الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجَاشَ الماءُ مُنْهَمِراً إلَيْهِم
…
كَأَنَّ غُثَاءَهُ خِرَقٌ نِشَارُ (1)
أي: كأن زبَده مُلاءة مبسوطة منشورة.
وقال امرؤ القيس:
كَأنَّ ذُرَى رَأسِ الْمُجَيْمِرِ غُدْوةً
…
مِنَ السَّيْلِ واْلغُثّاءِ فَلْكَةُ مِغْزَلِ (2)
أي: ذرى رأس المجيمر محاطة بالزبد. فبياض الغثاء حولها جعلها شبيهاً بفلكة مغزل. ولا معنى هاهنا لقمش السيل حول الذرى، فإن المقصود هو التشبيه في الابيضاض.
(36) القُرْبان
ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى بالتسليم له مما أعطاه تضرعاً وشكراً. فالإسلام هو القربان، وهو قربان النفس لله تعالى. والله تعالى كريم شكور، أعطى أولاً مجَّاناً، فكيف لا يزيد بعد تقديم الشكر والضراعة بين يديه. فقال:
{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (3).
وقدر المزيد بقدر الشكر. فلذلك صار القربان باب البركات.
وقربان النفس أكبر القرابين. قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (4).
(1) من قصيدة له يمدح بها عبد الملك بن مروان. وهى في ديوانه: 80 - 89. يصف الشاعر في البيت وما يليه طوفان نوح. إليهم: أي إلى قوم نوح.
(2)
البيت من معلقته في الديوان: 25 وشرح ابن الأنباري: 108 والبيت وحده في المقاييس (غثى) واللسان (طمو). المجيمر: جبل في أعلى وادي مُبهِل، في بلاد غطفان.
(3)
سورة إبراهيم، الآية:7.
(4)
سورة التوبة، الآية:111.
ولا بد للقربان أن يكون أحبّ الأشياء. ولذلك وجب القربان بأبكار الثمرات في التوراة، سفر التكوين، ص 4:4 (1):
"أنّ قايين قدّم من ثمار الأرض قرباناً للرب، وقدّم هابيل أيضاً من أبكار غنمه، ومن سِمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر".
وهكذا في شريعة موسى عليه السلام يجب قربان الأبكار (2). وهكذا في شريعة إبراهيم عليه السلام أنه أمر بقربان بِكره وأحبّ أولاده، وهو إسماعيل عليه السلام. وفي التوراة تصريح بذلك (3)، ولكن اليهود أدخلوا اسم إسحاق عليه السلام على سبيل التفسير. وهذا تفسير باطل، فإن إسحاق عليه السلام لم يكن بكراً ولا أحبَّ إلى أبيه من إسماعيل عليه السلام. وتفصيل هذا في قصة إسماعيل وإسحاق عليهما السلام (4).
وإذ كان القربان إظهاراً للشكر والتضرع، فلا بدَّ أن يكون من قلب تقي. قال تعالى في قصة قربان هابيل وقابيل:
{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (5).
وهكذا في قربان الحج، وهو الأضحية، قال تعالى:
{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (6).
ولهذا وجب الخضوع في كل صدقة وزكاة وإنفاق في سبيل الله (7).
(1) الصواب 4: 3 - 4.
(2)
انظر سفر العدد 17:8 - 18، وسفر الخروج 13:201.
(3)
انظر سفر التكوين 16:16، 21: 5، 22:2.
(4)
انظر كتاب "الرأي الصحيح فيمن هو الذبيح" للمؤلف: 51 - 53.
(5)
سورة المائدة، الآية:27.
(6)
سورة الحج، الآية:37.
(7)
وانظر ما سبق في كلمة (الزكاة) ص 191.