الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واتباع شريعته، حتى الأمم المؤمنة برسالة نبي من الأنبياء السابقين فإن القرآن يوجه إليها هذا الخطاب أيضا، يقول الله تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (1){يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (2)، ويقول سبحانه:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (3){قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (4).
(1) سورة المائدة الآية 15
(2)
سورة المائدة الآية 16
(3)
سورة الأعراف الآية 157
(4)
سورة الأعراف الآية 158
تهديد ووعيد
. . .
ثم يأتي التهديد والوعيد الشديد لمن يعرض منهم عن الإيمان بما نزل الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (1).
وتأتي سورة البينة لتقرر ما كان عليه أهل الكتاب والمشركون الذين كفروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من الانحراف عن دين الله ومنهجه، وتقرر
(1) سورة النساء الآية 47
أنهم يعلقون تحولهم وانفكاكهم عما هم عليه من الانحراف والكفر على بينة واضحة، هي بعثة نبي جديد، تكون سبب هدايتهم وتحويلهم عما هم عليه من ضلال وانحراف. ولكن عندما جاءتهم الهداية ممثلة بالكتاب المنزل؛ القرآن الكريم، والنبي المرسل محمد صلى الله عليه وسلم كفروا بهما، فاستمروا على كفرهم وانحرافهم، واستحقوا أن يدفعهم القرآن الكريم بأنهم:{هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (1){جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (2).
وجاءت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تبين هذا المعنى، وتوجب على كل من يسمع به أن يؤمن به ويتبعه ويترك ما كان من شريعة سابقة انتهى العمل بها بعد مجيء محمد خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، فقال صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة - يهودي أونصراني - ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (3)» .
ودخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما على النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواعظ من التوراة، فقال: هذه كنت أصبتها مع رجل من أهل الكتاب. فقال: فاعرضها علي. فعرضتها، فتغير وجهه تغيرا شديدا، ثم قال:«لو نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم، أنا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الأمم (4)» .
(1) سورة البينة الآية 7
(2)
سورة البينة الآية 8
(3)
أخرجه مسلم 1/ 134 في الإيمان، والطبراني والبزار وأحمد، مجمع الزوائد للهيثمي 8/ 262
(4)
أخرجه أحمد في المسند 3/ 471، والدارمي والبيهقي في الشعب، مجمع الزوائد 1/ 173 - 174، البيان والتعريف لابن حمزة الحسيني 1/ 172. واستقصى الشيخ ناصر الدين الألباني طرق الحديث، وقال: هو على أقل تقدير حديث حسن. والله أعلم، انظر إرواء الغليل 6/ 34 - 37