الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 -
النظر الفكري حسب الطريق الفطري. النسخة المنقولة من الأصل في 6 ورقات.
(9) وفاته وثناء العلماء عليه:
توفي رحمه الله -وهو يتلو القرآن الكريم- في 19 جمادى الآخرة عام 1349 هـ على إثر عملية جراحية أجراها طبيبه الخاص في مدينة (مثورا) ودفن بها.
وقد رثاه عدد من أصحابه وأصدقائه بقصائد عربية وفارسية وأردية. منها قصيدة الشيخ اللغوي الأديب عبد الرحمن الكاشغري (ت 1971 م).
ومنها قوله في وصف الإمام:
ويُعطِّر الأيامَ من أنفاسه
…
عَرفُ الهدى والعلمِ والعرفانِ
قد كان كعبةَ سؤددٍ وبفضله
…
للمكرمات مشيّدَ الأركانِ
ويدَ السماح وهامةَ الهممِ العلى
…
ولسانَ صدقٍ فيصلاً كَيَمانِ
ومحجّةَ الحسنى وحجّةَ أهلِها
…
ويمينَ دينِ الحق والإيمانِ (1)
ومنها قول بعضهم في تاريخ وفاته:
قضى نحبه شيخ ولي مفسر
…
حميدُ السجايا ذو الكمال أديبُ
وذاك حميدُ الناس حجةُ قومه
…
خبيرٌ بأسرار العلوم أريبُ
لقد قلت محزوناً لعام وفاته
…
تخلّى إلى المولى المجيب نجيبُ (2)
1349
وقد نقلنا فيما سبق أقوال بعض معاصريه عن علمه وخلقه، ونضيف هنا مقتطفات من أربع كلمات: أولها للعلامة السيد سليمان الندوي، وهي أقوى ما كتبه في وفيات الأعلام. وقد كتبها في مجلة (معارف) الصادرة من دار المصنفين بأعظم كره بعنوان (الصلاة على ترجمان القرآن) استهلّها بقوله:
(1) مجلة الضياء (لكناؤ) المجلد الأول، العدد السابع: 29 - 30.
(2)
عثرت على هذه المقطوعة في الأوراق المحفوظة في الدائرة الحميدية.
" (الصلاة على ترجمان القرآن) نودي بذلك قبل نحو ستة قرون من مصر والشام إلى حدود الصين، للصلاة على الإمام ابن تيمية رحمه الله، وحقّ أن ينادى بذلك مرة أخرى من ربوع الهند إلى بلاد مصر والشام على الأقل، فإن ابن تيمية هذا العصر قد توفي في التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة 1349 هـ (الموافق 11 نوفمبر سنة 1930 م). ذلك الإمام الجليل الذي كانت شخصيته الجامعة بين علوم الشرق والغرب نادرة العصر، شخص واحد اجتمع فيه عالَم من العلم والمعرفة، ماهر في العلوم الدينية، ناقد للعلوم العقلية، وحيد عصره في علوم العربية، نسيج وحده في علم القرآن، عارف بحكمته ودقائقه، كُنَيف ملىء علماً، ولكن لم ينقل من علمه -مع الأسف- إلى الدفاتر والأوراق إلا قليل
…
" (1).
والكلمة الثانية للعلامة أبي الكلام آزاد رحمه الله قال فيها: "كان حميد الدين الفراهي رحمه الله من العلماء الربانيين الذين لا تكون بضاعتهم العلم فحسب، بل يجمعون بين العلم والعمل. ويندر وجود أمثال هؤلاء الحائزين للشرفين، كما لا يخفى على أهل النظر. وإني كلما قابلته تأثرت بعمله أكثر من علمه، فإنه كان رجلاً تقياً بكل معنى الكلمة
…
" (2).
وقد اطلع العلامة السيد رشيد رضا رحمه الله على أجزاء من تفسير الفراهي، فكتب كلمة في مجلة المنار (صفر 1327 هـ) ومما قال فيها: "وقد ألقينا على بعض هذه الرسائل لمحة من النظر، فإذا طريق جديد في أسلوب جديد من التفسير، يشترك مع طريقنا في القصد إلى المعاني من حيث هي هداية إلهية، دون المباحت الفنية العربية
…
وإن للمؤلف لفهماً ثاقباً في القرآن، وإن له فيه مذاهب في البيان .. وإنه لكثير الرجوع باللغة إلى مواردها والصدور عنها ريان من شواهدها".
(1) مجلة معارف المجلد 26 العدد السادس ص 322.
(2)
انظر مجلة الإصلاح المجلد الأول العدد الثامن ص 56 - 61.
وقد نقلنا من قبل بعض ما كتبه الدكتور تقي الدين الهلالي في مذكراته، حينما زار الفراهي رحمه الله قبل وفاته بسبع سنين، ومما جاء فيها أيضاً: "
…
والرجل فصيح في التكلم لغاية، نادر في علماء العرب فضلاً عن علماء الهند
…
سمعت منه خطبة تفسيره للقرآن اغرورقت منها عيناي لفصاحتها وحقّيّتها. وهو عارف بمسألة الخلافة محقق لها، لا يلتبس عليه شيء من أمرها خلافاً لأهل الهند، مجتهد في العقائد والعمليات، لا ينتمي لمذهب لكنه يتعبد على مذهب الحنفية لأنه نشأ عليه ويعتقد أن الأمر في مثل ذلك سهل. ماهر في الإنجليزية والعربية والفارسية والأردية. وبالجملة فهو أعلم من لقيته قبل هذا الحين، وهو 17 رمضان 1342 هـ" (1).
(1) مجلة الضياء المجلد الثاني العدد السابع، ص 260.