الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النقطة الرابعة
البيع بسعر السوق
كثيرا ما يرتبط سعر المبيع في عقد التوريد المستمر بسعر السوق ارتفاعا وانخفاضا، كما إذا اتفق صاحب كسارة مع مقاول يملك سيارات نقل على توريد بطحاء مدة سنة، ويكون السعر بما يستقر عليه السعر - في سوق بيع البطحاء، ومعلوم أن السعر يرتفع وينخفض في مثل هذه السنة.
وقد بحث الفقهاء نظائر هذه الصورة حين تحدثوا عن حكم البيع بسعر السوق، ولهم في جوازه قولان:
القول الأول: أن البيع بسعر السوق لا يصح إلا إذا كان معروفا للمتعاقدين حال العقد، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء (1)
ومستندهم في منعه ما فيه من جهالة الثمن وقت العقد، فيكون داخلا في الغرر المنهي عنه (2)(3)
القول الثاني: جواز البيع بسعر السوق، وإلى هذا ذهب شيخ
(1) انظر: فتح القدير: 6/ 260، وحاشية ابن عابدين: 4/ 505، ومواهب الجليل: 4/ 278، والمجموع: 9/ 332، والمغني: 6/ 287.
(2)
انظر: المراجع السابقة.
(3)
انظر: المراجع السابقة. ') ">
الإسلام ابن تيمية (1) وتلميذه ابن القيم (2)
يقول شيخ الإسلام - مستدلا لهذا القول: (وعلى هذا عمل المسلمين، دائما لا يزالون يأخذون من الخباز الخبز، ومن اللحام اللحم، ومن الفامي الطعم، ومن الفاكهي الفاكهة، ولا يقدر المتبايعان الثمن، بل يتراضيان بالسعر المعروف، ويرضى المشتري بما يبيع به البائع لغيره من الناس، وهذا هو المسترسل، وهو الذي لا يماكس، بل يرضى بما يباع به غيره، وإن لم يعرف قدر الثمن، فبيعه جائز إذا أنصفه، فإن غبنه فله الخيار)(3)
وقال ابن القيم: (والذين يمنعون من ذلك لا يمكنهم تركه، وليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إجماع الأمة، ولا قول صاحب ولا قياس صحيح ما يحرمه، وقد أجمعت الأمة على صحة النكاح بمهر المثل، وأكثرهم يجوزون عقد الإجارة بأجر المثل، كالكساح، والغسال، والخباز، والملاح، وقيم الحمام، والمكاري، والبيع بثمن المثل، كبيع ماء الحمام، فغاية البيع بسعر
(1) انظر: مجموع الفتاوى: 29/ 344 - 345. ') ">
(2)
انظر: إعلام الموقعين: 4/ 9. ') ">
(3)
نظرية العقد لابن تيمية ص 155. ') ">
السوق أن يكون بيعه بثمن المثل، فيجوز كما تجوز المعاوضة بثمن المثل في هذه الصورة وغيرها، فهذا هو القياس الصحيح، ولا تقوم المصالح إلا به)
ومن خلال كلام الشيخين يتبين أنهم استندوا في جواز البيع بسعر السوق إلى ما يلي:
1 -
أنه لم يرد دليل يمنع منه، والأصل في الشروط الإباحة والجواز.
2 -
أن أعراف التعامل بين المسلمين في أسواقهم قائمة عليه، فيكون ثابتا بالعرف الذي لا يخالف دليلا شرعيا.
3 -
أن حاجة الناس ومراعاة مصالحهم تقتضيه.
الترجيح:
لعل الراجح - والله أعلم هو جواز البيع بسعر السوق؛ لأنه لم يرد دليل يمنع منه، والأصل في الشروط الإباحة والجواز.، ما دام قد وقع عن تراض من المتعاقدين، ولم يقم دليل على منعه.
ومن ثم فلا مانع من اتفاق المتعاقدين في عقد التوريد على البيع بسعر السوق.