الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الكشف عن نظام القرآن لا يلجأ الإمام الفراهي إلى مناهج أهل الفلسفة والمنطق أو المتصوفة، وإنما يعتمد على القرآن نفسه. وفي ذلك يقول رحمه الله:"أجمع أهل التأويل من السلف إلى الخلف أن القرآن يفسر بعضه بعضاً، وأنه هو أوثق تعويلاً وأحسن تأويلاً، فنقول: كما أن القرآن يفسر مطالب آياته بعضها ببعض، فكذلك يدلك على نظام مطالبها ومناسبتها، بما يأتيك بنظائره، فتكثر الشواهد على رباط أمر مع أمر، وبذلك يحثك على التأمل في جامع وصلة بينها، ثم يأتي عليه بأمثلة كثيرة بعضها أوضح من بعض، حتى يتدرج بك على ما كان أدق وأغمض"(1).
وتبين من ذلك أن هذا الأصل -أي النظام- أيضاً راجع في حقيقة الأمر إلى الأصل السابق، وهو تفسير القرآن بالقرآن.
(7) تلامذته:
كان المؤلف رحمه الله -لما انفرد به من بين أقرانه من الجمع بين الثقافتين الإسلامية والغربية والتعمق فيهما- مرجعاً ومنتهى لكثير من العلماء الأجلاء، وأولهم شيخه وابن عمته العلامة شبلي النعماني رحمه الله. تشهد بذلك رسائله المنشورة ضمن الجزء الثاني من "مكاتيب شبلي" التي بلغ عددها 77 رسالة، وأكثرها تحتوي على مسائل علمية. ومن المؤسف أن أجوبة الفراهي رحمه الله قد ضاع جلها بل كلها، إذ لم نعثر إلا على جواب واحد في غضون نسخة كتابه الرائع في أصول الشرائع المحفوظة في خزانة الدائرة الحميدية، وهو في أربع صفحات بعنوان "حكمة بعض الشرائع المتعلقة بفرائض الزوجين"(2). وسؤال النعماني الذي أجاب عنه الفراهي مذكور في رسالتين له (3)، وهو عن قوله تعالى
(1) الإتقان في علوم القرآن 3: 322.
(2)
وقفت عليه في 5 مارس سنة 1980 م، وقد نشره الدكتور شرف الدين الإصلاحي في "مكاتيب فراهي": 42 - 47.
(3)
مكاتيب شبلي 2: 37 - 38.
في سورة الأحزاب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ
…
} [الأحزاب: 50].
وقد درس الفراهي -كما علمنا- في كراتشي وعليكره والله آباد وحيدر آباد، فقرأ عليه في فصول الدراسة عدد كبير من الطلبة، ثم ألقى دروساً ومحاضرات في ندوة العلماء، والجامعة الملية الإسلامية، وحيدر آباد، ومدرسة الإصلاح؛ وأكثر الذين يحضرون فيها كانوا من العلماء والباحثين وطلبة العلم من الصفوف العليا.
وممن حضروا مجالس الفراهي واستفادوا من دروسه ومحاضراته في تفسير القرآن وغيره، ثم تأثروا بعض التأثر بأفكاره، وتبين ذلك في كتاباتهم، وأقروا بذلك هم أنفسهم أو بعض أقرانهم:
1 -
العلامة صاحب الرئاستين أبو الكلام آزاد (ت 1377 هـ).
2 -
العلامة السيد سليمان الندوي (ت 1373 هـ).
3 -
الشيخ مناظر أحسن الكيلاني (ت 1375 هـ).
4 -
الأستاذ عبد الله العمادي (ت 1366 هـ).
5 -
الأستاذ عبد الماجد الدريابادي (ت 1397 هـ).
أما تلامذته الذين حملوا لواء فكره، وقاموا بنشره فهم الذين استفادوا منه في آخر حياته في مدرسة الإصلاح، ولا سيما صاحباه الشيخ أختر أحسن الإصلاحي (1320 - 1378 هـ) والشيخ أمين أحسن الإصلاحي المتوفى سنة 1418 هـ. وكان أوليهما أبعد غوراً وأثقب نظراً في علم القرآن والعربية، وأشبه بشيخه في الصلاح والورع وحسن السمت، ولكنه لم يؤلف شيئاً غير مقالات معدودة في تفسير بعض الآيات المشكلة نشرت في مجلة الإصلاح، وقد نذر حياته لخدمة مدرسة الإصلاح حسب المنهج الذي رسمه لها شيخه، فتخرج على يديه جيل متميز من العلماء العاملين. ثم اعتنى بصيانة مسودات شيخه وإعدادها للنشر، فأصدر فاتحة نظام القرآن وتفسير سورة الفيل ومفردات القرآن وجمهرة