الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد. وقد أثبت الشيخ وعلماء الدعوة الشفاعة للأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال لورودها إما في القرآن أو في السنة الصحيحة (1) كما أثبتوا الشفاعة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لأنها ثابتة في السنة الصحيحة، ويقرر علماء الدعوة بأن سبب الحصول عليها هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بما جاء به قولا وعملا واعتقادا. ولا يجوز طلبها من الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه وإنما تطلبها من الله تعالى فتقول في دعائك:(اللهم لا تحرمني شفاعة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أو (اللهم شفعه في)(2) ونحو ذلك.
(1) سليمان بن سحمان: الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية ص42.
(2)
محمد بن عبد الوهاب: كشف الشبهات ص75.
3 -
زيارة القبور والبناء عليها:
وهذه المسألة كانت أهم المسائل التي كانت مثار الخلاف بين الشيخ ومعاصريه ولا غرو فقد كانت أكثر مظاهر الوثنية انتشارا في العالم الإسلامي في عصر الشيخ تقديس العامة الجهلة لقبور الأولياء والصالحين وغيرهم واتجاههم إليهم بالعبادة أو ما يقرب من العبادة (1). وفي (كتاب التوحيد) يورد الشيخ أن سبب كفر بني آدم من أول الخليقة هو الغلو في قبور الصالحين، ويذكر الوعيد الشديد فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده. كما يتحدث عن تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغلو في
(1) منير العجلاني: تاريخ البلاد السعودية ص269.
قبره حيث قال صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري عيدا (1)» ويرى الشيخ أن مشركي زمانه أشد شركا من المشركين الأولين لأمرين:
أولهما: أن المشركين الأولين لا يشركون إلا في الرخاء أما في الشدة فيخلصون الدين لله كما قال تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2) بينما مشركوا زمانه يتجهون إلى أصحاب القبور في الشدة والرخاء.
وثانيهما: أن الأولين يدعون مع الله أناسا مقربين عند الله إما أنبياء أو أولياء أو ملائكة أو يدعون أحجارا وأشجارا مطيعة لله ليست عاصية، بينما بعض مشركي زمانه يدعون مع الله أناسا من أفسق الناس وممن يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك (3).
وليس معنى ذلك أن علماء الدعوة يمنعون زيارة القبور مطلقا بل يرون أنها قد تكون مستحبة ومشروعة إذا قصد الزائر بها تذكر الآخرة والترحم على الميت والدعاء له بالمغفرة (4). أما البناء على القبور فيرى الشيخ أنها بدعة محرمة لأنها وسيلة إلى تعظيم صاحب القبر ثم عبادته، ولكنها لا تصل إلى الشرك الأكبر كما يعتقد بعض الناس، ولهذا لم يرد عن الشيخ شيء عن القبة المقامة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، بل كتب في إحدى رسائله أنه يستحسن هدمها ويأمر به (5)، ولعل السبب في عدم التعرض لها بالهدم - من بين القباب - أن أصحاب الدعوة رأوا
(1) محمد بن عبد الوهاب: كتاب التوحيد ص26 - 30.
(2)
سورة لقمان الآية 32
(3)
محمد بن عبد الوهاب: كشف الشبهات ص77 و 78.
(4)
محمد بن عبد الوهاب وآخرون: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ج4 ص279.
(5)
حسين بن غنام: تاريخ نجد تحقيق الدكتور / ناصر الدين الأسد ص527 و 540.