المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌(1) مصادر الترجمة:

- ‌(2) اسمه ونسبه ومولده:

- ‌(3) شيوخه ورحلاته في طلب العلم:

- ‌(4) مناصبه وأعماله التعليمية والإدارية:

- ‌(5) صفاته وأخلاقه:

- ‌(6) ثقافته وعلومه:

- ‌(7) تلامذته:

- ‌(8) مصنفاته:

- ‌أولاً: الآثار المطبوعة:

- ‌ثانياً: الآثار المخطوطة:

- ‌(9) وفاته وثناء العلماء عليه:

- ‌كتاب مفردات القرآن

- ‌(1) كتب غريب القرآن قبل الفراهي:

- ‌(2) كتاب المفردات: أسباب التأليف ومقاصده:

- ‌(3) هل أنجز التأليف

- ‌أولاً: المقدمات:

- ‌ثانياً: عدد الألفاظ:

- ‌ثالثاً: تفسير الألفاظ:

- ‌(4) منهج الكتاب:

- ‌(5) القيمة العلمية للكتاب:

- ‌المثال الأول: كلمة الآلاء:

- ‌المثال الثاني: كلمة العصر:

- ‌المثال الثالث: كلمة الدرس:

- ‌(6) النشرة الأولى للكتاب:

- ‌(7) الأصل المخطوط:

- ‌(8) عملي في الكتاب:

- ‌روابط الكتب الخمسة

- ‌مفردات القرآن

- ‌المقدمة الأولى في مقصد الكتاب وحاجتنا إليه

- ‌المقدمة الثانية في الأصول اللسانية

- ‌تذكرة

- ‌المقدمة الثالثة في كون القرآن خالياً عن الغريب

- ‌تذكرة:

- ‌في ألفاظ القرآن

- ‌العام والخاص

- ‌الحروف المقطعات

- ‌(1) الآل

- ‌(2) الآلاء

- ‌(3) الآية

- ‌(4) الأبابيل

- ‌(5) أَتَى يَأتي

- ‌(6) أحوَى

- ‌ومن شواهد الأحوى:

- ‌(7) الإسلام

- ‌(8) إلَاّ

- ‌(9) أنْ

- ‌(10) الإيمان

- ‌(11) تنازع

- ‌(12) الحُبُك

- ‌(13) حَرْد

- ‌(14) الحَقّ

- ‌(15) الحُكْم وَالحِكْمَة

- ‌(16) خاتمَ النبيين

- ‌(17) درس

- ‌(18) الرحمن

- ‌(19) الزكاة

- ‌(20) س وسَوْفَ

- ‌(21) سَارِبٌ

- ‌(22) السَّعْي

- ‌(23) السُّنَّة

- ‌(24) الشهيد

- ‌(25) الشوَى

- ‌(26) الصبر والشكر

- ‌(27) الصدقة

- ‌(28) الصفح

- ‌(29) الصلاة

- ‌(30) الضريع

- ‌(31) الطوفان

- ‌(32) العَرْش

- ‌(33) العشي

- ‌(34) العصر

- ‌(35) غثاء

- ‌(36) القُرْبان

- ‌(37) الكِتاب

- ‌(38) كشَفَ عَنْ سَاقِه

- ‌(39) لا

- ‌(40) لَعَلّ

- ‌(41) اللعنة

- ‌(42) مَن

- ‌(43) وَرِيد

- ‌(44) يثرب

- ‌الملحق الأول زيادات المطبوعة

- ‌(45) الأبّ

- ‌(46) الأبتر

- ‌(47) ابن الله والربّ والأب

- ‌المزمور 82

- ‌ترجمتهم الباطلة

- ‌الترجمة الصحيحة

- ‌(48) الاتِّقَاء

- ‌(49) إنَّ اللهَ مَعَنَا

- ‌(50) أهل البَيْت

- ‌(51) البِرّ

- ‌(52) التكذيب

- ‌(53) التّين

- ‌(54) الجَنَّة

- ‌(55) الحُكم والحِكمة والصالح

- ‌(56) الذِكر

- ‌(58) سَبَّحَ

- ‌(59) سُبْحَانَكَ

- ‌(60) سَفَرَة

- ‌(61) الشَّيْطَانُ

- ‌(62) الصبر

- ‌(63) الصُّحُف

- ‌(64) صرَّة

- ‌(65) الصَّغْو

- ‌(66) الظنّ

- ‌(67) الغيب

- ‌(68) الفتنة

- ‌(69) الفكر والذكر والآية

- ‌(70) قَاتَلَ واقتَتَلَ

- ‌(71) كفر

- ‌(72) الكوثر

- ‌(74) مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيْهِ

- ‌(75) مكّة

- ‌(76) المَنّ

- ‌(77) النصارى

- ‌(78) هَادُوا

- ‌(79) هدى

- ‌الملحق الثاني زيادات هذه الطبعة

- ‌(82) أحْصَنَتْ فرْجَها

- ‌(83) إسرائيل

- ‌(84) أغْنَى وأَقْنَى

- ‌(85) أفلح

- ‌(86) الإنجيل

- ‌(87) الإنفاق

- ‌(88) البارئ

- ‌(89) بَدَّلَ

- ‌(90) جَهْرَةً

- ‌(91) الجِيد

- ‌(92) الحِجَارة

- ‌(93) ختَمَ

- ‌(94) الخَلْق

- ‌(95) ذلك الكتاب

- ‌(96) الرجز

- ‌(97) الركوع

- ‌(98) الريب

- ‌(99) الزيتون

- ‌(100) السَّلوى

- ‌(101) الصابئون

- ‌(102) الصوم

- ‌(103) ضُرِبَتْ عَليهم الذِّلَّةُ

- ‌(104) طور سنين

- ‌(105) الطير

- ‌(106) الفرقان

- ‌(107) الفِسْق

- ‌(108) الفُوم

- ‌(109) القضْب

- ‌(110) القول

- ‌(111) كفات

- ‌(112) الكَيد

- ‌(113) المرض

- ‌(114) المسد

- ‌(115) المسكنة

- ‌(116) مَكين

- ‌(117) الملائكة

- ‌(118) المهيمن

- ‌(119) موسى

- ‌(120) النهر

- ‌(121) يطيقون

- ‌ثبت المصادر والمراجع

- ‌أولاً: العربية

- ‌المجلات:

- ‌ثانياً: الأجنبية:

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ‌(4) منهج الكتاب:

2 -

في كلمة (الآلاء) أراد أن ينقل كلام ابن دريد في قول الأعشى:

أبيض لا يرهب الهزال ولا

يقطع رحماً ولا يخون إلا

من لسان العرب، ولم يكن اللسان بين يديه في وقت التسويد فكتب:"قال ابن دريد (انظر لسان العرب تحت كلمة إلّ) ".

3 -

في كلمة (الحبك) لم نجد في المسودة غير العبارة الآتية: "قال أبو صخر

"، وقد فسرها في تفسير سورة الذاريات.

4 -

في كلمة (الدرس): "وقد شبه عنترة الحاجب بالنون في قوله

" وترك البياض.

5 -

في الكلام على كلمة (الرحمن) ذكر أن أكثر الناس يزعمون أن العرب في الجاهلية لم تعرف هذه الكلمة، وأن متمسكهم قوله تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60]، ثم قال:"والتأويل عندي غير ما فهموه، كما سنذكره بعد إثبات أن العرب عرفت هذا الاسم للرب تعالى"، ولكن لم يذكر تأويل الآية. ومما استدل به على قوله: أن العرب "كانوا يسمّون بعبد الرحمن في الجاهلية مثل

"، وترك البياض.

6 -

في كلمة (الزكاة): لم يتكلم على أصلها ومعناها، وإنما ذكر جهتين من جهاتها.

7 -

وكذلك في كلمة الصلاة ذكر جهات الصلاة فقط.

8 -

في الكلام على كلمة (لعل) قال: "تأتي للعلة كثيراً"، ولم يؤد على ذلك، وأجّل ذكر الأمثلة من القرآن وكلام العرب لوقت التبييض.

(4) منهج الكتاب:

(1)

مما يمتاز به كتاب المفردات عن غيره من كتب غريب القرآن أن مؤلفه قد مهد لتفسير الألفاظ بعدة مقدمات تناول فيها بعض القضايا المتعلقة

ص: 59

بلغة القرآن، والأصول التي تهدي إلى الفهم الصحيح للمفردات وتسد مداخل الوهم والغلط فيها. وهي -كما علمنا في الفقرة السابقة- ثلاث مقدمات:

1 -

في مقصد الكتاب وحاجتنا إليه.

2 -

في الأصول اللسانية.

3 -

في كون القرآن خالياً عن الغريب.

ولو قدر للمؤلف صنعة الكتاب على الوجه الذي يرتضيه، وفصل النصوص الناقصة التي وردت في المسودة، وتناول بعض المسائل التي صرح بأنها أهم ما يتكلم عليه في المقدمة نحو التحذير من أخذ المعاني الحديثة، وذكر الأسباب المفضية إلى تغير معاني الألفاظ، لازداد عدد المقدمات وحجمها وغناؤها.

وقد نقلت خلاصة المقدمة الأولى من قبل في بيان أسباب التأليف، ونلمع هنا إلى مضمون المقدمتين الثانية والثالثة. أما المقدمة الثانية فقسم فيها المؤلف الكلمة إلى أربعة أقسام للتنبيه على مواضع الوهم منها وهي:

1 -

الكلمة المشكلة على غير العرب أو غير العارف بلغتهم.

2 -

الكلمة المشتركة بين معنيين أو أكثر.

3 -

الكلمة الجامعة المعاني.

4 -

الكلمة المرادفة.

وقد اهتم المؤلف بالقسمين الأخيرين، لأن أكثر ما يقع الوهم فيهما، أما المرادفة فهي نوعان: الأول ما يطابق مرادفه مطابقة تامة، والثاني ما يوافقه من بعض الوجوه. ويرى المؤلف أن النوع الأول قليل جداً، وأما الثاني فهو كثير جداً، وفيه معظم الوهم. ثم ذكر أن من أنفع شيء في فهم الكلمات المرادفة معرفة تفسير الصحابة والتابعين، فإنهم كثيراً ما فسروا الكلمة بمرادفها حسب ما أريد في موضعها، ولكن الخطأ الذي وقع فيه المتأخرون أنهم توهموهما مترادفين من جميع الوجوه فأخطأوا صحيح معنى الكلمة.

ص: 60

أما الكلمة الجامعة المعاني فهي الكلمة المشتركة التي لم يذهل عن الجامع بين معانيها. والفرق بينهما أن المشترك إنما يراد به أحد الوجوه نصاً ولجهة نظام الكلام، والباقي إشارة. ونبه المؤلف على أن الكلمة الجامعة أيضاً كثيراً ما يكون عرضة للوهم، إذ يفسرها السلف بمرادف لها ببعض الوجوه فيظن أنهما متطابقان تماماً. ولكون القرآن حافلاً بالألفاظ الجامعة ولأن تنزيلها على وجوهها يحتاج إلى تدقيق النظر في موقعها وسياق الكلام، عني المؤلف بها في تفسيره عناية خاصة، وأحسن نموذج لمنهجه في تفسير الألفاظ الجامعة كلمة (الاتقاء).

أما المقدمة الثالثة فعقدها المؤلف لإثبات أن القرآن الكريم "قد أخلص عن الوحشي الغريب كما أخلص عن التعقيد في التركيب)، وقد ذكر فيها أربعة أسباب لاعتقاد الناس بوجود الغريب في القرآن وهي:

1 -

تأليف العلماء في غريب القرآن.

2 -

كثرة الأقوال في تأويل بعض الألفاظ.

3 -

القول بأن بعض الألفاظ مجلوب من لغات أجنبية كالحبشية والحميرية.

4 -

ما روي من أن بعض جلة الصحابة خفي عليهم معنى بعض الكلمات كالأبّ والتخوف والفاطر.

ثم تكلم المؤلف على كل سبب من الأسباب المذكورة. ومن ذلك قوله في السبب الثالث بأن كون اللفظ معرباً لا يجعله غريباً ولا مجهولاً، فكل ما عربه العرب واستعملوه في كلامهم فهو من لغتهم. أما الروايات التي نقلت في جهل بعض علماء الصحابة نحو أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ببعض الألفاظ، فإن المؤلف ينكرها أشد الإنكار، ويرى أنها بصرف النظر عن ضعف سندها تعارض صريح العقل وتصريح القرآن الكريم، وقد ذكر دلائله في هذه المقدمة وفي تفسير سورة عبس عند الكلام على كلمة (الأب).

(2)

أما منهج المؤلف في تفسير المفردات القرآنية فقد يكون من التجوز

ص: 61

أن نتحدث عنه، إذ لم تظفر مادة الكتاب من جهد المؤلف في دراستها والنظر فيها والاحتجاج عليها بما كان يتوخاه. وكثير من نصوصه لا تعدو أن تكون بمنزلة مذكرات وإشارات، كما تبين من الفقرة السابقة. ولكن مع ذلك لا نرى بأساً في الإشارة إلى الملامح البارزة لمنهجه في تفسير الألفاظ والمصادر التي يعتمد عليها، وطريقته في الاستشهاد، في ضوء ما فسره من ألفاظ وما بينه من أصول في هذا الكتاب وغيره.

1 -

لم يقصد المؤلف بتأليف هذا الكتاب -كما سبق- أن يكون معجماً شاملاً لألفاظ القرآن، وإنما أفرده لتفسير الألفاظ التي وقع فيها نوع من الإشكال فرآها بحاجة إلى فضل بيان. واقتضى ذلك أن يرجع في تحقيقها إلى منابع اللغة الأولى، فيتتبع استعمالها في القرآن الكريم وكلام العرب القديم، وينظر في أصلها ومشتقاتها، واستعمالها في اللغة العبرانية وغيرها من أخوات العربية. وقد أشار إلى منهجه هذا في تذكرة وردت في أول الكتاب، فقال:"إذا اشتبه المعنى فطريق التوضيح تتبع استعمال لفظه، كما فعلنا بلفظ (عصر) و (آلاء)، والنظر في أصله واستعماله في أخوات العربية كالعبرانية والسريانية".

أما المعاني الشرعية كالصلاة والزكاة والحج، فقد نص المؤلف في تذكرة كتبها في الورقة الأولى من المسودة على أنها تؤخذ من استعمال القرآن، فالقرآن أصل هذه المعاني، وليست هي أصلاً للقرآن، وصرح كذلك في مقدمة تفسيره عندما ذكر مصادره اللسانية بأن المصطلحات الشرعية قد حفظها الله تعالى بالسنة العملية المتواترة، فالمرجع فيها إلى القرآن والسنة. ثم قال:"فأما في سائر الألفاظ فالمأخذ فيه كلام العرب القديم والقرآن نفسه"(1).

فالمصدر الأول في تفسير المفردات هو القرآن الكريم سواء في تحقيق أصل المعنى أم وجوهه وأحواله المختلفة أم تبين الفروق الدقيقة بين الألفاظ التي يظن أنها مترادفة، وذلك بتدبر سياقاتها ومواقعها.

(1) فاتحة نظام القرآن ص 12.

ص: 62

وهناك بحث في ألفاظ القرآن يعتمد على القرآن الكريم وحده، لأنه خاص بالأسلوب القرآني. وهو بيان جهات الكلمة. والمقصود به عند المؤلف تفسير العلاقات بين معاني الألفاظ التي يكثر اقترانها في القرآن الكريم مما يلفت النظر ويدعو المتدبر إلى البحث عنها. نحو كلمة (الصلاة) التي تقترن كثيراً بالزكاة والإنفاق، وأحياناً بالصبر، وتارة بالإيمان، وأخرى بالنحر وهكذا. ويدل ذلك على أن الصلاة ذات جهات، فهي ترتبط بالزكاة من جهة، وبالصبر من جهة، وبالإيمان من جهة أخرى. وكذلك (الصبر) قرن في كتاب الله بالصلاة، والشكر، والمرحمة، والحق، والصدق، فالصبر له صلة بكل من هذه الأمور باعتبارات مختلفة. فكان الفراهي يريد أن يستقصي جهات الألفاظ هذه في كتاب المفردات بالنظر في سياقها في القرآن الكريم، حتى لا يتعرض لها في تفسيره إلا بقدر الحاجة، كما فعل في تفسير سور الكوثر، فإنه لما تكلم على المناسبة بين الصلاة والنحر قال:

"اعلم أن للصلاة والنحر وجوهاً كثيرة دلنا القرآن عليها، ولا حاجة إلى استقصاء الوجوه هاهنا، وتجدها في كتاب المفردات، وإنما نذكر الآن هاهنا ما يدل على المناسبة بينهما"(1).

لا توجد كلمة النحر في كتاب المفردات، أما الصلاة، فقد ذكر فيه اثني عشر وجهاً من وجوهها بعنوان "جهات الصلاة"، منها أن الصلاة إقرار بالتوحيد، وأنها ذكر لعهدنا بالعبودية الخالصة لله، وأنها شكر لربنا، وأنها رجوع إلى الرب، وأنها تقرب وحضور. وقد شرح كل هذه الجهات مستدلاً بالآيات الكريمة.

ومن الألفاظ التي ذكر المؤلف وجوهها في المفردات كلمة (الإسلام)، فقال: "معناه ظاهر وبين، وهو الطاعة والخضوع، ولكن القرآن رفع هذه الكلمة، فخصها بطاعة الله مثل كلمة (الدين)، فإنه الطاعة في أصل اللغة، وقد

(1) تفسير سورة الكوثر، الآية:16.

ص: 63

استعمله العرب لطاعة الله. ثم لهذا المعنى البين وجوه ونتائج وتاريخ. والقرآن دل على كل ذلك، فنذكر ما يتعلق بهذه الكلمة من وجوهها

". وكذلك ذكر بعض جهات الزكاة وجهات الصدقة. ومن ذلك أيضاً البحث في العلاقة بين الصبر والشكر.

وموضوع الجهات هذا ليس موضوعاً لغوياً بحتاً. ولكنه في غاية الأهمية في تفسير "المصطلحات القرآنية" والكشف عن جوانب من حكمة القرآن وأسرار الدين.

2 -

أما كلام العرب القديم فقد نوه المؤلف بأهميته ودراسته وممارسته وتذوقه لتبين دلالة الكلمة ووجوهها وأحوالها التي كانت عليها إبان نزول القرآن الكريم. وقال في ذلك: "فمن لم يمارس كلام العرب، واقتصر على كتب اللغة ربما لم يهتد لفهم بعض المعاني من كتاب الله"(1).

ولم يذهب عليه أن جزءاً من الشعر الجاهلي منحول، ولكنه يرى أن هذا المنحول لا يخفى على النقاد، ثم أكد أنه لا يصح الاعتماد في تفسير الألفاظ القرآنية إلا على ما ثبت منه. وقال في ذلك:"من كلام العرب القديم الذي وصل إلينا ما هو منحول، وما هو شاذ، ولكن لا يصعب التمييز بين المنحول والصحيح على الماهر الناقد، فينبغي لنا أن لا نأخذ معنى القرآن إلا مما ثبت"(2).

وقد دارس المؤلف كلام العرب مدارسة دقيقة، وقيد على طرر الدواوين التي نظر فيها إشاراته وتعليقاته. وبتدبره الطويل المتصل في القرآن الكريم، واستقرائه وممارسته لكلام العرب، وبما وهبه الله من ذكاء وقاد، وبصر نفاذ، وذوق أدبي عالٍ، قد توصل في تحقيق بعض المفردات القرآنية إلى نتائج مهمة تختلف عما جاء في كتب اللغة والتفسير.

(1) فاتحة نظام القرآن: 12.

(2)

المرجع السابق.

ص: 64

وتقل الشواهد الشعرية أو تكثر حسب ما يقتضي تحقيق معنى الكلمة، ولكن لا ننسى أن الكتاب لم تخرج من المسودة، فلو قدر للمؤلف إكماله لنقل كثيراً من الشواهد التي أشار إليها في طرر الدواوين إلى مواضعها من هذا الكتاب.

وتمتاز الشواهد الشعرية التي ساقها المؤلف في هذا الكتاب أو غيره نحو كتاب الأساليب وأجزاء التفسير أنها منسوبة جميعاً إلا ما ندر. ويعتمد المؤلف في نقلها على دواوين الشعراء والمجموعات الشعرية كالمفضليات وجمهرة أشعار العرب وحماسة أبي تمام وشعراء النصرانية، وقد ينقلها من لسان العرب. ومعظم الشواهد للشعراء الجاهليين، وقليل منها لغيرهم من الإسلاميين والأمويين.

ثم إن عدداً كبيراً من شواهد المؤلف شواهد جديدة لم ترد في مظانها من كتب التفسير والغريب والمعاجم، مع أنها وردت في الدواوين المشهورة التي رواها علماء اللغة، وكانت خليقة بالتقييد لكونها تهدي إلى معنى جديد لبعض الكلمات أو وجه جديد من وجوهه أو تفسير أدق من تفسيره المعروف.

وقد أشاد العلامة السيد رشيد رضا رحمه الله بمنهج الفراهي هذا في تفسير ألفاظ القرآن وأساليبه، إذ وقف على بعض أجزاء تفسيره، فقال يصف منهجه:"وإنه ليكثر الرجوع باللغة إلى مواردها، والصدور عنها ريان من شواهدها". وللتدليل على ذلك نقل تفسير الفراهي لكلمة (الصغو) في قوله تعالى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} من كتابه (تفسير سورة التحريم).

3 -

كما لا يعتمد المؤلف على المنحول من كلام العرب، لا يلتفت كذلك في تفسير ألفاظ القرآن إلى المعنى الشاذ. وهو عنده من الأصول الأولية للتأويل فقال في مقدمة التفسير: "يجب أن نترك المعنى الشاذ الذي لم يثبت في اللغة كما قيل في معنى (التمني) إنه هو التلاوة. وما فزعوا إلى هذا المعنى الشاذ الذي لم يثبت إلا فراراً من بعض الإشكال. وهذا أفتح لأبواب الفتنة واختلاف الأمة

" (1).

(1) فاتحة نظام القرآن: 13.

ص: 65

4 -

وقد ذكر المؤلف أصلاً آخر جعله من الأصول المرجحة للتأويل وهو "الأخذ بأثبت الوجوه لغة"، فقال:"المعنى الذي كثر في كلام العرب لا ينبغي تركه إلاّ لصارف قوي، فإذا تساوى الوجوه الآخر وهي النظم والموافقة بباقي القرآن وصريح العقائد فلا بد أن نأخذ المعنى الشائع"(1).

ومن ثم يرى أن (الشوى) في قوله تعالى: {نزَّاعةً للشَّوَى} بمعنى لحم الساق، لأن هذا المعنى هو الشائع في كلام العرب، ثم هو الأوفق بالسياق وباقي القرآن.

وقد استدل الإمام الطبري رحمه الله كثيراً بهذا الأصل في تفسير ألفاظ القرآن، فقال مثلاً في تفسير قوله تعالى {أَمَرنَا مُترَفِيهَا}:"وتوجيه معاني كلام الله جل ثناؤه إلى الأشهر الأعرف من معانيه أولى ما وجد إليه سبيل من غيره"(2). فعلق الفراهي على كلامه في نسخته من تفسير الطبري: "هو الأصل الذي يعتمد عليه كثيراً".

وقال الطبري في موضع آخر في تفسير قوله تعالى {وفارَ التَّنُّور} : "كلام الله لا يوجه إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب، إلا أن تقوم حجة على شيء منه بخلاف ذلك فيسلم لها

" (3). فنوه الفراهي بذلك قائلاً: "أصل راسخ". وفي موضع آخر علق بقوله: "أصل من أصول التأويل".

5 -

أما كتب اللغة، فلم ينكر المؤلف أهميتها، بل صرح في خطبة الكتاب بأن عامة المفردات القرآنية (يعني غير المشكلة) يعول في تفسيرها على كتب اللغة. والمعجم الذي كان المؤلف يعتمد عليه كثيراً لسان العرب لابن منظور لكونه مجمعاً لأمهات المعاجم، ومعرضاً لأقوال أئمة اللغة والشواهد الشعرية والنثرية من كلام العرب، بالإضافة إلى غريب الحديث الذي ضمّ إليه من كتاب

(1) التكميل: 62.

(2)

تفسير الطبري (ط الميمنية) 15: 41.

(3)

تفسير الطبري (ط الميمنية) 12:24.

ص: 66