الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراجح ووجه الترجيح:
يترجح - والله تعالى أعلم بالصواب - القول الأول، وهو أنه يلي الأم في الحضانة أم الأم، ثم أم الأب؛ وذلك لكون الغالب في النساء الشفقة والرحمة والعطف، وأم الأم تقوم مقامها في ذلك فقدمت، وأم الأب قدمت عليه للمعنى السابق، ولكونه لا يلي الحضانة بنفسه بل يجعلها إلى زوجته، والغالب أن أم الأب تملك من الشفقة والرحمة للمحضون ما لا تملكه زوجة الأب، ولا شك أن الشارع راعى مصلحة الطفل، فلا يقر بيد من لا يصونه ولا يصلحه؛ لأن وجود من لا يصونه، ولا يصلحه كعدمه فتنتقل عنه إلى من يليه
المبحث السادس
الترتيب بين الجدات
اختلف الفقهاء في الجدات، مَن يقدم بعد الأم؟ هل أم الأم ثم أمهاتها، أو أم الأب ثم أمهاتها، ومحل النزاع: هل النساء عَيَّنَهن الشارعُ لكون قرابة الأم مقدمة على قرابة الأب في الحضانة؟ أو
لكون النساء أقوم بمقصود الحضانة من الرجال فقط (1)(2)؟ فعلى ذلك وقع الخلاف بين الفقهاء في الترتيب بين الجدات على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يلي الأم في استحقاق الحضانة أمها، ثم أمهاتها، ثم أم الأب، ثم أمهاتها. وهذا قول الفقهاء من الحنفية (3) والمالكية (4) والشافعية (5) ورواية عن أحمد هي المشهور من المذهب (6) والصحيح (7)
واستدلوا بما يلي:
1 -
قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع جدة ابنه عاصم،
(1) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 34/ 122، زاد المعاد 5/ 438.
(2)
انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 34/ 122، زاد المعاد 5/ 438. ') ">
(3)
انظر: المبسوط 5/ 210، الدر المختار مع حاشيته 3/ 591، البناية شرح الهداية 5/ 473، تبيين الحقائق 3/ 47، البحر الرائق شرح كنز الدقائق 4/ 182 - 183.
(4)
انظر: المقدمات الممهدات لابن رشد ص 438، حاشية الدسوقي 2/ 527، الخرشي على مختصر خليل 4/ 208، منح الجليل 4/ 422، مواهب الجليل 5/ 595.
(5)
انظر: مختصر المزني ص 235، الحاوي الكبير 15/ 116، 120، مغني المحتاج 5/ 192، نهاية المحتاج 7/ 226. ') ">
(6)
انظر: المغني 11/ 422، الشرح الكبير للمقدسي 24/ 475، الفروع 5/ 613، المبدع 8/ 231، الإنصاف 24/ 457، كتاب الروايتين والوجهين 2/ 244، منتهى الإرادات 4/ 471، كشاف القناع 5/ 496 - 497.
(7)
انظر: الإنصاف 24/ 463. ') ">
وقضاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه لها به (1)
2 -
أن قرابات الأم قد قدمت على قرابات الأب في الحضانة؛ لتحقق ولادة أمهات الأم، وهي تدلي بالأم التي تقدم على الأب فوجب تقديمها عليها؛ لتقديم الأم على الأب، ولأنهن أقوى في الميراث من أمهات الأب؛ لأنهن لا يسقطن بالأب، وتسقط أمهات الأب بالأم (2)
3 -
أن قرابات الأم إنما قدمت لأنهن أكثر شفقة من قرابات الأب (3)
القول الثاني: يلي الأم في استحقاق الحضانة أم الأب ثم أمهاتها، ويقدمن على أم الأم. وهذا رواية عن الإمام أحمد (4) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (5)
(1) انظر: ص 299. ') ">
(2)
انظر: الحاوي الكبير 15/ 118، مغني المحتاج 5/ 192، نهاية المحتاج 7/ 226، المغني 11/ 422 والشرح الكبير 24/ 475، الإنصاف 24/ 457.
(3)
انظر: الخرشي على مختصر خليل 4/ 208، منح الجليل 4/ 422. ') ">
(4)
انظر: المغني 11/ 422، الشرح الكبير للمقدسي 24/ 476، كتاب الروايتين والوجهين 2/ 244، الإنصاف 24/ 457. ') ">
(5)
انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 34/ 122 - 123. ') ">
واستدلوا بالآتي:
1 -
أن أم الأب تدلي بعصبة مع مساواتها لأم الأم في الولادة، فوجب تقديمها، كتقديم الأخت من الأب على الأخت من الأم، وإنما قدمت الأم على الأب؛ لأنها أنثى تلي الحضانة بنفسها، فكذلك أمه فإنها أنثى تلي الحضانة بنفسها فقدمت لما ذكرنا (1)
2 -
أنه لو كانت جهات قرابة الأم راجحة لترجح رجالها ونساؤها، فلما لم يترجح رجالها بالاتفاق، فكذلك نساؤها أيضًا؛ لأن مجمع أصول الشرع إنما يقدم أقارب الأب في الميراث والعقد، والنفقة، وولاية الموت، والمال، وغير ذلك. ولم يقدم الشارع قرابة الأم في حكم من الأحكام، فمن قدمهن في الحضانة فقد خالف أصول الشرع، ولكن قدمت الأم لأنها امرأة وجنس النساء في الحضانة مقدمات على الرجال، وهذا يقتضي تقديم الجدة أم الأب على الجد، كما قدمت الأم على الأب وهكذا، وهذا هو القياس والاعتبار الصحيح (2)
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال:
بأن قرابة الأم من الرجال لم يرجحوا للحضانة، وإنما ترجحت
(1) انظر: الشرح الكبير للمقدسي 24/ 476، المغني 11/ 423. ') ">
(2)
انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 34/ 123، زاد المعاد 5/ 439. ') ">
الأم وأمهاتها لأن الحضانة قائمة على الرحمة والشفقة والعناية بالصغير، ولا شك أن الغالب أن أمهات الأم أكثر شفقةً ورحمةً وأكثر صبرًا وتحملاً في رعاية الصغير وتربيته من أمهات الأب.
القول الثالث: يلي الأم في استحقاق الحضانة أم الأم ثم أمهاتها، وتقدمت الأخت من الأم والأب، ومن الأم، والخالة على أم الأب.
وهو قول زفر (1) من الحنفية (2) وهو قول الشافعي في القديم (3)
واستدلوا: بأن أم الأب تدلي إليه بقرابة الأب، والأخت والخالة يدلين بقرابة الأم فكُنَّ أحق؛ لأن الحضانة تستحق باعتبار قرابة الأم (4)
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الجدة أم الأب أم؛ لأنها لها قرابة الولادة، وهي أشفق فكانت أولى كالتي من جهة الأم، ولهذا فإن
(1) هو أبو الهذيل، زفر بن الهذيل العنبري، تلميذ أبي حنفية، كان أبو حنيفة يفضله ويقول: هو أقيس أصحابي، كان فقيهًا، حافظًا، قليل الخطأ، ولي قضاء البصرة توفي سنة 158 هـ. انظر: شذرات الذهب 1/ 243، أخبار أبي حنيفة وأصحابه ص 103.
(2)
انظر: المبسوط 5/ 210، بدائع الصنائع 4/ 41، تبيين الحقائق 3/ 47، البحر الرائق 4/ 182. ') ">
(3)
انظر: المجموع 18/ 334. ') ">
(4)
انظر: تبيين الحقائق 3/ 47، البحر الرائق 4/ 182. ') ">