المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يوجب الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب الخلاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب السواك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب سنن الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الغسل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أحكام المياه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب تطهير النجاسات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب المسح على الخفين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب التيمم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الغسل المسنون

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب الحيض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب المستحاضة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب المواقيت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تعجيل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب فضائل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فيه فصلان

- ‌ الْفَصْل الأَوَّل:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الستر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب السترة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب صفة الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب ما يقرأ بعد التكبير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب القراءة في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

‌3 - باب فضائل الصلاة

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

624 -

[1] عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا". يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 634].

ــ

الحديث دليل على جواز الصلاة خلف الفئة الباغية كما ورد: (صلُّوا خلف كلِّ بر وفاجر).

3 -

باب

هكذا في أكثر النسخ من غير ذكر عنوان، وهو في توابع ومتممات لما سبق من فضائل الصلاة وأوقاتها، ومن عادة المؤلف أن يذكر في مواضع هكذا بابًا مطلقًا في توابع ومتممات لما سبق من غير أن يقيده بشيء.

الفصل الأول

624 -

[1](عمارة) قوله: (عن عمارة) بضم العين المهملة مخففًا، (ابن رويبة) براء مهملة وموحدة مصغرًا.

وقوله: (لن يلج) الولوج: الدخول، والمراد: الدخول للتعذيب كما يكون للعصاة، وأما الورود المذكور في قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فليس كذلك، ولهذا يعم الكل من الأنبياء والمرسلين سوى سيد المرسلين صلى اللَّه عليه وعليهم أجمعين ففيه اختلاف.

وقوله: (يعني الفجر والعصر) وذلك لغاية فضلهما، وظاهر الحديث يدل على أن مصليها لا يدخل النار لا لأجل ترك الصلوات الأخر ولا لأجل ارتكاب الذنوب

ص: 380

625 -

[2] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الْبَرْدينِ دَخَلَ الْجَنَّةَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 754، م: 635].

ــ

الأخر، لصيرورتهما مكفَّرتين لها، وفضل اللَّه أوسع، لكنه ينافي ما عليه الجمهور من اختصاص الكفارة بالصغائر.

وقال الطيبي (1): الظاهر من حال من يحافظ عليهما مع ما فيهما من التثاقل والتشاغل أن لا يقع منه تفريط في غيرهما فيغفر له، ولن يلج النار، وفيه أنه إن أريد غيرهما من الصلوات فمسلَّم لكنه يبقى الذنوب الأُخر، وإن أريد أنه لا يقع منه تفريط أصلًا فمحلُّ تردد.

وبالجملة الظاهر أن المراد المبالغة في بيان فضلهما، وأن من شأن من يحافظ عليهما أن لا يدخل النار إلا أن اللَّه سبحانه يجزي كل أحد على كل عمل بما هو جزاؤه، ومع ذلك إن شاء لم يعذّب ويعفو بفضله ورضاه عن فاعلهما، واللَّه أعلم.

625 -

[2](أبو موسى) قوله: (من صلى البردين) في (القاموس)(2): الأبردان: الغداة والعشي كالبردين، والأكثرون على أن المراد بهما الفجر والعصر لكونهما في طرفي النهار، والبرد هواؤهما بخلاف ما بينهما من النهار، وكفى بالحديث السابق تأييدًا لذلك، ونقل عن جماعة أنهما الصبح والعشاء، وتأويله ما ذكرناه، على أن الأمر في هذا الحديث أسهل من ذلك؛ لأن البشارة ههنا بدخول الجنة وهو ثابت للمؤمنين ولو بعد دخول النار، خصوصًا لمن يصلي أفضل الصلوات، وهناك بعدم دخول النار قطعًا، وللتأويل مجال واسع.

(1)"شرح الطيبي"(2/ 182).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 256).

ص: 381

626 -

[3] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ-: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقُولُونَ: . . . . .

ــ

قال التُّورِبِشْتِي (1): ومن المفهوم الواضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخصص هاتين الصلاتين بالمحافظة تسهيلًا للأمر في إضاعة غيرهما من الصلوات، أو ترخيصًا لتأخيرهما عن أوقاتهما، وإنما أمر بأدائهما في الوقت المختار والمحافظة عليهما في جماعة لما فيهما من الفضل والزيادة، فنبّه المكلفين على هذه المعاني بزيادة تأكيد، وقد علم صلى الله عليه وسلم أنه إذا حافظ عليهما مع ما في وقتيهما من الشواغل والقواطع لم يكن ليضيع غيرهما من الصلوات مع أن الأمر في إقامتها أيسر، انتهى. وهذا الكلام يومئ إلى أن المراد عدم المعاقبة لأجل ترك الصلوات لا جميع الذنوب كما ذكرنا أولًا، والعلم عند اللَّه.

626 -

[3](أبو هريرة) قوله: (يتعاقبون) أي: يجيء طائفة عقب طائفة لرفع أعمال العباد، ويجتمعون في الصعود والنزول، وهو من باب {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] وفيه وجوه، أحدها: أن الواو حرفٌ علامةً على جمع الفاعل، لا ضمير كالتاء في فعلت، وثانيها: أن الاسم المظهر المذكور بدل منه، وثالثها: أنه خبر مقدم.

وقوله: (ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر) وهذا هو أحد وجوه فضل هاتين الصلاتين.

وقوله: (فيسألهم) أي: الذين باتوا فيكم، ظاهره يدل على أن المسؤول منهم ملائكة الليل، ويوجه تخصيصهم بأن الليل أفضل من النهار، فيكون ملائكته أفضل،

(1)"كتاب الميسر"(1/ 187 - 188).

ص: 382

تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 555، م: 632].

627 -

[4] وَعَنْ جُنْدُبٍ الْقَسْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ. . . . .

ــ

كذا في شرح الشيخ، ويمكن أن يقال: الحكمة في سؤال الرب تعالى الملائكة عن أعمال عباده إظهار الفضل والكرامة لهم بتسبيحهم وتقديسهم، هو في الليل أفضل وأشق وأدخل في الإخلاص، فلهذا يسأل حملة أعمال الليل (1).

وإنما قال الشيخ (2): ظاهره يدل؛ لأنه يجوز أن يسأل ملائكة النهار أيضًا لكنه لم يذكر في الحديث اكتفاءً، وللعلم به بالمقايسة.

وقوله: (تركناهم وهم يصلون) أي: صلاة الفجر، (وأتيناهم وهم يصلون) أي: العصر، وقد يفهم منه كون وقت العصر في آخر النهار، إذ الظاهر أن ملائكة النهار يصعدون وملائكة الليل ينزلون في آخر النهار، وقد وقع:(أتيناهم يصلون) إلا أن يراد الإخبار بالصلاة في وقت العصر كله، ثم يجوز أن يكون بعض الناس مصلين مع كراهته، أو يكفي مقارنة الحال لعاملها في جزء، فافهم.

627 -

[4](جندب القسري) قوله: (وعن جندب) بضم الدال وفتحها، (القسري) بفتح القاف وسكون المهملة آخره راء.

وقوله: (فهو في ذمة اللَّه) أي: في عهده وأمانه.

وقوله: (فلا يطلبنكم اللَّه) من وضع المسبَّب موضع السبب، أي: لا تتعرضوا

(1) قال القاري: وَقِيلَ: سُؤَالُهُ تَعَالَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لأَنَّهُ يَتَبَاهَى بِعِبَادِهِ الْعَامِلِينَ، أَوْ لِلتَّوْبِيخِ عَلَى الْقَائِلِينَ:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} . "مرقاة المفاتيح"(2/ 541).

(2)

انظر: "فتح الباري"(2/ 35).

ص: 383

مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ "الْمَصَابِيحِ" الْقُشَيْرِي بَدَلُ الْقَسرِي. [م: 657].

628 -

[5] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا،

ــ

لما يوجب مطالبة اللَّه إياكم من نقض عهده وخيانة أمانته.

وقوله: (من ذمته) أي: من خيانتكم في ذمته وأمانته تعالى، و (من) تبعيضية أو بيانية قدمت على المبيَّن، وفي تكرير الجلالة والذمة مع إقامة المسبَّب مُقام السبب مبالغة وتأكيد.

وقوله: (بشيء) أي: بشيء قليل فضلًا عن كثير، والمعنى: لا تتعرضوا لمن صلى صلاة الصبح بشيء يسير، فإن تعرضتم يدرككم اللَّه ويكبكم على وجوهكم إذ لا مهرب ولا مفر عنه تعالى.

628 -

[5](أبو هريرة) قوله: (لو يعلم الناس) عدل عن الماضي إلى المضارع لقصد الاستمرار، أي: لو علم الناس ما في منصب الأذان والاستباق إلى الصف الأول من الفضيلة، وجاء في رواية أبي الشيخ:(من الخير والبركة)، (ثم لم يجدوا) أي: شيئًا من وجوه الأولوية والرجحان (إلا أن يستهموا عليه) أي: يقترعوا، وسمي الاقتراع استهامًا؛ لأن الغالب وقوعه بسهام تكتب عليها الأسماء لاقترعوا، أي: ذلك أمر عظيم يُتنافس فيه ويُتنازع ويُقترع عليه، وحمل بعضهم الاستهام على الترامي بالسهام للمبالغة، واستأنس بحديث لفظه:(لتجادلوا عليه بالسيوف)، لكنَّ فهمَ البخاري من الاستهام الاقتراع أولى؛ لمَا ذكر أن قوما اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

ص: 384

وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 615، م: 437].

ــ

وقوله: (ثم لم يجدوا) قال في (الفتح)(1): وفي رواية المستملي والحَمُّوي: (ثم لا يجدون)، وحكى الكرماني أن في بعض الروايات:(ثم لا يجدوا)، ووجَّه بجواز حذف النون تخفيفًا، ولم أقف على هذه الرواية، وقوله:(إلا أن يستهموا عليه) أي: على ما ذكر ليشمل الأمرين: الأذان، وصف الأول، وهو مثل قوله تعالى:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، وقد رواه عبد الرزاق عن الإمام مالك رحمه الله بلفظ:(لاستهموا عليهما)، وهذا مفصح عن المراد من غير تكلف.

وقوله: (ولو يعلمون ما في التهجير) أي: صلاة الظهر، أي: إيقاعها وقت المهاجرة، وفي (مجمع البحار) (2): أي: التبكير إلى الصلاة أيَّ صلاة كانت، وخصه الخليل بالجمعة، وفي (النهاية) (3): التهجير: التبكير إلى كل شيء والمبادرة إليه، وهذا لغة أهل الحجاز، ولا بد يكون ذلك في غير شدة الحر فإن الإبراد فيه مستحب كما عرفت.

وقوله: (لأتوهما ولم حبوًا) في (القاموس)(4): حبا الرجل: مشى على يديه وبطنه، والصبي: مشى على استه، وأشرف على صدره.

وفي (مشارق الأنوار)(5): حبا الصبي يحبو حبوًا: زحف، قال ابن دريد: إذا

(1)"فتح الباري"(2/ 96).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(5/ 148).

(3)

"النهاية"(5/ 246).

(4)

"القاموس المحيط"(ص: 117).

(5)

"مشارق الأنوار"(1/ 275).

ص: 385

629 -

[6] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِق مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 657، م: 651].

630 -

[7] وَعَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 656].

631 -

[8] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَا يَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتكُمُ الْمَغْرِبِ". قَالَ: "وَتَقُولُ الأَعْرَابُ: . . . . .

ــ

مشى على استه وأشرف على صدره، وقال الحربي: مشى على يديه.

629 -

[6](عنه) قوله: (ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء) لكونه وقت الكسل وقلة مُراءاة الناس.

630 -

[7](عثمان رضي الله عنه) قوله: (فكأنما صلى الليل كله) يحتمل معنيين، أحدهما: أنه لما حصل لصلاة العشاء ثواب قيام نصف الليل، ثم القيام لصلاة الصبح، وثانيهما: أن صلاة الصبح في حكم قيام كل الليل مستقلَّا، وحقيقته موكول إلى علم الشارع، والتعبير بالقيام أولًا وبالصلاة ثانيًا تفنن.

631، 632 - [8، 9](ابن عمر) قوله: (لا يغلبنكم) بلفظ التذكير والتأنيث، وكذا أخواته، ولعل التعبير بالأعراب وإن كان العرب أيضًا يسمونه بذلك تهجينٌ لشأنهم في الجهل والتكلم بما يخالف لسان الدين، واللَّه أعلم.

وقوله: (المغرب) بدل من (صلاتكم).

وقوله: (قال) فاعلُه ابن عمر أو النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني أرجح.

ص: 386

هِيَ الْعِشَاءُ".

632 -

[9] وَقَالَ: "لَا يَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّه الْعِشَاءُ فَإِنَّهَا تُعْتَمُ بِحِلَابِ الإْبِلِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 644].

633 -

[10] وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: "حَبَسُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى: صَلَاةِ الْعَصْرِ،

ــ

وقوله: (فإنها في كتاب اللَّه العشاء) علة للنهي، أي: اسمها في القرآن ذلك؛ لقوله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58]، ولا يليق العدول عما في كتاب اللَّه، (فإنها تعتم) تعليل لتسمية الأعراب العشاء عتمة، و (تُعْتَمُ) ضبط بلفظ المجهول والمعلوم من الإعتام، فعلى الأول الضمير لصلاة العشاء، وعلى الثاني للأعراب، والإعتام: الدخول في الظلام؛ لأنهم كانوا يحلبون الإبل بعد غيبوبة الشفق، والعتمة الظلمة، والمعنى: لا تسموا المغرب عشاء والعشاء عتمة على لسان أهل الجاهلية، فالنهي في الظاهر للأعراب، وفي الحقيقة للمسلمين بوضع المسبَّب موضع السبب كما سبق في قوله:(لا يطلبنكم اللَّه من ذمته).

وما وقع في الأحاديث من تسمية العشاء عتمة محمول على ما قبل النهي، وقيل: لا كراهة لكثرة وقوعها فيها، وقيل: استعمل لبيان الجواز، أو يكون النهي عن إطلاقه في أغلب الأحوال لا أحيانًا، ومع ذلك الكراهة للتنزيه لا للتحريم، وسبب الكراهة التشبه بأهل الجاهلية كما يفهم من سوق الحديث، وقيل: قبح لفظه إذ العتمة شدة الظلال، والصلاة هي النور الأعظم.

633 -

[10](علي رضي الله عنه) قوله: (يوم الخندق) وهو غزوة الأحزاب فات فيها أربع صلوات منها العصر، وتخصيصها بالتحسر لفضلها، و (صلاة الوسطى) مما يرى من إضافة الموصوف إلى الصفة، وهو متأوَّل، أي: صلاة الساعة الوسطى كما في

ص: 387