الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها فالقرآن حاكم على ما في تلك الكتب وقائم عليها وقاض عليها بالحق.
وهذه الأقوال في معنى الهيمنة متقاربة المعنى، فإن اسم المهيمن يتضمن هذا كله، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله تعالى هذا الكتاب العظيم الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها وأشملها وأعظمها وأكملها، حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، وهو الكتاب الذي لا ينسخ ولا يغير، ولهذا جعله الله تعالى شاهدا وأمينا وحاكما على ما سبقه من الكتب، وتكفل - سبحانه - بحفظه، وإذا كان بهذه المثابة، كانت شهادته على التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب المنزلة: حقا وصدقا (1).
(1) ابن كثير 2/ 66، تفسير الخازن 2/ 49 - 50، الفخر الرازي 12/ 16
وجوه هذه الهيمنة:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فالسلف كلهم متفقون على أن القرآن هو المهيمن، المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب، ومعلوم أن المهيمن على الشيء أعلى منه مرتبة. ومن أسماء الله تعالى (المهيمن)، ويسمى الحاكم على الناس، القائم بأمورهم (المهيمن). وقال بعض أهل اللغة: الهيمنة، القيام على الشيء والرعاية له، وأنشد:
ألا إن خير الناس بعد نبيهم
…
مهيمنه التاليه في العرف والنكر
يريد: القائم على الناس بالرعاية لهم.
وهكذا القرآن، فإنه:
أ- قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر وزاد ذلك بيانا وتفصيلا.
ب- وبين الأدلة والبراهين على ذلك.
ج- وقرر نبوة الأنبياء كلهم ورسالة المرسلين.
د- وقرر الشرائع الكلية التي بعثت بها الرسل.
هـ- وجادل المكذبين بالكتب والرسل، جادلهم بأنواع الحجج والبراهين.
ووبين عقوبات الله لهم، ونصره لأهل الكتب المتبعين لها.
ز - وبين ما حرف منه وبدل، وما فعله أهل الكتاب في الكتب المتقدمة، وبين أيضا ما كتموه مما أمر الله ببيانه، وكل ما جاءت به النبوات بأحسن الشرائع والمناهج التي نزل بها القرآن، فصارت له الهيمنة على ما بين يديه من الكتب من وجوه متعددة.
فهو شاهد بصدقها، وشاهد بكذب ما حرف منها، وهو حاكم بإقراره ما أقره الله، ونسخ ما نسخه، فهو شاهد في الخبريات، حاكم في الأمريات.
وكذلك معنى (الشهادة) و (الحكم) يتضمن إثبات ما أثبته الله من صدق ومحكم، وإبطال ما أبطله من كذب ومنسوخ، وليس الإنجيل مع التوراة ولا الزبور بهذه المثابة، بل هي متبعة لشريعة التوراة إلا يسيرا