الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنه قوله تعالى حكاية عن قِيل المسيح عليه السلام:
فخلَّى العبدَ وربَّه، وأخرَج نفسه من البين. وفيه تفويض واسترحام. وفي الجزء الثاني باب آخر من حسن الطلب في الدعاء مع التفويض. وذلك بأن العزيز لا يستطيع أحد أن يمنعه عما يشاء، وكذلك الحكيم لا يُعجِزه إيجادُ سبب وحيلة لما يريد. فكان فحوى الكلام أنّ الشيطان ومكره وكيده بعبادك كيف يُقاوم قوّتك وحكمتك حتى يُعجزك عن إنقاذ رحمتك. فأشار إلى حسن الظنّ بالربّ تعالى وصفته الجمالية، والتفويض إليه، وأشار إلى أن الكريم إذا قدر سمح، لقول العرب:"إذا مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ"(2). وكذلك من لوازم الحكمة: الحلم والعفو. ثم توجّه إلى غيرة الرب لعباده، وبذلك صرف النقمة إلى العدو، فقرع باب الرحمة من وجه آخر.
(56) الذِكر
(3)
كلُّ ما يُذكّرك شيئاً فهو الذكر. فربما يكون بمعنى التاريخ. قوله تعالى:
فجاءت هذه الآية بعد صحف التاريخ من صحف اليهود (5).
(1) سورة المائدة، الآية:118.
(2)
أي: إذا ملكتَ الأمر عَلَيَّ فأحسن العفوَ عني. انظر الميداني 3: 278.
(3)
الدفتر الثاني: ق 41 "معنى لفظ الذكر والحكمة". والمطبوعة: 39.
(4)
سورة الأنبياء، الآية:105.
(5)
لعل المؤلف يشير إلى المرموز 37 الذي تكرر فيه هذا المعنى نحو قوله في الفقرة 29: "الصديقون يرثون الأرض ويسكنونها إلى الأبد". وأقرب مما قال المؤلف أن يقال إن =
قوله تعالى:
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1).
أي الذين عندهم تاريخ الأمم، وهم اليهود، والمراد كتبهم (2)
(57)
(3) التفَّتِ الساقُ بالسَّاقِ
معنى {والتفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ} (4) أن لا يقدر المرء على المشي. ويكون هذا من شدة الضعف. فإنه إذا مات (5) تبيّن أن قد التفّت ساقاه بعد أن كان جوَّالاً، كما قال دُرَيد بن الصِّمَّة:
فَإنْ يَكُ عبدُ اللهِ خَلّى مَكَانَهُ
…
فما كان وَقّافاً ولا طائِشَ اليَدِ
كَمِيشُ الإِزَارِ خارجٌ نِصْفُ سَاقِه
…
صَبُورٌ عَلَى الضَّرَّاءِ طَلَاّع أنجُدِ (6)
= المقصود بالذكر في الآية الكريمة الكلام المشتملُ على التذكير والموعظة الواردُ في المزمور نفسه قبل الفقرة المتكررة في وراثة الأرض. وبه قال تلميذ المؤلف الأستاذ أمين أحسن الإصلاحي في تفسيره "تدبر القرآن" 5: 197.
(1)
سورة النحل، الآية:43.
(2)
أما ذكر الله سبحانه، فقد فسّره المؤلف في كتابه الطارق والبارق في تذكرة بعنوان (ذكر الرب) صرّح بأنها (من كتاب المفردات) ونصّها:"1 - نذكر بكونه موجوداً حاضراً قريباً. 2 - ونحِنّ إلى قربه بأن يرضى ويحبَّنا، ولا يجدنا مخالفين لرضاه فاعلين ما يكرهه. 3 - ونذكره بأن لا نغفل عنه. 4 - ونذكره بصفات الكمال من الجلال والجمال".
(3)
تفسير سورة القيامة: 19، الفصل التاسع عشر. والمطبوعة:42.
(4)
سورة القيامة، الآية:29. وفي المطبوعة: "المعنى أن" الخ.
(5)
في المطبوعة: مات الإنسان.
(6)
البيتان من قصيدة له يرثي بها أخاه عبد الله في الأصمعيات: 108، وجمهرة الأشعار: 601 - 602، والاختيارين: 411 - 412، واليزيدي: 35 - 38، ومقطوعة منها في الحماسة. انظر شرح المرزوقي: 818 والتبريزي 2: 158، والبيت الأول وحده في =