المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: معاني ألفاظ الآية: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٩١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الافتتاحية

- ‌(الأمن الفكري)

- ‌خطاب الشكر من مقام خادم الحرمين الشريفين

- ‌الفتاوى

- ‌باب زكاة العروض:

- ‌ لا تجب الزكاة في العروض عند الوارث)

- ‌ الأرض المعدة للتجارة، والمقطعة)

- ‌ أموال شركة الكهرباء، والعقار، والسيارات، ومكائن الماء)

- ‌ ملك بيتا للسكن ثم أعده للإيجار)

- ‌ تقوم العقارات عند الحول ولو هبطت قيمتها)

- ‌ تجزئ زكاة العروض عرضًا إذا كان أنفع للفقير)

- ‌ هل تدفع زكاة الأجرة بعد المؤونة)

- ‌ الدور التي تبنى للتأجير):

- ‌ عنده سيارة يتكسب عليها):

- ‌ سيارات النقل لا زكاة فيها):

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم دفع الزكاة للإخوة الذين تجب النفقةعليهم وحكم قضاء دين الوالد أو الولد من الزكاة

- ‌ هل يجوز دفع زكاة المال للأشراف من بني هاشم

- ‌حكم أخذ آل البيتمما يسمى بالضمان الاجتماعي

- ‌حكم صرف الزكاة لأسرة واحدة

- ‌حكم إعطاء المدينالزكاة كلها لقضاء دينه

- ‌الزكاة لا تعطى لكافرإلا أن يكون من المؤلفة قلوبهم

- ‌عادة المناخ تبرع سنوي من الدولة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ هل تجب طاعة الوالدين إذا منعا ابنهما عن دورات حفظ القرآن الكريم

- ‌ يرفع صوته في بعض أذكار الصلاة تطبيقًا للسنة لكن مع إيذاء المصلين

- ‌ هل للمعصية تأثير على أهل المعاصي

- ‌ عطس أحد المصلين بجواري وسمعته يقول: (الحمد لله)

- ‌ بعض الناس يدخلون المسجد والإمام في الركوع، ثم يرفعون أصواتهم للإمام حتى ينتظر

- ‌ من آداب الدعاء أن يكون المأكل والمشرب حلالاً

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌الاستعاذة والبسملة والاستفتاح

- ‌ هل دعاء الاستفتاح قبل التكبير أم بعده

- ‌ هل تقرأ البسملة في الصلاة بالفاتحة سرا أو جهرا

- ‌ هل يؤتى بدعاء الاستفتاح بين التكبير والقراءة

- ‌ الدليل على جواز إخفاء (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة الجهرية

- ‌البحوث

- ‌الوقفة الأولى: حقيقة الفتوى

- ‌الوقفة الثانية: القول على الله بغير علم

- ‌الوقفة الثالثة: الورع عن الفتيا

- ‌الوقفة الرابعة: جواب من سئل وهو لا يعلم

- ‌الوقفة الخامسة: شروط الفتيا

- ‌الوقفة السادسة: نقل الفتيا [فتوى المقلد]:

- ‌الوقفة السابعة: التيسير في الفتوى

- ‌الوقفة الثامنة: تتبع الرخص

- ‌الوقفة التاسعة: الإفتاء بغير المشهور في البلد

- ‌الوقفة العاشرة: جملة وصايا

- ‌معالم نقدية للعبّاد والصوفية

- ‌مقدمة:

- ‌منهج البحث:

- ‌تمهيد في التعريف بالتصوف، ونشأته، وتطوره

- ‌المبحث الأول: الانحراف في منهج التلقي

- ‌المبحث الثاني: دعوى عبادة الله تعالى محبة، لا خوفا، ولا رجاء

- ‌المبحث الثالث: مسألة الشوق إلى لقاء الله تعالى

- ‌المبحث الرابع: مسألة الرضا بالقضاء

- ‌المبحث الخامس: مسألة السماع والغناء

- ‌المبحث السادس: الصلة بين التوكل والأخذ بالأسباب

- ‌المبحث السابع: مفهوم الزهد في الدنيا

- ‌المبحث الثامن: التكلف في العبادة

- ‌المبحث التاسع: مسألة الكرامات والخوارق

- ‌الخاتمة:

- ‌عقد التوريد- رؤية تأصيلية

- ‌المقدمة:

- ‌المطلب الأول:تعريف العقد لغة واصطلاحًا

- ‌المطلب الثانيتعريف التوريد لغة واصطلاحًا

- ‌المطلب الثالثالألفاظ ذات الصلة بعقد التوريد

- ‌المطلب الأولصيغ عقد التوريد

- ‌المطلب الثانيأنواع عقد التوريد

- ‌المبحث الثالث: حكم عقد التوريد

- ‌المطلب الأولحكم طريقة إبرام عقد التوريد

- ‌المسألة الأولىحكم المناقصة

- ‌المسألة الثانيةحكم الممارسة

- ‌المسألة الثالثةحكم التأمين المباشر

- ‌المطلب الثانيحكم عقد التوريد

- ‌تمهيد

- ‌المسألة الأولىحكم عقد التوريد من خلال العقود

- ‌الفرع الأولعقد الاستصناع وعلاقته بعقد التوريد

- ‌الفرع الثاني: عقد السلم

- ‌الفرع الثالثالعقد على الغائب المبيع على الصفة

- ‌الفرع الرابعمسألة الشراء المستمر

- ‌الفرع الخامسمسألة بيع ما يتكرر قطفه

- ‌المسألة الثانيةحكم عقد التوريد من حيث هو عقد مستقل

- ‌تمهيد:

- ‌الفرع الأولحكم عقد التوريد انطلاقا من قاعدة أصل العقود

- ‌الفرع الثانيحكم عقد التوريد من حيث اشتماله

- ‌النقطة الأولىبيع الإنسان ما لا يملك

- ‌النقطة الثانيةالجمع بين البيع والإجارة

- ‌النقطة الثالثةبيع الدين بالدين

- ‌النقطة الرابعةالبيع بسعر السوق

- ‌المبحث الرابع حكم الشرط في عقد التوريد

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأولاشتراط الضمان

- ‌المطلب الثانياشتراط البيع بثمن معين

- ‌المطلب الثالثشرط القصر

- ‌المطلب الرابعالشرط الجزائي

- ‌ملخص البحث وخاتمته

- ‌حضانة الجدة في الفقه الإسلامي

- ‌المقدمة:

- ‌منهج البحث

- ‌خطة البحث

- ‌المبحث الأولتعريف الحضانة ووقتها

- ‌المطلب الأول: تعريف الحضانة في اللغة

- ‌المطلب الثاني: الحضانة في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثالث: حق الحضانة

- ‌المطلب الرابع: وقت الحضانة

- ‌المبحث الثانياستحقاق الجدة للحضانة

- ‌ثانيًا: الأدلة الخاصة في حضانة الجدة:

- ‌المبحث الثالثشروط حضانة الجدة

- ‌الشرط الأول: ألاّ تكون الحاضنة زوجًا لأجنبي من الصغير

- ‌الشرط الثاني: أن تكون عاقلة

- ‌الشرط الثالث: أن تكون بالغة

- ‌الشرط الرابع: أن تكون عدلاً

- ‌الشرط الخامس: ألاّ تكون مرتدة

- ‌الشرط السادس: أن تكون حرة

- ‌الشرط السابع: أن تكون قادرة على القيام بشؤون الصغير

- ‌الشرط الثامن: أن تكون خالية من الأمراض المعدية

- ‌الشرط التاسع: أن تكون حضانتها للصغير في مكان آمن

- ‌المبحث الرابعمسقطات حضانة الجدة

- ‌المبحث الخامسالترتيب بين الجدات والأب

- ‌المبحث السادسالترتيب بين الجدات

- ‌المبحث السابعأثر إسقاط الأم حقها من الحضانة على حضانة الجدة

- ‌الخاتمة

- ‌دراسة لقول الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}

- ‌المبحث الأول: علاقة الآية بسياقها:

- ‌المطلب الأول: علاقة الآية بسياقها في السورة:

- ‌المطلب الثاني: علاقة الآية بالمكي من القرآن

- ‌المطلب الثالث: علاقة الآية بسياق القرآن

- ‌المبحث الثاني: معاني ألفاظ الآية:

- ‌المبحث الثالث: دلالات التركيب في الآية:

- ‌المبحث الرابع: (معنى الآية والأقوال فيه)

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثاني: معاني ألفاظ الآية:

النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب، فهو خبر عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم" (1) والآية كما قدمنا فيها أصول ذلك كله ففيها تقرير التوحيد والحجة له وتبرير كل الأحوال التي ذكرها ابن القيم رحمه الله.

(1) مدارج السالكين 3/ 450.

ص: 340

‌المبحث الثاني: معاني ألفاظ الآية:

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ}

(الواو) واو الاستئناف - ولهذا الاستئناف دلالات ستأتي في المبحث القادم - وليست واو العطف (1)(2) لأن المعنى الذي تضمنته الآية معنى مستأنف لم يسبق نظيره في حكم فيشرك بينهما بالعطف، بل هو تبرير لما ذكر في السياق من خبر وقص وأمر ونهي ووعد ووعيد.

(ما) هي النافية، وهو نفي يؤسس للاستثناء الآتي في الآية، فهو نفي غير مقصود لذاته ولكن للاستثناء، لتخليص المستثنى من الشركة.

(خلقت) الخلق: هو اختراع الشيء وتقديره في الوجود (3) وخلقه سبحانه مخلوقاته هو إيجادهم من عدم. والتاء ضمير المتكلم يعود

(1) خلافًا لابن عاشور في التحرير والتنوير 27/ 24 فقد جعلها للعطف وتكلف في تعيين المعطوف عليه.

(2)

خلافًا لابن عاشور في التحرير والتنوير 27/ 24 فقد جعلها للعطف وتكلف في تعيين المعطوف عليه. ') ">

(3)

انظر معجم مقاييس اللغة 2/ 213. ') ">

ص: 340

إليه عز وجل، وهي في محل رفع فاعل فعل الخلق، فهو سبحانه الخالق لا غيره. والخلق هو قاعدة البوبية وينبني عليها أصلان في الربوبية هما: الملك والتدبير، فإن الخالق يملك ما خلق، والمالك هو الذي يتصرف في ملكه.

(الجن) هم الجنس من المخلوقات الذين قال الله في خلقهم {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} ، {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} وهم مخاطبون بالرسالات مكلفون بها كما قال سبحانه:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} وقال: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ،

ص: 341

وهم فريقان مسلمون موحدون وكافرون كما حكى الله عنهم مقرًا قولهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} ، والمسلمون منهم الصالحون ومنهم أهل طرائق وأهواء دون الصلاح كما حكى الله عنهم مقرًا قولهم:{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} ، وهم ولد إبليس كما أن البشر بنو آدم - كما في قول الحسن البصري وقتادة وابن زيد وروي نحوه عن ابن عباس - (1) وسموا جنا لأنهم مجتنون أي مستترون عن أعين الناس (2) قال سبحانه:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} .

(الواو) واو العطف التي معناها الجمع، وهي هنا جمعت المعطوف والمعطوف عليه في حكمين:

1 -

في كونهما جميعًا خلق الله عز وجل.

2 -

في علة الخلق.

(1) تفسير القرطبي 1/ 294. ') ">

(2)

انظر معجم مقاييس اللغة 1/ 422. ') ">

ص: 342

وهي هنا من عطف الشيء على سابقه؛ لأن خلق الجن سابق على خلق الإنس كما ورد في كتاب الله، قال الله:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} أي من قبل خلق الإنسان، وهذا ظاهر فإن إبليس كان من قبل خلق آدم.

(الإنس) وهم بنو آدم، وسموا بذلك لظهورهم، من الأنس وهو ظهور الشيء، يقال: آنست الشيء إذا رأيته (1) قال الله: {قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} ، فهو اسم معناه مقابل لمعنى اسم (الجن).

(إلا) حرف للاستثناء، والاستثناء هو إخراج بعض الكلام مما هو داخل فيه (2) فهو نقل للكلام من العموم إلى الخصوص، والأصل في نقل الكلام للحروف لا للأسماء فـ (ما) تنقل الكلام من الإثبات إلى النفي، و (هل) تنقل الكلام من البر إلى الاستفهام وهكذا.

ولذلك كانت (إلا) أصل أدوات الاستثناء، وما عداها من الأدوات فمحمول عليها لأنه إما اسم كـ (غير) أو فعل كـ (عدا).

و (إلا) إذا وقعت بعد إثبات لزم إخلاص ما بعدها للنفي، كأن تقول:

(1) انظر معجم مقاييس اللغة 1/ 145. ') ">

(2)

انظر معجم مقاييس اللغة 1/ 392. ') ">

ص: 343

مررت بالقوم إلا زيدًا، فنفت المرور عن زيد وحده، وإذا وقعت بعد نفي لزم إخلاص ما بعدها للإثبات، كأن تقول: ما مررت بالقوم إلا زيدًا، فأثبتت المرور لزيد وحده.

فهي يلزم منها أن يكون ما بعدها على خلاف ما قبلها في النفي والإثبات (1) فالاستثناء من النفي إثبات والاستثناء من الإثبات نفي.

(اللام) حرف للتعليل، والفعل بعدها (يعبدوا) منتصب بأن مضمرة – على مذهب جمهور النحاة (2) – فيكون التقدير:"لأن يعبدون"، وأن والفعل بعدها تأول بالمصدر فيكون المعنى:(لعبادتي)، أو الفعل منصوب بعدها بكي المصدرية - على مذهب بعض النحويين (3) – فيكون التقدير:(لكي يعبدون)، أو الفعل بعدها منصوب باللام نفسها أصالة - على مذهب بعض الكوفيين (4) أو باللام نفسها نيابة عن (أن) على مذهب بعض النحويين (5) فيكون التقدير:(إلا أن يعبدون).

(1) انظر الاستغناء في أحكام الاستثناء 115. ') ">

(2)

انظر مغني اللبيب 1/ 210. ') ">

(3)

انظر مغني اللبيب 1/ 210. ') ">

(4)

انظر مغني اللبيب 1/ 210. ') ">

(5)

انظر مغني اللبيب 1/ 210. ') ">

ص: 344

وللتعليل معان سيأتي ذكرها في المبحث القادم.

(يعبدون) هذا فعل، والفعل يلاحظ فيه ثلاثة أمور يعبر به عنها: إرادته، والقدرة عليه، ووقوعه (1) و (يعبدون) معبر به عن الإرادة أي أريد أن يعبدون، ويدل له أمران:

1 -

قوله في الآية بعدها: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} فعلق الفعل بالإرادة وهو يفسر المعبر به بفعل (يعبدون) فيكون بمعناه، فيكون المعنى: أريد منهم أن يعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون.

2 -

أنه لا يحتمل التعبير به عن الوقوع ولا عن القدرة، أما عدم احتمال التعبير به عن الوقوع فلأن أكثر الخلق لم يقع ولا يقع منهم أن يعبدوا الله وحده، قال سبحانه:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ، والآية نفسها في التعريض بمخالفة المشركين للواجب عليهم من عبادة الله وخروجهم عن مقتضاه إلى عبادة سواه سبحانه، وأما عدم احتمال التعبير به عن القدرة؛ فلأن الله وإن كان قادرًا على أن يجعل الخلق عابدين له إلا أنه شاء ألَاّ

(1) انظر مغني اللبيب 1/ 688. ') ">

ص: 345

يهديهم أجمعين، قال سبحانه:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} والآيات في هذا المعنى عديدة.

قال الكفوي: "ما وصف بكونه مرادًا بلا وقوع له فليس المراد به إلا إرادة التكليف به فقط، فليس المراد بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} وقوع العبادة بل الأمر بها"(1)

فيكون معنى: {لِيَعْبُدُونِ} لآمرهم بعبادتي، وأكلفهم بطاعة الأمر، سواء وقعت منهم الطاعة أو لم تقع، فإن الوقوع غير ملاحظ في الفعل ولم يعبر به له بل لإرادته.

وإذا كان ذلك كذلك فإن العبادة المرادة في الفعل هنا هي العبادة الشرعية التي هي: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة"(2) ويكون المراد من الخلق أن يخضعوا لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة خضوعًا

(1) الكليات 76. ') ">

(2)

الفتاوى 10/ 149. ') ">

ص: 346