المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٢

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(3) كتاب الطهارة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يوجب الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب آداب الخلاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب السواك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب سنن الوضوء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الغسل

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب مخالطة الجنب وما يباح له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أحكام المياه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلَ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب تطهير النجاسات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب المسح على الخفين

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب التيمم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الغسل المسنون

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب الحيض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب المستحاضة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(4) كتاب الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب المواقيت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تعجيل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب فضائل الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الأذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب فضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فيه فصلان

- ‌ الْفَصْل الأَوَّل:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب المساجد ومواضع الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الستر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب السترة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب صفة الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب ما يقرأ بعد التكبير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب القراءة في الصلاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

‌8 - باب تطهير النجاسات

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

490 -

[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 172، م: 279].

ــ

من قول عمر رضي الله عنه، وتعقب بأن الحديث وإن كان واهيًا من جميع طرقه فقول عمر شاهد له، وقد أخرج الشافعي قول عمر بسند رجاله ثقات إلا إبراهيم فإنه مختلف فيه، وشيخه صدقة ضعيف، وأخرجه الدارقطني من طريق أخرى حسنها المنذري وغيره، واللَّه أعلم.

ثم قد وقع فيما أورد المؤلف التخصيص بالاغتسال، ذلك إما بطريق العادة أو لخاصيَّة له في ذلك، ولكن قال صاحب (سفر السعادة): إن في استعمال الماء المشمس لم يصحّ شيء من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه العبارة مما يشتمل الغسل والوضوء أو غيرهما، واللَّه أعلم.

8 -

باب تطهير النجاسات

النجاسة ضد الطهارة، وجاء نجس ينجس من باب سمع وكرم، وقال في (القاموس) (1): النجس بالفتح وبالكسر وبالتحريك وككتف وعضد ضد الطاهر انتهى. وفي اصطلاح الفقهاء: النجس بفتح الجيم يقع بمعنى عين النجاسة، وبكسرها بمعنى ما لا يكون طاهرًا أعم من أن يكون عين النجاسة أو شيئًا اتصل به النجاسة، وإنما أورد المؤلف بلفظ الجمع إرادة لأنواعها المختلف حكمها.

الفصل الأول

490 -

[1](أبو هريرة) قوله: (إذا ولغ الكلب) ولغ الكلب يلَغ بفتح اللام

(1)"القاموس المحيط"(ص: 533).

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيهما، وحكى ابن الأعرابي كسرها في الماضي إذا شرب ما في الإناء بطرف لسانه، وفي (القاموس) (1): ولغ الكلب في الإناء وفي الشراب، ومنه، وبه، يَلَغُ كَيَهَبُ وكوَرِث، وَلْغًا ويُضَمّ، ووُلُوغًا ووَلَغَانًا محركة: شرب ما فيه بأطراف لسانه، أو أدخل لسانه فيه فحرّكه، خاصٌّ بالسِّباع، ومن الطير بالذباب.

اعلم أن غسل الإناء سبعًا إذا ولغ الكلب فيه مذهب أكثر المحدثين ومذهب الأئمة الثلاثة خلافًا لأبي حنيفة رضي الله عنه، لكن عند مالك الغسل عند الولوغ تعبدي؛ لأن الكلب طاهر عنده، وقد يحكى عنه أربعة أقوال: طهارته، ونجاسته، وطهارة سؤر المأذون اتخاذه، والفرق بين البدوي والحضري، وهذا الحديث دليل على نجاسته؛ لأن الطهور إنما يكون عن خبث أو حدث ولا حدث، وحجته {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4]، ولا يؤمر بغسل ما أصاب فمه، وجوابه أنه ساكت، ودل الحديث على الغسل فيجمع، ولو سلم فعفي ذا للمشقة في الصيد، واحتج بالأمر بالسبع ولو كان نجسًا لاكتفى بالواحد.

والطاهر يغتسل تعبدًا متكررًا كالوضوء، واعترض بأنه لو كان طاهرًا لم يجب التكرار كالوضوء، ثم إنه قد ذكر التتريب والتعفير مع الغسل فجاء في رواية مسلم: أولاهن بالتراب، وفي رواية أبي داود: والسابعة، وفي الترمذي: أولاهن أو أخراهن، وفي رواية عند البزار: إحداهن، وعن أحمد رحمة اللَّه عليه يجب الغسل ثمانيًا لما روى عبد اللَّه بن مغفل قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة بالتراب)، رواه مسلم (2) وغيره.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 728).

(2)

"صحيح مسلم"(280)، و"سنن أبي داود"(74)، و"سنن النسائي"(67)، و"سنن =

ص: 221

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ: "طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ".

491 -

[2] وَعَنْهُ قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ. . . . .

ــ

ثم المذكور في الحديث ولوغ الكلب في الإناء فجعل الخنزير في حكمه بطريق الأولى، وقيس عليه البول وغيره من النجاسات، وغير الإناء من الثياب والفرش والأرض على الإناء، والأشنان ونحوه على التراب، وقيل: بالاقتصار على مورد النص تعبدًا، وحكم في غيره، إما بتثليث الغسل لحديث (1):(إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا)، أو بالغسل من غير اعتبار عدد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بغسل دم الحيض ولم يأمرها بعدد، وأمر أن يصب على بول الأعرابي ذنوب من ماء ولم يأمر بعدد، والكل مروي عن الإمام أحمد بن حنبل رحمة اللَّه عليه، ولا أدري ماذا قال أصحابنا عن أبي حنيفة رضي الله عنه في ترك العمل بالحديث المذكور، أما أنا فنقول: كان ذلك احتياطًا لا وجوبًا، والدلائل دالة على خلاف ذلك، فيكون حكمه كحكم سائر النجاسات، أو كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ، واللَّه أعلم.

491 -

[2](عنه) قوله: (قام أعرابي) العرب خلاف العجم وكلاهما بضم وسكون وبفتحتين، في (القاموس) (2): وهم سكان الأمصار أو عام، والأعراب منهم سكان البادية لا واحد له، انتهى. والنسبة إلى الأعراب أعرابي لأنه لا واحد له، وليس الأعراب جمعًا للعرب، وفي بعض الشروح نقلًا عن الشيخ قال: الأعراب جمع

= ابن ماجه" (365).

(1)

"صحيح مسلم"(78).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 118).

ص: 222

فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ. . . . .

ــ

الأعرابي وهو من سكن البادية عربًا كانوا أو عجمًا، هذا وظاهر عبارة (القاموس) تدل على أنهم مخصوصون بالعرب.

ثم اختلف في اسم ذلك الأعرابي فقيل: اسمه ذو الخويصرة اليمامي، وكان رجلًا جافيًا، وفي الترمذي أنه صلى ثم قال: اللهم ارحمني وارحم محمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(لقد تحجرت واسعًا) فلم يلبث أن بال في المسجد، وقيل: الأقرع بن حابس التميمي.

وقوله: (فتناوله الناس) أي: بألسنتهم لا بأيديهم، كذا في (مجمع البحار)(1)، وقد وقع عند البيهقي والنسائي بلفظ: فصاح الناس، كذا في بعض الشروح، وكما يأتي في الحديث الآتي قالوا: مه مه، وللبخاري في (الأدب): فسار إليه الناس، وله في رواية عن أنس: فقاموا إليه، وفي رواية: فزجره الناس، وللإسماعيلي: فأراد أصحابه أن يمنعوه، ومنه حديث: كأن معاذًا تناول منه، أي قال: إنه منافق.

وقوله: (وهريقوا) أصله أريقوا فأبدلت الهمزة هاء، وقد سبق (2) تحقيقه في آخر الفصل الثالث من (كتاب الإيمان).

وقوله: (سجلًا من ماء أو ذنوبًا من ماء) في (القاموس)(3): السجل -بفتح السين-: الدلو العظيمة مملوءة مذكر، وملء الدلو، والذنوب -بالفتح-: الدلو أو فيها ماء أو الملء أو دون الملء، وإنما قال:(من ماء) مع أن السجل والذنوب من

(1)"مجمع بحار الأنوار"(4/ 825).

(2)

أي تحت حديث (46).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 932، 93).

ص: 223

فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 220].

ــ

شأنها ذلك؛ لأنه اسم مشترك بينه وبين الفرس الطويل وغيرهما، كذا قال الشيخ، وقال الكرماني (1): لفظة (من) زيادة وردت تأكيدًا، وفي (الأزهار): للتبيين ليخرج عنه غيره من المائعات، وهذا هو الصحيح، كذا في بعض الشروح، وفي الوجه الأول من هذه الوجوه نظر؛ لأن المقام يكفي قرينة على عدم إرادة معنى الفرس وغيره، كما لا يخفى، وكلمة (أو) على الترادف للشك من الراوي، وعلى الفرق يحتمل التخيير.

وقوله: (فإنما بعثتم ميسرين) على صيغة اسم الفاعل وكذلك (لم تبعثوا معسرين)، ومعنى (بعثتم) أخرجتم من قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، أو وصفوا بوصف متبوعهم وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، أو هذه العبارة كناية عن وصفه صلى الله عليه وسلم نفسه بهذا الوصف، كما يقول المتبوع لأتباعه: أنتم كذا وأنتم كذا يصفهم بأوصافه ومراده وصف نفسه بها، فافهم.

واعلم أن الحديث يدل بظاهره على أن الأرض تطهر بصب الماء إذا ورد على النجاسة على سبيل المكاثرة والغلبة، وعلى أن غسالة النجاسة طاهرة، وإن اندفعت إلى موضع آخر من أرض أو بدن أو ثوب أو خرجت من الحصير إلى الأرض، واختلف فيه على أقوال، ثالثها: إن انفصلت وقد طهر المحل فطاهرة وإلا فنجسة، وإن انفصلت متغيرًا لونها أو ريحها يتنجس إجماعًا، كذا في (مجمع البحار)(2).

وقال الطيبي (3): فيه دلالة على أن الأرض إذا أصابتها نجاسة لا تطهر بالجفاف، ولا يجب حفر الأرض ولا نقل التراب إذا صب عليه الماء، والحفر والنقل واجب عند

(1)"شرح الكرماني"(3/ 71).

(2)

انظر: "مجمع بحار الأنوار"(3/ 479).

(3)

"شرح الطيبي"(2/ 112).

ص: 224

492 -

[3] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ" فترَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ:"إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَالقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ" أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

ــ

أبي حنيفة رضي الله عنه، وأن الشمس إذا جفتها طهرت عنده، انتهى.

وما فزت في هذا الحديث من كلام أصحابنا جوابا عن هذا الكلام، وأقول -وباللَّه التوفيق-: إنه لم يدل الحديث على أنهم صلوا في ذلك المكان قبل الجفاف، فلعله إنما أمر بصب الماء تقليلًا لتغليظ النجاسة ورائحة البول ولونه بمبالغة الماء ولم يكتف في التطهير به، بل هو حصل بالجفاف، والحديث عن ذلك ساكت، واللَّه أعلم.

492 -

[3](أنس) قوله: (لا تزرموه) بتقديم الزاي على الراء من باب الإفعال، يقال: زرم دمعه وكلامه وبوله: انقطع، وأزرمه قطع عليه بوله، ومنه حديث:(بال الحسن فأخذ من حجره صلى الله عليه وسلم فقال: لا تزرموا ابني)، والحكمة في النهي عن إزرام الأعرابي أنه يتضرر، والمسجد قد يتنجس ويتنجس ثيابه ومواضع كثيرة من المسجد، وفيه غاية الشفقة والرحمة والحلم والكرم منه صلى الله عليه وسلم، ولهذا منعه ونصحه بما فيه غاية اللين والشفقة، واسم الإشارة في (هذه المساجد) لكمال التميز والتعظيم، وفي (هذا البول) للتحقير.

وقوله: (أو كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) هذا كلمة تقال عند الشك في لفظه والنقل بالمعنى صلى الله عليه وسلم، أي قال هذا القول أو قولًا يشابهه.

ص: 225

قَالَ: وَأَمَرَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَسَنَّهُ عَلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6025، م: 285].

493 -

[4] وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَأَلَتْ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ فَلْتَقْرُصْهُ،

ــ

وقوله: (قال: وأمر) أي: قال الراوي: وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فسنّه عليه) أي: أمر رجلًا أن يجيء بدلو من ماء ويسنّه على البول، فجاء بدلو فسنّه، فاختصر في العبارة، ومثله كثير في الأحاديث، ويكون المأمور به هو مدخول الفاء، والسن: الصب، في (القاموس) (1): سن الماء: صبه، ذكره في فصل السين المهملة، وكذا في الشين المعجمة شن الماء على التراب: فرقه، انتهى. فالسن بالمهملة الصب مطلقًا أو الصب بدون التفريق، وبالمعجمة مع التفريق.

493 -

[4](أسماء بنت أبي بكر) قوله: (من الحيضة) بالكسر للحالة وبالفتح للمرة، وقد سبق (2) في حديث بئر بضاعة.

وقوله: (فلتقرصه) بضم الراء من نصر، والقرص بالصاد المهملة أخذك لحم إنسان بأصبعيك حتى تؤلمه، والقطع، كذا في (القاموس)(3)، والمراد ههنا دلك الدم بأطراف الأصابع والأظفار مع صب الماء عليه، وهو أبلغ من غسله بجميع اليد، كذا

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1112).

(2)

أي تحت حديث (478).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 578).

ص: 226

ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ ثُمَّ لِتُصَلِّ فِيهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 307، م: 291].

494 -

[5] وَعَنْ سُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِيه ثَوْبِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [خ: 23، م: 289].

ــ

في (النهاية)(1)، وقد جاء قرِّصيه بالتشديد بمعنى قَطِّعيه، يقال: قرصت الدم من الثوب بالماء كأنها تقصد إليه من سائر الثوب فتغسله فكأنه قطع، والرواية في الحديث من القرص دون التقريص كذا قيل، وقال في (المشارق) (2): روينا بالتثقيل وبالتخفيف.

وقوله: (ثم لتنصحه) ضبطوه بكسر الضاد وفتحها، وجعله في (الصراح)(3) من ضرب يضرب، والنضح الرش، ويراد به الغسل في كثير من الدم، وفي رواية البخاري:(فتغسله وتنصح على سائره)، يعنى تغسل موضع الدم وتنضح سائره، فالمراد منه الرش، قالوا: إنما تفعل ذلك لتطيب نفسها ودفعًا للوسوسة.

وقوله: (ثم لتصل فيه) أي: إن شاء صلّت في ذلك الثوب قبل أن ييبس كما فى الحديث الآتي: (فيخرج إلى الصلاة وأثر الغسل في ثوبه).

494 -

[5](سليمان بن يسار) قوله: (فقالت: أغسله) فيه دليل أن المني نجس كما هو مذهبنا ومذهب مالك، ورواية من أحمد، وعند الشافعي والمشهور من مذهب أحمد أنه طاهر، ودليلهم أنه أصل أولياء اللَّه تعالى فكيف نقول: إنه

(1)"النهاية"(4/ 40).

(2)

"مشارق الأنوار"(2/ 301 - 302).

(3)

"الصراح"(ص: 111).

ص: 227

495 -

[6] وَعَنِ الأَسْوَدِ وَهَمَّامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 288].

496 -

[7] وَبِرِوَايَةِ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَفِيهِ: ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ. [م: 288].

ــ

نجس؟ ، وما روى الدارقطني والطبراني (1) عن ابن عباس رضي الله عنهما ما قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب، فقال:(إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة).

ولنا أحاديث وردت في غسله رطبًا أو فركه يابسًا، وضمه مع الأشياء النجسة في قوله صلى الله عليه وسلم:(إنما يغسل الثوب من خمس: البول والغائط والدم والمني والقيء) على ما رواه في (الهداية)(2)، وأجيب عن قولهم بأنه أصل أولياء اللَّه بأنه لا استبعاد في تكون الطاهر من النجس كاللبن من الدم، وأيضًا خلقوا من العلقة، والدم نجس بالاتفاق، وما ذكروه معارض بأنه أصل أعداء اللَّه فينبغي أن يكون نجسًا كذا ذكروا.

495 -

496 - [6 - 7](الأسود، وهمام، وعلقمة) قوله: (كنت أفرك) فرك الثوب يَفْرُكُه: دلكه، من نصر، وذلك لشدة البلوى، فلا يدل على الطهارة لأحاديث وردت في الغسل، لا يقال: لعل ذلك للنظافة لا للنجاسة، قلنا: بل الظاهر خلاف ذلك، ويدل على ذلك ضمه مع الأشياء النجسة كما ذكرنا، والمراد اليابس من المني، وعن أبي حنيفة رضي الله عنه: أن البدن لا يطهر من المني بالفرك، لأن البدن لا يمكن فركه، وعن الفضلي (3): أن مني المرأة لا يطهر بالفرك لرقته، كذا قال الشُّمُنِّي.

(1)"سنن الدارقطني"(1/ 123)، و"المعجم الكبير"(11/ 148، رقم: 11321).

(2)

"الهداية"(1/ 37).

(3)

انظر: "فتح القدير"(1/ 363)، و"حاشية الطحطاوي على المراقي" (ص: 110).

ص: 228

497 -

[8] وَعَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ: أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 223، م: 287].

ــ

497 -

[8](أم قيس بنت محصن) قوله: (فنضحه ولم يغسله) ظاهره أنه اكتفى برش الماء من غير أن يغسله، وقال الطيبي (1): المراد بالنضح رش الماء بحيث يصل إلى جميع موارد البول من غير جري، وفي (مجمع البحار) (2) عن النووي: حقيقة النضح بإهمال حاء: أن يغمر بحيث لو عصر لا يعصر، وقيل: أن يغمر ويكاثر بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وتقاطره، والمشهور أنه يكفي في بوله لا في بولها، وقيل: يكفي فيهما، وقيل: لا فيهما، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما اللَّه، وعن الكرماني عند مالك والحنفية النضح بمعنى الغسل كثير معروف، انتهى. فإذا أريد بالنضح ههنا الغسل فالمراد بقوله: لم يغسله، أي: لم يبالغ في غسله.

قال التُّورِبِشْتِي (3): لم يرد أنه لم يغسل وإنما أراد به التفريق بين الغسلين ألبتة على أنه غسل دون غسل، فعبر عن أحدهما بالغسل وعن الآخر بالنضح، واعلم أن المشهور من مذهب الشافعي وأحمد أنه يكفي في بول الطفل الذي لا يطعم ولا يشرب إلا اللبن الرشُّ بالماء، ويتعين في بول الصبية الغسل لورود النضح في بول الصبي دون الصبية، وليس ذلك لأجل أن بول الصبي ليس بنجس، ولكنه من أجل التخفيف، قال الطيبي (4): وهو الصواب، وقال: الفرق أن بول الصبية بسبب استيلاء الرطوبة

(1)"شرح الطيبي"(2/ 115).

(2)

"مجمع بحار الأنوار"(4/ 741).

(3)

"كتاب الميسر"(2/ 164).

(4)

"شرح الطيبي"(2/ 115).

ص: 229

498 -

[9] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 366].

ــ

والبرودة على مزاجها يكون أغلظ وأنتن، فتفتقر إزالتها إلى مزيد مبالغة بخلاف الصبي، وقيل: لأن بول الغلام يكون في موضع واحد مخرجه، وبول الجارية متفوق في مواضع لسعة مخرجها، ولا يخفى ما في هذه الوجوه من خفاء.

والأوجه ما قيل: إن النفوس أعلق بالذكور منها بالإناث فحصلت الرخصة في الذكور لكثرة المشقة، ونقل الشُّمُنِّي عن الطحاوي أنه قال: النضح الوارد في بول الصبي المراد به الصب، لما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: أتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بصبي فبال عليه، فقال:(صُبّوا عليه الماء صبًّا)، قال: من أن حكم بول الغلام الغسل إلا أنه يجزئ فيه الصب، وحكم بول الجارية أيضًا الغسل إلا أنه لا يكفي فيه الصب، ويفهم من هذا الكلام أن الصب غير النضح وهو كذلك، فإن النضح إيصال الماء في مواضع البول من غير جريان الماء عليه، وفي الصب جريان، كذا في (المفاتيح)(1).

498 -

[9](عبد اللَّه بن عباس) قوله: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) الإهاب الجلد أو ما لم يدبغ، كذا في (القاموس)(2)، وقال الشُّمُنِّي: الإهاب الجلد قبل الدباغ، وأما بعده فيسمى أديمًا، واشتقاقه من الأهبة بالضم بمعنى العدة، والدبغ والدباغ إصلاح الجلد بما يمنع النتن والفساد كالقرظ والعفص والتشميس والإبقاء في الحر لا بمجرد التجفيف، دبغ الإهاب كنصر ومنع وضرب ودبغًا ودباغة بكسرهما

(1)"المفاتيح في شرح المصابيح"(1/ 437)، وانظر:"مرقاة المفاتيح"(2/ 200).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 69).

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فاندبغ، والدباغ والدبغ والدبغة مكسورات: ما يدبغ به، والدباغة حرفته، ومسك دبيغ ومدبوغ، والمدبغة موضعه ويضم باؤه.

وطهارة الجلد بالدبغ وإن كان جلد ميتة أو غير مأكول متفق عليها في مذاهب الأئمة الأربعة غير أن لأئمة مذهب أحمد رحمه الله كلامًا في طهارة جلد الميتة، فبعضهم تكلموا في صحة الأحاديث الواردة في هذا الباب، وبعضهم التزموا صحتها، ومنعوا تخصيص عام القرآن بالسنة، وهو قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] والجلد جزء منها، والمقصود تحريم الفعل المقصود من كل جزء منها، والمقصود من الجلد الانتفاع به، كما أن المقصود من اللحم الأكل، وأوردوا أحاديث دالة على النهي عن الانتفاع بالميتة بإهاب ولا عصب، منه حديث عبد اللَّه بن حكيم قال:(أتانا كتاب رسول اللَّه: أن لا تنتفعوا بإهاب ولا عصب)، وسيجيء هذا الحديث في الكتاب [برقم: 508] برواية الترمذي والنسائي وابن ماجه، ومنعوا تخصيص الإهاب اسمًا للجلد قبل الدباغ، ويحكى عن صالح بن أحمد أنه قال: ليس عندي في الدباغ حديث صحيح، ورووا حديثًا للدارقطني أنه قال:(كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)، وهو مشعر بنهي بعد رخصة، وأن ما كان من الرخصة كان أولًا، هذا والحق أن أحاديث الدباغ صحيحة مشهورة تجوز بمثلها الزيادة على الكتاب، أو أن الكتاب مجمل لا عام فبينته السنة، ولهذا ذهب المحققون من الحنابلة بالطهارة، وأحاديث المخالفين ضعيفة.

ثم قد استثني من الإهاب جلد الخنزير لكونه حرامًا لعينه، وجلد الآدمي لكرامته، وفي الكلب اختلاف ذكر في الفقه، وعثد محمد الفيل كالخنزير، وعندهما ينتفع به، وقد نقل عن ناس من السلف أنهم كانوا يمتشطون بعظم الموتى نحو الفيل

ص: 231

499 -

[10] وَعَنْهُ قَالَ: تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ، فَمَاتَتْ، فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ " فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ:"إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1492، م: 363].

500 -

[11] وَعَنْ سَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا،

ــ

وغيره ويدهنون بها، لا يرون به بأسًا، ذكره البخاري في ترجمة باب عن الزهري، وقالوا: لا بأس بتجارة العاج، وروى البيهقي (1) من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتشط بمشط من عاج، وروي أنه اشترى لفاطمة رضي الله عنها سوارين من عاج، والمشهور أن العاج هو أنياب الفيل، ولا يسمى غير الأنياب عاجًا، وقد قال بعض المحدثين: إن العاج هو الذبل وهو عظم السلحفاة البحرية أو حيوان آخر بحري وليس أنياب الفيل، واللَّه أعلم.

499 -

[10](عبد اللَّه بن عباس) قوله: (إنما حرم) من الحرمة أو التحريم، وهذا بيان لقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] إن كان مجملًا أو تخصيص له إن كان عامًّا.

500 -

[11](سودة) قوله: (ماتت لنا شاة) الظاهر بحسب المعنى أن (لنا) حال من (شاة) قدم عليه لكونه نكرة، ويجوز أن يتعلق بـ (ماتت)، والإتيان باللام لانتفاعهم بموته بدبغ مسكها والانتباذ فيه، فافهم.

وقوله: (فدبغنا مسكها) المسك بالفتح الجلد أو خاص بالسخلة، كذا

(1)"السنن الكبرى" للبيهقي (1/ 26، رقم: 97).

ص: 232