاء كما هو الظاهر، وتوجيهه بأن التعاهد يكون بين اثنين ضعيف، فإنه قد يكون (فاعَلَ) للمبالغة والإحكام من غير أن يراد وقوعه بين اثنين، كما قال الطيبي (1) نقلًا عن صاحب (الكشاف)، وقد جاء في بعض الروايات (يعتاد) بدل (يتعاهد)، والمعنى المراد منهما قريب، ويشمل كل منهما كل ما يناط به أمر المساجد من العمارة والكنس والتطييب والتنظيف والتنوير بالمصابيح والتعبد والذكر ودرس العلم، وهذا أجلّ وأعظم أقسام التعاهد، وفقنا اللَّه به.
724 -
[36](عثمان بن مظعون) قوله: (من خصى ولا اختصى) خَصَاهُ خِصاءَةً بالكسر، وخصية واختصى: فعل ذلك بنفسه، و (الترهب) وهو التخلي من اشتغال الدنيا وترك ملاذها، وأصله من الرهب بمعنى الخوف.
725 -
726 - [37 - 38](عبد الرحمن بن عائش، وابن عباس، ومعاذ بن جبل) قوله: (رأيت ربي) إن كان رؤيا منام -كما في رواية- فلا إشكال، وإن كان رؤية يقظة -كما في أخرى- فلا بد من التأويل، أو هو مخصوص به صلى الله عليه وسلم، كما في ليلة المعراج
(1)"شرح الطيبي"(2/ 241).
فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَتَلَا:{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75]. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مُرْسَلًا،
ــ
على القول المختار.
وقوله: (في أحسن صورة) إن كان حالًا من الفاعل فلا محذور، وإن كان من المفعول فالمراد به الصفة، وإطلاق الصورة عليها شائع.
وقوله: (فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ) المراد بهم الملائكة، والملأ اسم لأشراف القوم؛ لأنهم يملؤون المجالس أو يملؤون العيون رواءً والقلوب مهابةً. واختصامهم تقاولهم في فضائل تلك الأعمال، أو مبادرتهم إلى ثبتها في الصحائف والصعود بها إلى السماء، واغتباطهم الناس في اختصاصهم بتلك الفضائل مع تماديهم في الشهوات.
وقوله: (فوضع كفه بين كتفي) مجاز عن تخصيصه بمزيد الفضل عليه، وإيصال فيضه إليه، كما يفعل الملوك ببعض خدمهم إذا أرادوا أن يخصوهم بمزيد القرب، وإفاضة سوابغ نعمهم. ووجدان البرد بين ثدييه عن وصول أثر الفيض إلى قلبه الشريف وتأثره عنه، يقال: ثلج صدره، وأصابه برد اليقين: لمن تيقن الشيء، ولما كان وصول هذا الفيض إلى قلبه سببًا لاتساع علومه فرع عليه قوله:(فعلمت ما في السماوات والأرض) كناية عن حصول جميع العلوم، واستشهد على إمكانه وحصوله بقوله:({وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}) والملكوت فَعَلُوت من الملك للمبالغة.
وقوله: (رواه الدارمي) زاد في بعض النسخ: (مرسلًا)؛ لأن عبد الرحمن بن
وَلِلتِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ عَنْهُ. [دي: 2149، ت: 3235].
726 -
[38] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَادَ فِيهِ: قَالَ: "يَا مُحَمَّد! هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فِي الْكَفَّارَاتِ. وَالْكَفَّارَاتُ: الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمَشْيُ عَلَى الأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِبْلَاغُ الْوَضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ،
ــ
عائش تابعي.
وقوله: (وللترمذي نحوه عنه) أي: عن عبد الرحمن.
(وعن ابن عباس ومعاذ بن جبل، وزاد فيه) أي: زاد الترمذي في حديثه هذه العبارة: (قال. . . إلخ)، أي: قال الرب تعالى، وسأل النبيَّ بعد إفاضة العلم عليه صلى الله عليه وسلم ما سأله أولًا، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة:(نعم) أدري فيم يختصم الملأ الأعلى، (في الكفارات) أي: يختصمون في أعمال تكفير الذنوب، وهي:(المكث في المساجد بعد) أداء (الصلوات) انتظارًا للصلوات الآتية، (والمشي على الأقدام إلى الجماعات)، الظاهر أنها يكون في المساجد، فما في (شرح الشيخ) من قوله: ولو في غير المساجد، ليس بظاهر.
وقوله: (وإبلاغ الوضوء) أي: إسباغه وإيصاله إلى حد كماله، أو إيصاله إلى ما يجب الإيصال إليه، ويسن غسله من الأعضاء، (في المكاره) أي: في الأحوال التي تكره النفس فيها ذلك لبردٍ أو مرضٍ أو نحو ذلك.
وقوله: (فمن فعل ذلك عاش بخير) وحيي بحياة طيبة بوجدان حلاوة الطاعة في الأعمال، والقناعة بما أوتي في الأموال، والرضا والتسليم في الأحوال.
وقوله: (ومات بخير) بروح وريحان وجنة نعيم، بخلاف الفاسق الحريص،
وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِذَا صَلَّيْتَ فَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ. قَالَ: وَالدَّرَجَاتُ: إِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ". وَلَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا فِي "الْمَصَابِيحِ" لَمْ أَجِدْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن إِلَّا فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [ح: 925].
ــ
المعيش بعيشة ضنك.
وقوله: (كيوم) مبني على الفتح (1)، وتنوينُه وجَعْلُ (ولدته أمه) صفة بحذف العائد خارج عن قانون العبارة العربية.
قوله: (فتنة) أي: دينية مضلة.
وقوله: (فاقبضني) فيه أنه لا يكره طلب الموت لخوف فتنة دينية، وفي الحقيقة هذا تعليم للأمة، وكذلك أكثر دعواته صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (قال: والدرجات) أي: قال اللَّه تعالى زيادة لتعليم نبيه صلى الله عليه وسلم بعد ما بين الكفارات، أو قال النبي زيادة في البيان بحصول العلم من اللَّه، وسيجيء في الفصل الثالث من حديث معاذ بن جبل ما يظهر المراد به، فينبغي أن يحمل هذا الحديث على ذلك ولو بارتكاب تكلف في العبارة، فتدبر، واللَّه أعلم.
وقوله: (إفشاء السلام) أي: إظهاره والابتداء به على من عرف وعلى
(1) قال القاري: مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لإِضَافَتِهِ إِلَى الْمَاضِي، وَإِذَا أُضِيفَ إِلَى الْمُضَارعِ اخْتُلِفَ فِي بِنَائِهِ، قَالَهُ الطَّيبِيُّ، وَمِثَالُ الْمُضَارِعِ قَوْلُهُ تَعَالَى:{قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] فَقَرَأَ نافِعٌ بِالْفَتْحِ، وَالْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ كَانَ مُبَرَّا كَمَا كَانَ مُبَرًّا يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. "مرقاة المفاتيح"(2/ 610).
727 -
[39] وَعَن أَبِي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلُهُ الْجنَّةَ، أَو يَرُدُّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَو غَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2494].
ــ
من لا يعرف.
727 -
[39](أبو أمامة) قوله: (ثلاثة كلهم) أي: كل واحد منهم.
وقوله: (ضامن على اللَّه) عُدِّي الضمان بـ (على) بتضمين معنى الوجوب والمحافظة، والضامن بمعنى المضمون، كدافق بمعنى مدفوق في قوله تعالى:{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6]، وعاصم بمعنى معصوم في قوله:{لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 43] على تأويل، أو هو صيغة النسبة بمعنى ذو ضمان كلَابِنٍ وتَامِرٍ (1)، وحاصل المعنى أنه يجب على اللَّه بمقتضى وعده الصادق أن يحفظ كلًّا من هؤلاء الثلاثة من الضرر والخيبة والضياع والآفة، وإنما لم يذكر المضمون به في الثاني والثالث اكتفاءً ولظهور المراد، وهو الأجر والمثوبة على حسب ما يليق به من الثواب والبركة والسلامة، فإن المراد بالرجل الذي دخل بيته بسلام المسلَّم على أهل بيته عند الدخول، أو الذي يلزم بيته طلبًا للسلامة عن الفتن، فعلى المعنى الأول المضمون به البركة فيه وفي أهل بيته، وعلى الثاني الأمن والسلامة عن الفتن، وكرر قوله:(فهو ضامن) تأكيدًا واهتمامًا وإشارة إلى أن كلًّا من الثلاثة مستقل بوجوب الضمان واستحقاق الأجر، فافهم.
(1) أي: ذو لبن، وذو تمر.
728 -
[40] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُطَّهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى. . . . .
ــ
728 -
[40](أبو أمامة) قوله: (فأجره كأجر الحاج المحرم) هذا من باب إلحاق الناقص بالكامل مبالغةً في الترغيب، وليس المراد التسوية من كل الوجوه، وكيف يكون كذلك والأجر على قدر التعب، وإن كانت الصلاة في حد ذاتها أفضل وأهم من الحج، وقال التُّورِبِشْتِي (1): المراد أنه ينتهي ثواب مشبه من حيث التضعيف إلى مقدار من الثواب، يوازي ثواب المشبه به من غير تضعيف، أو المراد التشبيه في وجه مخصوص، كما يقال فيما نحن فيه: إن المراد ثبوت الأجر من لدن خروجه من بيته إلى رجوعه إليه كما في الحج، ولهذا الحديث نظائر كثيرة، فقس معناها عليه، انتهى كلامه مختصرًا ملخصًا.
وقوله: (كأجر الحاج المحرم) فالصلاة الفريضة مشبهة بالحج، كالتطوع تسمى تسبيحًا، وسبحة بضم السين كالسخرة من التسخير، وقالوا في وجه تسميتها بها: إن التسبيحات في الفرائض نوافل، فصلاة النافلة شابهت تسبيحاتها في عدم الوجوب، ويمكن أن يقال: إنها لما كانت زائدة على الفرائض كانت في معنى تسبيح اللَّه وتنزيهه وتقديسه، فسميت بمطلق اسم التسبيح.
ثم هذا الحديث دل على فضيلة صلاة الضحى في المسجد، وقد دلّ حديث:(خير صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة) على أفضليته في البيت، وأجيب بأن ذلك مخصوص بصلاة الليل، والظاهر عمومه، وأقول: فضيلة شيء لا تنافي أفضلية غيره،
(1)"كتاب الميسر"(1/ 214 - 215).
لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّين". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: 5/ 268، د: 558].
ــ
والحق أن أفضلية النافلة في البيت لعدم الرياء، فلو كان ذلك في المسجد لكان أفضل لمكان المسجد، وسيجيء الكلام فيه في بابه إن شاء اللَّه.
وقوله: (لا ينصبه) بفتح الياء، أي: لا يخرجه ويتعبه، من نصبه الهمُّ: أتعبه، كذا في (القاموس)(1)، وفي (مشارق الأنوار) (2): قال ابن دريد: أنصبه المرض ونصبه: أعياه، ونصب بالكسر كسمع: عيي من التعب، وهو تغير الحال من مرض أو تعب، انتهى. فَنَصِبَ كَفَرِحَ لازم، وكضَرَبَ متعد، ولم يعرف التُّورِبِشْتِي نصب المتعدي من التعب فقال (3): لا يُنصبه بضم الياء، أي: لا يزعجه ولا يحمله على الخروج إلا ذلك، وأصله من النصب، وهو المعاناة والمشقة، يقال: أنصبني هذا الأمر، وهو أمر منصب، وإن كانت الرواية وردت بفتح الياء، فمعناه لا يقيمه إلا ذلك، من قولهم: نصب الشيء نصبًا: إذا أقمته ورفعته، ولا أحقق ذلك رواية، بل أوردته من طريق الاحتمال اللغوي، هذا كلامه، فتدبر.
وقوله: (إلا إياه) من إقامة الضمير المنصوب مقام المرفوع، كإقامة المرفوع مقام المنصوب في خبر الوسيلة من قوله:(وأرجو أن أكون أنا هو)، والضمائر يقام بعضها مقام بعض، وقيل: هو من باب الميل إلى المعنى؛ لأن معناه: لا يقصد ولا يريد إلا إياه.
وقوله: (كتاب في عليين) أي: عمل مكتوب في ديوان الحفظة، وقيل: اسم
(1)"القاموس المحيط"(ص: 140).
(2)
"مشارق الأنوار"(2/ 25).
(3)
"كتاب الميسر"(1/ 215).
729 -
[41] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "الْمَسَاجِدُ". قِيلَ: وَمَا الرَّتْعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 3509].
730 -
[42] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ لِشَيْءٍ فَهُوَ حَظُّهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 472].
731 -
[43] وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ جَدَّتِهَا فَاطِمَةَ الْكُبْرَى رضي الله عنهما قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ وَقَالَ: . . . . .
ــ
أشرف الجنان كما أن سجين اسم شر النيران، وقيل: هو في الحقيقة اسم سكانها، وقيل: هو مكان فوق السماء السابع، قال التُّورِبِشْتِي (1): أولى الأقاويل أنه علم لديوان الخير الذي دون فيه أعمال الصالحين، منقول من جمع عِلِّىٍّ.
729 -
[41](أبو هريرة) قوله: (قال: المساجد) سميت بذلك لأن العمل فيها سبب للحلول في رياض الجنة، ولما استعيرت الرياض للمساجد استعير الرتع للأذكار الواقعة فيها المتناولة منها.
730 -
[42](أبو هريرة) قوله: (من أتى المسجد لشيء فهو حظه) معناه معنى حديث: (الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى)، وقد ذكرنا في شرحه في أول الكتاب النيات في دخول المسجد، فتذكر.
731 -
[43](فاطمة بنت الحسين) قوله: (صلى على محمد) يدل على أن
(1)"كتاب الميسر"(1/ 216).
"رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ"، وَإِذَا خَرَجَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ وَقَالَ:"رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَتِهِمَا قَالَتْ: إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَكَذَا إِذَا خَرَجَ قَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ" بَدَلَ: صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ لَمْ تُدْرِكْ فَاطِمَةَ الْكُبْرَى. [ت: 314، جه: 771، حم: 6/ 282].
732 -
[44] وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَنَاشُدِ الأَشْعَارِ في الْمَسْجِدِ، وَعَنِ الْبَيع وَالاشْتِرَاءِ فِيهِ، وَأَنْ يَتَحَلَّقَ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ. [د: 1079، ت: 322].
ــ
لفظه صلى الله عليه وسلم للصلاة عند دخول المسجد: (صلى اللَّه على محمد) أو (اللهم صل على محمد) دون أن يقول: (صلى اللَّه عليّ) أو (اللهم صل عليّ)؛ تعليمًا للأمة لفظًا يتكلمون به، مع ما في هذا الاسم الشريف من المناسبة بنزول الرحمة وفيضانها، وما في قوله:(اللهم اغفر لي) من معنى العجز والانكسار، فافهم.
732 -
[44](عمرو بن شعيب) قوله: (عن تناشد الأشعار) أنشد الشعر: قرأه، وتناشد: أنشد بعضهم بعضًا، والنِّشْدَةُ بالكسر: الصوت، والنشيد: رفع الصوت، والشعر المتناشد كالأنشودة، والمراد الأشعار المذمومة الباطلة، وإلا فلا منع.
وقوله: (أن يتحلق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة في المسجد) وهو أن يجلسوا متحلقين حلقةً واحدةً أو أكثر وإن كان لمذاكرة علم، وذكروا في ذلك وجوهًا:
أحدها: أن التحلق يخالف هيئة اجتماع المصلين.
733 -
[45] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارتَكَ. وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ ضَالَّةً فَقُولُوا: لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: 1321، دي: 1401].
734 -
[46] وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَقَادَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ الأَشْعَارُ، وَأَنْ تُقَامَ فِيهِ الْحُدُودُ. . . . . .
ــ
وثانيها: أن اجتماع الجمعة خطب جليل، لا يسع من حضرها أن يهتم بما سواها حتى يفرغ منها، والتحلق قبل الصلاة يوهم غفلتهم عن الأمر الذي ندبوا إليه، وعلى هذين الوجهين لا ينبغي التحلق عند الخطبة وقبلها.
وثالثها: أن الوقت وقت الاشتغال بالإنصات للخبطة، وهذا الوجه يختص بالنهي عن التحلق عند الخطبة، وفي رواية:(نهى عن الحِلَق قبل الصلاة)(1) بكسر حاء وفتحها وفتح اللام؛ جمع حلقة.
733 -
[45](أبو هريرة) قوله: (فقولوا: لا أربح اللَّه تجارتك)؛ زجرًا وتشديدًا في المنع، فذلك باللسان، لا الدعاء والسؤال عن اللَّه بالقلب عدم إرباحه، ويمكن أن يكون ذلك أيضًا حتى يندم عند عدم الربح، ولا يعود إليه خوفًا من عدم الربح.
734 -
735 - [46 - 47](حكيم بن حزام، وجابر) قوله: (عن حكيم بن حزام) بكسر الحاء المهملة والزاي.
وقوله: (أن يستقاد) أي: يطلب القود، وهو القصاص، أي: لا يقتل في
(1) انظر: "جامع الأصول"(11/ 204، ح: 8749).
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ" وَصَاحِبُ "جَامِعِ الأُصُولِ" فِيهِ عَنْ حَكِيمٍ. [د: 4490، "جامع الأصول" 1938].
735 -
[47] وَفِي "الْمَصَابِيحِ": عَنْ جَابِرٍ.
736 -
[48] وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ، يَعْنِي: الْبَصَلَ وَالثُّومَ، وَقَالَ:"مَنْ أَكَلَهُمَا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدنَا". وَقَالَ: . . . . . .
ــ
المسجد، لا أنه لا يطلب ولا يدعى، يدل على ذلك قوله:(وأن تقام فيه الحدود).
وقوله: (صاحب جامع الأصول فيه عن حكيم) أي: روى صاحب (جامع الأصول) في (جامع الأصول)(1) عن حكيم بدون نسبة (ابن حزام)، فيحتمل أن يكون غيره، وإن كان الظاهر أن يكون المراد هو ابن حزام؛ لأن حكيمًا من الصحابة ليس إلا هو، أو حكيم بن معاوية، وقد اختلف في صحبته، واللَّه أعلم.
736 -
[48](معاوية بن قرة) قوله: (عن معاوية بن قرة) بضم القاف وتشديد الراء، ومعاوية هذا تابعي، بصري، ثقة، من الطبقة الوسطى من التابعين، مات سنة ثلاث عشرة ومئة، وأبوه قرة بن إياس بن هلال المزني، له صحبة.
وقوله: (عن هاتين الشجرتين)، في (الصراح) (2): شجره: هرجه ساق دارد أز درخت ونبات.
وقوله: (من أكلهما فلا يقربن مسجدنا) مضى الكلام فيه في الفصل الأول.
(1)"جامع الأصول"(3/ 607، ح: 1938)، كذا قال الشارح العلام، ولكن النسخة المطبوعة التي بين أيدينا فيها:"عن حكيم بن حزام".
(2)
"الصراح"(ص: 186).
"إِن كُنْتُم لَا بُدَّ آكِلِيهِمَا فَأَمِيتُوهُمَا طَبْخًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3827].
737 -
[49] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ والدارمي. [د: 492، ت: 317، دي: 1390].
738 -
[50] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: . . . . . .
ــ
وقوله: (لا بد) في (القاموس)(1): بَدَّدَهُ تبديدًا: فرقه، ولا بد: لا فراق، ولا محالة، وخبر (لا) محذوف، والجملة معترضة.
قوله: (فأميتوهما طبخًا) أي: أزيلوا رائحتهما الخبيثة.
737 -
[49](أبو سعيد) قوله: (الأرض كلها مسجد) أي: تجوز الصلاة فيها من غير كراهة.
وقوله: (إلا المقبرة) بتثليث الباء، وإنما كرهت فيها لأن الغالب فيها قذارة المكان واختلاط التربة بصديد الموتى ونحوه، حتى لو كان المكان طاهرًا فلا بأس، ومنهم من ذهب إلى أنه تكره الصلاة في المقبرة مطلقًا لظاهر الحديث، وأما الصلاة إلى القبر فقد عُلم حكمها.
وقوله: (والحمام) لأنه محل كشف العورات ومأوى الشياطين.
738 -
[50](ابن عمر) قوله: (في سبعة مواطن) في (القاموس)(2): الوطن
(1)"القاموس المحيط"(ص: 256).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1141).
فِي الْمَزْبَلَةِ، وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 346، جه: 746].
ــ
محركة ويسكن: منزل الإقامة، فاشتقاق الموطن منه مبني على التجريد على بعض المعنى، أي: الإقامة، ويستعمل في مربط البقرة والغنم، وفي الحديث:(نهى أن يوطن الرجل المكان بالمسجد كما يوطن البعير)(1)، وفي مشاهد الحرب كقوله تعالى:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: 25]، والمراد ههنا: مواضع الحرب.
وقوله: (في المزبلة) في (القاموس)(2): الزبل بالكسر، وكأمير: السرقين، والمَزْبَلَةُ، وتُضَمُّ الباءُ: مُلْقَاهُ ومَوْضِعُه، وفي (مجمع البحار) (3): المزبلة بفتح الميم وتثليث الموحدة، أي: موضع طرح الزبل، وقال: الزبل بالكسر: السرقين، وبالفتح: مصدر زبلت الأرض: إذا أصلحتها بالزبل، وفي حكم الزبل سائر النجاسات بل بعضها أشدّ.
وقوله: (والمجزرة) بفتح الميم والزاي: موضع جزر الحيوانات، أي: ذبحها ونحرها، والإضافة في (قارعة الطريق) بيانية، أي: الطريق التي يقرعها الناس بأرجلهم، أي: يدقونها ويمرون عليها، وقيل: هي وسطها وأعلاها، والمراد ههنا نفس الطريق، وكان القارعة بمعنى المقروعة، أو الصيغة للنسبة، وإنما تكره الصلاة فيها لاشتغال القلب بمرور الناس، وتضييق المكان عليهم، وإيقاعهم في الإثم إن مروا بلا ضرورة،
(1) أخرجه أبو داود في "سننه"(ح: 862)، والنسائي في "سننه" (ح: 1112).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 927).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(2/ 418).
739 -
[51] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 348].
740 -
[52] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ [د: 3236، ت: 320، ن: 2043].
ــ
وإيقاع نفسه فيه لو كان لهم ضرورة.
و(المعاطن) جمع معطن، وهو وطن الإبل ومبركها حول الحوض كالعطن محركة، وجمعه أعطان، وكذا حكم سائر مباركها ومواطنها.
وإنما تكره فوق ظهر بيت اللَّه تأدبًا، ولكنها جائزة عندنا؛ لأن القبلة هواء البيت ولو إلى السماء، وعند الشافعي تبطل إلا أن تكون بين يديه سترة.
739 -
[51](أبو هريرة) قوله: (صلوا في مرابض الغنم) هي كالمعاطن للإبل، والفرق نفارة الإبل المشوش للقلب المزيل للخشوع، ولا كذلك الغنم؛ فإن فيها سكينة وبركة، وجاء في الإبل: أنها من الشياطين، وروي: أنها من جنس الجن خلقت.
واعلم أنهم اختلفوا في النهي عن الصلاة في المواطن السبعة أنه للتحريم أو للتنزيه، والثاني: هو الأصح، ثم العلة في النهي ليست أنها نجسة، وإلا لم تجز الصلاة، وليست الأماكن النجسة منحصرة فيها، وكان الظاهر على هذا التقدير أن يقول: نهي عن الصلاة في مكان نجس، ولم يفرق بين معاطن الإبل ومرابض الغنم، بل العلة جواز النجاسة ومحاذاتها وعدم نظافتها المطلوبة في مكان العبادة وإن أفرش بساطًا أو سجادة، والفرق بين المرابض والمعاطن ما ذكر من التشويش في الإبل دون الغنم.
740 -
[52](ابن عباس رضي الله عنهما) قوله: (زائرات القبور) قد نهى في الابتداء
741 -
[53] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ حَبْرًا مِنَ الْيَهُودِ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْبِقَاعِ خَيْرٌ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ وَقَالَ: "أَسْكُتُ حَتَّى يَجِيءَ جِبْرِيلُ" فَسَكَتَ وَجَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَسَأَلَ فَقَالَ: مَا الْمَسْؤُوْلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ أَسْأَلُ رَبِّيَ تبارك وتعالى، ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي دَنَوْتُ مِنَ اللَّهِ دُنُوًّا مَا دَنَوْتُ مِنْهُ قطّ، قَالَ: وَكَيْفَ كَانَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ. . . . .
ــ
عن زيارة القبور للرجال والنساء، ثم رخص بقوله:(كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)، فقيل: الرخصة شاملة للرجال والنساء، ولفظ المذكر للأصالة على ما هو عادة الشارع في أغلب الأحكام.
وقيل: الرخصة للرجال وبقيت النساء في النهي؛ لكثرة جزعهن ونياحتهن، وهذا الحديث إن ورد بعد الرخصة كما هو الظاهر، وإلا لا وجه لتخصيصهن بالذكر، يؤيد هذا القول، وإن ورد قبلها فلا، واتخاذ المساجد على القبور قد سبق الكلام فيه، وأما السرج فالنهي عن اتخاذها، قيل: للإسراف وتضييع المال، وعلى هذا لو كانت إليها حاجة لم يكره، وقيل: لتعظيم القبور.
741 -
[53](أبو أمامة) قوله: (وقال) أي: في نفسه، (أسكت) على صيغة المتكلم، لا أنه نطق به، كذا قال الطيبي (1)، والظاهر أنه لا مانع من حمله على النطق، كأنه قال قائل بلسان القال أو الحال: لِمَ سكت؟ فقال: أسكت حتى يجيء جبريل عليه السلام، وضبط في بعض النسخ بلفظ الأمر، كأنه أمر نفسه الشريفة بأن لا تتبادر للجواب.
وقوله: (سبعون ألف حجاب) قالوا: المراد به التكثير لا التحديد.
(1)"شرح الطيبي"(2/ 256).