الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما جاء إبراهيم عليه السلام من ملك بابك جعل لمكة اسماً من لسانه (1).
(76) المَنّ
(2)
هذه كلمة مأخوذة من أهل الكتاب، وعرفتها العرب، قال أعشى ميمون:
لو أُطْعِمُوا الْمَنَّ والسَّلْوَى مكانَهُمُ
…
ما أبْصَرَ النّاسُ طُعْماً فيهِمُ نَجَعَا (3)
وأهل الكتاب لم يهتدوا لاشتقاقها. ففي سفر الخروج (16:13 - 15، 21): "فكان في المساء أن السلوى صعد وغطَّت المحلّة، وفي الصباح كان سقيط الندى حَوالي المحلّة. ولما ارتفع سقيط الندى إذا على وجه البرّيّة شيء دقيق مثل قشور، دقيق كالجليد على الأرض. فلما رأى بنو إسرائيل قال بعضهم لبعض: مَنْ هو؟ لأنهم لم يعرفوا ما هو. فقال لهم موسى: هو الخبز الذي أعطاكم الربّ لتأكلوا
…
وكانوا يلتقطونه صباحاً فصباحاً كلّ واحد حسب أكله، وإذا حميت الشمس كان يذوب".
وهذا الاشتقاق كما ترى. والأشبه أنه سُمِّي "مَنّاً"، لما كان منّاً من ربهم.
= - 1117 ق. م) وفي النصوص المسمارية في العهود التالية، مما يقطع بأن الاسم كان يستعمل قبل أن يتعرض لتأثير فارسي. انظر مقال الدوري في دائرة المعارف 386:7، وطه باقر: 172 - 175. و "دادو" في البابلية: محبوب، وكان يطلق كذلك على "عداد" إله العاصفة والرعد والمطر عندهم. ولا يبعد أن تكون لكلمة "بغ" صلة بكلمة "بك" في "بعلبك" فيكون المعنى "مدينة دادو".
(1)
ويجوز أن يكون اسمها "بكة" قبل أن يأتيها إبراهيم عليه السلام.
(2)
تفسير سورة البقرة: ق116 - 117، المطبوعة: 67 - 69.
(3)
البيت من قصيدة له في ديوانه: 145 والبيت وحده في السيرة 2: 159، والطبري 2: 94، واللسان (سلو).
يذكر الأعشى ما كان من فعل هَوذة بن علي الحنفي في بني تميم، ووَصَف بني تميم بالكفر لنعمته. الطُّعم: ما أكل من الطعام، نجع: نَقَعَ واستُمرِئ.
ويؤيده ما جاء في هذا الإصحاح ف 31 (1):
"ودعا بيت إسرائيل اسمه منّاً، وهو كبَزْر الكُزْبُرة [أبيض]، وطعمه كرُقاق العسل"(2) ويؤيده ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"الكَمأَةُ مِنَ المَنِّ"(3).
أي كلمة "المنّ" يشتمل كل ما منَّ الله به مما تخرجه الأرض القفر للناس.
ويؤيده تسمية الطير التي أتتهم "السلوى". ولسان العبرانية أقرب من العربية.
والروايات التي عندنا مأخوذة مما قدّمنا من سفر الخروج. فعن مجاهد (4):
"المنّ: صبغة"(5).
وعن السُّدِّي (6):
"المنّ كان يسقط على شجر الزنجبيل"(7).
(1) في المطبوعة: 41، خطأ.
(2)
في الترجمة البيروتية: "بعسل". والتكملة منها.
(3)
قال الطبري 94:2 تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الكمأة من المنِّ، وماؤها شفاء للعين". وقد أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} الآية وكتاب الطب، باب المنّ شفاء للعين. ومسلم في كتاب الأشربة باب فضل الكمأة من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه. انظر الفتح 8: 163 و10: 163 والنووي 13:246 وانظر تعليق المحقق على الطبري.
(4)
هو مجاهد بن جَبر أبو الحجاج المكي الأسود (21 - 104 هـ) التابعي المفسر الفقيه. روى عن ابن عباس، فأكثر، النبلاء 449:4، الأعلام 5:278.
(5)
الطبري 2: 91 رقم 966.
(6)
هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير، أحد موالي قريش. تابعي مفسر ثقة. توفي سنة 128 هـ. النبلاء 5: 264، الأعلام 1:317. وانظر تعليق المحقق على الطبري 1: 157.
(7)
الطبري 2: 93 رقم 973. في الأصل: "الترنجبين". وكذا في الطبعة القديمة من =
وعن وَهْب (1): "خبز الرُّقاق مثل الذُّرة ومثل النَّقِيّ"(2).
وهذا لما سبق من قول موسى عليه السلام: "هو الخبز الذي أعطاكم". وقد كثر في الصحف إطلاق الخبز على الطعام، ولعله أيضاً مأخوذ من قول أهل الكتاب، مما فسّروا به المنّ. ففي سفر العدد (11: 7 - 8):
"وأما المنّ فكان كبِزر الكُزبَرة، ومنظرُه كمنظر المُقل. كان الشعب يطوفون ليلتقطوه، ثم يطحنونه بالرحى، أو يدُقّونه في الهاوَن، ويطبخونه في القُدور، ويعملونه ملاّتٍ، وكان طَعمه كطعم قطائِفَ بزيت".
والظاهر أن هذا التفسير مما أدخله المتأخرون منهم إذ لم يفهموا معنى الخبز.
وعن قتادة:
"كان المن ينزل عليهم مثل الثلج"(3).
وهذا لما سبق. "دقيق كالجليد على الأرض".
وعن ابن زيد (4):
"المن عَسَل كان ينزل [لهم] (5) من السماء"(6)
فهذه الأقوال كلها مأخوذة من أهل الكتاب.
= الطبري، والتصحيح من طبعة شاكر، وابن كثير 1:95.
(1)
هو وَهب بن منبّه الصنعاني (34 - 114) العلامة الأخباري، من التابعين. ولد ومات بصنعاء. النبلاء 544:4، الأعلام 8:125.
(2)
الطبري 2: 92، 100 رقم 972، 995 والنَقِيّ: الخبز الحُوَّارَى.
(3)
الطبري 2: 92 رقم 968.
(4)
هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العمري المدني المفسّر (ت 182 هـ) من أتباع التابعين انظر ترجمته في النبلاء 8: 349 وتعليق المحقق على الطبري 1: 176.
(5)
تكملة من الطبري.
(6)
الطبري 2: 92 رقم 970.