الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجعلها (متاع الغرور) فإنما يوجه الإنسان إلى أن يبقى هو القائد للأشياء، والموجه لها ولا يصبح موقعه منها مثل موقع الإنسان المعاصر من التكنولوجيا التي أصبحت تقوده إلى المجهول، (كما يوضح رينيه دوبو في كتابه إنسانية الإنسان)، وبالتالي تختل النسبة بين الإنسان والفكر والأشياء ويقع الانهيار.
- ومن الغريب الجدير بالذكر أن عوامل ميلاد الحضارة أو بنائها هي كذلك عوامل سقوطها، فعندما ينحل الإنسان ويفقد الرؤية يتحول هو نفسه (بالظلم أو بالترف أو بهما) إلى عامل هدم لنفسه ولمجتمعه وحضارته، وكذلك تتوارى الفكرة الصائبة وتحل محلها الفكرة النفعية التبريرية، وفي النهاية تطغى الأشياء وتصبح هي السمة الحضارية الطاغية، بل ينظر إليها من خلال مظاهر الترف والاستمتاع على أنها هي الحضارة، بينما هي في هذه المرحلة وبهذا الطغيان السرطان الذي دخل إلى جسم الحضارة.
سقوط الحضارة من منظور إسلامي
دائما تسقط الحضارات من داخلها، إن الغزو الخارجي إنما يأتي كما تأتي العاصفة، لا تقتلع إلا الأشجار التي لا جذور لها، أو التي تمتد جذورها امتدادا هشا، أو التي تتمتع بجذور قوية لكنها مريضة الجسم، فينكسر الجسم وقد تبقى الجذور مؤهلة - بعد ذلك - لبناء جسم آخر، والبروز مرة أخرى.
والقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة عندما يتحدثان عن سقوط الحضارات يركزان على هذا التداعي الداخلي الذي هو العامل الأول والجوهري في سقوط الحضارات، إن المهمة التي تقوم بها (الذنوب) - أي الفواحش والآثام سواء على مستوى الفرد أو الجماعة - إنما هي تمزيق