الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النقطة الثالثة
بيع الدين بالدين
يتضمن عقد التوريد في صورته ظاهرا بيع الدين بالدين، إذ البائع يبيع سلعة بثمن مؤجل في ذمة المشتري، والمشتري يشتري السلعة ولا يدفع الثمن حالاً، فكل من البائع والمشتري مدين للآخر، فكأنهما باعا دينًا بدين.
وقد ورد في حديث رافع بن خديج رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ» ، وفي رواية ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم:«نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، وقال هو النسيئة بالنسيئة» (1)
(1) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار: (4/ 21)، والدارقطني:(3/ 72)، والحاكم:(2/ 65، رقم: 3242)، والبيهقي:(5/ 290). قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه)، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير:(3/ 26): (صححه الحاكم على شرط مسلم، فوهم، فإن راويه موسى بن عبيدة الربذي، لا موسى بن عقبة
…
قال أحمد بن حنبل: لا تحل عندي الرواية عنه، ولا أعرف هذا الحديث عن غيره
…
وليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين، وقال الشافعي: أهل الحديث يوهنون هذا الحديث). وضعفه الألباني في إرواء الغليل: 5/ 220، بأن فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
ولكن بالرجوع إلى كتب السنة يتبين أن هذا الحديث له معنى معين تناقله المحدثون وأقروه، ولا يندرج ضمن معناه (عقد التوريد) ولا يدل عليه.
يقول الصنعاني في شرح حديث ابن عمر المذكور: ((والكالئ من كلأ الدين كلوءًا فهو كالئ إذا تأخر، وكلأته إذا أنسأته، وقد لا يهمز تخفيفا، قال في النهاية: هو أن يشتري الرجل شيئا إلى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به، فيقول: بعنيه إلى أجل آخر بزيادة شيء فيبيعه، ولا يجري بينهما تقابض، والحديث دل على تحريم ذلك، وإذا وقع كان باطلا، وقيل: هو أن يبيع الرجل دينه على المشتري بدين آخر للمشتري على ثالث)) (1)(2)
ويقول الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان: (إن عقد التوريد ليس من قبيل بيع الدين بالدين، ذلك أن الدين شغل ذمة أحد المتبايعين للآخر بدين، وليس هذا في عقد التوريد من الدين بشيء، وإنما هو في حدود الاتفاق والوعد لا يتجاوزهما العقد، فمن ثم يظل العقد جائزا قابلا لفسخ حتى يتم تسليم المبيع، ومقتضى هذا العقد (عقد التوريد) تأجيل دفع الثمن حتى يتم تسليم البضاعة، إلا أن يكون المشتري متطوعا بتقديمه اختيارا)
(1) سبل السلام: 3/ 18، وانظر: النهاية في غريب الحديث: 4/ 194.
(2)
سبل السلام: 3/ 18، وانظر: النهاية في غريب الحديث: 4/ 194. ') ">