الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالتي سبقت تبين ذلك. فقال تعالى:
(2) الآلاء
أجمعوا على أنّ معناه: النعم، ولكنّ القرآن -وأشعار العرب- يأباه (2).
(1) سورة القصص، الآية:9.
(2)
انظر ما شئت من كتب التفسير والغريب واللغة. ولم يعبأوا بما رواه الطبري (27: 124) عن ابن زيد أنه قال: الآلاء: القدرة، بعدَ ما ذكر الطبري نفسه هذا القول ضمن الروايات التي احتج بها على معنى النعم! ثم التزم الطبري تفسير الآلاء بالنعم في جميع المواضع التي وردت فيها في القرآن الكريم إلا موضعاً واحداً، وهو بعد قوله تعالى في سورة الرحمن: 37 {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} فقال (27: 142): "يقول تعالى ذكره: فبأي قدرة ربكما معشر الجن والإنس على ما أخبركم بأنه فاعل بكم تكذبان؟ " فهل رأى الطبري معنى النعم لا يستقيم في هذه الآية؟ ولأمر ما نرى الرازي يتساءل مرة بعد أخرى إذا جاءت الآية {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} بعد ذكر عجائب خلق الله، فيقول مثلاً في تفسير قوله تعالى:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} : "فإن قيل: المقصود تعديد النعم على الإنسان، فما وجه بيان خلق الجانّ؟ " ثم يجيب من وجوه "ثالثها أن الآية مذكورة لبيان القدرة لا لبيان النعمة"(29: 99) ويقول في تفسير الآية 22: "المسألة الثالثة: أي نعمة عظيمة في اللؤلؤ والمرجان حتى يذكرهما الله مع نعمة تعليم القرآن وخلق الإنسان؟ وفي الجواب قولان
…
الثاني أن نقول: هذه بيان عجائب الله تعالى لا بيان النعم
…
" (29: 103). وقال القرطبي (17:159):
"الآلاء: النعم، وهو قول جميع المفسرين
…
وقال ابن زيد: إنها القدرة
…
وقاله الكلبي، واختاره الترمذي محمد بن علي وقال: هذه السورة من بين السور علم القرآن
…
وإنما صارت علماً لأنها سورة صفة الملك والقدرة". وهو الحكيم الترمذي صاحب نوادر الأصول في أحاديث الرسول، توفي نحو سنة 320 هـ. انظر الأعلام 6:272.
والظاهر أن معناه: الفِعال العجيبة. فارسيته: كِرِشْمَه. و (1) لما كان غالب فعاله تعالى الرحمة ظنوا أن الآلاء هي النعم (2).
والرواية عن ابن عباس رضي الله عنه حملتهم (3) على هذا (4). ولكن
(1) الواو ساقطة من المطبوعة.
(2)
وقال المؤلف في تعليقاته التفسيرية: 434 يفسر قوله تعالى في سورة النجم: 55 {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} : "آلاء الله: شؤونه العجيبة من لطفه وبطشه. ترجمته في الفارسية (كِرِشمه اِيزدى) وقال يمدح فرسه لشؤونه العجيبة:
…
[يعني بيت الأجدع الآتي] ولما كانت الرحمة من أغلب شؤون الربّ غلب استعمال هذا اللفظ في معنى النعم، ولكن العربي القح هو الأول، وبه نزل القرآن". وانظر تعليقاته (سورة الأعراف): 147، 148.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والحاكم في كتاب الأصول عن لقيط بن عامر في حديث طويل قال:"فقلتُ: يا رسول الله كيف يجمعنا (يعني الله عز وجل بعدما تُمزّقنا الرياحُ والبلى والسباعُ؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك من آلاء الله: الأرض أشرفتَ عليها وهي مَدرة بالية، فقلتَ: لا تحيا أبداً، ثم أرسل ربك عليها السماءَ، فلم تلبث عنك إلا أياماً حتى أشرفتَ عليها وهي شَرَبة (أي حوض) واحدة. ولعمر إلهِك لَهو أقدرُ على أن يجمعهم من الماء على أن يجمعهم من نبات الأرض، فيخرجون من الأصواء، أو من مصارعهم، فينظرون إليه وينظر إليهم". قلتُ: يا رسول الله وكيف ونحن ملء الأرض، وهو شخص واحد ينظر إلينا ونحن ننظر إليه؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك من آلاء الله: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونها ويريانكم ساعة واحدة، وترونهما لا تضارّون في رؤيتهما
…
" الحديث. انظر المسند 4: 13 والمستدرك 560:4 - 564، وعنهما نقل السيوطي في الدر المنثور 6: 293، فخطّ الفراهي رحمه الله تحت كلمة الآلاء في الموضعين، وعلّق على هامش نسخته من الدرّ: "كلمة آلاء بمعنى عجائب القدرة والخلقة".
ولكلّ من الأستاذ عبد الله العمادي والأستاذ بدر الدين الإصلاحي مقال باللغة الأردية، بسطا فيه رأي المؤلف في معنى "الآلاء". انظر مقال الأول بعنوان "كرشمه قدرت" في مجموعة "مقالات قرآني". ومقال الآخر بعنوان "لفظ آلاء كي تحقيق" في مجلة الإصلاح عدد نوفمبر سنة 1937: 660 - 677، ويلاحظ أن العمادي أغفل في مقاله ذكر شيخه الفراهي.
(3)
في الأصل: حملهم، والتصحيح من المطبوعة.
(4)
انظر الرواية المشار إليها في الطبري 27: 124، والدر المنثور 96:3 و141:6، والإتقان: 2: 46.
السلف إذا سئلوا أجابوا حسب السؤال والمراد المخصوص في موضع مسؤول عنه (1).
وهذا الظن فتح لهم نفَذاً إلى تبديل معنى "إلى" في قوله تعالى:
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (2).
فقالوا: إن "إلى" واحد الآلاء (3). وليس في كلام العرب له مثال (4).
(1) فهذا ابن زيد فَسَّر كلمة الآلاء بالنعم في قوله تعالى في سورة الأعراف: 71 {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} وفسَّرَها بالقدرة في سورة الرحمن كما سبق. انظر الطبري 8: 217 و 27: 124.
ومما يؤيد أن ابن عباس رضي الله عنهما لا يرى كلمة الآلاء مرادفة للنعم ما أخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله تعالى {جَدُّ ربنا} الجن: 3، قال:"آلاؤُه وعظمتُه"، وأخرَج ابن المنذر عن أبي حاتم عنه، قال:"أمره وقدرته". انظر الدرّ المنثور 6: 271.
(2)
سورة القيامة، الآيتان: 22، 23.
(3)
وينسب هذا القول إلى الصاحب بن عبّاد، وإنما أعجب به المعتزلةُ فِراراً من القول برؤية الله تعالى يوم القيامة. فقال المرتضى في أماليه 1: 36:
"وهاهنا وجه غريب في الآية حكي عن بعض المتأخرين، لا يفتقر معتمده إلى العدول عن الظاهر أو إلى تقدير محذوف، ولا يحتاج إلى منازعتهم في أن "النظر" يحتمل الرؤية أو لا يحتملها، بل يصح الاعتماد عليه، سواء كان النظر المذكور في الآية هو الانتظار بالقلب أو الرؤية بالعين، وهو أن يحمل قوله تعالى {إلى ربها ناظرةٌ} على أنه أراد به نعمة ربها، لأن الآلاء: النعم" وانظر تفسير سورة القيامة للمؤلف: 16.
(4)
أي شاهد. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 217 "واحدها في قول بعضهم: "أَلًى"، تقديرها "قَفاً"، وفي قول بعضهم: "إلًى"، تقديرها "مِعًى". وعليهما اقتصر الجوهري. وقال الطبري 12: 506 (شاكر): وقد حكي سماعاً من العرب: "إلْيٌ، مثل "حِسيٌ"، وذكر المرتضى أربع لغات، ورابعها:" ألْيٌ" مثل "رَمْي" والخامسة عند الصغاني في التكملة: "إلْوٌ" بكسر الهمزة كفِلْو -ولعل ضبطها في التاج بفتحها كدَلْو وهم- فهذه لغات خمس حكوها ولكن لم يأت أحد منهم بشاهد على قوله. وهناك لغتان أخريان نقلهما الزبيدي في التاج، وفيهما نظر.
ولكنهم زعموا أن الأعشى (1) أراد هذا (2) في قوله:
........................... ......... ولا يخون إلا (3)
قال ابن دُرَيد (4)(انظر لسان العرب تحت كلمة إلّ)(5).
(1) هو الأعشى الكبير ميمون بن قيس، كان أعمى ويكنى أبا بصير، كان يفدِ على ملوك فارس والحيرة، من متقدمي شعراء الجاهلية، وكان يغنّى في شعره، فكانت العرب تسمّيه "صنّاجة العرب" وهو عند القرشي من أصحاب السموط، أدرك الإسلام ولم يسلم.
ابن سلام: 52، 65 - 67، ابن قتيبة: 257 - 266، الأغاني 9:104 - 124، الآمدي: 10، المرزباني: 325 - 326، الخزانة: 1: 175 - 178.
(2)
انظر مجاز القرآن 1:218، وشرح المعلقات لابن الأنباري: 51، والمرتضى 1: 37 واللسان (إلّ، إلى).
(3)
أكمل البيت في المطبوعة:
أَبْيَضُ لا يَرهبُ الهُزَالَ ولَا
…
يَقطعُ رِحْماً ولا يَخونُ إلَا
وهو من قصيدة في ديوانه: 271 في مدح سَلامة ذي فائش، وقال ابن قتيبة بعدما أورد منها الأبيات الأربعة الأولى (69): وهذا الشعر منحول، لا أعرف فيه شيئاً يُستحسن إلا قوله:
يا خيرَ مَن يَركبُ الْمَطِيَّ ولَا
…
يَشرَبُ كأساً بكفِّ من بَخِلا
والبيت وحده في المصادر السابقة والطبري (شاكر) 12: 506، والجمهرة 1 - 20، والمقاييس 1: 21، و129، والتمام:100.
(4)
هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (223 - 321 هـ). من أئمة اللغة والأدب. كان يقال: ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء. مولده بالبصرة، وتوفي في بغداد. معجم الأدباء 6: 2489، ابن خلكان 4: 323، الأعلام 6: 80، معجم المؤلفين 9:189.
(5)
كذا في الأصل، وفي المطبوعة جعل ما بين القوسين في الحاشية، وأثبت مكانه قول ابن دريد من لسان العرب:"وقد خفّفت العربُ الإلَّ"، وانظر الجمهرة 1:20. وبذلك فسّر ابن جنّي في التمام: 100 بيت بُرَيق بن عياض الهذلي:
فقال: إليكما عنه، ولولا
…
مقام الجِدّ ما رقبوا إلاء
ثم أنشد بيت الأعشى.
أما القرآن فقوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} (1) بعد ذكر إهلاك الأقوام. وهكذا في سورة الرحمن (2).
وأما كلام العرب، فقال طرفة:
كَاملٍ يَحمِلُ آلاءَ الفتى
…
نَبَهٍ سَيِّدِ سَاداتٍ خِضَمّ (3)
وقالت مَيَّة بنت ضِرار (4) ترثي أخاها:
(1) سورة النجم، الآيتان: 55 - 56.
(2)
إذ جاء الترجيع بعد ذكر القيامة والعذاب أيضاً، كقوله تعالى {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. ولمّا أشكلت هذه الآيات أوّلوها بأنّ خلق جهنّم من النعم. فقال الجاحظ في كتاب الحيوان (5: 99): "
…
وكذلك نقول في خلق جهنّم إنها نعمة عظيمة ومنة جليلة إذا كان زاجراً عن نفسه ناهياً وإلى الجنة داعياً". وعلّق الفراهي في حاشية نسخته من الحيوان (5: 37) بقوله: "أخطأ كما أخطأ الناس في معنى الآلاء". وانظر مثل هذا الجواب في أمالي. المرتضى 1: 127 والكشاف 4: 451، وفي تفسير ابن كثير 4:278.
(3)
البيت من قصيدة له في ديوانه: 110 ومختارات ابن الشجري: 40، وهى في يومٍ لبكرٍ على تغلب معروفٍ بيوم تَحلاقِ اللِّمَم، زعم الأصمعي أنها مصنوعة وأنه أدرك قائلها، وأثبتها أبو عبيدة والمفضل وغيرهما، وصلة البيت قبله:
أجدرُ الناسِ برأسٍ صِلدِمٍ
…
حازمِ الأمرِ شُجاع في الوَغَمْ
والبيت وحده في اللسان (نبه).
نبهٌ: مرتفع الذكر. الخِضَمّ: السيد المعطاء. يعني بهذا الوصف الحارث بن هُمام بن مُرّة لأنه كان رئيس بني بكر يومئذٍ.
(4)
هي مَيَّة بنت ضِرار بن عمرو بن مالك بن زيد، من بني ضَبّة. اشتهرت بشعرها في رثاء أخيها قَبِيصَة بن ضِرار أحد فرسان ضَبَّة، وكان قد شهد الكُلابَ الثاني حين اجتمعت مَذِحج لقتال تميم، فهزمتهم تميم، وقتلوا قائدهم عبدَ يغوثَ بن صلاءة، وكان هذا الكلاب قبل الإسلام بقليل. وقتل قبِيصة ضَمْرةُ بن لَبيد الكاهن. انظر الأغاني 16: 255 - 258. وقد وهم الزركلي في الأعلام 7: 342 - وتبعه مؤلف شاعرات العرب: 398 - فقال: ورد اسمها في جمهرة أنساب العرب: 203 "أمية". قلت: لم يذكر ابن حزم في الجمهرة إلا أبناء ضرار، ومنهم أمية بن ضرار.
كَرِيمٍ ثناه وآلاؤُه
…
وكافِي العشيرةِ ما غَالَها (1)
وقال المهلهِل (2) أخو كُلَيب يرثي أخاه كليباً:
الحزمُ والعزمُ كانا مِن طبائِعه
…
ما كلُّ آلائِه يا قَومِ أُحْصِيها (3)
وقال رَبِيعَة بن مَقروم أحد بني غَيظ بن السِّيد (4):
ولَولَا فوارسُنا ما دَعَتْ
…
بذَاتِ السُّلَيْمِ تَميمٌ تَمِيما
ومَا إنْ لأُوئبَهَا أَنْ أعُدَّم
…
مَآثِرَ قومِي وَلَا أن ألُوما
وَلكنْ أُذَكِّرُ آلاءَنا
…
حديثاً ومَا كانَ مِنَّا قَدِيما (5)
(1) من أبيات لها أنشدها ابن الأعرابي، وصلة البيت قبله وهو أولها:
لِتَجرِ الحوادثُ بعدَ امرئٍ
…
بوادي أشائِينَ أَذْلالَها
والأبيات في اللسان (أشر، زهف) وانظر شاعراتِ العرب: 400. غَالَها: كذا بالمعجمة في الأصل واللسان، وغَاله الشيء يغوله غَولا: أهلكه، وغالَه: أخذه من حيث لم يَدر. وقد ورد في شعر الخنساء بالمهملة من عَاله الشيءُ يعوله عولاً: غلبه وثقل عليه وأَهمَّه، أنشده في اللسان (عول):
ويَكفي العشيرةَ ما عَالَها
…
وإن كانَ أصغرَهم مَولِدا
(2)
اسمه امرؤ القيس وقيل: عدي بن ربيعة، وهو خال امرئ القيس بن حُجر، وأبو ليلى أمِّ عمروِ بن كلثوم، وأخو كليب بن وائل الذي هاجت بقتله حرب بكر وتغلب.
النقائض: 905 - 906، ابن سلام: 39، ابن قتيبة: 297 - 299، الآمدي: 7 - 8، المرزباني: 79، الكامل لابن الأثير 1: 523 - 539، الخزانة 2: 164 - 174.
(3)
البيت من قصيدته التي مطلعها:
كليبُ لا خيرَ في الدنيا ومَنْ فيها
…
إذ أنتَ خلَّيتها فيمن يُخَلِّيها
وهي في العقد الفريد 5: 217 والكامل لابن الأثير 1: 531 - 532 وانظر أخبار المراقسة: 302، والنصرانية 1:166.
(4)
شاعر مخضرم، وفد على كسرى في الجاهلية، ثم عاش إلى أن أسلم، فحسن إسلامه، وشهد القادسية وجلولاء، وهو من شعراء مضر المعدودين.
الأغاني 22: 87 - 95، الآمدي:182، الإصابة: رقم 2738، الخزانة 8: 438 - و439.
(5)
الأبيات من قصيدة له في المفضليات: 184، وشرح الأنباري: 365، والتبريزي: 847 =
وقال الأجدَعُ الهَمْدَاني (1):
ورَضِيتُ آلاءَ الكُمَيتِ فَمَن يُبِعْ
…
فَرَساً فليسَ جَوادُنا بِمُبَاعِ (2)
قال الجوهري (3) في هذا الشعر: "آلاؤُه: خِصالُه الجميلةُ"(4).
ولكنه لم يتثبت على هذا المعنى الذي هو أصله، فقال في مادة ألا:
= -848. "ذات السُّلَيم": موضع لبني ضبة بأرض اليمامة، وكان فيه يوم ذات السُليم. "أُوئِبهَا": أخزيها وأفضحها.
(1)
هو الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني، فارس هَمْدان وشاعرها في عصره. جاهلي إسلامي. وكانت تحته كبشة بنت معد يكرب الزبيدي، وهو والد مسروق بن الأجدع الفقيه. وذكر معظم المترجمين للأجدع وابنه أن الأجدع وفد على عمر، فسماه عبد الرحمن، وقال: إنما الأجدع شيطان. ولعلهم اعتمدوا على رواية الكلبي، والراجح أن الوافد على عمر ابنه مسروق. فقد روى الشعبي عن مسروق أنه قال: قدمت على عمر، فقال لي: ما اسمك؟ فقلت: مسروق بن الأجدع، فقال: أنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأجدع شيطان. فكان اسمه في الديوان: مسروق بن عبد الرحمن. انظر طبقات ابن سعد 50:6، الاشتقاق: 425، الإكليل 10: 76 - 78، الأغاني 14: 25، الآمدي: 61، جمهرة الأنساب: 294، الإصابة: رقم 425، تهذيب التهذيب: 10: 110، اللسان والتاج (جدع) وانظر الأعلام 1:84.
(2)
البيت من قصيدة له في الأصمعيات: 69، والاختيارين:469. والبيت وحده في إصلاح المنطق: 235، وأدب الكاتب: 343 وشرحه للجواليقي: 313، والجمهرة 3: 436، والآمدي: 61، والمقاييس 1: 327 واللسان (بيع) ورواية الأصمعيات لصدر البيت:
نَقفُو الجيادَ مِنَ الْبيُوتِ وَمَن يُبع
أباع الشيءَ: عرضه للبيع.
(3)
هو أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393 هـ) من أئمة اللغة والأدب. كان من أعاجيب الزمان ذكاءً وفطنةً وعلماً. أصله من بلاد الترك من فاراب. معجم الأدباء 2: 656، إنباه الرواة 1: 229، الأعلام: 1: 313، معجم المؤلفين 2:267.
(4)
انظر الصحاح (بيع) وقد فسَّر قبله الأخفش الأصغر (ت 315 هـ) في الاختيارين فقال: "آلاؤه: خصالُه الصالحة التي فيه". وبالخصال فسّر الجواليقي في شرحه لأدب الكاتب.
"والآلاء: النعم، واحدها: ألا بالفتح، وقد يكسر ويكتب بالياء، مثاله (1): مِعى وأمعاء".
فاتبع ما فهم المفسرون عن ابن عباس رضي الله عنه.
وقال فَضالةُ بن زيد العَدْواني، وهو من المعمرين (2):
وَفِي الْفَقْرِ ذُلٌّ لِلرِّقَابِ وَقَلَّمَا
…
رَأَيتُ فَقِيراً غَيرَ نِكْسٍ مُذَمَّمِ
يُلَامُ وَإنْ كانَ الصَّوَابُ بِكَفِّه
…
ويُحْمَدُ آلاءُ الْبَخِيلِ الْمُدَرْهَمِ (3)
أي يحمدون صفات البخيل وفعاله. وهذا البيت أوضح دلالة مما ذكرنا قبله على معنى "الآلاء".
وقال الحماسي (في المراثي، ولم يسمه أبو تمام):
إِذَا مَا امْرُؤٌ أَثْنَى بآلاءِ مَيِّتٍ
…
فَلا يُبعِدِ اللهُ الْوَليدَ بنَ أدْهَمَا
فَما كانَ مِفْرَاحاً إذا الخيرُ مَسِّه
…
وَلا كانَ مَنّاناً إذَا هُوَ أنعَما (4)
ففسر ما أراد من "الآلاء" بذكر أنه لم يكن مفراحاً إذا مسّه الخير، ولا منَّاناً إذا أنعم.
وقالت الخنساء (5):
(1) في الأصل والمطبوعة: مثال، والتصحيح من الصحاح (ألو).
(2)
شاعر مخضرم من المعمرين. ذكر أبو حاتم أنه وفد على معاوية فسأله عن عمره، فقال: عشرون ومائة سنة. انظر المعمرين: 103 - 106. والإصابة: رقم 7030.
(3)
من أبيات قالها في حديث طويل دار بينه وبين معاوية أولها:
ومَا العيشُ إلَا المَالُ فَاحفَظ فُضولَه
…
ولا تُهلِكَنْه في الضلال فتَندَمِ
وهي في المعمرين: 105 والحماسة البصرية 2: 82 - 83.
(4)
من أبيات في شرح المرزوقي: 925 - 926 والتبريزي 2: 195، وانظر الأضداد لابن الأنباري:198.
(5)
هي تُماضِر بنت عمرو بن الحارث بن الشَّريد السُّلَمِية. أشعر شواعر العرب، عاشت في الجاهلية وأدركت الإسلام، وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم مع قومها بني سُليم. فكان =
فبَكِّي أخاكِ لآِلَائِه
…
إذا المَجْدُ ضَيَّعه السَّائِسُونَا (1)
= رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنشدها ويعجبه شعرها فكان يقول لها وهي تنشد: هيه يا خُناسُ. ومعظم شعرها في رثاء أخيها صخر وكان شريفاً في بني سليم وقد هلك في الجاهلية.
ابن سلام: 203: 210، ابن قتيبة: 343 - 347، الأغاني 15: 61 - 80، الآمدي: 157، الإصابة: رقم 11106، الخزانة 1:433 - 438.
(1)
البيت من قصيدة لها في أنيس الجلساء: 243. ونقل عن النسخة المصرية في شرح البيت: "لآلائه" أي لغنائه وبلائه ومجده. "السائسون" أي المجرّبون الذين قد عرفوا المجد، وساسوه.
ومن شواهد الآلاء:
1 -
قول أوس بن حجر من قصيدة في ديوانه 75:
لولا بَنو مَالكٍ والإلُّ مَرْقَبَةٌ
…
ومالِكٌ فيهم الآلاءُ والشرَفُ
الإلّ: العهد، مرقبة: موضع الحفظ والرعاية. وانظر السيرة 4: 189.
2 -
وقال أيضاً في رثاء فَضَالة بن كَلَدَة الثقفي:
ألَهفا على حُسنِ آلائه
…
على الجابرِ الحيِّ والحارب
انظر البيان 1: 81، ورواية التعازي: 33 "حسنِ أخلاق" وانظر الديوان: 101.
3 -
وقال عنترة بن شدّاد العبسي من أبيات في ديوانه 316:
ألكم بآلاءِ الوَشيج إذا
…
مَرّ الشَياهُ بوَقْعِه خُبرُ
قال البطليوسي: الآلاء: النعم، وهي هنا خصاله وعمله الحسن. الوَشيج: الرماح. الشياه: بقر الوحش.
4 -
وقال أعشى باهلة -وهو جاهلي- في رثاء أخيه لأمّه المنتشِر بن وَهب من قصيدة مشهورة:
إنّي أشدّ حَزِيمي ثم يُدرِكُني
…
منكَ البلاءُ ومن آلائك الذِكَرُ
انظر الأصمعيات: 91، وفحول الشعراء:211. أشدّ حزيمي: أي أوطِّنُ نفسي على الصبر والجلَد.
5 -
وقال شُيَيم بن خويلد الفزاري -جاهلي- من قصيدة في النقائض (1:106):
يا قومَنا لا تغُرّونا بمَظلمةٍ
…
يا قومَنا واذكروا الآلاءَ والذمما
6 -
وقال عِياض بن كثير بن جابر الضبيّ -قال المرزباني في معجمه: 268 (القدسي): جاهلي وقال ابن ميمون: مخضرم- من قصيدة له في منتهى الطلب (قصائد نادرة: 63) يصف جواده: =