الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم تترك، بل تكون أحسن من غيرها (1).
(46) الأبتر
(2)
صفة (3) من البتر: وهو القطع. وللكلمة استعمالات شتّى. والنظرُ فيها يُعينك على استنباط المعنى المراد هاهنا (4). فنذكر استعمال هذه المادة حسب ترتيب معانيها:
= 2 - وأنشد ابن دريد لشاعر:
جِذْمُنَا قَيسٌ وَنَجْدٌ دَارُنا
…
وَلَنَا الأَبُّ بهِ والمَكْرَعُ
انظر المقاييس 1: 6 والكشاف 4: 220 والقرطبي 19: 222 واللسان (أبب) الجذم: الأصل. المكرع: الماء.
3 -
وقال آخر:
تَرَى به الأبَّ وَاليَقْطِينَ مُخْتَلِطاً
…
عَلَى الشَّرِيعَةِ يَجْرِي تَحْتَها الغَرْبُ
انظر مسائل نافع بن الأزرق في الإتقان 2: 100 والإعجاز البياني: 470. الشريعة: الموضع الذي يُنحدر منه إلى الماء. الغَرْب: الماء.
4 -
وأنشد القرطبي (19: 222) لشاعر في مدح النبى صلى الله عليه وسلم:
لَهُ دَعْوَةٌ مَيمُونَةٌ رِيحُها الصَّبَا
…
بِهَا يُنْبْتُ اللهُ الحَصِيدَةَ وَالأبَّا
5 -
وأنشد أيضاً لآخر (19: 223):
فَمَا لَهُمُ مَرْتَعٌ لِلسَوَا
…
مِ، وَالأَبُّ عنِدَهُمُ يُقْدَرُ
ولعل هذه الشواهد الأربعة الأخيرة لم يذكرها المؤلف -مع وجود بعضها في المصادر التي طالعها وعلق عليها- لأنها مجهولة النسبة.
(1)
انظر في بلاغة استعمال الأب في الآية الكريمة من سورة عبس. تفسير سورة عبس للمؤلف، الفصل الحادي عشر: 19 - 21. وانظر ما قال في الروايات التي تذكر أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ما كانا يعرفان معنى الأب، في المقدمة الثالثة من هذا الكتاب، والفصل العاشر من تفسير سورة عبس.
(2)
تفسير سورة الكوثر، الفصل الثاني عشر:34. والمطبوعة: 16.
(3)
في المطبوعة قبل "صفة": "هو"، زيادة لتأليف الكلام.
(4)
يعني "في سورة الكوثر" كما في المطبوعة مكان "هاهنا".
يقال: سيف بَاتِر، أي قاطع، وبَتّار: قطاع. بَتَرَ فلان رَحِمَه (1): قطعها، الأُبَاتِر: قاطع الرحم. أبْتَرَ الرجلُ: إذا أعطى ثم منع. الحجة البَتْراء: القاطعة. في حديث الضحايا: أنه نهى عن المبتورة، وهي ما قطع ذنبها (2). الأبْتَر من الحيّات: نوع منها قصير الذنَب. الأبتَر: مَنْ لا عَقِبَ له. في الحديث:
"كل أمر ذي بال لم يبدأ ببسم الله فهو أبتر"(3).
الخطبة التي لم تبدأ بذكر الله والصلاة على رسوله سميت: بَتْرَاء (4). الأبتر: ما لا عروة له من المزاد والدِّلاء. الأبتَران: العَير والعَبْد. البُتَيراءُ: الشمس إذا بُهِرَتْ وذَهَبتْ قُرونُها ونَبلُها (5).
فالنظرُ في هذه الأنحاء يدلّنا على أن "الأبتر" هو المقطوع عما يُفخّمه ويمدّه، حتى إن الشمس إذا بُهرت، وذهبت عنها نَبلُها، وانجردَتْ قرصاً صغيراً سميت: بُتَيْرَاءَ. وكذلك مَن بَتَر رَحِمَه، وانقطع عن عصبته وأنصاره سُمِّي: أَبْتَرَ، ولذلك سمَّوا العَير والعبد: الأبترَينِ لقلّة ناصِريهما.
وعلى هذا الأصل قال قتادة (6) في تفسير هذه الآية (7):
(1) في المطبوعة: رحمها، والصواب ما أثبتنا.
(2)
انظر النهاية 1: 93.
(3)
وفي النهاية 1: 93 "لا يبدأ فيه بحمد الله" وكذا في اللسان (بتر) وانظر كلاماً وافياً في طرق هذا الحديث وألفاظه، في أول طبقات السبكي.
(4)
كخطبة زيادة بن أبيه المعروفة. انظر البيان 2: 61.
(5)
يعني أشعّتها القوية. وفي الفائق (1: 72): هي اسم للشمس في أول النهار قبل أن يقوى ضوءها ويغلب. كأنها سميت بالبتيراء مصغرةً لتقاصر شعاعها عن بلوغ تمام الإضاءة والإشراق وقلّته.
(6)
هو أبو الخطاب قتَادَة بن دِعَامة السَّدُوسي البصري (61 - 118 هـ) تابعي مفسر ضرير يضرب به المثل في الحفظ. كان مع حفظه وعلمه بالحديث رأساً بالعربية واللغة وأيام العرب والأنساب. انظر ترجمته في ابن خلكان 85:4 والنبلاء 5: 269 والأعلام 5: 189.
(7)
انظر الطبري (الحلبي ط 3) 30: 329. ويعني بالآية قوله تعالى في سورة الكوثر: {إنَّ شَانِئَكَ هو الأبْتَرُ}.=