الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
557 -
[1] عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: "لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ،
ــ
الفصل الأول
557 -
[1](عائشة) قوله: (إني امرأة أستحاض) على لفظ المجهول، أي: دائم الاستحاضة، والقياس على ما قال أهل العربية أن يقال: تستحاض، لكنه قد ينظر إلى المعنى عرف ذلك في:
أنا الذي سمتني أمي حيدره
وقوله: (إنما ذلك عرق) أي: دم عرق، ويناسبه قوله:(وليس بحيض)، أو المراد المحل الذي يخرج منه الدم عرق لا رحم، قال الفقهاء: ما نقص عن أقل الحيض أو زاد على أكثره أو أكثر النفاس أو على عادة وجاوز الأكثر، أو استمر دمها، أو ما رأته حامل فهو استحاضة، فإن كانت مبتدأة فحيضها أكثر المدة، وإن كانت معتادة فعادتها، وما زاد فهو استحاضة، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(فإذا أقبلت حيضتك) بكسر الحاء وفتحها، أي: أيام عادتك إن كانت معتادة، والظاهر أن هذه المرأة السائلة كانت معتادة، أو أيام أكثر الحيض إن كانت مبتدأة، هذا عندنا، وعند الباقين يعمل بالتمييز في المبتدأة إن كان دمًا أسود يحكم بأنه من الحيض كما جاء في الحديث الآتي عن عروة:(إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف)، الحديث، وعندنا لا يعمل بالتمييز لخفائه، وإن تعارضت العادة والتمييز فعند جمهور الشافعية يعتبر التمييز،
وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثمَّ صَلِّي". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 228، 306، م: 333].
ــ
ولم تعتبر العادة، وعند أحمد روايتان، وأكثر الأحاديث وردت في المعتادة، واللَّه أعلم.
وقوله: (وإذا أدبرت) أي: الحيضة، أي: زمنها (فاغسلي عنك الدم) أي: واغتسلي.
وقوله: (ثم صلي) أي: بعد هذا الاغتسال، وبعد ذلك تتوضأ لوقت كل صلاة عندنا، ولكل صلاة عند الشافعي لقوله صلى الله عليه وسلم:(المستحاضة تتوضأ لكل صلاة)، فاللام عندنا بمعنى الوقت كقولك: آتيك لصلاة الظهر، أي: وقتها، ولأن الوقت أقيم مقام الأداء تيسيرًا، فيدار الحكم عليه، وقد ورد في بعض الروايات:(المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة)، فيحمل عليه، كذا في (الهداية)(1).
وقال الشيخ ابن الهمام (2): ذكر سبط ابن الجوزي أن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه رواه، وفي (شرح مختصر الطحاوي): روى أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (توضئي لوقت كل صلاة)، ولا شك أن هذا محكم بالنسبة إلى (لكل صلاة)؛ لأنه لا يحتمل غيره بخلاف الأول، فإن لفظ الصلاة شاع استعمالها في الشرع والعرف في وقتها فوجب حمله على المحكم، وقد رجح أيضًا أنه متروك الظاهر بالإجماع للإجماع على أنه لم يرد حقيقة كل صلاة لجواز النوافل مع الفرض بوضوء واحد، كذا قال الشيخ ابن الهمام.
(1)"الهداية"(1/ 34).
(2)
"فتح القدير"(1/ 179).