الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديثة، فالتحق بثانوية (كرنَل غنْج) بمدينه (الله آباد) ثم بكلية (عليكره) التي تطورت فيما بعد إلى (جامعة عليكره). وكانت العربية والفارسية من المواد اللازمة لطلاب الكلية، ولكن الفراهي أعفي عنهما، بل كلّف من قبل المسؤولين ترجمة كتابين (1) من العربية إلى الفارسية لإدخالهما في المقررات الدراسية في الكلية التي كان هو أحد طلابها كما سبق.
وقد عني الفراهي في دراسته في الكلية بالفلسفة الحديثة ونال فيها درجة الامتياز مع اهتمامه بالإنجليزية والعلوم العصرية الأخرى. وقد أخذ الفلسفة من المستشرق الإنجليزي الشهير (توماس أرنولد) الذي كان من أساتذة الكلية، وعمل فيها مدرساً عشر سنوات (2). ومن مؤلفاته كتاب (الدعوة إلى الإسلام) الذي نال قبولاً عظيماً عند الباحثين المسلمين، ولكن الفراهي كان ينتقد هذا الكتاب انتقاداً شديداً ويرى أن الغرض من تأليفه تجريد المسلمين من روح الجهاد (3).
وفي أثناء طلبه في كلية عليكره، طلب إليه ترجمة تفسير سيد أحمد خان (مؤسس الكلية) إلى اللغة العربية، فرفضها قائلاً:"لن أشارك في نشر هذا الإثم"(4).
ثم درس سنتين علم القوانين الجارية (الحقوق)، ولكنه كان يكره الاشتغال به، فنبذه ولم يكمل تحصيله (5).
(4) مناصبه وأعماله التعليمية والإدارية:
تولى الفراهي بعد إكمال دراسته مناصب عدة تعليمية وإدارية. فعين سنة 1314 هـ مدرساً للعربية والفارسية بمدرسة الإسلام في مدينة (كراتشي)، ودرس فيها أكثر من تسع سنوات.
(1) أحدهما جزء من طبقات ابن سعد، والآخر رسالة بدء الإسلام من تأليف العلامة شبلي النعماني باللغة العربية.
(2)
انظر ترجمته في كتاب المستشرقون 84:2.
(3)
حيات حميد (الإصلاحي): 34.
(4)
مجلة معارف عدد رجب 1411 هـ، ص 92.
(5)
الترجمة الذاتية، مجلة الضياء 2/ 7 ص 260.
ثم عيّن عام 1324 هـ أستاذاً مساعداً للعربية في كلية عليكره، وكان أستاذ العربية فيها حينذاك المستشرق اليهودي الألماني (جوزف هوروفيتس) ناشر الجزئين الأولين من طبقات ابن سعد وصاحب كتاب (المغازي الأولى ومؤلفوها)(1)، ولعل تعيينهما كان في وقت واحد. وقد أخذ عنه الفراهي اللغة العبرانية، كما استكمل المستشرق عليه العربية (2).
وبعد سنتين عيّن عام 1326 هـ أستاذاً للعربية بجامعة (الله آباد) وقضى هناك نحو ست سنوات، واختير عضواً في اللجنة العربية للعلوم الشرقية. ولما اقترح سنة 1331 هـ تأسيس جامعة عالمية في المدينة المنورة كان هو والعلامة شبلي النعماني من بين العلماء الذين اقترحت أسماؤهم للتدريس فيها (3).
ثم اختارته حكومة (حيدر آباد الدكن) عميداً لدار العلوم التي كانت كلية شرقية، فغادر إليها سنة 1332 هـ منتدباً من قبل حكومة ولايته، وكان -بالإضافة إلى مسؤوليته الإدارية- يدرّس الصفوف العليا في الكلية.
وكان الفراهي أحد المؤسسين للجامعة العثمانية بحيدر آباد، وهو الذي اقترح أن يكون تدريس العلوم الشرعية فيها في اللغة العربية، والعلوم العصرية باللغة الأردية، فوافقوا على الجزء الثاني ولكن لم يوافقوا على الجزء الأول من اقتراحه (4). وكانت له في حيدر آباد حلقة أسبوعية لتفسير القرآن الكريم يحضرها العلماء والباحثون وطلبة علم القرآن، ويعرضون عليه أسئلتهم فيجيب عنها (5).
مكث الفراهي بحيدر آباد إلى سنة 1337 هـ، ثم استقال من منصبه مع
(1) انظر ترجمته في كتاب المستشرقون 2:433.
(2)
حيات حميد (الندوي): 8، (الإصلاحي):36.
(3)
مجلة معارف، عدد رجب 1411 هـ، ص 96.
(4)
حيات حميد: 17.
(5)
المرجع السابق: 18.
رغبة المسؤولين في بقائه هناك، وعاد إلى وطنه. وقد أشار إلى ذلك في ترجمته الذاتية قائلاً:"ولما كانت هذه المشاغل تمنعني عن التجرد لمطالعة القرآن المجيد، ولا يعجبني غيره من الكتب التي مللت النظر في أباطيلها، غير متون الحديث وما يعين على فهم القرآن، تركت الخدمة، ورجعت إلى وطني، وأنا بين خمسين وستين من عمري. فيا أسفا على عمر ضيعته في أشغال ضرها أكبر من نفعها! ونسأل الله الخاتمة على الإيمان"(1).
بعد عودته من حيدر آباد تولى الفراهي إدارة مدرسة إصلاح المسلمين التي أنشأتها جمعية إصلاح المسلمين في بلدة (سراي مير). وقد قامت هذه الجمعية في منطقة (أعظم كره) لإصلاح عقائد المسلمين وإزالة البدع المنتشرة وفض المنازعات والخصومات بين المسلمين، ثم أسست الجمعية مدرسة إصلاح المسلمين -التي سميت فيما بعد بمدرسة الإصلاح اختصاراً- لتخريج علماء ودعاة يحملون رسالتها، فيستمر عمل الدعوة والإصلاح. وقد أسند الإشراف على المدرسة إلى الفراهي وهو في حيدر آباد، فلما رجع إلى وطنه باشر إدارة المدرسة، ووضع فكرتها التعليمية، ورسم لها منهاجاً دراسياً فريداً يختلف عن مناهج المدارس الدينية الأخرى في نظامها، ومقرراتها الدراسية، وطريقة التدريس فيها. وفي السنوات الخمس الأخيرة من عمره قد وقف جزءاً كبيراً من وقته وجهده على خدمة هذه المدرسة فكان يقيم ثلاثة أيام من كل أسبوع في المدرسة، ويلقي دروساً في تفسير القرآن الكريم على أساتذتها وطلابها الكبار (2).
ولما توفي العلامة شبلي النعماني سنة 1332 هـ واجتمع تلامذته -وهو أحدهم- لتنفيذ فكرة أستاذهم لإنشاء مؤسسة دار المصنفين في مدينة أعظم كره، اختاروا الإمام الفراهي رحمه الله رئيساً لها والعلامة سليمان الندوي مديراً.
(1) مجلة الضياء 2/ 7 ص 260.
(2)
حيات حميد (الإصلاحي): 38.