الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الكتب السماوية، وهو كلمة الله الأخيرة لهذه البشرية، التي يجب أن يفيء إليها الناس كلهم حتى يكونوا مؤمنين، ومن ثم فكل اختلاف يجب أن يرد إلى هذا الكتاب ليفصل فيه، سواء كان هذا الاختلاف في التصور الاعتقادي بين أصحاب الديانات السماوية، أو في الشريعة التي جاء هذا الكتاب بصورتها الأخيرة، أو كان هذا الاختلاف بين المسلمين أنفسهم، قال الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (1).
وكما استعمل الله تعالى كلمتي (الرسول) و (النبي) معرفتين عند الأمر بطاعتهما، لتكون خاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم ودالة على كماله، كذلك جاء لفظ (الكتاب) في هذه الآية للدلالة على القرآن الكريم الدلالة نفسها، فهو الكتاب الكامل الجدير بأن يسمى كتابا، وأن ينصرف إليه معنى الكتاب الإلهي الكامل الصادق عند الإطلاق، لحيازته جميع الأوصاف الكمالية لجنس الكتاب السماوي، وتفوقه على بقية أفراده، بعد أن استعمل في الآيات السابقة لهذه الآية لفظ التوراة والإنجيل للكتابين اللذين أنزلهما الله على موسى وعيسى عليهما السلام (2).
(1) سورة المائدة الآية 48
(2)
انظر: الظلال 6/ 902، تفسير أبي السعود 2/ 67، تفسير المنار لرشيد رضا 6/ 410
معنى هيمنة القرآن على ما سبقه:
وقد تنوعت عبارات المفسرين من السلف ومن بعدهم رحمهم الله تعالى في التعبير عن معنى هذه الهيمنة، فقالوا:
مهيمنا: أي مؤتمنا وشاهدا ورقيبا، وحاكما وقاضيا، ودالا ومصدقا، فالقرآن الكريم أمين على كل كتاب قبله، في أصله المنزل
وهو بهذا حافظ لهذا الأصل لأنه يبين ما طرأ عليه من انحراف وما وافقه من الكتب المتداولة فهو حق، ويجوز أن تكون نسبته إلى الله تعالى صحيحة، وما خالفه وناقضه فهو باطل، ولا تكون نسبته إلى الله تعالى صحيحة، ويكون قد طرأ على الكتاب الذي فيه تلك المخالفة والتناقض تبديل وتحريف. وما جاء في القرآن الكريم، ولم يكن في الكتب المتداولة في أيديهم، المنسوبة إلى الله تعالى، فيكون ما جاء في القرآن هو الحق.
والقرآن الكريم شاهد على ما في تلك الكتب، يشهد لأصولها المنزلة بالصدق، ويشهد عليها وعلى أصحابها بما وقعوا فيه من نسيان حظ عظيم وإضاعته، وتحريف كثير مما بقي وتأويله، والإعراض عن العمل بها، كما نصت على ذلك آيات كثيرة في القرآن الكريم، وستأتي إشارات لذلك.
والقرآن الكريم رقيب على سائر الكتب السماوية المحفوظة عن التغيير، حيث يشهد لها بالصحة والثبات، ويقرر أصول شرائعها وما يتأبد من فروعها، ويعين أحكامها المنسوخة ببيان انتهاء مشروعيتها المستفادة من تلك الكتب وانقضاء وقت العمل بها.
ولا ريب في أن تمييز أحكامها الباقية على المشروعية أبدا عما انتهى وقت مشروعيته وخرج عنها من أحكام: هو معنى من معاني الهيمنة