الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طريقة عرضه للقراءات
لا يخفى ما للقراءات من أثر في تفسير القرآن الكريم وفهم معناه واستنباط الأحكام الشرعية، لذا اهتم المفسرون بذكرها في تفاسيرهم، وقد اختلفت طرقهم في عرضها، فمنهم من يعتني بذكر القراءة ونسبتها إلى من قرأ بها مع مناقشتها وبيان معناها والترجيح بين القراءات فهو يعرضها عرضا سريعا، فيشير إليها مع ذكر معناها وقليلا ما ينسبها إلى من قرأ بها بالإضافة إلى ذكر معناها وإليك أمثلة توضح ذلك.
1 -
قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} (1) قال العز في تفسيره هذه الآية: " (وولدا) وولدا " واحد كعدم وعدم، أو بالضم جمع وبالفتح واحد لغة لقيس. " وقال الماوردي: " (وولدا) قرأ حمزة والكسائي (وولدا) بضم الواو، وقرأ الباقون بفتحها، فاختلف في ضمها وفتحها على وجهين (أحدهما) أنهما لغتان معناهما واحد، يقال: ولد وولد، وعدم وعدم، وقال الحارث بن حلزة:
ولقد رأيت معاشرا
…
قد ثمروا مالا وولدا (2)
والثاني: أن قيسا تجعل الولد بالضم جمعا، والولد بالفتح واحدا ".
فنلاحظ أن العز قد ضبط شكل القراءتين وبين معناهما، ولكنه لم يشر إلى أنهما قراءتان، وهذا نقص في عرض القراءة، بينما نجد الماوردي بين هاتين القراءتين ونسب كل قراءة إلى من قرأ بها بالإضافة إلى بيان معنى كل قراءة، فهو أكمل وأوفى من تفسير العز، ولا يشفع للعز
(1) سورة مريم الآية 77
(2)
راجع تفسيره (2/ 535).
هنا أنه يقصد بهذا الاختصار لأن ما تركه لازم حتى في حالة الاختصار، وليس في ذكره تطويل يحتاج إلى الاختصار.
2 -
قال تعالى: {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} (1) قال العز في تفسير هذه الآية: " وسوى بالضم والكسر واحد، أو بالضم المنصف وبالكسر العدل ".
وقال الماوردي: " ويقرأ سوى بضم السين وكسرها، وفيهما وجهان (أحدهما) أن معناهما واحد وإن اختلف لفظهما. (والثاني) أن معناهما مختلف، فهو بالضم المنصف وبالكسر العدل (2) " فنلاحظ أن العز ضبط شكل القراءتين وبين معناهما ولم يشر إلى أنهما قراءتان، بينما أشار الماوردي إلى ذلك ولم ينسب كل قراءة إلى من قرأ بها فهو أكمل منه، فقراءة الضم قرأ بها ابن عامر وعاصم وحمزة، وقرأ بقية القراء بكسر السين (3).
وراجع: تفسير العز للآية (63، 81، 130) من سورة طه، والآية (58، 95) من سورة الأنبياء، والآية (67، 110) من سورة المؤمنين، والتعليق عليها.
3 -
قال تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} (4).
قال العز في تفسير هذه الآية: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} (5) وقودها أو حطبها، أو يرمون فيها كما ترمى الحصباء فكأنها تحصب بهم و: حضب جهنم
(1) سورة طه الآية 58
(2)
راجع: تفسيره 3/ 18.
(3)
راجع تعليقنا على هذه الآية من تفسير العز
(4)
سورة الأنبياء الآية 98
(5)
سورة الأنبياء الآية 98
بالإعجام يقال: حضبت النار إذا خبت وألقيت فيها ما يشعلها من الحطب.
وقال الماوردي: وقرأ ابن عباس: (حضب جهنم) بالضاد معجمة، قال الكسائي: حضبت النار بالضاد المعجمة إذا أججتها فألقيت فيها ما يشعلها من الحطب (1).
فنلاحظ أن العز قد ضبط هذه القراءة ولم يبين أنها قراءة، بينما بينها الماوردي ونسبها إلى ابن عباس، وهي قراءة شاذة، وقد أوضحنا ذلك في تعليقنا على هذه الآية من تفسير العز.
4 -
قال تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} (2). قال العز في تفسير هذه الآية: {صَوَافَّ} (3) مصطفة أو قائمة تصف بين أيديها بالقيود أو معقولة، قرأ الحسن (صوافي) أي خالصة لله تعالى من الصفوة، ابن مسعود (صوافن) معقولة إحدى يديها فتقوم على ثلاث؛ صفن الفرس ثنى إحدى يديه وقام على ثلاث.
ففي هذا المثال ذكر العز ثلاث قراءات، الأولى قراءة الجمهور كما في المصحف، والثانية نسبها إلى الحسن، وهي شاذة وكذلك الثالثة (4) وقد نسبها إلى ابن مسعود. وبين معاني هذه القراءات ذاكرا الخلاف في ذلك، ومن هذا يتضح أنه قد يشير إلى القراءة وينسبها ولكنه قليل، وقد قمت بتوثيق القراءات التي ذكرها ونسبتها إلى من قرأ بها، وبينت حكمها من حيث الصحة والشذوذ.
(1) راجع: تفسيره [3/ 62]
(2)
سورة الحج الآية 36
(3)
سورة الحج الآية 36
(4)
راجع: تعليقنا على هذه الآية من تفسير العز