الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
قال تعالى: {كهيعص} (1).
ذكر العز في المراد بها ستة أقوال، ولم ينسب هذه الأقوال، عدا القول الأخير فقد نسب جزءا منه إلى الربيع بن أنس، وقد نسب الماوردي هذه الأقوال (2)، ولم يرجح العز قولا من هذه الأقوال هنا ولا عند تفسير {الم} (3) من سورة البقرة حينما أورد فيها سبعة أقوال فلم يتبين لنا رأيه في فواتح السور، وهي مسألة كثر كلام المفسرين حولها وكثرت أقوالهم فيها حتى إن الفخر الرازي في تفسيره (2/ 3 - 8) أوصلها إلى إحدى وعشرين قولا، فالمفسرون لم يجمعوا فيها على معنى واحد ولم يرو فيها عن الصادق المعصوم معنى، فيتعين المصير إليه، فهي محتملة لمعاني كثيرة، فمن ظهر له من المفسرين قول من الأقوال بدليل فله اتباعه، وإلا فالوقف حتى يتبين. والأولى عندي أن المراد بهذه الحروف الدلالة على إعجاز القرآن حيث إنه مركب من جنس هذه الحروف التي يتكلم بها العرب ومع ذلك عجزوا عن الإتيان بمثله كما قرره الزمخشري في تفسيره {الم} (4) من سورة البقرة. وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين، ورجحه ابن كثير في تفسيره (1/ 38) ونقل ترجيحه عن شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ المزي.
(1) سورة مريم الآية 1
(2)
راجع: تفسيره 2/ 514
(3)
سورة البقرة الآية 1
(4)
سورة البقرة الآية 1
نقله لأقوال الصوفية
:
والعز ينقل عند تفسير بعد الآيات أقوالا للصوفية في حالات قليلة بينما نجد الماوردي يكثر من ذلك ويصدرها بقوله. قال أصحاب الخواطر
أو المعارف أو الإشارة أو المتعمقة أو يسمي من نقل عنه كالتستري، أو بشر بن الحارث الحافي، فيذكر هذه الأقوال دون تعقيب، وتارة يتعقبها إذا كانت بعيدة عن معنى الآية، أما العز فإنه لا يذكر هذه الأقوال إلا في حالات قليلة، فعدم ذكره لها يحتمل أنه من قبيل الاختصار، أو عدم الاقتناع بها. وإليك أمثلة توضح ذلك.
1 -
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (1).
قال العز في تفسير هذه الآية: {وَجِلَةٌ} (2) خائفة، قيل: وجل العارف من طاعته أكثر من وجله من مخالفته؛ لأن التوبة تمحو المخالفة والطاعة تطلب بتصحيح الغرض.
وقال الماوردي: {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} (3) أي خائفة، قال بعض أصحاب الخواطر: وجل العارف من طاعته أكثر من وجله من مخالفته؛ لأن المخالفة تمحوها التوبة، والطاعة تطلب لتصحيح الغرض (4).
2 -
قال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (5).
قال العز في تفسير هذه الآية: {لَيِّنًا} (6) لطيفا رفيقا، أو كنياه وكنيته أبو مرة أو أبو الوليد، قيل: كان لحسن تربية موسى، فجعل الله - تعالى - رفقه به مكفأة له لما عجز موسى عن مكافأته.
وقال الماوردي: بعد أن ذكر القولين السابقين: ويحتمل (ثالثا) أن يبدأه بالرغبة قبل الرهبة، ليلين بها فيتوطأ بعدها من رهبة ووعيد، قال بعض
(1) سورة المؤمنون الآية 60
(2)
سورة المؤمنون الآية 60
(3)
سورة المؤمنون الآية 60
(4)
راجع تفسيره (3/ 100)
(5)
سورة طه الآية 44
(6)
سورة طه الآية 44